محمد اليوبي
عقدت غرفة الجنايات الابتدائية المختصة في جرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بمراكش، يوم الجمعة الماضي، أول جلسة لمحاكمة النائب البرلماني وعمدة مدينة مراكش عن حزب العدالة والتنمية، محمد العربي بلقايد، ونائبه الأول، يونس بنسليمان، البرلماني من نفس الحزب، بتهمة تبديد أموال عمومية في صفقات مؤتمر المناخ «كوب 22»، تبلغ قيمتها حوالي 28 مليار سنتيم، وقررت المحكمة تأجيل الجلسة إلى غاية يوم 30 أبريل المقبل، من أجل استدعاء جميع المتهمين في هذا الملف المثير.
وقررت النيابة العامة تحريك المتابعة في حق بلقايد وبنسليمان رفقة موظفين ومقاولين على خلفية التلاعبات التي شابت صفقات «كوب 22»، وتتعلق هذه التهم بـ «تبديد أموال عامة موضوعة تحت يده بمقتضى وظيفته، والمشاركة في تبديد أموال عمومية، وتلقي فائدة في عقد، واستعمال صفة نظمت السلطات العمومية شروط اكتسابها دون استيفاء الشروط اللازمة لحملها للتوقيع على صفقات دون أن تكون له الصفة للإشراف عليها»، وكشفت التحقيقات التي أشرفت عليها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية حصول شركتين يساهم فيهما البرلماني بنسليمان، على صفقات أشرف على تفويتها بنفسه، وعلى ضوء ذلك طلب الوكيل العام من قاضي التحقيق ضم هذا الملف الجديد الذي يتضمن معطيات وتهما جديدة إلى الملف الأول.
وأحال يوسف الزيتوني، قاضي التحقيق بالغرفة الثالثة المكلفة بالجرائم المالية لدى محكمة الاستئناف بمراكش، ملف اختلالات المالية بجماعة مراكش على غرفة الجنايات، وذلك بعد إنهاء التحقيق التفصيلي مع المتهمين المتابعين في هذا الملف، بتهمة تبديد أموال عمومية، حيث استمعت للعمدة بلقايد ونائبه تمهيديا وتفصيليا، وقرر متابعتهما في حالة سراح بالتهم المنسوبة إليهما.
وكانت الفرقة الجهوية للشرطة القضائية المكلفة بجرائم الأموال بولاية أمن مراكش، قد استمعت إلى جميع المتهمين في هذا الملف، بناء على تعليمات من الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بالمدينة نفسها، بخصوص الشكاية التي وضعتها الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان، من أجل فتح تحقيق بشأن الخروقات والاختلالات التي شابت صفقات تفاوضية فوتها مجلس المدينة تبلغ قيمتها المالية حولي 28 مليار سنتيم، واستمعت مصالح الشرطة القضائية إلى أزيد من 100 مقاول فازوا بهذه الصفقات، كما استمعت إلى المهندس البلدي رئيس قسم الأشغال، وإلى أربعة من زملائه، ويتعلق الأمر بمهندسين وتقنيين يشغلون مهام رئاسة مصلحة البنايات، مصلحة الطرق، مصلحة الإنارة والتشوير ومصلحة الأغراس.
وحسب معطيات موثوقة حصلت عليها «الأخبار»، فقد أكد البرلماني بنسليمان، خلال مراحل البحث في هذا الملف، أنه حصل على تفويض من طرف عمدة المدينة، العربي بلقايد، النائب البرلماني والقيادي البارز بحزب العدالة والتنمية، بصفته النائب الأول لرئيس المجلس، لإبرام صفقات تفاوضية بمناسبة استعداد مدينة مراكش لاحتضان المؤتمر المتعدد الأطراف حول التغيرات المناخية «كوب 22» سنة 2016، وأوضح في معرض تصريحاته، أن عملية تفويت الصفقات بشكل مباشر إلى الشركات عوض اللجوء إلى مسطرة طلب العروض، تمت بتعليمات كتابية من الوالي السابق لجهة مراكش آسفي، عبد الفتاح البجيوي، والذي طلب من المجلس التسريع في عملية إطلاق الأشغال والأوراش استعدادا لهذا الحدث العالمي، وذلك عن طريق الصفقات التفاوضية، لتفادي تعقد مسطرة طلبات العروض.
وأوضح بنسليمان أن رئيس مجلس المدينة كلفه بالإشراف على هذه الصفقات بسبب غياب أمال ميسرة، نائبة الرئيس المكلفة بالصفقات العمومية، حيث قام بتفويت 49 صفقة بشكل مباشر إلى الشركات المستفيدة دون اللجوء إلى مسطرة طلب العروض، تتعلق بتهيئة المساحات الخضراء، وترميم وإصلاح الشوارع والطرق والإنارة العمومية، وبلغ المبلغ الإجمالي لكل هذه الصفقات، ما مجموعه 221.572.242,00 درهما، أي ما يفوق 22 مليار سنتيم. وكشف بنسليمان، أنه بخصوص الصفقات المتعلقة بإصلاح وترميم الشوارع والطرق، التي تم تفويتها يوم 30 دجنبر 2016، تحت إشراف العمدة بلقايد، وذلك تفعيلا لطلب والي الجهة السابق، من خلال مراسلة رسمية مؤرخة بتاريخ 27 دجنبر 2016، يطالب من خلالها المجلس بتسريع وتيرة الأشغال قبل حلول موعد زيارة ملكية كانت مبرمجة إلى المدينة في بداية سنة 2017.
وكانت الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان قد وضعت شكاية مباشرة إلى الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بمراكش، تطلب من خلالها إجراء بحث قضائي في شأن تبديد أموال عامة، عبر عقد صفقات تفاوضية خارج القانون كلفت خزينة المجلس الجماعي لمراكش حوالي 28 مليار سنتيم والاستماع إلى كل من محمد العربي بلقايد رئيس المجلس الجماعي لمراكش بصفته آمرا بالصرف، إلى جانب نائبه الأول يونس بنسليمان، بالإضافة إلى تورطهما في خرق قانون الصفقات العمومية عبر إلغاء بعض الصفقات العمومية وحرمان عدد من أصحاب المقاولات من حقوقهم في الحصول عليها بعد مشاركتهم فيها وفق القانون، قبل أن يتم إلغاؤها من طرف رئيس المجلس الجماعي، ويدخل نائبه الأول في تفاوض أحادي مع شركة بعينها ويمنحها عددا من الصفقات فاقت قيمتها مليارين ونصف المليار سنتيم.