محمد اليوبي
أحالت الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بولاية أمن الرباط، يوم الخميس الماضي، الرئيس السابق لمجلس جماعة سيدي يحيى الغرب بإقليم سيدي سليمان، علي المليح، عن حزب الاتحاد الدستوري، رفقة ثلاثة موظفين بالجماعة، على أنظار نائب الوكيل العام للملك المكلف بجرائم الأموال لدى محكمة الاستئناف بالرباط، من أجل تهمة تبديد أموال عمومية.
وأفادت المصادر بأن الوكيل العام للملك أحال المليح الذي كان يشغل منصب مدير المصالح بالغرفة الفلاحية بجهة الرباط سلا القنيطرة في عهد رئيسها السابق، إدريس الراضي، على قاضية التحقيق بالغرفة الخامسة المكلفة بجرائم الأموال لدى المحكمة نفسها، لبنى لحلو، التي قررت متابعته رفقة الموظفين الثلاثة في حالة سراح، من أجل تبديد أموال عمومية، حيث ستنطلق جلسات التحقيق التفصيلي معهم، خلال شهر مارس المقبل.
وتم تحريك المتابعة في حق المليح ومن معه بناء على الأبحاث والتحريات القضائية التي قامت بها الفرقة الجهوية للشرطة القضائية، بناء على تعليمات النيابة العامة المختصة، وذلك بعد صدور تقرير عن المفتشية العامة للإدارة الترابية التابعة لوزارة الداخلية، رصد مجموعة من الاختلالات المالية والإدارية، خلال فترة تدبير المليح للمجلس الجماعي، والتي كانت ما بين سنتي 2019 و2021.
وسجل التقرير وجود عدة اختلالات شابت الصفقات وسندات الطلب، تتجلى في عدم إشراك تقنيين متخصصين أثناء تسلم المقتنيات ذات طابع خاص أو تقني نتج عنه الوقوف على حالات متعددة المقتنيات مسلمة غير مطابقة لما هو متعاقد عليه، كما هو الحال بالنسبة لسندي الطلب رقم 2020/10 و2020/11 حيث تم تسليم طابعتين بنفس الخصائص ونفس المرجع وفي نفس اليوم، لكن بثمنين جد متفاوتين وبخصائص مختلفة عن تلك المحددة في رسائل الاستشارة وفي بياني الأثمان، كما أن شهادة إنجاز الخدمة لعدد من سندات الطلب توقع غالبا من قبل رئيس مصلحة الأشغال، والحال أن هذه المصلحة لا دخل لها في تسيير التوريدات المقتناة وأن تكوين رئيسها لا يؤهله لتسلم كل ما هو تقني والقيام بمراقبة دقيقة لها، علما بأن الجماعة تتوفر على مهندس وعدد من التقنيين.
ورصد تقرير لجنة الافتحاص عدم العمل بمقتضيات المادة 88 من المرسوم المتعلق بالصفقات العمومية في ما يخص تحديد توصيف دقيق للطلبيات في عدد من سندات الطلب، وتحديد أجل التنفيذ أو تاريخ التسليم وشروط الضمان، وتطبيق شروط المنافسة المسبقة، ويتجلى ذلك في غياب توصيف دقيق ومفصل للطلبيات، مواصفات ومحتوى الأشغال والتوريدات والخدمات المراد تلبيتها في رسائل الاستشارة لعدد من سندات الطلب، وعدم تحديد أجل التنفيذ أو تاريخ التسليم وشروط الضمان في مجموعة من سندات الطلب رغم أن الأمر يقتضي ذلك، وكذلك توجيه رسائل الاستشارة، بصفة متكررة لنفس الشركة رغم اختلاف مواضيع سندات الطلب الشيء الذي يتنافى مع مبدأ المنافسة وقواعد الشفافية ويتعلق الأمر بشركتين اثنتين تمت استشارتهما مرات متعددة.
وحسب التقرير، فقد تم صرف مبالغ مهمة على استهلاك الماء والكهرباء تفوق القدرات المالية للجماعة بالإضافة إلى حصر مبلغ 2.753.301,75 درهما كمتأخرات في الأداء لفائدة المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب الشيء الذي يزيد في تعقيد الوضعية المالية للجماعة، حيث رصدت لجنة الافتحاص وجود عدد من اشتراكات الماء والكهرباء تؤدي عنها الجماعة مبالغ جد مرتفعة، حيث تم الوقوف على عدد من الاشتراكات لم تقدم مصالح الجماعة للجنة التدقيق أية معلومات بخصوص المستفيدين منها وفي بعض الحالات لا تعلم حتى الجهة المستفيدة منها.
وبخصوص تدبير الممتلكات، وقفت لجنة الافتحاص على تقاعس رئيس مجلس الجماعة عن اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة في حق مكتري دكاكين المركز التجاري المتخلفين عن أداء ما بذمتهم للجماعة أو المحكوم عليهم بالإفراغ، حيث بلغت المبالغ غير المحصلة من طرف الجماعة ما مجموعه 1.009.860 درهم إلى حدود 2020/12/31، بالإضافة إلى السماح بالاعتداء على الملك الخاص للدولة عبر إصدار قرارات بالاستغلال المؤقت لشغل مساحات بلغت 1.000 متر مربع الممارسة نشاط حرفي، رغم علم الرئيس بذلك، وتسجيل اختلالات شابت توقيع الرئيس لست رخص أخرى مساحتها 84 مترا مربعا، بعد سحبه التفويض من نائبه الرابع، تعوض بعض الرخص التي منحها نائبه للمستفيدين (9 رخص) أو لمستفيدين آخرين بإحداث أكشاك بالملك العام الجماعي.
وأشار التقرير إلى أن الأرقام التي تحملها الأذون بالاستغلال المؤقت لشغل مساحات الممارسة نشاط حرفي غير مسجلة بسجل شغل الأملاك الجماعية مؤقتا، ويرجح أن تكون هذه الوثائق قد سلمت خارج الجماعة على اعتبار أن الموظف المسؤول عن تسليم هذه الأذون أكد أنه لا علم له بها وأنها غير مسجلة بالسجل السالف الذكر وأنها سلمت دون المرور عبر المساطر المعمول بها في هذا المجال.
كما سجلت لجنة الافتحاص مجموعة من الخروقات في ميدان التعمير، حيث تم منح رخصتي سكن مشكوك في صحتهما، وغير مسجلتين في سجل رخص السكن موقعتين من طرف النائب الثالث للرئيس في إطار التفويض الممنوح له في صلاحيات واختصاصات الرئيس في قطاع التعمير، وكانت إحدى البنايات موضوع محضر مخالفة في مجال التعمير والبناء، المتمثلة في بناء طابق ثاني بدون ترخيص، كما سلمت الرخصة الثانية خارج المرفق الجماعي، كما أكد ذلك الموظف المسؤول عن تسليم الرخص.
كما تم منح شهادة المطابقة تتعلق بحمام وفران ودكانين، علما أن رخصة البناء التي تم اعتمادها لهذا الغرض تتضمن وقائع مزيفة (معلومات غير صحيحة) كونها تشير إلى الرأي الموافق لأعضاء لجنة الشباك الوحيد لرخص التعمير، في حين أن هذه اللجنة أبدت رأيا بعدم الموافقة وأوصت باحترام تصميم التجزئة، وقد تبين أن توقيع رخصة البناء سالفة الذكر تم من طرف رئيس المجلس، علي المليح، حين كان يشغل مهام رئيس الجماعة خلال الانتداب السابق.
وسجلت اللجنة وجود قصور في مسك وتنظيم والمحافظة على أرشيف الجماعة، يتجلى في غياب عدد من الوثائق والمستندات الخاصة بعقد التدبير المفوض وبسندات الطلب ووضع جزء من الأرشيف مباشرة على الأرض وبطريقة عشوائية، مما يجعله عرضة للتلف والضياع، وقصور في تدبير المواد والتوريدات والمعدات المقتناة ناتج عن عدم مسك محاسبة مادية تمكن من ضبط المخزن الجماعي والوقوف على فارق بين الكميات المسجلة في جذاذات المخزن والعدد الفعلي للتوريدات المتعلقة بالمعدات الكهربائية.