شوف تشوف

الرئيسيةتعليمتقاريرسياسية

مدن المهن والكفاءات.. تعثر رغم مرور خمس سنوات على الشروع في بنائها

تكوينات محدودة هذه السنة وبعض المؤسسات لم يكتمل بناؤها بعد وأخرى تنتظر التجهيز

رغم مرور خمس سنوات على تبني الدولة المغربية لمشروع «مدن المهن والكفاءات»، مايزال التعثر سيد الموقف بخصوص بناء وتجهيز وتشغيل هذه المؤسسات التكوينية التي أشرف الملك محمد السادس شخصيا على إخراج هندستها. هذا المشروع الذي روعيت في إخراجه الأهداف التنموية للجهوية المتقدمة، بحيث تم توزيعها على جميع جهات المملكة، مع مراعاة خصوصيات كل جهة، لم ينطلق التكوين به إلى اليوم، علما أن الهندسة التكوينية التي يتبناها مكتب التكوين المهني تعتبر متقدمة جدا قياسا لما يحدث في التعليم العمومي، المدرسي والعالي.

إعداد مصطفى مورادي:

مشروع ملكي آخر يتعثر

تشهد العديد من المشاريع التابعة لمكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل تأخرا في الإنجاز في ظل غياب التواصل لدى رئيسة المكتب لبنى أطريشة لتوضيح أسباب هذا التأخير الذي يطرح عدة علامات استفهام، أهمها أسباب التأخر في إنجاز والانتهاء من بناء مدن المهن والكفاءات بجهات المملكة.

وتيرة إنجاز هذا المشروع تتفاوت من جهة لأخرى، إذ انطلقت التكوينات بشكل محتشم في بعضها، بالموازاة مع تواصل الأشغال بها، فيما أخرى تم الانتهاء من بنائها ولكن وتيرة تجهيزها متعثرة.

وفي هذا السياق وجه نائبان برلمانيان بمجلس النواب سؤالا كتابيا إلى وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، حول بناء مدينة المهن والكفاءات بجهة فاس مكناس. وأكد البرلمانيان أن «الملك أولى عناية خاصة لتطوير التكوين المهني وإحداث مدن المهن والكفاءات في كل جهة من جهات المملكة، وفي هذا الصدد ترأس جلالته يوم الخميس 4 أبريل 2019 جلسة عمل لتقديم خارطة الطريق المتعقلة بتطوير هذا القطاع».

وبتاريخ 12 يوليوز 2021، يضيف البرلمانيان، أطلق مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل أشغال بناء مدن المهن والكفاءات بمجموعة من جهات المملكة، من بينها جهة فاس مكناس، بالنظر لما يكتسيه هذا المجال من أهمية حيوية في خلق فرص لتشغيل الشباب وتعزيز تنافسية المقاولات. وتساءلا عن التقدم في إنجاز هذا المشروع الرائد، وعن الآجال المرتقبة للانتهاء من الأشغال وانطلاق العمل بمدينة المهن والكفاءات بجهة فاس مكناس.

هذا المشروع، الذي جاء نتيجة مشاورات موسعة أشرف عليها الملك محمد السادس ووافق على هندستها النهائية، يكلف مبلغا استثماريا بقيمة 3,6 ملايير درهم، إنجاز 12 مدينة للمهن والكفاءات على مستوى مختلف جهات المملكة، والتي ستعد بمثابة منصات متعددة الأقطاب والتخصصات للتكوين المهني، ستستقبل كل سنة 34 ألف متدرب.

 

تغيير الصورة النمطية عن التكوين المهني

يدشن هذا البرنامج جيلا جديدا من مؤسسات التكوين المهني، يمكن من تعزيز قابلية تشغيل الشباب، ويرفع من تنافسية المقاولات ويحفز خلق القيمة على المستوى المحلي.

وبغية توفير تكوين مهني ذي جودة عالية، قادر على تلبية حاجيات سوق الشغل من الكفاءات، يتمحور تصور مدن المهن والكفاءات حول ثلاث ركائز أساسية تهم توفير عرض تكويني محين، وفضاءات بيداغوجية حديثة وتثمين الرأسمال البشري.

وسيشكل نظام الحكامة الجديد، القائم على التدبير عبر «شركات مجهولة الاسم»، دعامة أساسية لهذه الركائز الثلاث، بما يساهم في خلق تقارب وتفاعل أكبر بين مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل والمقاولة وكذا الجهة، وضمان مرونة وسلاسة في التدبير تمكنانها من التكيف بشكل فعال ومتواصل مع حاجيات سوق الشغل.

وتم تحديد عرض التكوين الذي ستوفره مدن المهن والكفاءات بهدف الاستجابة لحاجيات المنظومات الاقتصادية الجهوية من الكفاءات ودعم تنميتها. وتم تطوير هذا العرض باعتماد مقاربة تشاركية عبر عقد سلسلة من الورشات للتفكير وتبادل الآراء، ومجموعة من الاجتماعات الجهوية بين مكتب التكوين المهني والوزارات (6 قطاعات وزارية)، والمهنيين (الاتحاد العام لمقاولات المغرب والفيدراليات والجمعيات المهنية ومقاولات كبرى)، والجهات الترابية.

وسيغطي العرض التكويني الجديد 12 قطاعا، 3 منها جديدة تتعلق بالرقمنة والذكاء الاصطناعي، والصحة، والخدمات المقدمة للأفراد وللجماعات. وسيتم تنزيله عبر 195 شعبة تكوينية تستهدف بشكل أساسي المهن الجديدة، في تكامل تام مع العرض التكويني الحالي، والذي سيستفيد بدوره من إعادة الهيكلة في إطار مشروع «تأهيل العرض التكويني الحالي»، الذي يندرج ضمن مشاريع خارطة الطريق الجديدة.

وستشكل التكوينات المتوجة بدبلوم والتي توفر 3 مستويات للتكوين (العامل المؤهل، التقني والتقني المتخصص) 68 بالمائة من العرض الإجمالي وتستهدف الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و30 سنة.

وسيتم تخصيص النسبة المتبقية للتكوينات التأهيلية، عبر مسارات قصيرة المدة، تمكن من اكتساب أو تعزير كفاءات خاصة، وتتوج بالحصول على شهادة.

وستتميز هندسة التكوين التي ستؤطر البرامج الجديدة بتنمية الكفاءات بشكل أساسي عبر الممارسة العملية، وإدماج قوي للرقمنة في التكوين (التعلم الإلكتروني، وبرامج للمحاكاة واكتساب معارف في المجال الرقمي…).

كما سيتم تخصيص 30 بالمائة من المقررات الجديدة لتقوية الكفاءات الذاتية، اللغوية والرقمية والمقاولاتية، بشكل أولوي، وكذا إضافة أسدس لشعب قطاعي «الفندقة والسياحة» و «التسيير والتجارة»، مخصص لتعزيز اللغات الأجنبية والكفاءات الذاتية.

ويتعلق الأمر أيضا ببرامج جديدة لتحسيس المتدربين وتشجيعهم على خلق المقاولة، وكذا مواكبة حاملي المشاريع ودعمهم لإنشاء مقاولاتهم، بالإضافة إلى استخدام مناهج بيداغوجية جديدة، أكثر تفاعلية، تمكن من تحرير الطاقات الإبداعية للمتدربين (البيداغوجية الإيجابية، التعلم عبر المشاريع، التفكير التصميمي…) .

وسيستفيد متدربو مدن المهن والكفاءات من فضاءات حديثة، توفر لهم بيئة معيشية وتعليمية تحفز على اكتساب الكفاءات وتنمية القدرات الذاتية والإبداعية. وتم تصميم فضاءاتها على شكل بنيات مشتركة تقدم خدمات مختلفة لفائدة المتدربين من مختلف القطاعات والمهن (مراكز اللغات والمكتبات الوسائطية ومراكز التوجيه الوظيفي…)، وأقطاب قطاعية خاصة بالمهن.

 

////////////////////////////////////////////////////

 

تتجدد أسئلة إصلاح قطاع التعليم بداية كل سنة دراسية جديدة، فما بين السياسات التعليمية المتتالية، وإكراهات تنزيلها وتقويم تدابيرها، يطرح المغاربة عدة علامات استفهام حول عجز الدولة حتى الآن عن إيجاد وصفة ناجعة لحل المشكلات التقليدية في تعليمنا، من قبيل جودة التعلمات والإنصاف في الحصول على الحق في التعليم، مرورا لمشكلة الحكامة وصولا لمناسبة النموذج البيداغوجي لسوق الشغل.

 

أستاذ عبد الإله الحلوي

 

 

غياب التوزيع المعقلن يعمق معاناة الأطر التربوية والإدارية

 

استخدام تطبيقات التواصل في التعليم يؤدي إلى نتائج عكسية

 

 

بدأ الدخول المدرسي الجديد 2022 – 2023 بشعارات طموحة تتكرر كل سنة: «جميعا من أجل مدرسة الجودة وتكافؤ الفرص»؛ لكن إلى أي حد تجسد هذه الشعارات التي ترفع عند كل موسم دراسي جديد ما تحقق في الواقع؟ أين تجسيد جودة العرض التربوي وتكافؤ للفرص أمام جميع تلاميذ هذا الوطن؟

مرت ثلاثة مواسم دراسية سابقة في ظل الظروف الاستثنائية التي فرضتها الاحتياطات الصحية لمواجهة جائحة كورونا (كوفيد 19)، حيث قامت الجهات المسؤولة بوضع مجموعة من التدابير؛ منها:

إيقاف التعليم الحضوري منتصف الموسم الدراسي 2019 – 2020، وتعويضه بالتعليم عن بعد، من خلال بعض المنصات والتطبيقات الإلكترونية، وذلك دون مواكبة تربوية، أو توفير الأدوات المناسبة، في ظل ضعف شبكة الإنترنت أو انعدامها، وهو ما ترك الأطر التربوية في حيرة وتخبط، حيث لجأ أغلبهم إلى التطبيقات العادية كـ«واتساب» و«يوتوب» وصفحات «فيسبوك» وهي تطبيقات غير مصممة لأغراض تربوية، وتكون نتائج استخدامها عكسية على العملية التعليمية. فهي مساعدة في عملية الإخبار والتواصل في حدود معينة، وغير موصى باستخدامها لفئات سنية صغيرة. ويضاف إلى ذلك تجربة الوسائط الإعلامية، كالقنوات التلفزيونية والراديو، لبث مقاطع للدروس المقررة. وعلى الرغم من الصعوبات، فإن الموسم الدراسي نجح بالمجهودات والتضحيات الذاتية لجميع الأطر التربوية.

في الموسم الدراسي الموالي 2020-2021، لم يتم تطوير نظام التعليم عن بعد، ولم يتم إحداث منصات إلكترونية مناسبة وتوفير الوسائل الضرورية، لقد تم إقرار طريقة جديدة، وهي التعليم بالتناوب بين التعليم الحضوري والتعليم عن بعد، وتقليص الغلاف الزمني إلى النصف من أجل احترام التباعد الجسدي داخل الفصل الدراسي. ومرة أخرى، ترك التلاميذ والأطر التربوية دون توفير شروط نجاح هذا النمط الجديد، حيث طلب من المدرسين إتمام المقررات الدراسية، في ظل إكراهات تقليص الغلاف الزمني إلى النصف؛ وهو الأمر الذي تحقق على حساب إنجاز الأهداف والكفايات الضرورية للمواد الدراسية.

أما في الموسم الدراسي 2021/2022 فتم التراجع عن التعليم بالتناوب، مع ترك الاختيار للتلاميذ وأوليائهم بين التعليم الحضوري والتعليم عن بعد، مع تأخير السنة الدراسية إلى بداية أكتوبر؛ ما أربك انطلاقة الموسم الدراسي.

ما يمكن استنتاجه من إرهاصات الدخول المدرسي الحالي هو استمرارية المشاكل السالفة التي عرفتها المنظومة التربوية قبل الجائحة، واستفحالها مع ظروف الجائحة الصحية.

وعلى الرغم من تخفيف الإجراءات الصحية وعودة الدخول المدرسي إلى وضعه الطبيعي خلال هذا الموسم، فإنه لم يلاحظ أي تغيير أو تجاوز للعوائق السابقة؛ حيث يعيش التلاميذ وأولياؤهم – بعد مواسم استثنائية عديدة – موسما دراسيا جديدا عنوانه الهشاشة، والارتباك، واستمرار المشكلات القديمة، والتراجعات على مستويات متعددة منها: استمرار معاناة الأطر التربوية والإدارية من غياب التوزيع المعقلن، ما ينتج عنه مشكلات الخصاص والفائض التي تستفحل كل سنة؛ وهو أمر له انعكاس مباشر على أداء الأطر التربوية مع غياب الاستقرار النفسي والأسري، بسبب العشوائية والارتجالية وعدم وضع خرائط دقيقة لأماكن الخصاص وتوفير الأطر التي يحتاجها القطاع وعدم الوفاء بحل الملفات الأساسية للموارد البشرية للقطاع عموما.

مازالت الجودة التي نتطلع إليها حلما بعيدا، في ظل معاناة الأطر التربوية، والاكتظاظ داخل الفصول الدراسية، وعدم بناء مؤسسات جديدة تخفف وطأة الاكتظاظ وتقلل من الهدر المدرسي خاصة في المناطق القروية وترميم المؤسسات المتهالكة وغيرها من الإجراءات العملية الضرورية. كما لم يتم إصدار أي خلاصات أو دراسات أو إحصائيات دقيقة حول تأثير الإجراءات المتخذة بسبب جائحة كورونا على وضعية التعليم العمومي، وعلى المستوى التعليمي لملايين المتعلمين؛ منها الآثار التربوية والنفسية والاجتماعية والسلوكية. كما لم يتم وضع أي خطط مستقبلية لتطوير أشكال جديدة من التعليم إلى جانب النمط الحضوري التقليدي، من خلال ابتكار مواقع وتطبيقات ومنصات إلكترونية تعليمية مناسبة، وإحداث قنوات تلفزيونية تعليمية مختصة، وتكوين الأطر التربوية وتزويدها بالوسائل الضرورية، وربط المؤسسات التعليمية بشبكة الأنترنيت، وإحداث قاعات خاصة بأنماط التعليم الإلكتروني المستجد، وحل الملفات المستعجلة للموارد البشرية، وهذه الإجراءات العملية وغيرها أساسية لتحقيق رهان الإصلاح والجودة.

 

//////////////////////////////////////////////////////////////

 

متفرقات:

 

نشطاء يطالبون برفع أعداد أساتذة اللغة الأمازيغية

تحيط انتقادات عديدة بملف تدريس اللغة الأمازيغية، فإلى حدود اللحظة لم تستطع استراتيجيات الوزارة إقناع الفعاليات المهتمة بخطوات تعميم تدريسها، خصوصا أمام تحديد تاريخ 2026 لتحقق هذا الأمر. ويبلغ عدد الأساتذة المتخصصين في تدريس اللغة الأمازيغية 1200 فقط، ما يعني أن المدارس التي تُدرس فيها الأمازيغية لا تتجاوز 1200 مدرسة، وفق إفادات جمعية الأساتذة المدرسين، في حين تؤكد الوزارة أن عدد المدارس هو 1900.

ويثير فتح الوزارة سنويا 400 منصب لتدريس للأمازيغية رفضا كبيرا لدى الفعاليات، خصوصا أن الوزارة مقبلة على رهان التعميم على مختلف مستويات التدريس (ابتدائي إعدادي ثانوي). ولا توجد أي دراسة رسمية إلى حدود الساعة حول حصيلة تعميم تدريس اللغة الأمازيغية، سواء من قبل الوزارة الوصية على قطاع التعليم أو المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، شريك الوزارة في هذا الورش.

 

صورة في مقرر دراسي تثير الجدل

أثار درس في مقرر السادسة ابتدائي جدلا واسعا في صفوف المتتبعين والمهتمين بالشأن التعليمي في المغرب، وكذا في أوساط الشغيلة التعليمية. ويتطرق الدرس إلى اختلاف أصول التلاميذ المغاربة وهوياتهم ودياناتهم، حيث يجيب كل واحد منهم عن سؤال الأستاذ، عن طريق ذكر اسمه وأصوله. والصورة التعبيرية المعنية تضم أجوبة التلاميذ التي تظهر أسماءهم وجذورهم الأصلية، حيث الصحراوي، الأمازيغي، العربي، الأندلسي، المسلم واليهودي…

ففي الوقت الذي اعتبر المدافعون عن الدرس أنه يظهر التنوع الهوياتي للمغرب، ويدعو بطريقة غير مباشرة إلى التعايش ويربي الأطفال على أهمية الاختلاف داخل المجتمع المغربي، ويذكرهم باختلاف مشارب الثقافة والهوية الوطنية، انبرى المعارضون إلى توجيه انتقادات لاذعة للقيمين على الشأن التعليمي. ويرى المعارضون، أن الدرس\الصورة التعبيرية، تدعو صراحة إلى التفرقة بين التلاميذ\الأطفال المغاربة، الذين لم «ينضجوا» بعد لاستيعاب التنوع الهوياتي لبلدهم، بل منهم من ذهب بعيدا واعتبر الأمر مقصودا، وقال في هذا الإطار: «سياسة فرق تسد».

من جانبهم، وجه بعض المهتمين بالشأن التعليمي انتقادات وُصفت باللاذعة إلى القطاع الوصي على التعليم، وطالبوه بالتدخل الفوري لحذف الدرس المشار إليه، مشيرين إلى أن بيداغوجيا التعليم، خصوصا لدى الأطفال، تتعارض كليا مع ما تضمنته الصورة التعبيرية.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى