شوف تشوف

سري للغاية

مبدع ميدان «الكرة الأرضية» الذي مات غاضبا من وضعيتها

جان فرانسوا زيفاكو (مهندس معماري)

حسن البصري

يعرفه البيضاويون بمهندس «الكرة الأرضية»، رغم أن بصمات الرجل حاضرة في كثير من معالم العاصمة الاقتصادية وكذا مدن مغربية أخرى. ويعرفه المهندسون المعماريون الفرنسيون بلقب «المغربي» لأنه ولد في المغرب وأصر على أن يدفن فيه.
ولد جان فرانسوا زيفاكو في الثامن من غشت عام 1916 في الدار البيضاء، وهي المدينة التي عاش فيها مدة طويلة من حياته، إلى أن لقي ربه في 22 دجنبر 2003، لكن لفرنسا فضلا عليه حيث درس في معهد الفنون الجميلة بباريس، وحصل على شهادة مهندس معماري عام 1945، وبعد عامين عاد للاستقرار من جديد في الدار البيضاء، حيث فتح مكتبا وشرع في وضع مخططات العديد من المرافق العمومية والخصوصية.
في أول مشروع تبناه مباشرة بعد استقراره من جديد في المغرب، كان مشروعا ذاتيا أي أنه صمم مسكنه الشهير بفيلا زيفاكو التي شرع في بنائها على الطراز الحديث عام 1947، وأصبحت الفيلا حاضرة في المجلات العالمية المتخصصة في الهندسة المعمارية. كما برز في إنجاز مشاريع معمارية مهمة، أبرزها مطار تيط مليل، ومركز حماية الطفولة الجانحة في نفس المنطقة، وقيل إنه رفض تلقي أجر مقابل تصميمه لمؤسسات الرعاية الاجتماعية، وبيوت الله وهو الذي وضع مخطط مسجد السنة بالدار البيضاء. وفي مكان منزو نسبيا عن المجمعات السكنية بعين الشق وبالقرب من مبنى المقاطعة، صمم المهندس زيفاكو مبنى البريد سنة 1955 واختار له تصاميم مكعبة مع استعمال ألواح رخامية في أجزاء من واجهته الخارجية.
لفت الرجل نظر أثرياء المغرب خاصة الأجانب، فلجؤوا إليه كي يضع لهم مخططات مساكنهم التي بنوها وفق رؤية وتصور فني من زيفاكو، كما وضع تصميم عين سيدي حرازم وساهم بجهده وأفكاره في إعادة إعمار مدينة أكادير بعد تعرضها لزلزال مدمر عام 1960، ما منحه فرصة للتعرف على ولي العهد المولى الحسن الذي كان يقود خلية إعمار أكادير.
من أبرز البنايات التي صممها جان فرانسوا خارج الدار البيضاء، محكمة المحمدية والمقر الرئيسي لبنك الإنماء الاقتصادي في الرباط، ومكتب البريد في أكادير، ناهيك عن «فيلات» كبار الشخصيات من فنانين يهود، أبرزهم ألبير سويسة، في منطقة أنفا وفيلا زنيبر وغيرهم من الشخصيات.
لكن تبقى «قبة زيفاكو» أو «الكرة الأرضية» أشهر منجزاته، فقد تشكلت من ممرات تحت أرضية ضمت مقاهي ومحلات تجارية راقية، وكانت وجهة للزوار والسياح الذين تجذبهم الدار البيضاء، إلا أنها تحولت إلى مرتع للمتسولين والمتشردين في المدينة، وأصبحت مأوى لمن لا مأوى له، وغدت «مراحيض عمومية»، ورغم جهود إعادة تهيئة هذه القبة، إلا أن توقف الأشغال ظل قاعدة واستئنافها استثناء، ما أغضب مبدع هذه المعلمة التي كانت في نهاية السبعينات نقطة استقطاب لأبناء الدار البيضاء.
وإضافة لهذه المعلمة، صمم زيفاكو زنقة الأمير المولى عبد الله، المعروف في الوسط البيضاوي بممر «البرانس» ويعود تاريخ تهيئته لعام 1976، برغبة من عامل الدار البيضاء حينها مولاي مصطفى بلعربي العلوي الذي كان يفضل التبضع من المحلات التجارية بهذا الممر.
حصل زيفاكو على جائزة الأغا خان للعمارة عام 1980، بفضل روعة تصميمه لمساكن حديثة لإيواء ضحايا زلزال أكادير، وفي الذكرى الـ60 للفاجعة، كرمت مدينة أكادير مجموعة من المهندسين الذين ساهموا في إعمار المدينة، أبرزهم جان فرانسوا زيفاكو، إيلي آزاجوري، وكلود فيردوجو، هنري تاستامين، لويس ريو، باريس دي مازييرز، عبدالسلام فاراوي، جان شالي، آمزالاج، فروليش… ومنسقهم مراد بنمبارك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى