الداخلة: محمد سليماني
انطلقت منذ أشهر أشغال بناء محطة واستغلال محطة معالجة المياه العادمة للمنطقة الصناعية بالداخلة، والتي كانت مطلبا ملحا منذ مدة، وذلك لحماية البيئة البحرية من التلوث الصناعي.
وتبلغ الكلفة الإجمالية لهذا المشروع 71.261.422,98 درهما، منها 46.623.876,00 درهما لأشغال البناء والتجهيز، و24.637.546,98 درهما للاستغلال على مدى 5 سنوات. ويروم هذا المشروع الذي يدخل في إطار تنفيذ عقد برنامج التنمية الجهوية المندمجة الخاص بجهة الداخلة – وادي الذهب والنموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية للمملكة، معالجة وتصفية المياه العادمة للوحدات الصناعية لصناعة وتصبير الأسماك السطحية التي تم إنشاؤها في إطار طلبات العروض.
ويجد هذا المشروع راهنيته، وأهميته، بعدما ظلت أصابع الاتهام تشير مرات عديدة إلى عدد من الوحدات الصناعية المتخصصة في تثمين وتصبير السمك بالداخلة، بعدما نفقت كميات كثيرة من الأسماك، وطفت على سطح البحر بالمدينة، خصوصا وأن بعض المعامل ظلت تتخلص من المياه العادمة ومخلفاتها داخل البحر. وعبرت فعاليات الداخلة عن ضرورة بناء محطات لمعالجة المياه العادمة للوحدات الصناعية.
وعرف خليج الداخلة السنة الماضية نفوق أطنان كثيرة من الأسماك خلال فترتين من السنة، دون معرفة أسباب ذلك، ما دفع بعدد من الجمعيات الحقوقية التي تعنى بشؤون البحر بإقليم وادي الذهب إلى إثارة انتباه السلطات المحلية والمصالح البيئية المركزية الوطنية، إلى أن خليج وادي الذهب باعتباره إرثا طبيعيا مشتركا بين الأجيال بات عرضة للعديد من الأنشطة السياحية التي تطرح مقذوفاتها من الصرف الصحي داخل مياه الخليج دون معالجتها، ما يشكل مصدر تلوث خطير لبيئة الخليج، في خرق واضح للقانون رقم 11.03 المتعلق بحماية واستصلاح البيئة، والقانون رقم 12.03 المتعلق بدراسة التأثير على البيئة.
وطالب الحقوقيون بضرورة قيام المصالح المختصة بعمليات تفتيش بالمؤسسات ومحلات الأنشطة السياحية والصناعية الموجودة على ضفتي خليج وادي الذهب، للتأكد من قيامها بمعالجة نفاياتها قبل قذفها في البحر، طبقا لما هو مضمن في دراسات التأثير المحتمل للمشاريع على البيئة.
وما يثير الشكوك أكثر هو أن نتائج التحاليل المخبرية التي قام بها المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري، بعد نفوق كميات كبيرة من الأسماك بخليج وادي الذهب، أظهرت أن «الأسماك الميتة لا تعاني من أي تشوه في سلامة هياكلها الجسمانية». وأضاف تقرير المعهد أن تحليل عينات المياه البحرية بالمنطقة أبان عن ظروف فيزيائية وكيميائية طبيعية، ولم يتم اكتشاف وجود أي أنواع من الطحالب البحرية السامة للأسماك في مكان نفوق هذه الأخيرة.
ونظرا إلى أن هذه الأبحاث لم تسفر عن أي معطيات تكشف أسباب نفوق هذه الأسماك، فقد قام المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري بنقل عينات من هذه الأسماك التي عثر عليها ميتة بشاطئ خليج الداخلة إلى المركز المتخصص في علم الأمراض بطنجة، والتابع للمعهد الوطني للبحث في الصيد البحري، لإجراء تحاليل مَرضية محددة، للكشف عن أسباب موت هذه الأسماك.