إعداد: مونية الدلحي
المخدرات أخطر ما يمكن أن يتعاطاه الإنسان، وأخطر ما فيها أنها تؤثر بشكل كبير على الصحة العقلية والنفسية للفرد، ناهيك عن تأثيراتها الخطيرة على الصحة عموما. وفي بعض الأحيان، فالجرعة الزائدة قد تؤدي إلى الوفاة. من بين أخطر أنواع العقاقير المهلوسة التي يمكن أن يتم استهلاكها عقاقير أو مخدرات «الفلاك» أو ما تسمى مخدرات «الزومبي»، وأطلق عليها هذا الاسم لأن المتعاطي لها تظهر عليه أعراض وحركات تشبه حركات وتصرفات «الزومبي»، الشخصية الشهيرة في أفلام الرعب. فما هي مخدرات الزومبي؟ وما هي أعراض تعاطيها؟ وكيف يمكن الإقلاع عنها؟
ما يجعل المخدرات بشكل عام من الأمور الخطيرة جدا، أن تعاطيها يسبب الإدمان عليها ويصعب الإقلاع عنها بالرغم من مخاطرها الصحية والنفسية الكبيرة، والأصعب من هذا كله أن تعاطي هذا النوع من المخدرات أو ما يعرف بمخدرات «الزومبي» لا يتم من قبل البالغين فحسب، بل تتعاطاها نسبة كبيرة جدا من الشباب والمراهقين، بل هناك نسبة لا بأس بها ممن هم لازالوا في مرحلة الطفولة ويتعاطون هذه الحبوب الخطيرة. وذلك لأن هناك شبكات خاصة ببيع هذا النوع من المخدرات أمام أبواب المدارس والثانويات، وهو ما يدق ناقوس الخطر.
مخاطر «الفلاك»
يعد مخدر «الفلاك» أو «الزومبي» من بين أخطر أنواع المخدرات لكون آثاره تعتبر أشد خطورة من آثار تعاطي الكوكايين، وهذه المخدرات عبارة عن مركبات كيميائية، وهي شبيهة بعقار يسمى عقار «الكاثيون»، والمعروف باسم «أملاح الاستحمام»، وهذا الأخير عبارة عن عقار منشط.
تم صنع عقار الفلاك خصيصا ليكون أحد العقاقير المنشطة، وجرى تصنيعه لتكون أعراضه مشابهة للأعراض التي تحصل لمن يتعاطون نباتا يسمى «نبات القات» المعروف بأعراضه المنشطة والمسبب للهذيان، غير أن هذا العقار الجديد يعد من العقارات المنشطة بشكل كبير ويزيد من طاقة الجسم، لدرجة أن الطاقة التي ينتجها تفوق بكثير الطاقة التي يستطيع الإنسان العادي تحملها.
هناك مخاطر كبيرة يتعرض لها المتعاطون لهذا العقار، وهي أنه يسبب ارتفاعا كبيرا في درجة حرارة الجسم بسبب الطاقة الكبيرة التي ينتجها الجسم، هذا الارتفاع الكبير لدرجة الحرارة يسبب تكسرا في أنسجة العضلات، وهذا ما يفسر تلك الحركات الغريبة التي يقوم بها المتعاطون ومشيهم على اليدين والقدمين بحركات تشبه الزومبي، الشخصية الشهيرة في أفلام الرعب، فضلا عن أن الأنسجة المتفككة قد تدخل في مجرى الدم وتسبب تعطلا في وظائف الكلى عند المتعاطي كما قد تسبب فشل أعضاء الجسم.
اكتشاف المخدر في الدم
إن مخترعي وصناع هذا النوع الجديد من المخدرات كانوا أذكياء بطريقة مريبة، لأنهم حاولوا خلق أو تصنيع مخدرات جديدة، تعطي ذلك الشعور بالسعادة والنشاط، وفي الوقت نفسه لا يتم كشفها بالاختبارات التقليدية التي تعمل للكشف عن المخدرات في دم الإنسان. لهذا لا يمكن الكشف عن تناولها ولازال العلماء يبحثون عن طرق جديدة للكشف عن هذا المخدر الخبيث في دم البشر.
الآثار السلبية لتعاطي «الفلاك»
هناك مجموعة من الآثار السلبية التي يمكن القول إنها خطيرة وتظهر على المتعاطين، وهناك نوعان من الآثار طويلة المدى والآثار قصيرة المدى. ومن بين الآثار قصيرة المدى نجد أن تناول هذا المخدر يؤدي لحدوث إنتاج كبير لـ«الدوبامين» في الدماغ، وهو الهرمون المسؤول عن الراحة. ويعمل هذا العقار، أيضا، على منع خلايا الدماغ من امتصاص هذا العقار بشكل سريع، وبالتالي يبقى «الدوبامين» فترة طويلة في الدماغ، وبالتالي تطول فترة الفرح والسعادة والنشوة، تماما كما يحدث في حال تعاطي الكوكايين. ومن آثار «الفلاك» قصيرة المدى الشعور بالسعادة العارمة لفترة طويلة مع ارتفاع معدلات ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم، وزيادة السلوك العدواني مع الإصابة بالتعب والاكتئاب.
هذا الشعور «الجميل» يؤدي بالأشخاص المتعاطين إلى تعاطي هذا المخدر مرات عديدة من أجل الحصول على الشعور نفسه إلى أن يصبح تعاطيه إدمانا يصعب الإقلاع عنه، والأصعب هو أن المتعاطي في كل مرة قد يزيد من الجرعة المستعملة للوصول إلى أفضل لحظات المتعة وقد يحدث في النهاية ما يسمى «انهيار العضلات والتلف الكلوي» بسبب تعاطي جرعة زائدة تتسبب في ارتفاع كبير لدرجة الحرارة.
أما الآثار طويلة المدى لـ«الفلاك» فتتمثل في مخاطره على الصحة الجسدية أو بعض أعضاء الجسم، فتعاطي هذه المخدرات قد يؤدي لحدوث فشل كلوي، كما قد يتسبب أيضا في ارتفاع ضغط الدم، واختلال ضربات القلب وتضييق في الأوعية الدموية، مع حدوث النوبة القلبية، وارتفاع درجة الحرارة، مع الإصابة بالجفاف وزيادة التعرق. بالإضافة إلى كل هذا، يصاب الشخص بفقدان الشهية والأرق وظهور سلوكيات نفسية غريبة، على غرار نزعة الانتحار، مع تصرفات عدوانية، وظهور أعراض خطيرة أخرى، على غرار الهلوسة والهذيان الشديدين.
أعراض الانسحاب
من أصعب المواقف التي يتعرض لها متعاطي حبوب «الفلاك»، آثار الانسحاب أو التوقف عن التعاطي، فهذا المخدر، على غرار باقي المخدرات الأخرى، يسبب أعراضا صعبة جدا بسبب التوقف عن التعاطي. ومن بين الأعراض التي تظهر على المتوقفين، الإصابة بالاكتئاب الشديد، والتعرق الشديد، ومشاكل النوم، والارتعاش والقلق الشديد، إلى جانب ظهور حالة من الارتياب والبارانويا.
والأصعب من هذا كله أن الرغبة في هذا المخدر تزداد بشكل كبير في فترة الإقلاع، والأصعب أنه، لحد الساعة، ليست هناك أي أدوية أو عقاقير يمكن للمقلع أخذها لتخفيف هذه الأعراض، لكن يمكن للطبيب المتتبع للحالة وصف أدوية تعالج أعراض الانسحاب كالقلق مثلا، والأرق أو النوبات التي تصيب المقلع. وأحسن ما يمكن القيام به الدخول إلى مصحة خاصة لعلاج حالات الإدمان من أجل الحصول على نتائج أفضل، علما أن الإنسان قد يشعر، في حالة ضعف، بتلك الرغبة القوية في التعاطي ويخضع لرغباته، لكن داخل الصحة لن يستطيع أبدا الوصول لتلك المخدرات، فضلا عن أن العلاج في مجموعات الدعم مفيد جدا للمقلعين، دون إغفال الدعم الذي يلقاه المقلع من أسرته وأقربائه.
علاج تعاطي المخدر
مثل باقي أنواع الإدمان الأخرى، الإقلاع عن تناول مخدر «الفلاك» ليس بالأمر السهل، فهو يتطلب قوة حقيقية وعزيمة قوية، ومن الضروري الاستعانة بتجربة طبيب مختص في هذا المجال، واتباع أحد برامج الانسحاب المخصصة لهذه الحالات، من أجل السيطرة على أعراض الانسحاب التي تكون صعبة للغاية.
ومن المهم، أيضا، الخضوع لجلسات الدعم التي تتكون في الغالب من حوالي اثني عشر شخصا، فهذه المجموعات تتضمن أشخاصا مدمنين سابقين مروا من التجربة نفسها، وخلال هذه الجلسات يتحدثون عن تجاربهم في الأمر، وعادة ما تكون تحفيزية بالنسبة للراغبين الجدد في الإقلاع.
يعتبر عقار الفلاك من أخطر أنواع المخدرات على الإطلاق، لهذا من المهم جدا الانتباه إلى المراهقين والشباب بشكل خاص في المدارس ومراقبة الأبناء، لأن الشبكات التي تقوم ببيع هذا النوع من العقاقير منتشرة بكثرة ويمكن للمراهق أن يجرب حبة واحدة بغية الاكتشاف أو من أجل الظهور بمظهر جيد أمام أصدقائه، ليتحول الأمر في ما بعد إلى إدمان قد ينتهي بما لا تحمد عقباه.