أبرق الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، للساسة اللبنانيين بخارطة طريق تضم أهم الإصلاحات الواجب إنجازها حتى تتمكن المساعدات الدولية من الوصول إلى البلاد وإنقاذه من الأزمات التي تزيد من الاحتقان الاقتصادي والاجتماعي.
وفي الوقت الذي تتضارب فيه التصريحات بين الإقرار بتسلم الساسة اللبنانيين لمقترحات ماكرون التي جاءت في صفحتين وبين نافٍ لخروجها من قصر الإليزيه كونها لازالت قيد النقاش والتنقيح، أكدت وكالة “رويترزت” للأنباء حصولها على نسخة من “خارطة طريق” ماكرون للوضع السياسي والاقتصادي في لبنان.
وكشفت الوكالة عن المحاور الرئيسية التي تتضمنها الوثيقة، منها ضرورة مباشرة التدقيق في حسابات البنك المركزي، إضافة إلى التعجيل بتشكيل حكومة مؤقتة قادرة على تنفيذ الإصلاحات المستعجلة، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة في غضون عام.
وترى وثيقة ماكرون أن لا بد من سد الفراغ في السلطة في لبنان عبر تشكيل حكومة إنقاذ، لتفادي استمرار نزيف الخسائر الاقتصادية والسياسية التي يغرق فيها لبنان.
وتتناول الورقة أربعة قطاعات يرى ماكرون أنها في حاجة إلى عناية عاجلة، وهي المساعدة الإنسانية وتعامل السلطات مع جائحة مرض “كوفيد 19” وإعادة الإعمار بعد انفجار الرابع من غشت في مرفأ بيروت، والإصلاحات السياسية والاقتصادية وانتخابات برلمانية تشريعية.
وخلافا لمطالب جزء من الطبقة السياسية اللبنانية، دعت “خارطة الطريق” الفرنسية إلى إحراز تقدم في المحادثات مع صندوق النقد الدولي، والقبول بإشراف الأمم المتحدة على أموال المساعدات الإنسانية الدولية التي تم التعهد بتقديمها للبنان في الأسابيع الأخيرة، فضلا عن إجراء تحقيق محايد في سبب انفجار حوالي 2750 طن من نترات الأمونيوم شديدة الانفجار والمخزنة بشكل غير آمن في المرفأ لسنوات.
هذا وتم الكشف عن مضامين الشروط التي من المرجح أن يكون السفير الفرنسي في لبنان قد سلمها لقادة الأحزاب السياسية استباقا للزيارة الثانية، بحسب ما كان أعلن عنه ماكرون خلال زيارته الأولى عقب التفجير الضخم الذي طال مرفأ ميناء العاصمة، حيث أكد أنه لم تقدم للدولة اللبنانية شيكات على بياض، وأن الدعم الدولي لن يجد طريقة إلى لبنان إلا إذا تمت تنفيذ إصلاحات اقتصادية وسياسية مهمة وعلى رأسها محاربة الفساد وضمان عدم الإفلات من العقاب.
ويعيش لبنان حالة من الفراغ السياسي بدأ بسلسلة استقالات انطلقت من البرلمان وطالت وزراء في الحكومة، ما اضطر رئيسها حسان دياب إلى الإعلان عن استقالة جماعية للحكومة، نتيجة فشلها في تدبير الشأن العام خصوصا انفجار مرفأ بيروت الذي راح ضحيته ما لا يقل عن 180 شخصا وأصاب نحو ستة آلاف آخرين ودمر أحياء بأكملها. وهو ما أخرج اللبنانيين في موجة احتجاجات ثانية ضد النخبة الحاكمة بسبب الفساد المستشري وسوء الإدارة اللذين أفضيا إلى أزمة مالية عميقة.