شوف تشوف

الرئيسيةسياسيةوطنية

محمد العابدة :تجاوز آثار الزلزال وتعديل المدونة من أهم الملفات التشريعية التي على البرلمان حسمها خلال هذه الولاية

– ما هي أهم الملفات التشريعية المعروضة أمام البرلمان خلال الولاية القادمة ؟

بطبيعة الحال فالبرلمان خلال هذه الولاية المقبلة أمامه وظيفة حبلى بالعمل التشريعي، وذلك بسبب تداعيات فاجعة زلزال 8 شتنبر، وبالتالي فالمؤسسة التشريعية مطالبة بمواكبة الأمر من خلال القوانين التي تصب في منحى تحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية، وهنا وجب أن أقف عند نقطتين أساسيتين، أولها التي ترتبط بزلزال منطقة الحوز والمناطق المجاورة، وأساس هذا هو مشروع المرسوم بقانون 23-78 المتعلق بإحداث وكالة تنمية الأطلس الكبير، حيث إن الفصل 81 من دستور 2011، يسمح للحكومة بإصدار مشاريع مراسيم بمثابة قانون، تدخل في اختصاص السلطة التشريعية باتفاق اللجنتين المختصتين في مجلسي النواب والمستشارين، وبالتالي فهذا المشروع مهم بطبيعة الحال لعدة أسباب، أولها أن هناك رصيد مالي مهم بحوالي 120 مليار درهم سيتم توزيع صرفها على مدى خمس سنوات من 2024 إلى 2028، وذلك بهدف تأهيل وتنمية الأطلس الكبير عبر إيواء المتضررين وفك العزلة مع تأهيل المجالات الترابية وأيضا عبر تشجيع الاقتصاد والشغل، وبالتالي فهذه الوكالة، الهدف منها هو الحكامة والنجاعة في التدبير، وبالتالي تحقيق التنمية المستدامة المنشودة بالمنطقة والتي تراعي هوية المنطقة وحقوق الساكنة، وأيضا تطلعات المستقبل لتطور منشود في ما هو ثقافي وحضاري وقيمي، وذلك دون الإخلال بمقوماتها الذاتية والقيمية والحضارية، وذلك من خلال الحكامة والتدبير التي كانت وراء الإعلان عن وكالة تنمية الأطلس الكبير، حيث إن المغرب له باع في هذا المجال التدبيري المرتبط بوكالات التنمية، كشأن وكالة تنمية الأقاليم الجنوبية ووكالة الشرق والشمال، وفي تقديري أن الوكالة ستنجح في مهمتها التدبيرية والتنموية.

أما النقطة الثانية، فترتبط ببلاغ الديوان الملكي الذي وجه فيه جلاله الملك رسالة إلى رئيس الحكومة تتعلق بإعادة النظر في مدونة الأسرة، ويمكن الخروج بخلاصات بعد قراءة هذا البلاغ الملكي، أولها أن هناك مقاربة شمولية لمدونة الأسرة تستجب لمغرب الألفية الثالثة، والتحولات التي يشهدها البلد سواء على المستوى الثقافي والاجتماعي والاقتصادي، ويجب مراعاة هذه الأشياء، وقد حان الوقت لإعادة النظر في مدونة الأسرة خصوصا وأنها صدرت في 2004 وبالتالي فقد أكملت العقدين من العمل بها، وينبغي معالجة النواقص فيها لجعلها تتلاءم مع التحولات الاجتماعية والاقتصادية، للعناية الأكبر بالنواة الأساسية للمجتمع والتي هي الأسرة، إذ لا يمكن الحديث عن مجتمع قوي دون الحديث عن نجاح الأسرة، وحين نتحدث عن البلاغ هنا وجب استحضار عدة أبعاد، أولها احترام خارطة الطريق التي وضعها بلاغ الديوان الملكي، وهنا وجب استحضار البعد القانوني، حيث نتحدث عن دور وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة، والبعد القانوني وجب أن يكون حاضرا بقوة في الإعداد لهذه المدونة، دون إغفال البعد الديني ودور المجلس العلمي الأعلى، من أجل تقديم القراءة الدينية لأهم الفصول في المدونة حتى لا تخالف الشريعة، خصوصا أن المملكة المغربية ترتكز على إمارة المؤمنين، وهي دولة إسلامية، والدين الإسلامي مصدر أساسي من مصادر التشريع، وكما يقال «لا اجتهاد مع نص»، وفي تقديري فالبعد الديني ينبغي أن يكون أساسيا ورئيسيا خلال الإعداد لهذه المدونة، هنا نستحظر بعض خطب جلالة الملك التي قال فيها بأنه لن يحلل حراما ولن يحرم حلالا، وبالتالي فهذه قاعدة أساسية ينبغي اعتمادها خلال هذه القراءة العصرية لمدونة الأسرة، كما لا ينبغي إغفال البعد الحقوقي وفق دراسات واقعية واجتماعية وعلمية لمعرفة الأسباب السوسيولوجية لظاهرة الطلاق المتفشية كثيرا، وهنا وجب الإشارة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان ودوره في التنوير في هذا الجانب، والبلاغ الملكي هو خارطة الطريق لعملية إعادة القراءة لهذه المدونة.

 

– ماذا بخصوص تقوية البرلمان لوظيفته الرقابية خلال المرحلة المقبلة ؟

في هذه النقطة بالتحديد وجب الحديث عن أن البرلمان مطالب بقوة بالقيام بمهامه والتي لا تنحصر فقط في التشريع، بل أيضا ممارسة الرقابة على عمل الحكومة، وهنا وجب الوقوف عند نقطة مهمة، هي أنه لا يمكن الحديث عن الدور الرقابي للبرلمان إلا مع المعارضة، وهذا أمر غير سليم، حيث الدور الرقابي لا ينحصر فقط على المعارضة بل إن الأدوار الرقابية تقوم بها فرق الأغلبية والمعارضة على السواء، وارتباط الأغلبية بالحكومة لا يعني أن تتقاعس هذه الأغلبية في القيام بدورها، وينبغي على السلطة التشريعية القيام بدورها كما هو الشأن بالنسبة لباقي الدول كبريطانيا على سبيل المثال، بل يجب المرور إلى مأسسة الرقابة، على اعتبار أن دور الرقابة مهم جدا في تجويد عمل الحكومة وإرشادها إلى القيام بمهامها، وإصلاح بعض العثرات، وهنا يكمن دور البرلمان في تطوير العمل الحكومي وتجويده، وإلا لا يمكن الحديث عن دور الانتخابات، هذا دون إغفال الدور الذي تلعبه الفرق البرلمانية في مجلس المستشارين، والدور المنوط بهذه الفرق التي تمثل الفرقاء الاجتماعين من أرباب العمل والأجراء، هذا مع العلم أن هناك العديد من الأوراش الاجتماعية الكبرى التي تنتظر الحسم فيها، والحكومة مطالبة باستحضار رقابة البرلمان خصوصا في الجانب المرتبط بالتشريع وبعض المشاريع، وذلك بغية تحقيق التكامل بين مؤسستي الحكومة والبرلمان.

 

– ما هي الرهانات التي تواجه البرلمان في الجانب المرتبط بالدبلوماسية البرلمانية ؟

بخصوص هذا الجانب، فاعتقد أن البرلمان يقوم بأدواره المنوطة به في ما يتعلق الدبلوماسية البرلمانية، سواء في التصويت على الاتفاقيات أو من خلال لجن الصداقة البرلمانية، كما يجب الوقوف على المجهود الدبلوماسي الذي تقدمه بعض الأحزاب، خصوصا الأحزاب اليسارية في إطار الأممية الاشتراكية، وهي التي لها الدور المهم في الدفاع عن حوزة التراب المغربي أمام الأحزاب ذات النهج الاشتراكي علميا، دون إغفال الأممية الليبرالية والتي تضم الأحزاب الليبيرالية بما فيها الأحزاب المغربية، ومنه فالدبلوماسية البرلمانية مهمة بشكل كبير، غير أنه يجب دمقرطة هذه الدبلوماسية البرلمانية ومأسستها للتمكين من الاختراق الكلي في كافة المنتديات، فمثلا حين الحديث عن اتحاد البرلمان لدول أمريكا الجنوبية، وجب الحديث عن ضرورة تقوية النفوذ المغربي وعلاقات الشراكة مع هذه البرلمانات، وهذا لا يمنع من الاجتهاد أكثر في المجال الدبلوماسي سواء البرلماني أو حتى في مجال الدبلوماسية الثقافية والاجتماعية والإنسانية وأيضا الرياضة، لمواكبة الدبلوماسية الرسمية المعهودة لجلالة الملك والتي تحقق نجاحات مهمة على مختلف الأصعدة.

 

*أستاذ القانون العام بجامعة القاضي عياض – مراكش

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى