محمد اليوبي
توصل رئيس النيابة العامة، حسن الداكي، بشكاية تتضمن معطيات صادمة حول تورط محام وموظفين بإحدى المؤسسات البنكية في تزوير حكم قضائي بغرض السطو على مبالغ مالية تقدر بحوالي ملياري سنتيم، حيث طالبت المشتكية رئيس النيابة العامة بالتدخل لتسريع إجراءات البحث والتحقيق في شكايتها.
واستمعت عناصر من الدرك الملكي بالمنصورية، الأسبوع ما قبل الأخير من شهر أكتوبر الماضي، للمشتكية (س.ل)، التي وضعت شكاية لدى الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء بتاريخ 11 غشت 2021. وتتضمن الشكاية، التي حصلت «الأخبار» على نسخة منها، معطيات خطيرة ومثيرة، حيث ورد فيها اتهام المشتكية لموظفين تابعين لمؤسسة بنكية استغلوا نفوذهم في البنك المعني، واستغلوا كون المشتكية زبونة بالبنك ذاته، مما سهل عليهم الحصول على كل بياناتها ومعطياتها الشخصية، فعمدوا إلى خلق واصطناع تصريح بضياع وتعرض ونسبوه لها يتعلق بسندين للصندوق الأول حامل لمبلغ 14.870.000,00 درهم والثاني حامل لمبلغ 4.000.000,00 درهم.
وتقول المشتكية إن الموظفين قاموا بتزوير توقيعها بتواطؤ مع موظف ببلدية المحمدية، وقدموا تلك الوثائق المزيفة لمحام لا تعرفه المشتكية، حسب قولها، ولم تسبق لها رؤيته ولا لقاؤه، حيث تقدم المحامي بدعوى باسمها ضد البنك مطالبا بأداء قيمة سندي الصندوق المذكورين أعلاه، بمبلغ يقارب مليوني سنتيم لفائدة المشتكية، وقد صدر فعلا حكم تجاري ابتدائي عن المحكمة التجارية بالدارالبيضاء وتم تأييده استئنافيا بدون علم المشتكية، بل إن المشتكى بهم، تضيف الشكاية، عمدوا إلى مباشرة تنفيذ الحكم التجاري ضد البنك، ولأن عددا من موظفي البنك هم شركاء في التزوير فإنهم لم يرفعوا أي شكاية ضد الحكم القضائي، حسب المشتكية، التي تؤكد أنها صرحت للبنك بأن الحكم التجاري الصادر لفائدتها لا يعنيها ولم تكلف محاميا بالدفاع عنها أمام المحاكم، ورغم ذلك استمر المشتكى بهم في محاولة تنفيذ الحكم التجاري ضد البنك، مستغلين توفرهم، حسب قول المشتكية، على وكالة مزورة منسوبة لها حتى يمكنهم سحب المبلغ عند تنفيذه.
وأضافت الشكاية أن موظفي البنك قاموا بخلق حساب بنكي للمشتكية أو حسابات بنكية في اسمها دون علمها وفي غيبتها وقاموا بتزوير توقيعها، وحصلوا على دفاتر شيكات وأصبحوا يتعاملون بها، وأن شيكا من تلك الشيكات أصدر بشأنه القضاء الزجري حكما بزوريته وزورية الحساب البنكي لكن دون أن يتم فتح بحث معمق للوصول إلى كل المتورطين.
وعن تطورات شكايتها، قالت المشتكية إن درك المنصورية أعادوا المسطرة إلى الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بالدارالبيضاء يوم 7 أكتوبر الماضي، وأنها أمام بطء الإجراءات والقرار المتخذ، اضطرت إلى رفع شكاية إلى رئيس النيابة العامة بالرباط تلتمس منه التدخل حتى يأخذ البحث مساره الصحيح، لاسيما وأن المشتكية تؤكد أنها رفعت شكاية ضد المحامي الذي عمد إلى رفع دعوى باسمها دون أن تكلفه بذلك ودون أن يكون لها سابق معرفة به ولا بعنوان مكتبه، واعتمادا على وثائق مزورة. وطالبت المشتكية رئيس النيابة العامة بإحالة الملف على الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، أو الفرقة الوطنية للدرك الملكي، لأن الأمر يتعلق، حسب قولها، بجرائم خطيرة.
كما وجهت شكاية إلى نقيب هيئة المحامين بالدارالبيضاء السابق، لكن بقيت شكاياتها بلا نتيجة تذكر، خاصة وأن الرسوم القضائية للدعوى التجارية المزورة بلغت 1.800.000 درهم، وسيكشف التحقيق عن هوية من سدد تلك الرسوم القضائية بصندوق المحكمة التجارية بالدارالبيضاء للمحامي.
وتجدر الإشارة إلى أنه، إلى جانب المحامي والبنكيين، فإن الشكاية تضم كذلك موظفا ببلدية المحمدية بقسم تصحيح الإمضاء وترجمانا وشخصا آخر، ويتعلق موضوع الشكاية بتكوين عصابة إجرامية للاستيلاء على أموال الغير ومحاولة ذلك والتزوير في محررات تجارية وعرفية واستعماله وخلق حساب بنكي دون حضور صاحبته ورفع دعوى قضائية واستصدار حكم قضائي بدون علم ولا تكليف من صاحبته وخرق معطيات ذات طابع شخصي.
ولم تستبعد المشتكية وجود تواطؤ من طرف مسؤولين بالمؤسسة البنكية، خاصة أن زبونا آخر لدى البنك تقدم بدوره بتاريخ 17 يناير 2012، بتصريح بضياع نفس سندي الصندوق يحملان نفس الأرقام والمبالغ المالية، حسب الثابت من محضر للمعاينة أجرته المشتكية، التي اعتبرت تصريح هذا الزبون بضياع نفس سندي الصندوق يقوم دليلا على وجود تواطؤ وتآمر واتفاق بينه وبين مستخدمين من داخل البنك، لأنه لا يعقل أن يكون هناك تصريحان بضياع يخصان نفس سندي الصندوق وصادران عن شخصين مختلفين، لكن مسؤولين بالبنك لم يحركوا ساكنا رغم علمهم بوجود وضع ملتبس يثير الشكوك حول وجود جريمة تزوير، لأن وجود تصريحين بضياع لشخصين حول نفس سندي الصندوق يلزم بفتح تحقيق داخلي بالمؤسسة البنكية وإحالة الواقعة على النيابة العامة، إذا ما تبين وجود شبهة لجريمة، لكن مسؤولي البنك لم يطالبوا بفتح أي تحقيق رغم توفرهم على تصريحين بضياع لشخصين حول نفس سندي الصندوق، الشيء الذي يطرح عدة تساؤلات، حسب منطوق الشكاية.