محمد اليوبي
صادق مجلس الحكومة في اجتماعه المنعقد أول أمس الخميس على مشروع القانون رقم 03.23 بتغيير وتتميم القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية، أخذا بعين الاعتبار الملاحظات المثارة من طرف بعض الوزراء.
وأوضح الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، خلال لقاء صحفي عقب الاجتماع الأسبوعي للمجلس، أن مشروع هذا القانون الذي قدمه وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، يرمي إلى مراجعة القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية، بعد مرور أكثر من عشرين سنة على صدوره، وأضاف بايتاس أن مشروع هذا القانون يندرج في إطار تحديث المنظومة القانونية الوطنية، حيث يعتبر من أهم محاور تحقيق المشروع الشامل والعميق لإصلاح منظومة العدالة بالمملكة الذي ما فتئ الملك محمد السادس، يدعو إليه في عدة مناسبات.
كما يأتي مشروع هذا القانون، حسب الوزير، في سياق ما شهدته المملكة من مستجدات حقوقية هامة تمثلت بالأساس في صدور دستور المملكة سنة 2011، وإقراره لمجموعة من الحقوق والحريات ووضع آليات لحمايتها وضمان ممارستها. وحسب بايتاس، فقد روعي في مشروع مراجعة قانون المسطرة الجنائية تحقيق التوازن بين وقاية المجتمع من الجريمة وحماية أمنه واستقراره، وحماية حقوق وحريات الأشخاص، مبرزا أن هذه المراجعة شملت ما يزيد عن 420 مادة.
ومن جهته، أكد وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، أن مشروع القانون المتعلق بالمسطرة الجنائية، سيساهم في تحقيق الأمن القانوني والقضائي بالمملكة المغربية، وأفاد بلاغ لوزارة العدل أن هذا المشروع، يأتي في ظل الدينامية الكبيرة التي تشهدها المملكة المغربية في مجال حقوق الإنسان ومكافحة الجريمة، وانخراطها الإيجابي في العديد من الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، مسجلا أنه يعكس التزام المملكة بتعزيز ضمانات المحاكمة العادلة وتبسيط الإجراءات الجنائية وتطوير آليات مكافحة الجريمة.
وأشار إلى أن المشروع يتضمن مستجدات رئيسية، من بينها تعزيز ضمانات المحاكمة العادلة، وتعزيز حقوق الدفاع، وتحديث آليات العدالة الجنائية وضمان نجاعتها، بالإضافة إلى تطوير آليات مكافحة الجريمة، وحماية حقوق الضحايا في جميع مراحل الدعوى العمومية، وكذا وضع ضوابط قانونية للسياسة الجنائية، فضلا عن تعزيز حماية الأحداث وترشيد الاعتقال الاحتياطي، وسجل أن مشروع القانون الجديد يعتبر أحد أهم المشاريع التشريعية التي أطلقتها وزارة العدل، حيث يمثل المحرك الأساسي لمنظومة العدالة الجنائية ويرتبط بشكل وثيق بحماية الحقوق والحريات وتحقيق الأمن العام ومكافحة الجريمة، وسيساهم أيضا في تعزيز ثقة الفاعلين الاجتماعيين والاقتصاديين في منظومة العدالة ومؤسساتها.
ويتضمن المشروع الجديد مستجدات تتعلق بتعزيز وتقوية ضمانات المحاكمة العادلة، وأكدت المذكرة التقديمية للمشروع أنه في إطار تعزيز مزيد من الضمانات الحقوق الأفراد وحرياتهم التي كفلتها المواثيق الدولية على نطاق واسع، ثم إقرار مبدأي احترام قرينة البراءة وتفسير الشك لفائدة المتهم المنصوص عليها في المادة الأولى من قانون المسطرة الجنائية، وتعزيزها بمجموعة من المبادئ المتعارف عليها دوليا في مجال المحاكمة العادلة، خاصة الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، حيث تم التنصيص ضمن مقتضيات هذا القانون على ضرورة مراعاة مجموعة من المبادئ الأساسية، كالمساواة أمام القانون، والمحاكمة داخل أجل معقول، واحترام حقوق الدفاع، وضمان حقوق الضحايا والمشتبه فيهم والمتهمين والمحكومين، وغيرها من المبادئ المرتبطة بحماية الشهود والخبراء والمبلغين ومراعاة مبادئ الحياد وصحة وشرعية الإجراءات المسطرية، والحرص على حقوق الأطراف خلال ممارسة الدعوى العمومية.
كما ينص المشروع على وضع آليات اللوقاية من التعذيب والتي من شأنها إضفاء مزيد من الثقة على الإجراءات التي تباشرها الشرطة القضائية، ولاسيما خلال فترة الحراسة النظرية، وإضفاء مزيد من المصداقية على إجراءات البحث، نذكر من بينها، إلزامية إخضاع المشتبه فيه إلى فحص طبي يجريه طبيب مؤهل بالطلب الشرعي أو طبيب آخر في حالة تعذر ذلك مع ترتيب جزاء استبعاد الاعتراف المدون في محضر الشرطة القضائية في حالة رفض إجراء الفحص الطبي المذكور.
ويتضمن المشروع مستجدات تتعلق بتعزيز مراقبة حقوق ووضعية المعتقلين عبر إقرار الزامية زيارة المؤسسات السجنية من قبل قضاة النيابة العامة وقضاة التحقيق وقضاة الأحداث وقضاة تطبيق العقوبات ورئيس الغرفة الجنحية لدى محكمة الاستئناف، وذلك بكيفية دورية ومنتظمة. علاوة على الدور الذي تقوم به اللجنة الإقليمية التي يترأسها الوالي أو العامل، والتي دعم القانون تركيبتها وإشراك فعاليات المجتمع المدني (الجمعيات المهمة) وتوسيع دائرة القطاعات الحكومية المشاركة فيها، وتمديد صلاحياتها لتشمل مراقبة المؤسسات المكلفة برعاية الأحداث الجانحين.
ومن بين المستجدات كذلك، تطوير وتقوية آليات مكافحة الجريمة، وأشارت المذكرة التقديمية للمشروع أن خطورة الجريمة وتهديدها للمجتمعات أصبحت تتطلب من آليات وأجهزة العدالة الجنائية اللجوء إلى أساليب متطورة لمكافحتها. ولذلك أصبح الأمر يتطلب تنظيم استعمال بعض التقنيات الحديثة في البحث والتحري أو التحقيق أو المحاكمة، وتقوية صلاحيات أجهزة العدالة وفق ضوابط ومعايير محددة تضمن التناسب مع المصالح الأساسية المحمية في مجال الحقوق والحريات تفاديا لكل استعمال من شأنه المس بها.
وفي هذا الإطار، وتماشيا مع ما تم التنصيص عليه في العديد من الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها المملكة المغربية في مجال مكافحة الجريمة، وفي مقدمتها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية تم تنظيم تقنيات البحث الخاصة، كالتقاط المكالمات والاتصالات المنجزة عبر وسائل الاتصال عن بعد وباقي أشكال الاتصالات الإلكترونية أو المنجزة بوسائل التكنولوجيا الحديثة، وآلية التقاط وتسجيل الأصوات والصور وتحديد المواقع وتنظيم اختراق العصابات والشبكات الإجرامية.