محمد أبو درار كشف كواليس الصراع داخل الحزب وقصة اختفاء ملايير الانتخابات
الرئيس السابق لفريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب في حوار ساخن مع «الأخبار» :
حاوره: محمد اليوبي
مع اقتراب موعد الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، يمر حزب الأصالة والمعاصرة من أسوأ أزمة تنظيمية منذ تأسيسه، ووصل صدى الأزمة إلى الفريق البرلماني للحزب بمجلس النواب، بعد إقدام الأمين العام للحزب، عبد اللطيف وهبي، على إبعاد الرئيس السابق للفريق، محمد أبو درار، فيما بدأ عشرات النواب والمستشارين البرلمانيين يحزمون حقائبهم لمغادرة الحزب والالتحاق بأحزاب سياسية أخرى.
في هذا الحوار الساخن الذي أجرته معه «الأخبار»، يكشف أبو درار الكثير من الأسرار والكواليس للصراع القائم داخل الحزب، وكيف تحول إلى ملحقة لحزب العدالة والتنمية يخوض حربا بالوكالة عنه ضد خصومه السياسيين.
لعبتم دورا لافتا في فوز عبد اللطيف وهبي بالأمانة العامة لحزب الأصالة والمعاصرة، إلا أن أول قرار اتخذه هو إعفاؤكم من رئاسة الفريق، بطريقة طرحت تساؤلات كثيرة، ماذا حدث بالضبط؟
الأمين العام الحالي للحزب أعرفه جيدا، منذ فريق الولاية السابق، دعمي له تم في إطار سياق عام يتسم بالتوافق كآلية لتذليل عقبات تصليب عود الأداة الحزبية، إضافة لرغبة الجميع في طي صفحة الماضي والتي عشناها على صفيح ساخن من الخلافات الداخلية المدمرة، والتي كنت كرئيس للفريق البرلماني من أكثر المتأثرين بها، وهنا أذكر البعض بأنه عندما كان الفريق النيابي الحصن الحصين من الأقطاب الحزبية ونجحنا في العبور به إلى بر الأمان، كانت القيادات الحالية منخرطة في صراع الكراسي على حساب حضورها في البرلمان والذي لم تطأه أقدامهم إلا نادرا.
كنت أعرف مسبقا أن للأمين العام الكثير من النواقص، فالكل شاهد على فشله في تسيير الفريق النيابي مرتين، كما أنه يعاني من مشاكل تواصلية عدة مع الفريق الحالي، لكن، وكما كتبت سابقا، تواجد محيط قوي كفيل بالتغطية على تلك النواقص، وبالتالي بإعطائه فرصة للنضج السياسي والترفع عن سفاسف الأمور، ولكن، للأسف، العكس هو الذي حصل، حيث ما إن صفت له الأمور، وبفعل محيط من أصحاب الصفقات العابرة للجهات والمآرب الشخصية، حتى بدأ باستكمال تنفيذ السيناريو المتفق على بعض بنوده منذ لقاء الصخيرات الذي أطاح بإلياس العماري، من أجل إنجاح خطة الاستحواذ على الحزب وفريقي البرلمان.
الأمين العام الحالي يعرفني جيدا، هو لا يريد رئيسا قويا للفريق النيابي، بل يريد موظفا ينفذ أوامره، يسمح له بالتدخل في كل صغيرة وكبيرة في تدبير الفريق، وهو ما لا يمكن بتاتا أن أقبل به، حتى لو كان رئيسا للحكومة.
ما يربطنا بالقيادة الحزبية هو رباط سياسي، وأنا جد ملتزم كرئيس للفريق بتنفيذ التوجهات السياسية بحذافرها رغم عدم وجودها لكوننا كنا في عطلة برلمانية، وهنا أشير إلى أن أول مراسلة موجهة من الأمين العام للفريق النيابي هي مطالبتهم بالمساهمات المالية لصالح الحزب، وثاني مراسلة هي بلاغ الإعفاء، ومن يدعي عكس ذلك فهو كذاب. الحقيقة التي يريد البعض طمسها هي أنني لن أقبل بتاتا أن يكون الفريق النيابي مطية لأهداف شخصية، أو وسيلة ابتزاز للمؤسسات العمومية، كما لن أقبل مطلقا أن يكون الفريق الإداري مرتعا للريع أو صفقات مشبوهة مع المقربين، كما حصل أخيرا مع مكتب دراسات تابع لإحدى القيادات الحالية…
لذلك، وبحكم يقينهم أن تغييري من رئاسة الفريق أمر شبه مستحيل في الظروف العادية فقد استغلوا الحجر الصحي، وخداع أعضاء الفريق عبر مراسلة إعفائي، مدعيا (الرئيس) كذبا وبهتانا أن السبب هو ارتكابي أخطاء تدبيرية، ثم إتمام الخطة سريعا مع شريكه بمراسلة مجلس النواب، لكنهم ارتكبوا غلطة عمرهم في لائحة توقيعات منسوبة لـ83 من أعضاء الفريق.
لجأتم للقضاء رافعين دعاوى واتهامات تعتبر سابقة في تاريخ المؤسسة البرلمانية والمجال السياسي، هل من تفاصيل حول الموضوع؟
عندما يتم خرق القانون والاستهزاء به بشكل متعمد، فمن الواجب اللجوء للقضاء، إن ما حدث أخطر ما حصل في تاريخ المؤسسة التشريعية بالمغرب، إن لم أقل في تاريخ برلمانات العالم.
إن تقديم لائحة فيها توقيعات منسوبة لنواب متواجدين يومها بمناطق مختلفة عبر التراب الوطني، وبعضهم خارج المغرب، وبطريقة توحي بتواجدهم حضوريا، هو قمة الاستخفاف بالقانون، بل زاد الاستهزاء في اعتراف صريح من الأمين العام، في إحدى خرجاته، حيث أكد بلسانه أنهم نابوا عن النواب في موضوع تغيير رئاسة الفريق… أليس هذا اعترافا صريحا بالتزوير واستعماله، يعاقب عليه القانون.
«وملي ما قدو فيل زادوه فيلة»، قدموا للمحكمة وثيقة أخرى زعموا أنها النظام الداخلي للفريق، والحال أننا في الفريق النيابي الحالي لم نعتمد أي نظام داخلي، ولعل إحدى مواد الوثيقة المزعومة فضحتهم حيث جاء فيها تاريخ 2013، مما يثبت أنها كانت موجهة للفريقين السابقين واللذين لم يعتمداها أيضا، وهو ما يشكل فضيحة أخرى، وتحايلا آخر على مكونات الفريق.
ولئن كان القضاء الاستعجالي لم ينصفنا، لكونه غير مختص في مناقشة جوهر الموضوع وتفحص تفاصيل وثائق الملف، إلا أنني واثق من أن قضاء الموضوع سينصفنا، خاصة وأن الجلسات الابتدائية ستعرف حضور نواب الفريق للشهادة في القضية.
في جميع الأحوال، موضوع تزوير واستعمال لائحة التوقيعات والنظام الداخلي للفريق سأذهب فيه إلى أبعد حد، والجديد اليوم هو أنني قدمت هذا الأسبوع شكاية مباشرة في نفس التهم لقاضي التحقيق ضد كل من الأمين العام، و«رئيس» الفريق النيابي.
من جهة أخرى، هناك ملف آخر أكثر أهمية، وهو القضيتان المرفوعتان ضد الأمين العام بخصوص اتخاذ قرارات باسم المكتب السياسي، وإحداث لجنة القوانين، التي تحتاج لإحداثها ضرورة تصويت المجلس الوطني، إضافة لتعيين منسقين جهويين وإقليميين، كل هذا خارج الضوابط القانونية التي صوت عليها المؤتمر الرابع.
اليوم يتعلل الأمين العام بأن قراراته كانت اضطرارية بسبب الحجر الصحي، متناسيا عدم وجود نص صريح في النظام الأساسي يعطيه الحق في اتخاذ تلك القرارات، ناهيك عن أن تلك المناصب لم تكن فارغة، وفيها منسقون يقومون بأدوارهم في انتظار عقد المؤتمرات.
إن المسألة واضحة، وهي مجرد إعادة توزيع حلفائه من مجموعة تيار المستقبل.
ما يؤسف له، وفي إشارات مقلقة للأصدقاء والخصوم، أن من يقوم اليوم بكل هذه الخروقات هو رجل قانون وبرلماني لولايتين، كان يصول ويجول منتقدا الأمناء السابقين على ما اعتبره خروقات قانونية، واستفرادا بالقرارات، ولعل تسجيلات خرجاته الإعلامية ما زالت شاهدة على ذلك، ولسخرية القدر يعاد نشرها من طرف المناضلين لتذكيره بازدواجية خطابه.
لقد كان يتحدث كثيرا عن تجديد النخب، والاعتماد أكثر على الشباب، ما يحصل اليوم هو إعادة الاعتماد على بعض مهندسي انتخابات 2015 و2016 ، والذين كال لهم علنا اتهامات بسوء التصرف في أموال الحزب.
في المقابل هناك تهميش واضح لمختلف القيادات الشابة بمن فيهم حتى من ساندوه من تيار المستقبل.
وأختم في موضوع القضاء لأوجه نداء للأخ اعميار، رئيس المؤتمر الرابع، لتحمل مسؤوليته، والطعن لدى القضاء في ما لحق النظام الأساسي من تحريف، ترسيخا للقانون، وتفاديا لأي تأويل خاطئ لهذا السكوت.
في حال إنصافكم من طرف القضاء في ملف رئاسة الفريق، وفي ظل خلافاتكم مع وهبي، هل ستستمرون في رئاسة الفريق؟
أولا تجب الإشارة إلى نقطة مهمة، وهي أن لجوئي للقضاء في موضوع رئاسة الفريق ليس رغبة في المنصب، بل العكس، لقد صرحت مرارا لأعضاء الفريق بأنني راغب في ترك المسؤولية في أقرب فرصة.
إن لجوئي للقضاء هو من أجل الحفاظ على هيبة الفرق النيابية وتحصينها من تدخل رؤساء الأحزاب وجعلها رهينة أهوائهم.
صحيح أن الفرق البرلمانية هي الواجهة التي تصرف فيها الأحزاب مواقفها السياسية، لكن يجب أن تكون العلاقة مبنية على احترام المسؤوليات، فالبرلماني هو ممثل الأمة في الأول والأخير وما يربطه بالحزب هو رباط سياسي محض والفرق البرلمانية لا تشتغل وفق الأنظمة الداخلية للأحزاب، بل وفق النظام الداخلي للمجلس.
وبخصوص قراري في حال إنصافي قضائيا، فأؤكد لكم بأن الاستقالة من رئاسة الفريق ستكون في جدول أعمال أول اجتماع للفريق، لأنه «محاس بالمزود غير اللي مضروب بيه».
موضوع رئاسة الفريق وشبهة تزوير توقيعات النواب حظي بمتابعة إعلامية كبيرة، لكن، في المقابل، يلاحظ صمت تام لأعضاء الفريق، بماذا تفسرون ذلك؟
أصدقكم القول بأنني تفاجأت كثيرا بانعدام ردة فعلهم طوال هذه المدة، فرغم أن صمتهم عن تهم التزوير، هو إقرار ضمني بصحة اتهامي، وإلا لبادروا بنفي ذلك في تصريحات رسمية، سواء إعلاميا أو ببيان رسمي للفريق، إلا أنه كان من الواجب عليهم كمنتخبين يمثلون الأمة، يشرعون القوانين ويحرصون على احترامها أن لا يتستروا على ما وقع.
ربما هناك محاولة محتشمة لكنها جريئة لخرق الاستثناء في مراسلة ابتسام العزاوي للأمين العام والفريق من أجل مدها بنسخة من لائحة التوقيعات، في إشارة يفهم منها أنها لن تسكت عن الموضوع.
على العموم أنا أعرف صعوبة موقف النواب، إذ نحن على مشارف الانتخابات ومشكل التزكيات أمر يفرض نفسه في بعض الدوائر، أما عضوية المكتب السياسي فتلك رغبة الأغلبية. بالمقابل، هذه مناسبة لأوجه تحية خاصة لبعض أعضاء الفريق الذين وقفوا وما زالوا في وجه العبث والبؤس، عندما رفضوا الانخراط في ألاعيب الأمين العام حيث كان ردهم واضحا وصريحا في موضوع رئاسة الفريق.
كيف ترون وتقيمون أداء الفريق النيابي على ضوء التغييرات الحاصلة؟
صدقا.. أنا متألم لحال الفريق النيابي للبام اليوم، فرغم احتوائه على كفاءات عالية، راكمت تجارب مهمة، إلا أن الظروف الحالية جعلت منه جسدا بدون هوية، يضطر أعضاؤه إلى انتظار موافقة الأمين العام على كل خطوة، حتى في من سيتناول الكلمة بالجلسات العامة.
الفريق اليوم بالنسبة للأمين العام مجرد قسم تابع لإدارة الحزب يحركه إرضاء لأهوائه وأهدافه كيفما شاء، خاصة في اللجن الاستطلاعية وتقصي الحقائق، ناهيك عن طعون المحكمة الدستورية، ولعل بلاغ هذه الأخيرة مازال وصمة عار على الحزب ككل.
فاليوم، مثلا، ومن أجل تصفية حسابات شخصية مع الطالبي العلمي، وضد حزب الأحرار عبر حرب بالوكالة، يريد وهبي استغلال الفريق من جديد لطلب لجنة تقصي الحقائق بسبب شبهة فساد مالي حول 2.5 مليون درهم، وهو مبلغ هزيل جدا لا يستحق تحرك البرلمان بإحداث لجنة ستستهلك مصاريف أكبر.
أعتقد أن الموضوع مجرد خبث سياسي لتشتيت الانتباه عن الخروقات والتجاوزات الأخيرة لوزراء حزب العدالة والتنمية.
إن آلية لجن تقصي الحقائق ليست مجالا لتصفية الحسابات بل أداة رقابية لترسيخ الحكامة، عبر تسليط الضوء على ملفات كبرى تهم الشأن الوطني، وملفات ذات حمولة مالية كبيرة بالملايير.
نتيجة لهذه الأوضاع، هناك مقاطعة واضحة للكثير من النواب، خاصة بعض الوجوه البارزة التي كانت لها بصمة كبيرة في تفوق أداء الفريق، كالمهاجري وبوعرفة وآخرين، تشهد به الجلسات العامة ومختلف اجتماعات اللجن.
لقد اكتشف النواب أن الفريق أصبح اسمه فريق تيار المستقبل، وليس فريق البام، مما حفز الكثير منهم للاستيقاظ أخيرا منتفضين ضد هذه الانزلاقات، وبحكم معرفتي الدقيقة لشخصية الأمين العام أتنبأ بمشاكل كبيرة قد تفجر الفريق قريبا.
أصدرت المحكمة الدستورية بلاغا وصف بالأول من نوعه، جوابا عن تصعيد وهبي في قضية الطعن، ألا ترون أن الفريق النيابي للبام لم يكن موفقا في الموضوع؟
كما قلت سابقا، هذه أحد تجليات تدبير الأمين العام، وتدخله بشكل فظيع في الفريق، وجعله أداة وفق أهواء شخصية، إذ إن انشغال الأمين العام بالظهور الإعلامي، إلى حد الهوس، جعله يدخل في معركة تصعيد ضد المحكمة الدستورية، لم يكفه فيها أن هناك خرقا واضحا في المسطرة متعلقا بصحة إمضاءات النواب على لائحة الطعن غير المتواجدين بالرباط بسبب الحجر الصحي، بل زاد وأعطى لنفسه حق النيابة عن النواب دون موافقتهم ليصعد ضد المحكمة وهو يطالبها عبر مفوض قضائي بأجوبة الحكومة ومجلس النواب.
وما زاد الطين بلة هو لجوؤه للإعلام بما فيه الموقع الرسمي للحزب، للتهجم على هيئة المحكمة من قضاة وموظفين، واصفا إياهم بأوصاف تسيء وتقلل من احترام المؤسسة الدستورية، وهو ما جاء في بلاغها غير المسبوق، وهي تقرع الأمين العام بشكل مباشر وواضح، وجدت مكونات الفريق والحزب ككل في موقف جد محرج وغير مسبوق.
نشرت بعض المواقع الإعلامية لائحة لعدد مهم من أعضاء الفريق النيابي سيغادرون حزب البام، وقد كان اسمكم ضمن اللائحة، ما صحة الخبر؟
هذا الموضوع ليس سرا، وقد اعترف به الأمين العام سابقا، مرارا، بل واتهم بشكل مباشر قيادات الأحرار والاستقلال باستهداف أعضاء الفريق لاستقطابهم.
ما أؤكده لك أن تدبير الأمين العام الحالي للحزب، وتقزيمه للفريق النيابي، وسوء استغلاله، زاد من رغبة الكثيرين في مغادرة الحزب، خاصة أمام تعنت القيادة وإمعانها في الهيمنة على حساب مؤسسات الحزب، فبدلا من احتواء الأوضاع لتهدئة الغاضبين وفتح حوار معهم، يجيب الأمين العام بشكل متعال بأن الأمر مجرد حملة انتخابية مقللا من شأنهم، وبأن أرض الله واسعة، فهل هكذا يتصرف القائد السياسي؟
وما يضاهي نزيف الفريق النيابي هو مغادرة القيادات التاريخية للبام، قيادات كانت لها بصمة واضحة في إبراز الهوية الحقيقية للحزب والمحافظة عليها، حتى منافسو وهبي على الأمانة العامة اختفوا كلهم بدون أي أثر باستثناء سمير بلفقيه، الذي كان موقفه واضحا مما جرى في المؤتمر من خروقات… جعلته اليوم ينخرط بشكل جدي في مشروع سياسي جديد مع قيادات شابة مازالت متمسكة بروح تأسيس البام.
بعد المؤتمر الرابع لحزب الأصالة والمعاصرة، كان الكثيرون يراهنون على عودة قوية للحزب، يقطع فيها مع الخلافات الداخلية، إلا أن العكس هو الذي حصل، ماذا يحدث في البام؟ هناك لعنة أصابت البام لسنوات، حيث كلما أتت قيادة يستعمل محيطها نفس أسلوب النصب على المناضلين باسم تعليمات الفوق.. وباسم أن «الحزب عندو مواليه»، والغريب في الأمر أن الكثير يقبلون بسذاجة أن تنطلي عليهم العملية، فتجد القيادة مجالا واسعا لفرض سيطرتها بدون رقيب، وكما يقال السلطة المطلقة مفسدة مطلقة. إن ما يحدث مع القيادة الحالية أفظع، فالرجل لا يوجد في قاموسه شيء اسمه الديموقراطية الداخلية، انفض عنه أقرب المقربين بعد أيام قليلة من المؤتمر، وعوض أن ينفتح على الكل ويرسخ قاعدة الحزب للجميع، وجد نفسه أمام كرة ثلج تكبر يوميا، واضطر إلى أن يعيد من جديد، مع محيطه الضيق، ماراطون التفاوض مع من أوصلوه لكرسي الأمانة العامة. ما يحدث اليوم في البام من غليان هو رفض صريح لمخرجات المؤتمر الرابع حتى لو كنا مساهمين فيه. كان الجميع بعد المؤتمر يتمنى أن يتسع الحزب للجميع، لكن تم جر المناضلين لمعارك داخلية أكثر حدة من سابقتها إبان التيارين. وللتاربخ، بعد رسالة الإعفاء التي تعمد الأمين العام تسويقها إعلاميا بشكل ينم عن حقد دفين، اتصل بي الحموتي قبل الإعلان الرسمي في الجلسة، لمناقشة الموضوع، قلت له حرفيا: «ستعيدون الحزب إلى مستنقع صراعات نحن في غنى عنها، هذه المرة ستكون التكلفة أكبر، (قل لوهبي إشد الارض) وفي أول اجتماع للفريق بعد الحجر الصحي ننهي الموضوع». مع الأسف لم يستوعبوا كلامي جيدا، أو بالأحرى استهانوا به، فوقعوا في فضيحة تلو أخرى وفي خرق تلو آخر، الله وحده القادر على إخراجهم منها. اليوم ما حذرت منه قد حصل، وكل هذا بسبب انعدام أدنى صفات القائد، إضافة لتواجد محيط ضعيف همه الرئيسي هو حماية مصالحه الشخصية. كما أذكر البعض بأن أول شيء يقدم عليه وهبي عندما تشتد المعارك هو تقديم الاستقالة، وتاريخه حافل بالأمثلة، فقد قدم الاستقالة من الكثير من المسؤوليات التي تحملها سابقا عند أول مشكل حقيقي، كما فعل عندما استقال من بلدية تارودانت، مجلس جهة سوس ماسة، رئاسة الفريق النيابي، واستقال (جمد عضويته) في المكتب السياسي أكثر من مرة… وشخصيا لا أستبعد أن يستقيل من منصب الأمانة العامة (ملي اسخن الطرح).
قبل المؤتمر الرابع، وفي ظل صراع التيارين، سمعنا كثيرا عن فساد في مالية الحزب، واختفاء الملايير بعد انتخابات 2016، لماذا لم نعد نسمع بها اليوم؟
ما يقال عن فضائح مالية الحزب، خاصة ما جرى في انتخابات 2016 وما بعدها، ليس سرا بل جاء في تصريحات عديدة للأمين العام الحالي إبان صراعه مع إلياس العماري وحكيم بنشماش، سمعنا عن فساد مالي وبيع للتزكيات، سمعنا عن ابتزاز للمرشحين، سمعنا عن 4 ملايير تركها إلياس العماري لدى أحد أعضاء لجينة الانتخابات، وتبخرت بعدها..
سمعنا عن موظفين أشباح، وريع في إدارة الحزب.
سمعنا عن اختلاسات لمالية فريق المستشارين،
لكن الغريب أن كل هذا وأكثر لم نعد نسمع عنه اليوم، يبدو أن كرسي الأمانة العامة كفيل بلجم الأفواه…
سيرد البعض أن المجلس الأعلى للحسابات لم يسجل ملاحظات حول تدبير مالية الحزب، وهو أمر صحيح، حزب البام استطاع تبرير صرف كل درهم أخذه من المال العام، ولكن ما نشرته وسائل الإعلام، نقلا عن مصارعي التيارين، أن البام تلقى في انتخابات 2015 و2016 عشرات الملايير نقدا كدعم من الخواص، تم التصرف فيها بلا رقيب وبلا حسيب، لا أحد يعرف اليوم المبلغ بالضبط، لكني أثق كثيرا في ذكاء القارئ والمتتبع لحجم انتخابات 2015 و2016.
كما لا يمكن نسيان رسالة الأمين العام السابق حكيم بنشماش من الإكوادور، والتي تستدعي، إن كنا نحترم أنفسنا، أن يفتح تحقيق قضائي في الموضوع، وتستدعي قبل ذلك الإقالة والطرد من الحزب لكل من ثبت تورطه في تلك الفضائح.. عوض أن نعيد نفس المتهمين للسيطرة على الحزب وتصدر الصور بكل جرأة..
هل مازال هناك وجود لتيارين متصارعين في الحزب؟ وكيف تفسر غياب بعض الأسماء البارزة في تيار المستقبل؟
اليوم أصبحوا تيارات، وهو مكسب عظيم للقيادة الحالية، التي أثبتت أن البعض كان محقا عندما قال بأن وهبي أتى ليجهز على ما تبقى من البام.
لذلك، لن يقف أمامه عائق، فالرجل وفي لأفكار نيكولا ميكيافيلي، أبعد عنه الكثير من شباب تيار المستقبل ممن أوصلوه لكرسي الأمانة العامة، وللتاريخ بعضهم كان من أول من خطت أنامله أول بيان لتيار المستقبل.
أكثر الأسماء البارزة صعقت بما يحدث، لدرجة أن البعض منها جهز فعليا حقائبه لمغادرة السياسة بشكل كلي وليس فقط «البام»، كما هو الحال مع محمد صولوح مثلا.
أما تيار الشرعية، بفضل تواري قياداته للوراء في وقت سابق، رغم استيقاظها أخيرا، وجد نفسه أمام خطة ممنهجة للانتقام والاستئصال والتشهير.
ما يؤسف له في البام، أن التاريخ يعيد نفسه بشكل مأساوي، عند كل محطة، يكاد يكون البام متميزا في التفريط في شبابه وتصديره لأحزاب أخرى أو إرغامه على مغادرة السياسة ككل. وهنا أستحضر العديد من الشباب الذين، وإلى الأمس القريب، كنا نفتخر بتواجدهم في البام سواء في فترة إلياس أو حكيم واليوم مع وهبي، فإذا كان بعض شباب تيار الشرعية اختفى مرغما بسبب سياسة الإقصاء والانتقام، فأين اختفت القيادات الشابة التي وقعت نداء المستقبل، والتي كان الأمين العام يصفها بالجيل الجديد من السياسيين؟
فحتى وهو يخرق القانون في تعيينات الأمناء الجهويين لم يعين أحدا منهم، مفضلا عليهم بعض محترفي الانتخابات والترحال السياسي مع بعض الاستثناء للبعض الذي أقدره.
هناك مساع ملموسة لبعض القيادات الحالية من أجل التصالح مع الغاضبين، أثمرت برجوع العربي المحرشي لقيادة هيئة المنتخبين، كيف ترون الأمر؟
الأمر أكبر من إسقاط مسطرة الرجوع إلى بيت الزوجية، على واقع حزب سياسي من حجم الأصالة والمعاصرة، وليس ملفا من ملفات مكتب المحاماة..
أولا نحن لسنا غاضبين.. بل مناهضين لخرق القانون، بعد أن تم تعطيل جميع الضوابط التنظيمية في الحزب، والتي صادق عليها المؤتمر، بصرف النظر عن تحريف بعضها.
وما تعيشه الكثير من الجهات من حركية ونضال رفضا لتدبير القيادة الحالية وفضائحها المتتالية إلا كرة ثلج يكبر حجمها مع مرور الوقت، وليس ما ينشر في وسائل الإعلام ووسائط التواصل، وندوات رقمية يؤطرها شباب لا يعرف الخنوع، إلا خير دليل على طبيعة الأوضاع الحالية.
ثانيا الصور التي تسوقها القيادة على أساس أنها صلح، هي للاستهلاك الإعلامي لا غير، إذ لا وجود لحد اليوم لأي صلح مع رموز تيار الشرعية، أو القيادات الأخرى المحايدة، وما نشر هو فقط مع عناصر كانت أعمدة رئيسية لتولي الأمين العام الحالي كرسي الأمانة، استغلت وركبت على حركية ودينامية المعارضة الداخلية من أجل تفاوض مريح على مكاسب تنظيمية وانتخابية، ولا علاقة لها بالغليان الذي يحدث اليوم بالبام.
إنه ضحك على الذقون، عن أي صلح تتحدث القيادة والخروقات التنظيمية تتوالى بدون توقف، ويأتي بعض (صحاب الهموز) فيقولون لننظر للمستقبل… شخصيا، جوابي واضح وقد قلته للكثيرين، لا حل إلا استقالة أو إقالة القيادة الحالية، وعلى حكماء الحزب والقيادات الشريفة والمناضلين عدم تضييع المزيد من الوقت، ما دمنا في متسع من الزمن.
وصدقني، على الجميع ألا يستهينوا بكرة الثلج التي تكبر، ولا بالقضايا التي تروج في القضاء، فالقانون فوق الجميع، وواهم من يعتقد بأن قرب الانتخابات سيعطي حصانة للبعض.
وفوق هذا كله إن رجوع فلان أو غضب علان، ليس بلسما ناجعا وشافيا لحزب خرج من محطة كنا نحسبها مؤتمر الأمل، راهن عليها ملايين المغاربة والمناضلين على الخصوص من أجل تصدر وتخليق المشهد السياسي.
لذلك، فإن الحزب في حاجة إلى قيادة سياسية تحفز أطره ونخبه، وليس زرع الخلافات بينهم والتشهير بهم، أما القيادة الحالية، فمهما اجتهدت في مساحيق التجميل، ستبقى شبهة التزوير علامة أبدية في تاريخها.
الحزب يحتاج إلى ترسيخ قواعد الحوار البناء، واحترام المناضلين وإشراكهم في صياغة القرار الحزبي، وليس شخصنة الأمور وجبر خواطر فئة قليلة من تيار المستقبل وتصفية الحسابات ضد الآخرين.
قبيل المؤتمر أعطت القيادات الحالية إشارات القطع مع ماضي الصراع مع البيجيدي، إلى أي حد انعكس اليوم هذا الخيار على تعامل حزب الأصالة والمعاصرة مع حكومة العثماني؟
أسوأ ما يمكن أن يعيشه أي تنظيم سياسي هو فقدان البوصلة، وحزب الأصالة والمعاصرة لم يختر فقط الاصطفاف إلى جانب الصف الديمقراطي الحداثي، بل كان يعتبر نفسه قائدا لهذا القطب.
غير أن ما وقع للحزب، في ظل القيادة الحالية، هو بلبلة فكرية وارتباك في الاصطفاف السياسي، وهو يغازل حزب العدالة والتنمية، بشكل أساء للحزب ولمصداقية التدافع السياسي بين المكونات الحزبية ببلادنا، وفي أحايين أخرى يهاجمهم، خارج أي تصور يستشرف المستقبل السياسي للحزب ووضوح خطه السياسي وهويته الفكرية.
فهل كنا نمثل على المغاربة، طيلة عقد من الزمن، عبر معارك ثنائية حزبية قلنا عن بعضنا البعض ما لم يقله مالك في الخمر..؟
من جهة أخرى، إذا كان من أجل الدخول في الحكومة، تنبطح القيادة الحالية للبيجيدي، فهلا انتظرنا نتائج الانتخابات لنقرر بعدها أي تحالف يصلح لنا.
وهبي يريد أن يرهن مستقبل الحزب بتحالفه مع «العدالة والتنمية»، منخرطا في عملية تحجيم الحزب، من حيث لا يدري، وأحيانا بطريقة غير مسؤولة وطائشة، وصلت إلى حد اعتبار مؤسسة إمارة المؤمنين بأنها تجليات الإسلام السياسي، فقط لتبرئة تيار سياسي معروف من استغلال الدين في السياسة، وأحيانا خرجات إعلامية فيها تحامل مفضوح على أسماء بعينها في حزب التجمع الوطني للأحرار، خصوصا تلك التي تنتقد «العدالة والتنمية».
صحيح أن معارضة وزراء الأحرار يجب أن تنطلق من كونهم في الحكومة، والبام في المعارضة، لكن يجب أن تكون بعيدا عن التحامل والتجني وشخصنة الاستهداف، وخدمة أجندات، وحتى إن كان هذا تكتيكا سياسيا عند وهبي، فالقاعدة تقول إن التكتيك الذي لا يخدم الاستراتيجية فهو بالضرورة ضدها.
ما دور المجلس الوطني، برلمان الحزب، في كل ما يجري؟ خاصة فاطمة الزهراء المنصوري؟
لو كان عندنا مجلس وطني حقيقي، يمارس سلطته الرقابية لما وصل الحزب إلى حالته اليوم، لطالما رأيت أن تدبير رئيسة المجلس الوطني منذ توليها المسؤولية ضعيف جدا، بل في وقت من الأوقات كانت عنصرا رئيسيا في الأزمة الداخلية للحزب كما حصل في عهد بنشماش، حتى اجتماعات المكتب السياسي كانت تصر على مقاطعتها.
المفروض أن يشكل منصب رئيس برلمان الحزب نوعا من التوازن مع الأمانة العامة في هرم الحزب، وليس بريستيج للتباهي.
مع الأسف فاطمة الزهراء المنصوري تصر على أن يكون تدبيرها للمجلس الوطني مجالا ليصبح أعضاؤه مجرد مؤثثي الكراسي والتصفيق على القرارات..
أما الخروقات فحدث ولا حرج..
وفي مقدمتها عدم نشر لوائح أعضاء المجلس الوطني،
السكوت عن تغيير النظام الأساسي للحزب،
غض الطرف عن تغيير عدد أعضاء المجلس الوطني،
مباركتها لخروقات وهبي باتخاذه القرارات باسم مؤسسة المكتب السياسي بدون أن يصوت عليه المجلس الوطني.
مع الأسف ما يحصل مسؤوليتنا جميعا كأعضاء للمجلس الوطني، لأنه عندما تأتي فرصة التغيير، نكتفي بالتصفيق..
انتخابات 2021 على الأبواب، كيف ترى حظوظ البام على ضوء ما يعيشه حاليا؟
يقول المثل (مال باك طاح؟ قالوا من الخيمة خرج مايل)، الموضوع لا يحتاج للكثير من الفطنة والذكاء لاستنتاج نتائج البام في الاستحقاقات المقبلة
في ظل قرارات وفضائح القيادة الحالية، لن أكون متجنيا إذا قلت لكم بأن الحزب لن يستطيع ربح فريق برلماني. صدقني إن شعارات من قبيل «المزور» سترفع في أي لقاء سيؤطره وهبي في حال بقائه لا قدر الله، فمن يسعى لربح الانتخابات وتصدر المشهد السياسي، عليه أن يحافظ على ما لديه، ويسعى بشتى الوسائل الممكنة لاستقطاب آخرين.. تلكم هي المعادلة.
لكن ما تفعله القيادة الحالية هو ضمان تزكية مريحة للطامعين في رئاسة مجالس الجهات التي يعتبرونها فقط «مغارة علي بابا» وضمان أقل عدد من المقاعد البرلمانية للدخول في تحالف حكومي بأي ثمن.. حتى لو كانت مجرد حقيبة وحيدة بئيسة.
الحل الذي يشاطرني فيه الكثيرون، هو تصحيح المسار عبر إقالة القيادة الحالية في أول دورة مقبلة للمجلس الوطني، وانتخاب شخصية جديدة تحظى بالتوافق، رهانها الأول هو لم الشمل، من أجل حزب يقطع مع التموقعات القطيعية، من أجل حزب للجميع.
من جهة أخرى، شخصيا، وعكس ما تسعى له بعض الأحزاب وخاصة المعارضة منها، أرى أن تأجيل الانتخابات هو خيار صحي وضروري للبلاد، لأن ما فعلته كورونا باقتصادات العالم، أمر غير مسبوق منذ ثلاثينيات القرن الماضي، لا يجب التغني بالمسار الديمقراطي إذا كانت مصالح البلاد على المحك.
واهم من يظن أن موضوع الانتخابات هو مجرد رقم مالي، أو موارد بشرية ولوجستيكية، أعتقد أن إجراءها في ظل الأوضاع الحالية في الغالب سيسفر عن أمرين لا ثالث لهما، إما مقاطعة غير مسبوقة، أو مفاجآت غير منتظرة.
وبما أن موعد الانتخابات يؤطره الدستور، فأعتقد أنها مناسبة مواتية لتعديل بعض مواده التي فتح فيها نقاش طويل في المدة الأخيرة، كالمادة 47، لتفادي تكرار أي بلوكاج حكومي كما حصل سنة 2016، والمادة 68 الخاصة بسرية اجتماعات اللجن البرلمانية، إضافة لبعض المواد المتعلقة بالمؤسسات الاستشارية التي أرى أن بعضها عالة على المالية العمومية.
انتقدتم بشكل لاذع مساهمة البام لمغرب ما بعد كورونا، ألا تعتقدون أن الأمر فيه استهداف لأطر حزبكم؟
انتقادي لم يأت من فراغ، وقد تقاسمه معي الكثيرون من مناضلات ومناضلي الحزب، لو كانت الوثيقة المقدمة من نتاج أطر الحزب التي نعرفها، لكان المحتوى أفضل بكثير.
وكما قلت سابقا، السبب هو الوضعية الحالية للحزب الغارقة في مشاكل داخلية غير مسبوقة، إضافة إلى تفريط الحزب، على مدى سنوات، وخاصة القيادة الحالية، في أطر وكفاءات لها رصيد معرفي عال، راكمت تجارب عديدة، كان له وقع سلبي ملموس.
وانتظار رؤية وخطة إقلاع اقتصادي لبلد من حجم المغرب من بضعة أشخاص لا علاقة لهم بالحزب، ولا يعرفون حتى أبجديات وضع استراتيجيات العمل كما تدرس في أولى سنة جامعية، هو استخفاف بحجم المسؤولية والرهانات الملقاة على ثاني قوة برلمانية في المغرب.
لذلك، كاقتصادي، وكعضو لجنة المالية بالبرلمان، اعتبر ما قدمه البام فضيحة لحزب يتزعم المعارضة المفروض أن يقدم على الأقل جزءا من أرضية محترمة يعتمد عليها صناع القرار لبناء مغرب ما بعد كورونا، وليس حشوا لغويا وعبارات رنانة ولغة خشب.
على ضوء ما وصلتم إليه من خلافات حادة مع الأمين العام، كيف ترون مستقبلكم السياسي مع البام؟
لا أخفي سرا إن قلت لكم إن موضوع انتمائي للبام كان محط نقاش في مناسبات عديدة، وسأكون صريحا معكم، التحاقي بالبام كان رغبة في دخول تجربة انتخابية، لكن تمسكي بالبام بعدها، كان نتاج اقتناعي وإيماني بالفكر الحداثي المتشبث بالأصول، إنها معادلة يجد المغاربة أنفسهم فيها، أي البعد عن التزمت للأفكار، وعيش الواقع، دون التفريط في تامغرابيت..
انخراطي في الأصالة والمعاصرة وبعد تسع سنوات قدمت فيها الكثير لهذا الحزب، أنا جد متأسف، عندما أقول إنني خسرت كثيرا في البام، الموضوع ليس بسبب مشكل آني مع قيادة ربما لن تعمر إلا قليلا، بل هو أعمق بكثير، أنا اليوم منتخب، وممثل للأمة، لا دور للحزب في صنعي، لقد صوتت علي ساكنة إقليم سيدي إفني وانتدبتني كأول برلماني لولايتين في تاريخ الإقليم، وأفتخر بأنني كنت عند تطلعاتها وأنا أقدم الكثير لصالح إقليمي ووطني، بوأني التفاني والاجتهاد البرلماني ربح ثقة زملائي لأكون رئيسا للفريق النيابي، وكل هذا لا يأتي من فراغ بل بفعل التضحية ونكران الذات.
في جميع الأحوال، أنا اليوم قيادي في الحزب، وسأظل أناضل داخله من أجل حزب يحترم المناضل والقانون، حزب يتسع للجميع، وعندما أعجز عن ذلك، سأغادر غير آسف.