شوف تشوف

الافتتاحية

ما حك جلدك مثل ظفرك

أحالت حكومة عزيز أخنوش مشروع أول قانون مالي في ولايتها على البرلمان، ورغم أن المشروع يحمل في طياته الكثير من نقاط القوة والضوء التي تجعله متميزا عن باقي قوانين المالية في مجال الحماية الاجتماعية والتعليم والضرائب التضامنية والاستثمار العمومي، إلا أن هذا المشروع المالي برهاناته السياسية الكبيرة يعاني بشكل ملحوظ من عجز في التسويق السياسي والإعلامي من طرف تحالف الأغلبية، الذي يبدو أنه ما زال تحت تأثير الزمن الانتخابي وتداعياته ولم يدخل بعد زمن التدبير الحكومي برهاناته ومنطقه التضامني.
وهنا ينبغي التنبيه إلى محدودية انخراط مكونات التحالف في الدفاع عن تجربتها الحكومية، وعجزها عن إنتاج قاموس سياسي وأدبيات إعلامية تتماشى مع التجربة الحالية وتمنحها الهوية السياسية، بعيدا عن لغة الشعبوية وثقافة «تخراج العينين» التي سئم منها المغاربة لعقد كامل. واليوم هناك مسؤولية جسيمة على عاتق مناضلي أحزاب الحمامة والجرار والميزان، للدفاع بشراسة عن تجربتهم في الحكومة والأغلبية البرلمانية، دون أن ينتظروا من الآخرين فعل ذلك بدلا عنهم، فكما قال الإمام الشافعي رحمه الله «ما حك جلدك مثل ظفرك»، فالفرق واضح وشاسع بين أن تقوم أحزاب التحالف بنفسها بالدفاع عن منتوجها الحكومي وتسويق قراراتها للمواطن عن قناعة وإيمان، أو تنتظر وتطلب من غيرها القيام بذلك نيابة عنها.
ولئن كان الحكم بفشل التجربة الحكومية أو نجاحها أمراً سابقاً لأوانه، نظراً إلى أن الحكومة لا تزال في الأيام الأولى من بداية عملها، فإن المقدمة تبيّن أن البصمة السياسية للتحالف الثلاثي المثقل بزخم انتخابي، لم تظهر إلى حدود الساعة، ونتمنى ألا تتأخر كثيرا، لتكون في منزلة القوة الدافعة لتحقيق إنجازات للمواطن في القطاعات الحكومية المختلفة. إذ يبدو أن منطق البرودة التقنية غلب منطق الحماس السياسي، وإذا بقي الأمر على ما هو عليه، فستفقد التجربة الحكومية الكثير من رصيدها، شأنها في ذلك شأن التجارب الحكومية الأخرى .​
ما نريد أن تستوعبه مكونات التحالف الحكومي أنها بعد نتائج مسار طويل وشاق من الاستحقاقات الانتخابية، قررت مصيرها السياسي لخمس سنوات، والمطلوب منها اليوم الانخراط بكل إرثها التاريخي وجوارحها ومناضليها ومؤسساتها المركزية واللامركزية في حماية وصون تجربتها الوليدة، وألا يدفعها التردد إلى التملص من عواقب قراراتها وقوانينها وتدابيرها الإيجابية منها أو ما يظهر أنها سلبية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى