محمد اليوبي
رفضت لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب مناقشة تقرير رئاسة النيابة العامة حول تنفيذ السياسة الجنائية وسير النيابة العامة لسنة 2018، خلال اجتماعها الذي كان مبرمجا أول أمس الثلاثاء، وذلك بسبب عدم حضور الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة، من أجل تقديم التقرير ومناقشته من طرف أعضاء اللجنة، وتقرر تأجيل الاجتماع إلى أجل غير مسمى.
وشكلت لجنة العدل والتشريع لجينة مصغرة مكلفة بصياغة مذكرة سيتم توجيهها إلى رئيس مجلس النواب، تتضمن مقترحات لتجاوز المشكل الدستوري والقانوني بخصوص مثول رئيس النيابة العامة أمام البرلمان، خاصة بعد استقلال السلطة القضائية، وفصل جهاز النيابة العامة عن وزارة العدل.
واحتج نواب حزبي الأصالة والمعاصرة والعدالة والتنمية بقوة على عدم حضور عبد النباوي إلى اللجنة لتقديم التقرير، وعبروا عن رفضهم لمسطرة إحالة التقرير مباشرة على رئيس اللجنة، دون المرور من القنوات الرسمية، أي إحالة التقرير على رئيس السلطة القضائية ثم إحالته على رئيس مجلس النواب، الذي يحيله بدوره على رئيس اللجنة البرلمانية.
وطالبت بثينة قروري، النائبة البرلمانية عن حزب العدالة والتنمية، بضرورة مثول عبد النباوي أمام اللجنة البرلمانية، وأشارت، في تصريح نشره الموقع الرسمي للحزب، إلى أن المادة 110 من القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، تتحدث عن عرض ومناقشة التقرير دون تحديد من يعرضه.
وفي قرار المحكمة الدستورية حين النظر في هذه المادة، اعتبر أنه في غياب اشتراط عرض التقرير من طرف الوكيل العام للملك، فإن تلك المادة دستورية، وقالت إن «الوكيل العام للملك يتشبث بعدم عرضه التقرير أمام اللجنة ويستند في ذلك إلى قرار المحكمة الدستورية»، وأوضحت أن النواب البرلمانيين، في قراءتهم الديمقراطية للقرار، يرون أن قرار المحكمة الدستورية لا يلزمه بعرض التقرير، لكن لا يمنعه أيضا، واعتبرت أن الممارسة الفضلى، حسب التجارب الدولية، تقتضي أن يحضر الوكيل العام للملك ويعرض تقريره، دون أن يعني ذلك مثوله أمام اللجنة ومحاسبته.
وكان محمد عبد النباوي قد حسم الجدل بخصوص قانونية ودستورية مثوله أمام البرلمان، لمساءلته حول تنفيذ السياسة الجنائية، بعد استدعائه، خلال السنة الماضية، من طرف فريق العدالة والتنمية، عندما أكد، أثناء تقديمه لأول تقرير سنوي حول تنفيذ السياسة الجنائية وتطوير أداء النيابة العامة برسم سنة 2017، أن استقلال النيابة العامة عن السلطة التنفيذية والتشريعية أصبح أمرا دستوريا وقانونيا، زكاه قرار المجلس الدستوري رقم 16/991 الصادر بتاريخ 15 مارس 2016، بخصوص التقرير الذي يرفعه الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة إلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية، حيث إن الدستور لم يشترط عرض الوكيل العام للملك لتقريره أمام اللجنتين المكلفتين بالتشريع بمجلسي البرلمان.
وبمفهوم المخالفة فإن قيام رئيس النيابة العامة بتقديم التقرير أو حضوره لمناقشته أمام لجنتي البرلمان مخالف للدستور لأنه يمس بالاستقلالية. كما أكد المجلس الدستوري على أهمية مناقشة البرلمان تقرير رئيس النيابة العامة، باعتباره تقريرا يهم الشأن القضائي، مع إمكانية الأخذ بما ورد فيه من توصيات، في مراعاة لمبدأ فصل السلط، والاحترام الواجب للسلطة القضائية المستقلة.
ويستفاد من قرار المحكمة الدستورية، حسب التقرير، أن استقلال النيابة العامة لا يعني إفلاتها من المراقبة والمحاسبة، ذلك أنها تخضع لمراقبة القضاء بالنسبة للقرارات التي تتخذها، وكذا مراقبة المجلس الأعلى للسلطة القضائية، الذي تقدم له تقارير دورية بشأن تنفيذ السياسة الجنائية وسير النيابة العامة. وأضاف قرار المحكمة الدستورية، أن رئيس النيابة العامة يظل مسؤولا عن كيفية تنفيذه للسياسة الجنائية، وذلك أساسا أمام السلطة التي عينته والمتمثلة في رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وهو الملك محمد السادس.