محمد اليوبي
بعد إدانة 15 متهما بالسجن النافذ، في ملف تصاميم البناء المزورة المعروفة بـ«بلانات الشينوا» بفاس، ستمثل دفعة جديدة من المتهمين في هذا الملف، تضم خمسة مسؤولين بجماعة فاس، أمام غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بجرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بفاس، حيث ستعقد المحكمة أول جلسة لمحاكمتهم يوم 25 يوليوز الجاري.
وكان نائب الوكيل العام للملك المكلف بجرائم الأموال استمع لأزيد من 20 متهما في هذا الملف المثير، وقرر قاضي التحقيق متابعة 15 منهم في حالة سراح، مقابل كفالة مالية تتراوح ما بين 5 آلاف درهم و10 ملايين سنتيم. ويوجد ضمن المتهمين نائبا عمدة فاس السابق، حميد شباط، المكلفان بالتعمير، بالإضافة إلى منعشين عقاريين الذين استعملوا تصاميم البناء المزورة، فضلا عن مهندسين معماريين، كما مثل أمام الوكيل العام وقاضي التحقيق موظفون ومهندسون وتقنيون بالوكالة الحضرية، إلى جانب موظفين بجماعة فاس لهم علاقة بقطاع التعمير.
وقرر قاضي التحقيق المكلف بجرائم الأموال، محمد الطويلب، عدم متابعة المتهمين الخمسة، لكن الوكيل العام للملك تشبث بمتابعة جميع المتهمين، وتقدم بطعن في قرار قاضي التحقيق، أمام الغرفة الجنحية، التي حكمت بتأييد قرار قاضي التحقيق، وهو القرار الذي طعن فيه الوكيل العام للملك مرة أخرى أمام محكمة النقض، حيث أصدرت هذه الأخيرة قرارا بقبول النقض، وأحالت الملف من جديد على هيئة أخرى بالغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف بفاس، والتي أصدرت قرارا بمتابعة المتهمين الخمسة أمام غرفة الجنايات المكلفة بجرائم الأموال.
وقرر الوكيل العام للملك متابعة المتهمين الخمسة من أجل «التزوير في محررات رسمية، والمشاركة في تبديد أموال عمومية، وتزوير وثائق إدارية»، ويتعلق الأمر بكل من «م.ل» رئيس قسم التعمير والبيئة سابقا بجماعة فاس، و«ي.ب» الذي يشتغل إطارا بقسم التعمير، و«س.أ» الذي يشتغل تقنيا بمصلحة الطرق التابعة لقسم الأشغال بجماعة فاس، و«ح.خ» الذي يشتغل تقنيا بالقسم نفسه، بالإضافة إلى «م.ز» رئيس قسم الأشغال سابقا بجماعة فاس.
وأفادت المصادر بأن الأبحاث والتحريات التي قامت بها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية في هذا الملف، كشفت وجود تزوير تصاميم التجزئات السكنية، ومن بينها تجزئة أقيمت فوق أرض كانت مخصصة لمقبرة، حيث وقع المتهمون على محضر التسليم المؤقت لتجزئة غير مكتملة التجهيز. ويتعلق الأمر بتجزئة السلام بطريق صفرو ذات الرسم العقاري عدد 94133/07 التي قامت الجماعة بعملية التجهيز والبيع بها، ويوجد فوق هذه التجزئة مقر مقاطعة سايس، حيث يحترم التصميم الأصلي لهذه التجزئة كافة المعايير المعمول بها من ناحية المساحات الخضراء ومطابقته لتصميم التهيئة الحضرية، وعلى هذا الأساس اقتنى العديد من المواطنين بقعا أرضية مخصصة للبناء، لكن في الواقع وقعت تعديلات مست الشوارع والطرق والمساحات الخضراء.
والخطير في الأمر أنه تم إنجاز محضر التسليم المؤقت سنة 2008، في حين ينص القانون رقم 25.90 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات، على عدم تسليم التجزئة إلا بعد الانتهاء نهائيا من أشغال تعبيد الطرق وقنوات الصرف الصحي مع احترام دفتر تحملات التجزئة، ويستعمل المحضر من طرف الوكالة الحضرية إلى جانب التصميم الأصلي للحصول على تقسيم القطع الأرضية واستخراج رسومها العقارية.
وكانت غرفة الجنايات الاستئنافية المكلفة بجرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بفاس، أصدرت أحكاما بالحبس النافذ في حق 15 متهما في ملف تصاميم البناء المزورة المعروفة بـ «بلانات الشينوا»، ضمنهم نائبا للعمدة السابق لمدينة فاس، حميد شباط، أحدهما نائب برلماني سابق، ومنعشون عقاريون ومهندسون معماريون، وكانت «الأخبار» فجرت هذا الملف قبل ست سنوات بنشر معطيات صادمة معززة بالوثائق حول تزوير تصاميم البناء.
وخفضت المحكمة العقوبة الحبسية المحكوم بها على كل من النائب البرلماني السابق بوعزة الركبي الذي كان يشغل منصب النائب السادس للعمدة الأسبق حميد شباط، من ثلاث سنوات إلى سنتين حبسا نافذا، وخفضت المحكمة العقوبة الحبسية المحكوم بها على حميد شهبار، الذي شغل منصب النائب الثالث لشباط، من ثلاث سنوات إلى سنتين حبسا نافذا، كما خفضت الحكم من سنة إلى ثمانية أشهر حبسا نافذا في حق 10 متهمين، وإلى ستة أشهر حبسا نافذا بالنسبة لثلاثة متهمين، مع إبقاء المقتضيات الأخرى على حالها وعلى المحكوم عليهم الصائر تضامنا والإجبار في الأدنى باستثناء أربعة متهمين.
كما أصدرت غرفة جرائم غسل الأموال التي تم إحداثها أخيرا بالمحكمة الابتدائية بفاس، حكما يقضي بمصادرة ممتلكات برلماني سابق، وكذلك الممتلكات المسجلة باسم زوجته وابنته، كما قضت المحكمة في الملف نفسه بمصادرة ممتلكات مستشار جماعي كان يشغل منصب نائب العمدة الأسبق لمدينة فاس، حميد شباط، وذلك على خلفية تورطهما في اختلاس وتبديد أموال عمومية.
وتم تحريك المتابعة في حق المتهمين بعد تفجر فضيحة تزوير تصاميم البناء المعروفة وسط المنعشين العقاريين وكبار المجزئين (أصحاب التجزئات) بـ «بلانات الشينوا»، وهي تصاميم «مزورة» يتم تعديلها وتكون مخالفة للتصاميم الأولى الأصلية المصادق عليها، ويتم الحصول عليها بعد عملية البناء التي تكون مخالفة للتصاميم الأصلية، من أجل استعمالها في استكمال إجراءات التحفيظ داخل المحافظة العقارية. والخطير في الأمر أنها تحمل التواريخ والبيانات نفسها التي تخص التصاميم الأصلية، لكن بعد الحصول على الترخيص وفق التصميم الأصلي، يشرع المنعش في بناء المشروع، لكنه يدخل تعديلات وتغييرات مخالفة للتصميم المرخص به، إما بإضافة طوابق أو شقق أو تغيير المساحات، أو تحويل طوابق تحت أرضية من مرائب الى شقق سكنية، وإحداث تغييرات في واجهات البنايات.