محمد اليوبي
عقدت غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بجرائم الأموال، بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، يوم الخميس الماضي، جلسة لمحاكمة البرلماني الاستقلالي السابق، محمد كريمين، في ملف يتعلق بتزوير وثائق إدارية، حيث يتابع رفقة ثمانية متهمين آخرين، ضمنهم نوابه عندما كان رئيسا للمجلس الجماعي «بوزنيقة»، وموظفون بالجماعة.
وقررت المحكمة تأخير مناقشة الملف إلى جلسة ستنعقد يوم 23 يناير 2025، من أجل إحضار باقي المتهمين في الملف، فيما مثل كريمين في حالة اعتقال أمام هيئة الحكم، بعد إحضاره من سجن «عكاشة»، حيث يقبع داخل السجن منذ 10 أشهر، بعد متابعته في حالة اعتقال رفقة عزيز البدراوي، صاحب شركة «أوزون»، في ملف آخر يتعلق بالتلاعب في صفقة التدبير المفوض لقطاع للنظافة بجماعة بوزنيقة التي كان يترأسها منذ سنوات، قبل عزله من طرف القضاء الإداري.
ويتابع كريمين في هذا الملف رفقة «حميد. ب» الذي شغل منصب النائب الثاني للرئيس في الولاية الجماعية السابقة، والنائب الأول لكريمين في الولاية الحالية، و«إبراهيم. س» النائب السادس للرئيس في الولاية الجماعية ما قبل السابقة (2009- 2015)، بالإضافة إلى موظفين وتقنيين يشتغلون بقسم التعمير بالجماعة، يتابعون من أجل تهم «المساهمة والمشاركة في تزوير الأوراق الرسمية والعمومية، وتزييف أختام الدولة والدمغات والطوابع والعلامات».
وكانت عناصر من الضابطة القضائية، التابعة للفرقة الوطنية للدرك الملكي، حلت بمقر جماعة بوزنيقة، بتعليمات من النيابة العامة المختصة، من أجل التحقيق في مجموعة الاختلالات والخروقات التي تعرفها الجماعة، حيث اطلعت على مجموعة من الوثائق بالمصلحة التقنية، وطلبت من المسؤول عن القسم إطلاعها على تصاميم البناء، كما قامت عناصر الدرك الملكي بمعاينة ميدانية لبعض المشاريع العقارية موضوع الخروقات التي تناولتها شكاية وضعها الرئيس السابق للجنة التعمير والمرافق العمومية لدى الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء.
وتوصلت النيابة العامة بشكايات متعددة، من ضمنها شكاية وضعها رئيس لجنة التعمير والمرافق العمومية بجماعة بوزنيقة، خلال الولاية السابقة، ضد رئيس المجلس، ونائبه الأول ومسؤول بقسم التخطيط، يطالب من خلالها بفتح تحقيق بشأن خروقات في مجال التعمير مماثلة لتلك المخالفات التي حكم من أجلها سابقا. وتضمنت الشكاية مجموعة من الاختلالات الخطيرة تتعلق بتزوير وثائق رسمية لمجموعة من المشاريع السكنية وتبديد واختلاس أموال عمومية واستغلال النفوذ، وأرفق رئيس لجنة التعمير شكايته بعدة وثائق تثبت حجم الخروقات الخطيرة بالإضافة إلى تقرير خبرة معد في الموضوع وتقرير المجلس الأعلى للحسابات الذي أثبت بدوره عدة خروقات غاية في الخطورة.
وأشار رئيس لجنة التعمير، في شكايته، إلى أنه بهذه الصفة وضع يده على خروقات بالغة الخطورة، تتعلق بتسليم بعض المستفيدين من رخص البناء وتأشيرات الموافقة على تصاميم مختلفة تتعلق بالمشروع نفسه، وذلك أن التصميم الأول يوقعه رئيس الجماعة، في حين أن التصميم الثاني المتعلق بالمشروع ذاته يوقعه نائبه الأول وكلاهما يحمل التاريخ، وهو الأمر الذي يجعل المستفيد في غير حاجة لإجراء أي تعديلات قانونية كما يسهل عملية التحفيظ، الأمر الذي اعتبره «تزويرا بمفهومه القانوني واستغلالا بشعا للنفوذ»، وهو ما أكده تقرير للخبرة.
وكان المجلس الأعلى للحسابات رصد، من جهته، مجموعة من الخروقات الإدارية، وتطرقت الشكاية إلى مشروع تجزئة بالجماعة، حيث حصل صاحب المشروع على وثيقتين إداريتين رسميتين، الأولى أصلية، فيما حصل على وثيقة مزورة تحت التاريخ والمراجع نفسيهما، إلا أنها تتعلق بتصميم مخالف تماما لما صادقت عليه اللجنة المكلفة بالتعمير، وهو الأمر الذي يمكنه من تحفيظ المشروع رغم اختلالاته وبناء على وثائق رسمية مزورة وغير متطابقة مع الأصل.
ويواجه كريمين العديد من الشكايات وضعها مستشارون من المعارضة والأغلبية، أحيلت بعضها على محكمة جرائم الأموال بالدار البيضاء، تتعلق بمخالفات مشابهة للمخالفات التي حكم من أجلها، فيما أحيلت شكايات أخرى يتجاوز عددها 20 شكاية، على المفتشية العامة للإدارة الترابية التابعة لوزارة الداخلية والمجلس الجهوي للحسابات، تتضمن العديد من الاختلالات بعضها ورد في تقرير المجلس الأعلى للحسابات، الذي كشف أن المجلس الجماعي لبوزنيقة لم يقم بوضع برنامج العمل المنصوص عليه في القانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات، والذي كان يجب أن يُعد ويُعمل به منذ سنة 2016، كما سجل عدم اتخاذ المجلس الجماعي للقرارات الكفيلة بتحسين الخدمات الجماعية وتطوير الأداء الجماعي وذلك من قبيل ضابط البناء الجماعي والأنظمة الجماعية للوقاية الصحية والنظافة العمومية، ووضع استراتيجيات لتنمية الموارد الجماعية وتنظيم الإدارة الجماعية وتحديد اختصاصاتها.
وأشار تقرير المجلس إلى منح الرئيس تفويضي إمضاء لنائبيه الأول والثاني يهمان تباعا، من جانب أول الوثائق المرتبطة بالميدان الإداري والمالي ومن جانب ثان الوثائق التي تخص قطاع التعمير والبناء، وبالرغم من أن هذين التفويضين ألغيا تباعا بتاريخ 23 مايو 2016 و10 أبريل 2017، فإن التفويض الأول الممنوح للنائب الأول للرئيس يهم أصلا مجالا غير قابل للتفويض بموجب المادة 103 من القانون التنظيمي، كما سجل المجلس أيضا عدم قيام مصالح الجماعة بإحصاء الأراضي الحضرية غير المبنية مما يترتب عنه ضياع مداخيل مهمة تفوق، حسب تقديرات المجلس الجهوي للحسابات، مبلغ 9.501.185 درهما عن الفترة الممتدة من 2014 إلى 2017، كما رصد التقرير وجود اختلالات أخرى إدارية ومالية، تهم صرف حوالي 70 مليون درهم من المال العام في جماعة بوزنيقة خلال الفترة نفسها، وهي فترة تأتي بعد الفترة التي ارتكب فيها المخالفات التي حكم عليه بموجبها بالسجن موقوف التنفيذ.