محمد اليوبي
مثل النائب البرلماني الاستقلالي، محمد كريمين، أول أمس الثلاثاء، أمام نائب الوكيل العام للملك المكلف بجرائم الأموال لدى محكمة الاستئناف بالرباط، رفقة ستة أشخاص آخرين، ضمنهم مستشارة جماعية بمجلس مدينة الرباط، من أجل الاستماع إليهم بخصوص شبهة اختلاس وتبديد أموال الجمعية الوطنية لمنتجي اللحوم الحمراء، التي يترأسها كريمين، وتستفيد من دعم وإعانة وزارة الفلاحة.
وأفادت المصادر بأن الوكيل العام قرر إرجاع الملف إلى الفرقة الوطنية للشرطة القضائية المكلفة بالجرائم المالية، من أجل تعميق البحث، بعد ظهور وثائق ومعطيات جديدة أدلى بها مهندس كان يشتغل بالجمعية. وأكدت المصادر أن نائب الوكيل العام استمع لكريمين بصفته رئيس الجمعية، وأمين المال السابق للجمعية «ز.م»، والمسؤولة المالية والإدارية بالجمعية «ع.ت»، ومحاسبة الجمعية «ح.ش»، وكاتبة الجمعية «ح.ب»، كما استمع نائب الوكيل العام لـ«خ.ب» وهي مستشارة جماعية بمجلس مدينة الرباط سبق أن شغلت منصب مديرة تقنية بالجمعية، قبل تأسيسها لشركة لها علاقة بأنشطة الجمعية، بالإضافة إلى «ع.أ» وهو مسير شركة استفادت من صفقات الجمعية.
وتوصلت النيابة العامة بالرباط بشكاية معززة بالوثائق والأدلة قدمها مستخدم سابق بالجمعية الوطنية لمنتجي اللحوم الحمراء، تفضح وجود تلاعبات خطيرة في مالية الجمعية. وتشير المعطيات المتوفرة إلى أن الجمعية كانت تعتمد في مداخيلها من جهة على منحة سنوية لوزارة الفلاحة، والتي تندرج في إطار برنامج مخطط المغرب الأخضر، ومن جهة أخرى على مداخيل الخدمات التي تقدمها، وبالخصوص مداخيل عمليات التلقيح الاصطناعي لفائدة الكسابة، لكن الوثائق، التي توصلت بها النيابة العامة، تؤكد أن ما يتم تحصيله يتجاوز بملايين الدراهم ما يتم التصريح به في التقارير المالية السنوية، حيث يتم التدليس والتلاعب بعمليات التسجيل المحاسباتية، كما أن هناك خدمات لا يتم التصريح بمداخيلها، رغم ضخامة مبالغها، والتي تتعدى ملايين الدراهم، ومنها مداخيل إعداد تقنيي الجمعية لملفات استفادة الكسابة من إعانة التهجين الاصطناعي.
وحسب الشكاية، فإن الجمعية حصلت على الحق الحصري لاستيراد المصل من الخارج، ولكي يستفيد الكساب من خدمة التلقيح الاصطناعي، عليه أن يتصل بتقني الجمعية من أجل القدوم لضيعته لتلقيح أبقاره بلقاحات من الصنف اللحمي أو الحليبي حسب اختياره، وتمكينه من شهادة تلقيح تتضمن معلومات البقرة الأم، ونوعية اللقاح وتاريخه، ويؤدي الكساب مقابل هذه الخدمة مبلغ 130 درهما لفائدة الجمعية عن كل عملية تلقيح، أما في حال أراد الاستفادة من إعانة التهجين الصناعي (في الفترة الممتدة من 2011 إلى 2016)، فيجب عليه أن يلقح أبقاره بلقاحات من الصنف اللحمي.
وتضيف الشكاية أنه في حال نجاح هذه العملية وولادة البقرة بعد تسعة أشهر، يتصل الكساب بالتقني من أجل الحضور لإعداد وتمكينه من ملف الاستفادة من إعانة التهجين الصناعي، هذا الملف يتكون من ترقيم العجل وإعداد البطاقة الرمادية، وشهادة الازدياد الخاصة به، بعدها يقوم الكساب بإشعار المصالح الإقليمية لوزارة الفلاحة، وعلى إثره يتم خروج لجنة مكونة من ممثل عن وزارة الفلاحة، وممثل عن الجمعية وتقني الجمعية المسؤول عن إعداد الملف، للتأكد من استيفاء صفات العجل المولود ووثائق الملف الخاص به لشروط الاستفادة من الإعانة، بعدها تقوم اللجنة بإنجاز محضر مطابقة وهي الوثيقة المكملة للملف، وعلى إثره يتم تحويل إعانة مالية للكساب بمبلغ 4000 درهم عن كل عجل، من صندوق الدعم الفلاحي لوزارة الفلاحة، ويؤدي الكساب للجمعية عن خدمة إعداد كل ملف مبلغ 300 درهم، وأصبح في ما بعد 250 درهما، بعدما أصبحت قيمة الإعانة محددة في مبلغ 2000 درهم عن كل عجل.
أما بالنسبة لخدمة ترقيم الأبقار بنظام SNIT، ففي سنة 2016، وقعت الجمعية اتفاقية مع المكتب الوطني للسلامة الصحية، تقوم بموجبها الجمعية عن طريق شبكة تقنييها بدعم جهود المكتب في تعميم ترقيم الأبقار بالنظام الجديد، وحددت الجمعية بشكل انفرادي ثمنها في 40 درهما عن كل رأس أبقار يتم ترقيمه، يؤديها.
وأفادت الشكاية بأنه بعد مراجعة المداخيل المالية المستخلصة وتلك المصرح بها في ملفات وسجلات الجمعية، تبين أن هناك مبالغ غير مصرح بها، والمتعلقة فقط بالمداخيل التي كان يستخلصها التقنيون من الكسابة، دون الحديث عن باقي مداخيل الجمعية الأخرى، التي كانت تقوم بالعملية نفسها، واستمرت إلى ما بعد سنة 2016. وأكدت الشكاية أن جميع مداخيل تقنيي الجمعية كان يتم اختزالها بالتقارير المالية السنوية للجمعية من طرف المحاسبة وخبيرة الحسابات تحت بند «رقم معاملات التلقيح الاصطناعي»، وليس بشكل تفصيلي، مما تصعب معه معرفة وجودها من عدمه، وأشارت الشكاية إلى أن التقرير المالي الوحيد التي ذكرت فيه هذه المداخيل بتفصيل هو التقرير المتعلق بسنة 2015.
وأكد المهندس الذي اشتغل بالجمعية أنه لا يتم التصريح بجميع المداخيل، ومن بينها مداخيل إعداد ملفات الاستفادة من إعانة التهجين الصناعي، والتي يفوق حجمها لوحدها أزيد من 20 مليون درهم، وتم إنكارها من طرف بعض مسؤولي الجمعية، وأدلى المهندس المشتكي بنسخة من الوثائق الخاصة باستخلاصها حتى حدود سنة 2015 للفرقة الجهوية للشرطة القضائية بولاية أمن الرباط، وطالب بفتح تحقيق بشأن الوثائق المتعلقة بسنة 2016.
وكانت جريدة «الأخبار» فجرت في سنة 2019 فضيحة من العيار الثقيل، تتعلق بتسجيل اختلالات مالية خطيرة شابت عملية توزيع الدعم الموجه لإنتاج اللحوم الحمراء، حيث كان رئيس الجمعية المعنية يقوم بتحويل المال العام إلى نائبه في الجمعية نفسها. وحسب الوثائق والمعطيات التي حصلت عليها الجريدة، فإن الأمر يتعلق بملايين الدراهم التي خصصتها وزارة الفلاحة لدعم مربي المواشي كانت تحصل عليها جمعية متخصصة في تنمية اللحوم الحمراء يرأسها محمد كريمين، لكن عوض أن تذهب هذه الأموال للفلاحين ومربي الماشية، كان كريمين يقوم بتحويل هاته الأموال للحساب الشخصي لنائبه في الجمعية، قبل تحويلها إلى الفلاحين المستفيدين من الدعم.