شيماء مومن
يعاني الشباب والنساء المحتجزون بمخيمات تندوف، من تصاعد أساليب العنف والانتهاكات التي اعتبرها الكثيرون”ممنهجة” في حقهم، وسط حصار مستمر تفرضه ميليشيات البوليساريو والجيش الجزائري، ونتج عنه انفجار العنف والفوضى وسط سكان المخيمات
العديد من المواقع الإعلامية تناقلت الأيام الأخيرة الماضية صور العنف والفوضى داخل تندوف، إذ تعرضت المخيمات، لاسيما ما يسمى بمخيم “أوسرد”، لعدة أعمال عنف وتخريب منذ بداية فبراير الماضي، ارتكبت هذه المرة من طرف الشباب الصحراوي اليائس من الأوضاع، العاطل عن العمل، والمنتمي إلى شبكات الاتجار غير المشروع، بما في ذلك شبكة المخدرات في المخيمات.
هذه الأعمال جاءت احتجاجا على الوضعية التي يعيشها هؤولاء، من حرمان من للتنقل بحرية وسلب للحقوق والتجويع، ينضاف إليهم التهديد والاختطاف والمنع من اتخاذ القرارات التي يرغبون فيها .
وفي هذا الصدد، أكد شكيب الخياري، رئيس جمعية الريف لحقوق الانسان، أن الحديث عن الانتهاكات التي تعاني منها محتجزات ومحتجزو تندوف ليس بالأمر الخفي أو الجديد.
وأضاف أن الجزائر لا تسمح للمنظمات الحقوقية الدولية بتفقد الأوضاع الحقوقية في تندوف، كما ترفض السماح للمفوضية السامية للاجئين بإحصاء المحتجزين ما يسهم في تعميق حرمانهم من التمتع بالحقوق.
وشدد الخياري في تصريحه لـ”الأخبار”، أن ملف الانتهاكات التي تطال المحتجزين بالأقاليم الجنوبية يعرف نوعا من استخدام التدليس في مجال حقوق الإنسان، كل ذلك من أجل تحقيق مكاسب سياسية، وهو التوجه الذي يتم تبنيه من لدن الجزائر في تدبيرها لهذا الملف سواء فوق مناطق نفوذها الإداري أو في التراب الصحراوي المغرب حسب قوله.
من جانبه أكد المغرب، أمس الثلاثاء بجنيف، أن عسكرة مخيمات تندوف، جنوب غرب الجزائر، ورفض الدولة المضيفة تسجيل المحتجزين يشكل انتهاكا للثوابت غير القابلة للتصرف الواردة في اتفاقية 1951 حول اللاجئين.
وخلال المناقشة العامة في إطار الدورة 74 للجنة التنفيذية لبرنامج المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، أبرز السفير الممثل الدائم للمغرب بجنيف، عمر زنيبر، أبعاد الوضعية المثيرة للقلق التي ترزح تحتها ساكنة مخيمات تندوف، موضحا أن عسكرة المخيمات، إلى جانب رفض الدولة المضيفة تسجيل السكان المحتجزين، “حالة غير طبيعية وفريدة من نوعها في سجلات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين”.
ودعا الدبلوماسي المجتمع الدولي، بما في ذلك الجهات المانحة والمنظمات، إلى مواجهة الجزائر بمسؤوليتها للسماح للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين بإجراء إحصاء للسكان المحتجزين في مخيمات تندوف.
وفي سياق الحديث عن وضعية المحتجزين، أدانت جمعية إسبانية في محاضرة لها بجامعة باشييلية، الثلاثاء الماضي، الوضعية المزرية لحقوق الإنسان داخل مخيمات تندوف، داعية إلى تحرير الأطفال والنساء بمخيمات الاحتجاز.
ودعت المنظمة الإسبانية غير حكومية، المنظمات الدولية لتحمل مسؤولياتها لإطلاق سراح المحتجزين في تندوف فوق التراب الجزائري.
إنماكولادا أوكانا، رئيسة “جمعية الحياة للتعاون الدولي”، قالت عقب مداخلتها في هذه المحاضرة التي نظمتها الجمعية، بحضور أساتذة جامعيين وصحفيين وسياسيين إسبان حول موضوع “التطور التنموي والتطور الآقتصادي والحقوقي الحاصل في الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية، أن “المجتمع الدولي، لاسيما المنظمات الناشطة في مجال الحفاظ على حقوق الإنسان، مدعوة إلى تحمل مسؤوليتها في حماية المحتجزين بمخيمات تندوف وإنهاء الإفلات من العقاب الذي تحظى به ميليشيات “البوليساريو”
وشددت “غض الطرف عن الفظائع التي ترتكب كل يوم في مخيمات تندوف، على الأراضي الجزائرية، أمر غير مقبول. لقد حان الوقت لكي يتحرك المجتمع الدولي”.
ويذكر أن الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة سنة 2014 سبق له أن رفع تقريرا لمجلس الأمن، دعا من خلاله إلى ضرورة إعمال مراقبة مستقلة ونزيهة لوضع حقوق الإنسان في مخيمات تندوف. وصدر في ذات السنة تقرير لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” حول حقوق الإنسان في تندوف تحت عنوان: “خارج الردار: حقوق الإنسان في مخيمات اللاجئين في تندوف”، والذي من خلاله تم التنديد بالعديد من مظاهر الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي تعاني منها المحتجزات والمحتجون من مختلف الفئات العمرية، كما أن هذه الانتهاكات الجسيمة تشكل منذ سنة 1981 موضوع تقارير ومطالبات من “أمنستي” والتي تدعو من خلالها هيئة الأمم المتحدة إلى مراقبة حقوق الإنسان في هذه المخيمات.