ما لا تعرفونه عن «كورونا»
يونس جنوحي
بمجرد ما تم الإعلان عن أول حالة إصابة بفيروس «كورونا» في الجارة الجزائر، حتى تسابقت بعض المواقع الرخيصة على النقرات والزيارات عبر نشر أخبار كاذبة لا أساس لها من الصحة بخصوص تطورات انتشار الوباء في دول البحر الأبيض المتوسط.
بعض الشبان المغاربة بادروا إلى شراء وعرض كميات مهمة من الكمامات الصحية التي ارتفع الطلب عليها أخيرا في السوق العالمية، حتى أن الصين، التي كانت تُعتبر إلى وقت قريب إحدى كبريات الدول المنتجة لهذه الكمامات الصحية، أطلقت حملات للبحث عن معامل توفر أزيد من مليون كمامة في مدة قصيرة جدا، ووجدت مشكلا حقيقيا في استيراد الكميات المطلوبة حسب المناطق التي أعلن فيها تجميد الاستيراد للحد المؤقت من خارطة انتشار الوباء.
ربما هذه النظرة «السوريالية» للأمور لدى شعوب المنطقة المغاربية، بما فيها الدولة المصرية أيضا، والتي تقابل أخبار انتشار وباء «كورونا» واكتشاف مضاد للوباء نجح فعلا في شفاء بعض الحالات التي تم رصدها مبكرا في عدد من الدول، من بينها الصين التي كانت نقطة انطلاقه، تفتقد إلى الجدية اللازمة والوعي التام بمدى أهمية عدم تضخيم الأمور واتباع الأخبار الزائفة ونشرها بوعي وبدونه.
وإلى حدود كتابة هذه الأسطر، لم يتم تسجيل أية حالة إصابة جديدة سواء في إسبانيا أو الجزائر اللتين تعتبران أقرب المجالات الجوية والبرية إلى المغرب. بينما قوبل بارتياح كبير خبر تأكيد عدم إصابة أي مغربي من القادمين من بؤرة انتشار وباء «كورونا» قبل أسبوعين، وبالتالي إنهاء الحجز الصحي الذي قضوا فيه هذه الفترة للتأكد التام من أنهم لا يحملون أي أعراض.
ألمانيا أعلنت، أول أمس، إنشاء خلية أزمة للتصدي لأولى الحالات المرصودة للوباء وضمان تطويقها حتى لا تتسع بؤرة انتشاره، فيما وعد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الأمريكيين بإخبارهم الحقيقة كما هي بخصوص حالات الإصابة، خصوصا مع تنامي المخاوف الشعبية من وجود تكتم حكومي حتى لا يعم الرعب في البلاد.
انتشار الأخبار الزائفة والمبالغ فيها أصاب عددا من المواطنين بالارتياب، حتى أن زوجين صينيين كانا يتنقلان في ميترو بلندن تعرضا لهجوم لفظي من سيدة دعتهما إلى العودة إلى بلدهما الأصلي، بل وأمرتهما بالنزول الفوري في أول محطة يتوقف فيها الميترو، وهو ما خلّف موجة استياء عارمة وسط الركاب الذين اعتبروا الواقعة غاية في العنصرية والإقصاء، خصوصا وأن الهجوم اللفظي الذي تعرض له الزوجان الشابان، اللذان لم يُبديا أية مقاومة، كان جارحا، حيث إن السيدة حملت الصينيين مسؤولية انتشار الوباء، علما أن آخر الأبحاث العلمية التي أجريت لم تتعرف بعدُ على السبب الحقيقي وراء تطور الفيروس لكي يصبح بالطريقة التي انتشر بها من وسط سوق شعبي بمدينة «ووهان».
يُمارس الإعلام أحيانا أدوارا سلبية في تأطير الرأي العام الدولي والمحلي بخصوص هذا النوع من الأخبار، سيما وأن بعض المنصات الإخبارية التي تحظى بمتابعات كبيرة، لا تتبع أية قواعد في الإخبار البعيد عن البهرجة والفُرجة. هناك من يتابع أخبار انتشار وباء «كورونا» تماما كما يُتابع أخبار «الكلاسيكو»، في حين أن هناك من يعيش مثل هذه المعلومات على أعصابه خوفا على أحبائه، خصوصا عندما تم إعلان رصد حالات إصابة في إيطاليا، في وقت كان مهاجرون مغاربة ينوون العودة إلى أرض الوطن لزيارة أسرهم، فإذا بهم يصبحون معلقين في إجراءات الحجر الصحي ومخاوف الإصابة والتعامل الحذر لموظفي الصحة معهم. ورغم أن القنصليات المغربية في عدد من المدن الإيطالية وضعت أرقامها رهن إشارة المواطنين المغاربة، فإن بعض الصفحات على منصات التواصل نشرت معلومات لا أساس لها من الصحة سرعان ما تم تكذيبها من طرف صفحات رسمية لتجمعات المهاجرين المغاربة بعدد من المدن، بصورة بدا معها أن الوباء الحقيقي المنتشر في بعض الدول المتخلفة هو الغباء وليس «كورونا».