محمد اليوبي
قرر قاضي التحقيق بالغرفة الأولى المكلفة بجرائم الأموال لدى محكمة الاستئناف بفاس، محمد الطويلب، متابعة النائب البرلماني عن حزب التجمع الوطني للأحرار، محمد كنديل، من أجل تبديد واختلاس أموال عمومية بجماعة «سيدي احرازم» التي كان يتولى رئاستها منذ 30 سنة قبل تقديم استقالته مؤخرا. وسيمثل كنديل رفقة مستشار جماعي ومقاول أمام غرفة الجنايات الابتدائية في أول جلسة لمحاكمتهم بالتهم المنسوبة إليهم، ستنعقد في نهاية الشهر الجاري.
ويتابع في هذا الملف، كذلك، المستشار الجماعي محسن ميلودي، الذي يشغل منصب نائب رئيس مجلس عمالة فاس، عن حزب التجمع الوطني للأحرار، حيث قرر قاضي التحقيق متابعته بتهمة «تبديد أموال عمومية وتلقي فائدة من مؤسسة يتولى إدارتها والإشراف عليها»، فيما وجه للمقاول تهمة «المشاركة في تبديد أموال عمومية». واستمع قاضي التحقيق للبرلماني كنديل ومن معه، في حالة سراح، مقابل كفالة مالية بمبلغ 30 ألف درهم، والمبلغ نفسه بالنسبة للمقاول وبمبلغ 25 ألف درهم بالنسبة للمستشار الجماعي.
وكان الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بفاس، عبد الرحيم الزايدي، تقدم بملتمس إلى قاضي التحقيق بالغرفة الأولى المكلفة بجرائم الأموال لدى المحكمة نفسها، من أجل إجراء تحقيق مع كنديل، بصفته رئيسا لجماعة سيدي احرازم التابعة لعمالة فاس، من أجل شبهة تبديد واختلاس أموال عمومية. وجاء قرار الوكيل العام بناء على الأبحاث والتحريات القضائية التي أنجزتها الفرقة الجهوية للشرطة القضائية التابعة للدرك الملكي، وذلك بعد توصل النيابة العامة والمجلس الجهوي للحسابات بالعديد من الشكايات معززة بالوثائق والأدلة حول وجود اختلالات مالية وإدارية خطيرة بجماعة سيدي احرازم التابعة ترابيا لعمالة فاس.
وسبق للمجلس الجهوي للحسابات أن أجرى افتحاصا لصفقة كراء مرافق المنتجع السياحي «سيدي احرازم»، بناء على مراسلة توصل بها المجلس تتضمن معطيات معززة بالوثائق والأدلة حول اختلالات تشوب هذه الصفقة التي يستفيد منها صاحب شركة مقرب من مستشار جماعي، وتم اعتقال هذا المقاول من طرف الدرك الملكي، على إثر منعه لقضاة المجلس من القيام بزيارة ميدانية للوقوف على الاختلالات التي تشوب صفقات استغلال المنتجع.
وحسب الشكاية التي توصل بها المجلس، فإن شركة اكترت من المجلس الجماعي لسيدي احرازم حديقة للترفيه بمبلغ 40 مليون سنتيم سنويا منذ سنة 2011، علما بأن عقد الكراء الذي يربط الشركة بالجماعة يتضمن كراء حديقة تتضمن بركة مائية فقط، ولا تتضمن أي مسبح. وأشارت الشكاية إلى أن صاحب الشركة «ع.م» يقطن بديار المهجر، وهو صهر المستشار الجماعي «م.م»، الذي يسير المحل رفقة زوجته، والمسجلين كأجيرين ضمن أجراء المقاولة بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
وأكدت الشكاية أنه، على الرغم من تسجيل خروقات ومخالفات لدفتر التحملات الخاص بالحديقة، فإن رئيس الجماعة، محمد كنديل، لم يعمل على فسخ عقد الكراء بين الجماعة والشركة المكترية، وأوضحت الشكاية أن سبب ذلك يعود إلى تبادل المصالح، لأن المستغل الفعلي لمشروع حديقة الألعاب هو المستشار الجماعي «م.م» وزوجته وأن صاحب الشركة هو صهره، وشريكه في عدة مشاريع أخرى.
وحسب الشكاية، فإن شركة أخرى تكتري من الجماعة نفسها مسبحا بلديا بقيمة 140 مليون سنتيم سنويا، تشتكي من المنافسة غير المشروعة التي تمارسها في حقها الشركة المخالفة، التي أضافت خمسة مسابح إلى قائمة مخالفاتها وحماما ومطعما وقاعة للأفراح، ما اضطر صاحب الشركة المتضررة إلى مراسلة مؤسسة وسيط المملكة، التي قامت بالبحث في الموضوع، وأصدرت توصية موجهة إلى والي جهة فاس مكناس، يوصي من خلالها بالعمل على التعجيل باتخاذ الإجراءات الكفيلة بتنفيذ قراري الهدم المخالفين للقانون ولضوابط التعمير الصادرين بتاريخ 5 ماي 2016 تحت عدد 208 و209.
وكشفت الشكاية أن المستغل الفعلي للحديقة، التي تحولت إلى مركب سياحي، هو مستشار جماعي معروف بالجماعة وبعلم ومباركة من رئيس الجماعة، بمدخول للجماعة لا يتعدى 40 مليون سنتيم، علما بأن ثمن تذكرة الدخول إلى المركب يبلغ 50 درهما للفرد الواحد، في الوقت الذي يؤدي فيه مستغل المسبح البلدي مبلغ 140 مليون سنتيم سنويا، دون أن يتجاوز ثمن التذكرة 35 درهما فقط، ما اعتبرته الشكاية تبديدا منسقا وواضحا للمال العام من طرف رئيس الجماعة والمستشار الجماعي، مما يفوت على الجماعة مبالغ مهمة كان من الممكن استغلالها في تنمية الجماعة خدمة للصالح العام.
وتطرقت الشكاية، كذلك، إلى تغاضى رئيس الجماعة عن استيفاء الواجبات الكرائية من أخيه الذي يكتري من الجماعة محلا تجاريا عبارة عن «كشك»، ويتماطل في أداء الكراء، حيث سبق للجماعة أن رفعت ضده دعوى قضائية من أجل المطالبة بأداء الكراء، وصدر حكم قضائي يقضي بأداء أخ الرئيس لفائدة الجماعة تعويضا قدره 47539.30 درهما عن استغلال الملك العمومي وبإفراغه من الكشك موضوع الدعوى، لكن الرئيس لم ينفذ الحكم ضد شقيقه، مفوتا بذلك على الجماعة مداخيل مالية مهمة.