محمد اليوبي
في سابقة، شكل مجلس النواب لجنة برلمانية موضوعاتية ستتكلف بتقييم السياسة العمومية حول «مخطط المغرب الأخضر»، أسندت رئاستها لنور الدين مضيان، رئيس الفريق الاستقلالي، وستصدر تقريرا سيعرض على الجلسة العامة، بعد انتهاء أشغالها.
وأوضح رشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب، خلال اجتماع المجموعة الموضوعاتية، أن تقييم هذا الأخير يندرج ضمن مساهمة مجلس النواب في تجويد السياسات العمومية ذات الأولوية. وأكد العلمي، خلال هذا الاجتماع الذي انعقد، الأربعاء الماضي، على أن اختيار هذا المخطط «لم يكن عرضيا أو اعتباطيا، وإنما يندرج ضمن رؤية المجلس لتفعيل النموذج التنموي الجديد، عبر مساهمته في تجويد السياسات العمومية ذات الأولوية، وذلك باعتبار القطاع الفلاحي حلقة أساسية لضمان الأمن الغذائي والاقتصادي للمغاربة».
وشدد رئيس مجلس النواب، خلال هذا الاجتماع، الذي حضره أعضاء المجموعة الموضوعاتية المنتدبون من قبل الفرق والمجموعة النيابية، على أهمية التقييم باعتباره إحدى الوظائف الأساسية للبرلمان، إلى جانب التشريع والمراقبة البرلمانية، وهو ما سيمكن من تعزيز مكانة المؤسسة البرلمانية، وتقوية دورها في تقييم السياسات والبرامج العمومية، استنادا إلى معايير ومؤشرات علمية موضوعية، تتوج بإعداد جملة من الاقتراحات والتوصيات، التي من شأنها تقويم السياسات العمومية مستقبلا.
وفي السياق ذاته، استحضر الطالبي العلمي أهمية تقييم «مخطط المغرب الأخضر»، والذي أعطى انطلاقته الملك محمد السادس في أبريل 2008، وهو المخطط الذي وضع من بين أهدافه الأساسية الرفع من الناتج الداخلي الفلاحي الخام، ومضاعفة قيمة الصادرات، فضلا عن تدبير الموارد المائية بطريقة أكثر فعالية.
بدورهم، ثمن النواب وجاهة اختيار هذا الموضوع، الذي يحظى بأهمية بالغة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وفي النهوض بالقطاع الفلاحي في أبعاده المختلفة. كما أكدوا استعدادهم التام للتعاون المشترك وبكل مسؤولية وإرادة في القيام بالمهام الموكولة إليهم، وذلك بإنجاز تقرير موضوعي، بناء على المؤشرات والمعايير المتعارف عليها في هذا الإطار، وتقديم استنتاجات واقتراحات من شأنها الإسهام في تقويم وتصحيح السياسات العمومية المرتبطة بهذا الموضوع مستقبلا.
ويأتي عقد المجموعة الموضوعاتية المكلفة بتقييم مخطط المغرب أول اجتماع لها، استنادا إلى الفصلين 70 و101 من الدستور بشأن تقييم السياسات العمومية، وبعد أن حدد مكتب المجلس «مخطط المغرب الأخضر» كموضوع للتقييم، خلال السنة التشريعية الحالية.
وتمت، خلال هذا الاجتماع، هيكلة المجموعة الموضوعاتية، بإسنـاد رئاستها للنائب نور الدين مضيان عن الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، واختيار النائبة فريدة خنيتي عن فريق التقدم والاشتراكية، نائبة للرئيس. فيما أسندت مهمة المقرر للنائب عبد الصمد حيكر عن المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، ومحمد غياث عن فريق التجمع الوطني للأحرار، نائبا له.
وتم إطلاق مخطط المغرب الأخضر سنة 2008 تحت إشراف الملك محمد السادس، ويهدف إلى تعبئة ما يقارب 150 مليار درهم كاستثمار إجمالي في أفق سنة 2020، مع مضاعفة القيمة المضافة للقطاع بـ2.5 في المائة، وتتلخص تحديات هذا المخطط في التنمية الاقتصادية ومحاربة الفقر والأمن الغذائي، مع الأخذ بعين الاعتبار التدبير المستدام للموارد الطبيعية. وتهدف الإجراءات الأفقية في إطار مخطط المغرب الأخضر، إلى تحسين الظروف والإطار لمواكبة تنمية السلاسل النباتية والحيوانية في المناطق الهشة، وتحسين دخل الفلاحين.
وأطلق المغرب استراتيجية جديدة للتنمية الفلاحية «الجيل الأخضر 2020- 2030»، وتنبني هذه الرؤية الجديدة للقطاع الفلاحي بالمملكة على ركيزتين أساسيتين، تتعلق الأولى بالعناية بالعنصر البشري، تفعيلا للتعليمات الملكية الرامية إلى تهيئة الظروف الكفيلة بانبثاق جيل جديد من الطبقة الوسطى الفلاحية، بينما تتمثل الثانية في مواصلة دينامية التنمية الفلاحية عبر تحفيز التنمية البشرية والاجتماعية. وتطمح هذه الرؤية، في أفق سنة 2030، إلى تمكين ما بين 350 ألفا و400 ألف أسرة من ولوج الطبقة الوسطى الفلاحية، وتوفير فرص عمل لـ350 ألف شاب، وتكوين 150 ألف آخرين في الخدمات الفلاحية وشبه الفلاحية.
وتروم هذه الاستراتيجية تعزيز المكتسبات التي تم تحقيقها في إطار مخطط المغرب الأخضر، وذلك من خلال اعتماد رؤية جديدة ووضع إمكانات حديثة في خدمة القطاع الفلاحي. وتعتمد الاستراتيجية على دعامتين أساسيتين تتألفان من أربعة محاور، تخص العنصر البشري ومواصلة دينامية التنمية الفلاحية، وتستهدف تهيئة الظروف الكفيلة بانبثاق جيل جديد من الطبقة الوسطى الفلاحية، من خلال تحسين دخل الأسر الناشطة في القطاع الفلاحي، وتمكينها من الحماية الاجتماعية، من خلال تحفيزات دقيقة وموجهة للرفع من الدخل، وكذلك من خلال توسيع المساحة المستهدفة بالتأمين الفلاحي، لحماية المزارع من مخاطر الكوارث، في ظل التغيرات المناخية التي يشهدها العالم اليوم.
ومن بين أهداف الاستراتيجية المذكورة تطوير السلاسل الفلاحية، بهدف مضاعفة الناتج الداخلي الخام الفلاحي والصادرات عن طريق المحافظة على المجهود الاستثماري، وترشيد الإعانات الخاصة بفعالية السلسلة، ودعم تنافسية الصادرات المغربية، وكذلك تسريع وتثمين تحويل المنتوجات الفلاحية، وتسريع وتطوير وتأهيل بعض السلاسل التي تتوفر على مؤهلات عالية، مثل سلسلة المنتوجات البيولوجية وسلسلة النباتات العطرية والطبية. وتسعى الاستراتيجية إلى تحسين ظروف تسويق وتوزيع المنتوجات الفلاحية، من خلال عصرنة 12 سوق جملة للخضر والفواكه، وتأهيل الأسواق الأسبوعية، وتشجيع الابتكار لملاءمة الإنتاج لحاجيات المستهلكين، وتكثيف المراقبة الصحية بهدف تحسين جودة المنتوجات، وتطوير عادل للقيمة بين المنتجين والموزعين، وحماية المستهلك.