جروح المصابين في زلزال الحوز وتارودانت لا تزال طرية. والأمطار المقبلة التي كانت موضوع نشرات إنذارية متتالية خلال الأسبوع الماضي، كلها تؤكد أن الشتاء سوف يكون قاسيا على سكان الخيام الذين لا يزالون يُقيمون على بُعد أمتار فقط من أنقاض ما تبقى من قراهم.
قوافل المساعدات من جهة أخرى، لا تزال متواصلة. الجمعيات داخل المغرب وخارجه، تواصل أنشطتها في مد المصابين بالمساعدات، سواء تعلق الأمر بالأغطية أو الأدوية والطعام. لكن يجب على السلطات أن تتدخل بشكل أكبر لمراقبة كل ما يأتي من الخارج. فهناك حالات رصدتها بعض الجمعيات، توصل خلالها موزعو المساعدات بأدوية انتهت صلاحيتها بأسابيع أو أشهر. ولو أنها وُجهت إلى الضحايا مباشرة، لوقعت كارثة كبيرة تتجاوز تداعياتها ما تسبب فيه الزلزال.
هذا بالإضافة إلى ظروف تخزين أطنان المساعدات الغذائية التي توصلت بها العائلات منذ الثامن من شتنبر.
الذين كانوا هناك، وزاروا القرى والمداشر في نواحي تارودانت ومراكش، يعرفون جيدا أن شمس شتنبر وأكتوبر، التي تكسر الحجارة كما يقال، كانت تلقي أشعتها القوية على أطنان المساعدات بما فيها علب الحليب. والنتيجة أن سيدة الأسبوع الماضي أصيبت بإسهال حاد جراء استهلاك علبة حليب من العلب المخزنة في الخيام لأسابيع. وهو مؤشر واضح على بداية تلف بعض مواد المساعدات التي توصلت بها العائلة منذ أكثر من شهر ونصف.
إذا لم تتدخل السلطات، خصوصا الأطباء والممرضين الموزعين على مراكز العلاج القريبة من مناطق الزلزال، فإن حالات كثيرة لا بُد أن تُرصد في المستقبل.
رغم مجهودات السلطات المحلية في أكثر من منطقة، للضرب على يد المُضاربين في السلع وتجار الأزمات، إلا أن ظروف التخزين لا بد وأن تعرف بعض الإجراءات الصارمة التي يجب تطبيقها في الحال.
أما في ما يتعلق بواقعة الأدوية مُنتهية الصلاحية، فإن المصادر التي تحدثنا إليها، أكدت لنا أن حمولة جاءت من فرنسا الأسبوع الماضي، تحتوي على كميات كبيرة من الأدوية المخصصة للأطفال، بالإضافة إلى مسحوق حليب الرضع، كانت كلها منتهية الصلاحية.
وعن الطريقة التي مرت بها هذه البضائع كلها من الجمارك، فمرد ذلك إلى أن الأدوية والمنتجات مُنتهية الصلاحية كانت في علب كرتونية في قعر الناقلة. وهو ما جعل الوصول إليها مستحيلا على إدارة الجمارك التي راقبت بعض المنتجات ووجدتها فعلا صالحة للاستهلاك.
وترجح المصادر نفسها أن يكون مصدر تلك المواد مُنتهية الصلاحية، هو الشركات الفرنسية التي تبيع هذه المواد وليس مُنسقي الجمعيات المغربية في فرنسا. والدليل أن هذه الجمعيات أرسلت معدات طبية مهمة بالإضافة إلى كراسي العجلات وأدوات طبية أخرى. كما أن العاملين في المجال الجمعوي، يُنظمون قوافل مساعدات منذ عقود، ولم يسبق أن سُجلت ضدهم أي اختلالات أو ممارسات من شأنها أن تضر بسلامة المُستفيدين.
لا بد وأن القائمين على توزيع المساعدات، يضعون في حُسبانهم وقوع حالات مماثلة. لكن الحذر واجب، خصوصا عندما يتعلق الأمر بظروف التخزين.
عندما يقوم أي مسؤول مغربي بجولة بين الخيام التي تقطن بها العائلات التي نجت من الزلزال، فلا بد أن يخلص إلى أن الناس يقيمون في ظروف غير صحية بالمرة، فما بالك بالمواد الغذائية التي يكدس بعضها فوق بعض في خيام بلاستيكية معرضة مباشرة لأشعة الشمس الحارقة، وتصبح نهارا مثل حمامات “السونا”. ناهيك عن حالات الجشع التي سجلتها السلطات، حيث وجد أعوان الداخلية أطنانا من المواد الغذائية لدى بعض العائلات، تفوق بكثير حاجتها في الأسابيع المقبلة من مواد سريعة التلف مثل الحليب والدقيق.
لكل هذه الأسباب وجب الحذر، حتى لا يُصبح الزلزال زلزالين.