محمد اليوبي
كشف المجلس الوطني لحقوق الإنسان مجموعة من الثغرات تشوب مشروع القانون رقم 10.23، المتعلق بتنظيم وتدبير المؤسسات السجنية، والذي شرعت لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب في مناقشته تفصيليا، أمس الثلاثاء، بحضور وزير العدل، عبد اللطيف وهبي.
وأصدر المجلس رأيه بخصوص مشروع القانون في ضوء المعايير الدولية لمعاملة السجناء، ويتضمن مجموعة من التوصيات تهدف إلى تعزيز مستوى وضوح مشروع القانون وتقوية مضامينه. وحسب رأي المجلس، فإن نص مشروع القانون يثير مجموعة من الملاحظات التي، رغم طابعها الشكلي، لا تخلو من تأثير على مضمون المشروع ووضوح مقتضياته.
وسجل المجلس الوطني لحقوق الإنسان غياب ديباجة لنص مشروع القانون، علما أن الديباجة تضطلع بدور مهم في فهم أهداف القانون والدواعي التي دفعت المشرع إلى سنها. ورغم وجود مذكرة تقديمية مرفقة بالمشروع، إلا أنها لا يمكن أن تحل محل الديباجة وتظل غير ملزمة من الناحية القانونية.
ولاحظ المجلس، كذلك، غياب تعاريف لبعض المفاهيم الأساسية، ويتعلق الأمر بـ«المؤسسات السجنية» و«مراكز التأهيل والإصلاح والتهذيب»، حيث تم الاقتصار على تحديد وظائفها. كما تتضمن مقتضيات مشروع القانون عبارات ومصطلحات غير دقيقة تحتمل تفسيرات متعددة، ما يؤدي إلى التباس وغموض معناها وتضارب في تأويلها، خاصة في ما يتعلق بإضفاء نوع من الضبابية على علاقة نزلاء المؤسسات السجنية بالإدارة وضعف تقييد السلطة التقديرية لهذه الأخيرة بشكل قد يضعف ضمانات حماية الحقوق الأساسية للمعتقلين.
وعبر المجلس عن انشغاله بالمخاطر التي ينطوي عليها استعمال عبارات من قبيل: «يجوز»، «إلا عند الضرورة»، «حسب الإمكانيات المتاحة»، «في حدود الإمكان»، «حسب الإمكان»، «قدر الإمكان» و«النظام والأمن». وأكد أن هذه العبارات تمنح للإدارة سلطة تقديرية واسعة قد يساء استخدامها، كما أنها تنزع الطابع الإلزامي عن بعض الحقوق الأساسية للسجناء، ويحول التزام الدولة لحماية حقوق السجناء من التزام بالنتائج إلى مجرد التزام بالوسائل.
وأشار المجلس إلى أن المادة 156 من مشروع القانون تثير إشكالية غموض مفهوم «النظام والأمن»، وأوضح أن النص يمنح مدير المؤسسة السجنية صلاحية منع أي معتقل من الحصص الرياضية بقرار معلل لأسباب تتعلق بالنظام والأمن، ولكن لا يوضح دلالة هذين المصطلحين، وأكد أن من شأن هذا الغموض أن يمس بحق تمتع المعتقل بحصص التربية البدنية والرياضة، التي تعد جزءا مهما من النظام الصحي والنفسي.
ولاحظ المجلس وجود كثرة الإحالات على نصوص تنظيمية مكملة للقانون، يرتبط معظمها بتفعيل الحقوق الأساسية للمعتقل، وتطرح هذه الإحالات، حسب رأي المجلس، إشكاليات عديدة مرتبطة بآجال إخراج هذه النصوص إلى حيز الوجود وضمان انسجامها مع المعايير الدولية ذات الصلة بحماية حقوق السجناء.
ولمعالجة الثغرات الشكلية المذكورة، يوصي المجلس بتدقيق لغة المشروع من خلال تضمين مشروع القانون ديباجة تقدم التأطير الشامل لجميع التحديات التي تشهدها السجون المغربية وتحديد أهداف المشروع بشكل دقيق وبارتباط وثيق مع حماية الحقوق الأساسية للمعتقلين، ووضع تعريفات دقيقة للعبارات التالية: «المؤسسة السجنية»، «النظام والأمن»، «مراكز الإصلاح والتأهيل»، «المؤسسات السجنية ذات نظام شبه مفتوح».
ويوصي المجلس، أيضا، باستبدال كلمة «لا يجوز» بمصطلح «يمنع» في جميع مواد مشروع القانون المرتبطة بفعل أو تدبير أو إجراء من قبل الموظف أو المؤسسة السجنية أو الإدارة المكلفة بالسجون أو أي شخص آخر، من أجل ضمان التحقق من عدم تعرض المعتقل لأي نوع من التعسف أو المعاملة المهينة الماسة بالكرامة الإنسانية. وأوصى المجلس، كذلك، بوضع معايير موضوعية قابلة للقياس بخصوص مضامين المصطلحات «شديد الخطورة» و«درجة الخطورة» و«شخصية المعتقل» و«السلوك القويم» و«حسن السلوك» في جميع مقتضيات مشروع القانون، وذلك لتفادي التأويلات الذاتية وأحكام القيمة وضمان تطبيق المعايير على أساس موضوعي يحقق العدالة والتوازن في تقييم حالة المعتقلين.
ويقترح المجلس حذف العبارات التالية من نص مشروع القانون: «وجود الإمكانيات» أو «قدر الإمكان» أو «عند الاقتضاء» للتأكيد على أن الدولة ملزمة، بمقتضى الدستور والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، بإعمال الحقوق الأساسية للمعتقلين بلا قيد أو شرط وبشكل كاف.