محمد اليوبي
مثل، أول أمس الثلاثاء، النائب البرلماني عن إقليم الناظور، محمد أبركان، المعروف بـ «إمبراطور الناظور»، أمام غرفة الجنايات الابتدائية المتخصصة في جرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بفاس، حيث يتابع رفقة ابنه وسبعة متهمين آخرين، بتهم جنائية ثقيلة.
وقرر قاضي التحقيق المكلف بجرائم الأموال بالغرفة الأولى باستئنافية فاس، متابعة البرلماني عن حزب الاتحاد الاشتراكي رفقة ثمانية متهمين آخرين، ضمنهم ابنه الذي كان يترأس جماعة «إعزانن» بإقليم الناظور، من أجل «الارتشاء والتزوير في محررات رسمية متعلقة بوظيفته إضرارا بالخزينة العامة، وأخذ منفعة في مؤسسة يتولى إدارتها والإشراف عليها، وتسليم رخص وشهادات إدارية بغير حق لمن ليس له الحق فيها، واستغلال النفوذ، والغدر، وإعفاء الغير من أداء رسوم وواجبات عامة، وإحداث تجزئات أو مجموعات سكنية من غير الحصول على إذن، والمشاركة في إقامة بنايات بدون رخصة، والبناء فوق ملك من الأملاك العامة».
وتم تحريك المتابعة في حق أبركان بناء على الأبحاث القضائية التي قامت بها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بتعليمات من النيابة العامة مرفوقة بتقرير منجز من طرف المجلس الأعلى للحسابات يتعلق بتسيير الجماعة الترابية «إعزانن» التابعة لإقليم الناظور.
وحسب وثائق الملف، فإن جماعة «إعزانن» سلمت ما مجموعه 227 رخصة بناء ما بين سنتي 2010-2016، بناء على تصاميم معمارية تحمل خاتم مكتب «أ.د للتصاميم»، ولا تشير إلى صفة مهندس معماري رغم توقيعها وتضمينها ضمن ملف طلب رخصة البناء والحصول على الترخيص بالبناء، حيث تبين أن المكتب المذكور لا يستوفي الشروط اللازمة لمزاولة مهنة المهندسين المعماريين المحددة بموجب المادة 04 من القانون رقم 016.89 المتعلق بمزاولة مهنة الهندسة المعمارية وإحداث هيئة المهندسين المعماريين الوطنية .
وتشير الوثائق إلى قيام المكتب بأعمال مهنية تقتصر مزاولتها على المهندسين المعماريين، وذلك بمساهمة كل من لجنة التعمير بالجماعة التي لا تضم أي ممثل عن القسم التقني أو القسم المكلف بالتعمير، حيث تقوم اللجنة بدراسة ملفات طلبات رخص البناء وقبولها لهذه التصاميم المعمارية والعمل بها، وكذا رئيس الجماعة أو من ينوب عنه من خلال تسليم رخص البناء، بالإضافة إلى عدم احترام الجماعة القوانين والأنظمة الجاري بها العمل في مجال التعمير، حيث تتولى لجنة غير قانونية عملية دراسة الطلبات دون عرضها على الجهات المختصة لأخذ رأيها خاصة الوكالة الحضرية.
وفي الإطار نفسه، تشير وثائق الملف إلى أن الجماعة سلمت رخص بناء الفترة ما بين 2015 و2017، دون أن تقوم باستخلاص الرسم المفروض على عمليات البناء أثناء تسليم الرخصة، حيث تمت دراسة ملفاتها بدون تصاميم معمارية، في غياب أي ترخيص قانوني لذلك، وأن هذه الحالات لا تندرج ضمن الحالات المعفية من أداء الرسوم، كما أن موظفي الجماعة المكلفين بمصلحة التعمير وشساعة المداخيل وكذا مدير المصالح يتدخلون جميعهم في مجال فرض الرسم على عمليات البناء، وبالتالي فإنهم ساهموا بشكل أو بأخر في ارتكاب الأفعال الإجرامية، بالإضافة إلى رئيس الجماعة، الذي هو ابن البرلماني أبركان، وأعضاء لجنة التعمير «غير القانونية»، والممثل القانوني لمكتب التصاميم.
وأثناء الاستماع إلى المعفيين من أداء رسوم وواجبات رخص البناء، أجمعوا من خلال تصريحاتهم أنهم استفادوا من رخص البناء من جماعة إعزانن بتدخل من البرلماني محمد أبركان، الذي يشغل منصب النائب الأول لرئيس الجماعة، بعد إدلائهم فقط ببعض الوثائق، إما شهادة الملكية أو بطاقة التعريف الوطنية، وأكدوا أنهم استفادوا من رخص البناء من الجماعة دون أدائهم أي رسوم أو واجبات تتعلق بذلك، كون البرلماني أبركان أعفاهم من ذلك من تلقاء نفسه، بدون أي سند قانوني أو تنظيمي، وأن حالتهم لا تدخل ضمن الحالات المعنية، وكمقابل لذلك مساعدته خلال الحملة الانتخابية والتصويت لصالحه، كما صرحوا بأنهم لا يتوفرون على تصاميم معمارية، ولم يدلوا بها للجماعة من أجل حصولهم على الرخص، كما لا يتوفرون على رخصة السكن، إضافة إلى ذلك فإن جميع الرخص تتعلق بأشغال البناء في الأصل، إلا أنها تتضمن عبارات «رخصة إصلاح» عوض منح رخصة البناء، وعند مواجهة المستفيدين بذلك، صرحوا أن المسمى محمد أبركان أخبرهم أنه للحصول على رخصة البناء، فانها تتطلب تأشيرة لجنة العمالة، وأنه سيسلمهم عوض ذلك رخصة إصلاح من أجل القيام بأشغال البناء، وهي الطريقة المعمول بها بالجماعة، بالإضافة إلى وجود حالات باشرت أشغال البناء قبل الحصول على رخصة الإصلاح، ولم تعثر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية على أصل ملفات هذه الرخص داخل مقر الجماعة.
وصرح أشخاص آخرون بأنهم استفادوا من رخص البناء بتدخل من البرلماني أبركان، مقابل أدائهم رسوم الرخصة بمبالغ مالية متفاوتة ما بين 2000 درهم و5000 درهم، إلا أنهم لا يتوفرون على أي وصل للأداء، وبخصوص التصاميم المعمارية صرحوا أنهم أنجزوها لدى أحد المكاتب الخاصة، تعرفوا على صاحبه بمقر الجماعة التي يتردد عليها دائما، وأكدوا أن جميع ساكنة الجماعة يتعاملون معه، وهي نفس التصاميم التي أدلو بها للجماعة من أجل الحصول على رخص البناء، كما وردت في الملف تصريحات خطيرة لأشخاص أكدوا أنهم سلموا رشاوى بمبالغ تتراوح ما بين 40 مليون سنتيم و120 مليون سنتيم، مقابل الحصول على رخص لإقامة تجزئات غير قانونية، وأكدوا أن الرئيس السابق للجماعة والنائب الأول حاليا، كان يفرض على أي مواطن تقدم إلى الجماعة من أجل الحصول على رخصة البناء أداء مبلغ مالي مقابل إنجاز تصمیم.