أسدلت غرفة الجنايات الابتدائية، بمحكمة جرائم الأموال بمراكش، يوم الخميس الماضي، الستار على واحدة من أكثر القضايا إثارة للانتباه بقطاع الصحة بأكادير وأطولها مدة بردهات المحكمة.
واستنادا إلى المعطيات، فقد أدانت المحكمة ثلاثة موظفين بالمديرية الجهوية للصحة بأكادير، وهم (ل. ب) و(هـ. ق) و(ر. ب) بثلاث سنوات حبسا نافذا وغرامة نافذة قدرها 30 ألف درهم لكل واحد منهم، كما أدانت المحكمة المتهمة الرابعة (ب. ص) بسنة واحدة حبسا موقوف التنفيذ وغرامة نافذة قدرها عشرة آلاف درهم، وتحميلهم جميعا الصائر. أما في الدعوى المدنية التابعة، فقد حكمت المحكمة على المتهمين الأربعة بإرجاعهم تضامنا مبلغ 829.000,00 درهم للمطالبة بالحق المدني، مع أداء تعويض مدني قدره 80 ألف درهم تضامنا في ما بينهم كذلك وتحميلهم الصائر.
وكانت المحكمة قد حجزت القضية للمداولة خلال جلسة يوم 22 دجنبر 2021، قبل أن يتم إخراجها منها من جديد، وذلك من أجل استدعاء الخبير المحاسباتي المعين من قبل المحكمة للحضور إلى الجلسة التي كان مقررا عقدها يوم 19 يناير المنصرم، وتأجل حضور الخبير لمرات عديدة إلى جلسة يوم الخميس الماضي. وتم استدعاء الخبير المحاسب من أجل تقديم توضيحات أكثر تفصيلا عن تقرير الخبرة المقدم إلى المحكمة خلال شهر نونبر الماضي، حيث كانت حينها النيابة العامة قد طلبت مهلة للاطلاع على تقرير الخبرة المحاسباتية الخاصة بصفقات المديرية الجهوية للصحة.
وتم اللجوء إلى إنجاز خبرة حسابية، بعدما استجدت لدى الغرفة الجنائية الابتدائية بمحكمة جرائم الأموال معطيات عن «اختلاسات» جديدة، حيث قامت بإصدار حكم تمهيدي في التاسع من دجنبر 2021، عبر تعيين الخبير حسن يوس لإجراء خبرة حسابية في الصفقات «المثيرة»؛ موضوع القضية. كما تضمن الحكم التمهيدي، تحديد مبلغ تسبيق للأتعاب للخبير المحاسب في 15 ألف درهم، يودع من قبل المطالبة بالحق المدني داخل أجل 10 أيام من تاريخ الحكم، على أساس أن يُضمن تقرير الخبرة المحاسباتية في الملف المدرج بأول جلسة بعد الحكم التمهيدي في 22 دجنبر من السنة ذاتها، لكن ذلك لم يتم، ليبدأ مسلسل التأجيلات لما يتجاوز السنة، بسبب تأخر إنجاز الخبرة، إلى أن وجهت المحكمة تذكيرا إلى الخبير المحاسب في الموضوع.
وتعود تفاصيل هذه القضية إلى تقرير كانت جريدة «الأخبار» سباقة إلى تفجيره، قبل سنوات، والذي أدى حينها إلى إعفاء عدد من المسؤولين، من بينهم المدير الجهوي الأسبق للصحة بأكادير وإحالة آخرين على المجالس التأديبية، قبل إحالة الملف على القضاء، حيث توبع المتهم الرئيس في هذا الملف بتهم ثقيلة، منها «تبديد أموال عامة موضوعة تحت يده بمقتضى وظيفته، والمشاركة في تلقي فائدة في عقد والتزوير في محررات عمومية واستعمالها»، فيما توبع بقية المتهمين الثلاثة الآخرين بجنايات المشاركة في التهم المنسوبة إلى المتهم الرئيس.
وكانت الإدارة السابقة للمديرية الجهوية للصحة بأكادير، والمندوبية الإقليمية للصحة بورزازات، والوكيل القضائي للمملكة قد قاموا برفع دعوى قضائية لدى محكمة جرائم الأموال بغرفة الجنايات لدى استئنافية بمراكش ضد خمسة متهمين، من بينهم المدير الجهوي الأسبق للصحة بأكادير، والذي تم إخراجه من القضية بعد ذلك لأسباب «غامضة». وتعود بدايات الملف إلى سنوات خلت، عندما حلت لجان تفتيش مركزية تابعة لوزارة الصحة، وأخرى من المجلس الجهوي للحسابات بالمديرية الجهوية للصحة بأكادير، حيث وقفت على خروقات جمة داخل هذه الإدارة، إذ توصل حينها الحسين الوردي، وزير الصحة الأسبق، بتقرير في الموضوع وصف بـ«الأسود»، وعلى إثره اتخذ شخصيا قرار إعفاء المدير الجهوي الأسبق من مهامه، والذي وقعت هذه «الاختلالات» في فترته، وإحالة بعض الموظفين على المجالس التأديبية، والتي أعيدت مرات عديدة، حيث وضع البعض منهم تحت المراقبة الإدارية.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن قضاة المجلس الجهوي للحسابات خلال عمليات تدقيقهم في صفقات المديرية الجهوية للصحة وقفوا على صفقات «مشبوهة»، تتعلق بصيانة المعدات الطبية بعدد من المستشفيات الإقليمية على مستوى تراب جهة سوس- ماسة- درعة آنذاك.
أكادير: محمد سليماني