أفادت مصادر جد مطلعة بأن المحكمة الابتدائية بالرباط باشرت، بحر الأسبوع الماضي، محاكمة 24 دركيا بينهم مسؤولون كبار برتبة كولونيل ماجور وكولونيل على خلفية الأبحاث المنجزة حول تهمة غسل الأموال، سبق لهم أن خضعوا لتحقيقات تمهيدية وتفصيلية بشأنها من طرف المصالح المختصة.
وحسب مصادر «الأخبار»، فقد اضطر القاضي رئيس هيئة الحكم بالمحكمة الابتدائية بالرباط، إلى تأجيل أول جلسة محاكمة، إلى الأسبوع الأول من شهر دجنبر، بعد أن تخلف نصف المتهمين، بمن فيهم الكولونيلات عن الحضور، في انتظار استدعائهم من جديد وإعداد المرافعات من طرف هيئات الدفاع المؤازرة لهم .
وأكدت مصادر «الأخبار» ذاتها أن 24 دركيا الذين مثلوا، الأسبوع الماضي، أمام الهيئة القضائية بالمحكمة الابتدائية بالرباط المختصة إلى جانب محاكم فاس والدار البيضاء ومراكش في البت في جرائم غسل الأموال، وبينهم خمسة كولونيلات، سبقت إدانتهم استئنافيا بأحكام وعقوبات سجنية تراوحت بين سنتين وست سنوات، وبلغت في مجموعها حوالي 76 سنة سجنا نافذا عوض 61 سنة سجنا التي كانوا أدينوا بها سنة 2019 ابتدائيا ضمن التفاصيل، قبل أن يجدوا أنفسهم مرة أخرى أمام القضاء الجالس، بتهمة بالغة الخطورة تتعلق بغسل الأموال التي تعني، وفق اتفاقية فيينا لعام 1988 في مادتها 3.1 «تحويل الأموال أو نقلها مع العلم بأنها مستمدة من أية جريمة أو جرائم، بهدف إخفاء أو تمويه المصدر غير المشروع للأموال، أو قصد مساعدة أي شخص متورَط في ارتكاب مثل هذه الجريمة أو الجرائم على الإفلات من العواقب القانونية لأفعاله».
وكانت النيابة العامة المختصة بالمحكمة الابتدائية بالرباط أصدرت أوامرها للفرق الأمنية المختصة بمصالح الفرقة الوطنية للدرك الملكي للأبحاث القضائية والفرقة الوطنية للشرطة القضائية، من أجل فتح بحث قضائي دقيق حول شبهة غسل أموال منسوبة لمسؤولين كبار في الأمن الوطني والدرك الملكي متابعين في قضية مخدرات رفقة بارونات كبار، وهي القضية المثيرة للجدل التي توبع فيها حوالي 70 شخصا بينهم كولونيلات في الدرك وعمداء أمن في ملفين منعزلين، قاسمهما المشترك هو التورط مع نفس البارونات وشبكات الاتجار الدولي في المخدرات.
وارتباطا بالأحكام الصادرة استئنافيا في حق مسؤولي الدرك المتابعين بتهمة غسل الأموال، كانت غرفة جرائم الأموال الاستئنافية أدانت، في مارس الماضي، كولونيل ترأس القيادة الجهوية بطنجة سابقا بست سنوات سجنا نافذا بدل خمس سنوات أدين بها ابتدائيا، كما حولت الهيئة براءة زميل له إلى حبس نافذ مدته سنتان، ورفعت عقوبة كولونيل اشتغل قائدا جهويا بالصويرة وأكادير من سنة نافذة وسنة موقوفة التنفيذ إلى سنتين نافذتين، كما رفعت عقوبة كولونيل آخر من ثلاث إلى أربع سنوات حبسا نافذا، فيما أيدت عقوبة كولونيل خامس سبق أن شغل مسؤوليات مهمة بكل من طنجة والرباط وسطات وهي سنتان حبسا نافذا.
وضمن باقي الأحكام، التي شملت مسؤولين برتبة كومندار وأجودان وموظفي درك عاديين، تم تسجيل مضاعفة عقوبة مسؤول من سنتين ونصف إلى خمس سنوات سجنا نافذا، ورفع كل العقوبات السجنية تقريبا التي أدين بها باقي المتهمين في هذا الملف، معظمهم رؤساء مراكز ترابية وسرايا ومراكز بحرية ومراكز قضائية تابعة لقيادات جهوية بالدار البيضاء وأكادير وطنجة والعرائش.
وبالتزامن مع متابعتهم بمحكمة جرائم الأموال، طاردت أبحاث أخرى أنجزتها الفرقة الوطنية للدرك شبهة غسل الأموال بين ثنايا أرصدتهم المالية وعقاراتهم وممتلكاتهم بالداخل والخارج، حيث أنجزت تحريات وخبرات ومراجعات دقيقة لمعاملاتهم المالية على مدى السنوات التي دبروا فيها المسؤولية بمواقع تمتد بين محور العرائش المضيق ثم الدار البيضاء وأكادير .
وكان المعنيون بهذا الملف اعتقلوا في أوقات متفرقة قبل خمس سنوات، على خلفية حجز أطنان من المخدرات بميناء طنجة كانت في طريقها لأوروبا، قبل أن تسقط التحريات حوالي 76 شخصا من موظفي الأمن والدرك والداخلية ومندوبية السجون والجمارك إضافة إلى عشرات البارونات والوسطاء والسائقين.