محمد اليوبي
صادق مجلس النواب، بالأغلبية، على مشروع قانون رقم 23. 15 بإحداث لجنة مؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر، وذلك خلال جلسة تشريعية عقدها، أول أمس الاثنين. وحظي مشروع القانون الذي قدم مضامينه محمد مهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل، بموافقة 96 نائبا ومعارضة 31، فيما امتنع 28 نائبا عن التصويت.
وفي كلمة تقديمية لمشروع القانون، أكد بنسعيد أن هذا النص يهدف إلى إحداث لجنة مؤقتة تحل محل أجهزة المجلس الوطني للصحافة، وتحدد مدة انتدابها في سنتين ابتداء من تاريخ تعيين أعضائها، ما لم يتم انتخاب أعضاء جدد خلال هذه المدة. وأورد الوزير أن إعداد مشروع هذا القانون يأتي بعد عدم التمكن من إجراء انتخابات المجلس الوطني للصحافة، بالرغم من تمديد مدة انتدابه بكيفية استثنائية.
ولتصحيح الوضع غير القانوني، الذي ستؤول إليه قرارات المجلس، يضيف المسؤول الحكومي، نص مشروع هذا القانون على إحداث لجنة مؤقتة، واستمرار المجلس المنتهية مدة انتدابه في ممارسة المهام المخولة له بمقتضى القانون إلى حين تعيين أعضاء اللجنة.
وبخصوص مهام اللجنة المؤقتة، أشار الوزير إلى أن هذا المشروع ينص على أن تعهد إلى اللجنة المذكورة خلال هذه الفترة، ممارسة المهام المنصوص عليها في المادة الثانية من القانون رقم 13. 90، سيما العمل على توفير الشروط الملائمة الكفيلة بتطوير قطاع الصحافة والنشر وتنمية قدراته.
وأضاف أن مشروع القانون يسند للجنة المؤقتة مجموعة من الاختصاصات، تتعلق بتقييم شامل للوضعية الحالية لقطاع الصحافة والنشر، واقتراح الإجراءات الهادفة إلى دعم أسسه التنظيمية، داخل أجل لا يتجاوز تسعة أشهر تبتدئ من تاريخ تعيين أعضائها، تعزيز أواصر علاقات التعاون والعمل المشترك بين مكونات الجسم الصحفي وقطاع النشر، والتحضير للانتخابات الخاصة بأعضاء المجلس الوطني الواجب انتخابهم وتنظيمها، طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل.
وأوضح بنسعيد أن هذه اللجنة، من حيث تأليفها مختلطة، ولا تحوز فيها الإدارة أي صلاحيات تقريرية، إذ يقضي هذا المشروع بأن تتألف اللجنة المذكورة، علاوة على رئيس المجلس الوطني للصحافة المنتهية ولايته بصفته رئيسا، من نائب رئيس المجلس الوطني للصحافة المنتهية ولايته بصفته نائبا لرئيس اللجنة، رئيس لجنة أخلاقيات المهنة والقضايا التأديبية المنتهية ولايته، رئيس لجنة بطاقة الصحافة المهنية المنتهية ولايته.
كما تضم اللجنة ثلاثة أعضاء يعينهم رئيس الحكومة من بين الأشخاص المشهود لهم بالخبرة والكفاءة في مجال الصحافة والنشر والإعلام، وقاض ينتدبه الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وممثل عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان يعينه رئيس هذا المجلس، أما في ما يخص ممثل السلطة الحكومية المكلفة بالتواصل، فإنه يحضر اجتماعات اللجنة بصفة استشارية.
ومن جهتها، أكدت البرلمانية خديجة أروهال، في مدخلة قوية باسم فريق حزب التقدم والاشتراكية، أن إحداث لجنة مؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر يعتبر تراجعا خطيرا وغير مسبوق في المجال الإعلامي. وأضافت أن هذا النص يجسد، بحق، فضيحة، وتراجعا كارثيا في المسار الديمقراطي، وتدخلا سافرا من الحكومة في شؤون هيئة مهنية مستقلة، لم يقع ما يماثله أبدا في تاريخ المغرب المستقل.
وعبرت البرلمانية عن رفض حزب التقدم والاشتراكية لهذا المشروع، شكلا ومضمونا، لتنافيه مع الدستور وروح القانون، ومع المقاربة العامة الأَصلية التي أطرت إحداث مجلس وطني للصحافة يُعنــــــى، بشكل مستقل ومن خلال الاختيار الحر من قِبَل الجسم الإعلامي لممثليه، بتدبير شؤون المهنة والحرص على أخلاقيات ممارستها. وأشارت إلى أن «الحكومة أبت إلا أن تفرض هذا المشروع المشؤوم، قسرا، في تعاطيها مع واقع الانسداد بالمجلس الوطني للصحافة. واختارتِ اللجوء إلى تشريع متعسف وعلى المقاس».
وأبرزت أروهال أن هذه الخطوة تؤكد أن الحكومة تسعى نحو صناعة صحافة على مزاجها، مشيرة إلى أن الاختيار الديمقراطي يقتضي مساعدة المجتمع على إفراز صحافة حرة ومسؤولة ومُدَعَّمَة وذات جودة، صحافة تقف على خط النقيض مع التبخيس والتمييع والرداءة، ومع الممارسات غير السليمة في المجال الإعلامي النبيل. وأردفت قائلة: «فليس مقبولا من الحكومة، في ظل الوضع الحالي للمجلس الوطني للصحافة، أن تميل نحو تغيير خريطته، واصطناع واقع لا يعبر عن حقيقة تمثيلية الجسم الصحفي».