محمد اليوبي
فضح مجلس المنافسة جشع مختبرات التحاليل الخاصة بالكشف عن فيروس كورونا، وذلك في رأي أصدره المجلس بناء على طلب وزير الاقتصاد والمالية، محمد بنشعبون، وهو الرأي الذي اعتمدته الوزارة لإصدار قرار تقنين أسعار اختبارات الكشف عن الفيروس.
وأوضح المجلس، أنه في ظل غياب شروط التنافس الفعال بين الفاعلين في سوق كشوفات كوفيد – 19 نتيجة قلة عدد المختبرات المرخصة للقيام بهذه الكشوفات، وفي ظل وجود عراقيل تنظيمية لا تمكن من ضمان ولوج سلس وفعال ومنصف لمختلف المختبرات الإحيائية الطبية الخاصة، وهو ما نتج عنه اختلالات على مستوى السير التنافسي للسوق يؤثر على مسلسل تكوين الأسعار ولا يدفعها إلى الانخفاض.
وأكد المجلس أن هذه الوضعية، وفي ظل الارتفاع المتزايد لحالات الإصابة بكوفيد-19 أدت إلى خلق ندرة مصطنعة على مستوى العرض، نتج عنه الازدحام الكثيف الذي تعرفه هذه المختبرات نتيجة زيادة إقبال المواطنين على هذه الكشوفات، مما يزيد من خطر الإصابة بفيروس كوفيد – 19 وانتشار العدوى، وكذلك ارتفاع على مستوى الأسعار المطبقة من طرف المختبرات الخاصة للتحاليل البيولوجية الطبية، أو على الأقل عدم انخفاضها بالرغم من انخفاض أسعار المواد الأولية المستخدمة للقيام بها، لاسيما الكواشف والمواد المستهلكة حسب ما يستفاد من جلسات الاستماع التي عقدتها مصالح التحقيق التابعة للمجلس، وكذا بالرغم من انخفاض التكلفة الناتجة عن استهلاك قيمة المعدات، بالإضافة إلى ذلك، فإن سوق الكشوفات تبقى سوقا ذات بعد محلي ، وذلك بالنظر إلى التكاليف والعبء المالي المرتبط بالتنقل قصد إجراء الكشف في مناطق أخرى، وبالتالي فإن عدد مختبرات القطاع الخاص المرخصة للقيام بالكشوفات، على قلتها وطنيا، إلا أن توزيعها الجغرافي محليا يقيد من خيارات المستهلكين لهذه الخدمات، ذلك أن عدد المختبرات المتاحة محليا يبقى محدودا جدا بالنظر إلى الطلب، وهو ما يجعل من بنية هذه الأسواق على المستوى المحلي بنية احتكار قلة، حسب ما يستفاد من التحقيق، لا ينتج عنها منافسة قوية وفعالة على مستوى الأسعار بين المختبرات الخاصة المرخص لها القيام بهذه الكشوفات من طرف وزارة الصحة على مستوى كل مدينة أو إقليم، لاسيما بالنظر إلى الطبيعة التابعة للطلب في السوق، ذلك أن مستهلكي هذه الخدمات مجبرون صحيا، وفي بعض الحالات ملزمون قانونيا بالقيام بهذه الكشوفات (مسافرون، المشغلون ومستخدمو القطاع العام والخاص…). كل هذه العوامل أدت إلى اختلالات في السوق على مستوى الأسعار عن طريق إحداث ضغط على بنية العرض نتج عنه الوضعية الحالية للأسعار.
وأشار المجلس إلى أنه بالرغم من المجهودات المبذولة من طرف الوكالة الوطنية للتغطية الصحة بمعية صناديق الضمان الاجتماعي (الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي ) من أجل التفاوض مع المهنيين قصد تحديد سعر مرجعي الذي يتم على أساسه استرجاع المصاريف المتعلقة بالكشوفات المرتبطة بكوفيد- 19 بالنسبة للمؤمنين الخاضعين لنظام التأمين الإجباري عن المرض (AMO)، فإن المسلسل التفاوضي والذي كلل بتاريخ 28 أكتوبر 2020 بالاتفاق مع مهنيي القطاع على تخفيض السعر المرجعي لكشوفات RT-PCR من 700 درهم في القطاع الخاص إلى 450 درهم، عرف تعثرا في تنزيله إداريا إلى يومه، دون مراعاة السياق الوبائي الخاص والذي يتطلب نوعا من المرونة والسلاسة لمواكبة التطورات السريعة التي يرفعها انتشار هذا الوباء.
واعتبر المجلس، عدم الشروع في تطبيق السعر المرجعي الموحد، وإن كان يتعلق فقط بفئة المؤمنين الخاضعين لنظام التغطية الصحية، أدى في غياب مؤشر استدلالي يمكن أن يدفع المختبرات الخاصة إلى تحديد أسعارها للعموم على أساسه، مما نتج عنه الإبقاء على المستوى المرتفع للأسعار المطبقة من طرف المختبرات الخاصة (حوالي 700 درهم) أي بزيادة تقارب 35.7 % عن السعر المرجعي المتفاوض بشأنه، وذلك في ظل بنية عرض غير تنافسية على المستوى المحلي كما سبقت الإشارة إلى ذلك.
وخلص المجلس إلى أن كل هذا نتج عنه من جهة، إضرار بالقدرة الشرائية للمستهلكين نتيجة تحملهم أسعارا مرتفعة بالمقارنة مع الأسعار التي كانت لتنتج عن منافسة فعالة وحقيقية، وكذا تكاليف إضافية تتحملها المقاولات مما يؤثر على تنافسيتها لاسيما مع إخضاعها إلى إجبارية القيام بكشوفات دورية مكثفة، ومن جهة أخرى تحقيق هوامش ربح مرتفعة غير مبررة من الناحية التنافسية لصالح الفاعلين في هذه السوق، ناهيك عن أن ارتفاع أسعار الكشوفات حرمت فئة عريضة من المستهلكين من الولوج إلى هذه الخدمات، وبالتالي يكون الشرط الثاني قد تم استيفاؤه أيضا.