مارفين هاو : هذه قصة لقائي بالمقيم العام الجنرال «غيّوم» وزوجته
يونس جنوحي
حاولت إجراء حوار صحافي مع زوجة المقيم العام الجديد في المغرب لصالح مجلة أمريكية لكنه اعترض على الأمر وطلب مني المرور عبر القنوات الرسمية
بدأت «مارفين هاو» تحب مدينة الرباط رغم المصاعب المادية في البداية، وأيضا رغم التحديات المهنية التي أملاها عليها الجو العام في مغرب سنتي 1951 و1952.
لم تكن قصة «مارفين هاو» لتكتمل لولا السيدة «توليفر»، وهي أمريكية عملت مسؤولة عن محتوى البث باللغة الإنجليزية في الراديو، خلال فقرات البث الموجهة أسبوعيا للمستمعين الأمريكيين في المغرب.
مع هذه السيدة، عاشت «مارفين هاو» مختلف الأحداث، ومن بينها قصة طريفة إلا أنها لم تخل من مناوشات وتشويق وصل حد وضع مستقبلها المهني في الصحافة على المحك.
يتعلق الأمر بالجنرال «غيوم» وزوجته، والذي يعرفه المغاربة واحدا من أكثر المقيمين العامين الذين مثلوا فرنسا في المغرب، صرامة.
تقول «مارفين هاو»: «الصعوبات التي كنا نواجهها في راديو ماروك لم تكن تتعلق بمخاطر ما كنا نقوله على الهواء، وإنما بالظروف التي كنا نشتغل فيها». تحاول مارفين توضيح هذه النقطة أكثر، وتقول إن إدارة الراديو كانت تضع تعقيدات كثيرة أمام الصحافيين، وتشدد على ضرورة احترام التعليمات التي تأتي من الإقامة العامة. رغم أن «مارفين هاو» فهمت في البداية أن مهمتها في الراديو لن تتجاوز الترفيه على الأمريكيين في المغرب، إلا أنها وجدت نفسها في ما بعد في قلب الدوامة بسبب أنشطتها في الرباط وعلاقاتها مع المغاربة، ضاربة عرض الحائط بتعليمات الإدارة التي منعت على الصحافيين إقامة أي اتصال من أي نوع مع المغاربة.
تستحضر «مارفين» ذكريات تعود لسنة 1951، وتتعلق بأول لقاء لها مع زوجة الجنرال «غيوم» المقيم العام الفرنسي في المغرب. تقول إنها تلقت دعوة الحضور لتمثيل «راديو ماروك» في لقاء ترأسه الجنرال غيوم، وبما أنها ألفت أن تكون النساء الفرنسيات اللواتي يحضرن المناسبات العامة في الرباط يظهرن فقط بعد الساعة السادسة مساء، فقد اعتقدت عندما لمحت سيدة أوربية تقف في بهو مكان اللقاء الذي ترأسه الجنرال، أن الأمر يتعلق بصحافية أمريكية جديدة تم استدعاؤها إلى اللقاء، قبل أن تكتشف أن الأمر يتعلق بالسيدة «غيوم» زوجة المقيم العام في المغرب وقتها!
عندما حاولنا تذكير «مارفين» بهذه الجزئيات التي وردت في كتابها الصادر سنة 1954، كانت لا تزال تحتفظ ببعض التفاصيل. أولها أن اللقاء بينها وبين زوجة المقيم العام الجنرال Guillaume، كان بمناسبة جولة قام بها فور تنصيبه خلفا للمقيم العام السابق «جوان». تقول مارفين أيضا إنها لم تتوقع أن تكون زوجته هي السيدة الواقفة في البهو، لأنها لم تعد ترى نساء المسؤولين في مكان الاستقبالات إلا عندما يتعلق الأمر بحفل راقص ترافق فيه الزوجات المسؤولين الكبار في الجيش والإقامة العامة.
تضيف مارفين أيضا أن الجنرال «غيوم» غضب كثيرا عندما حاولت أن تحظى بحوار صحافي مع زوجته لصالح مجلة «دايلي جورنال»، حيث كانت مارفين تنوي أن تفوز بسبق صحافي عبارة عن حوار مطول مع زوجة المقيم العام في المغرب لكي تتحدث عن جوانب من حياتها وقصتها مع الجنرال الذي شارك في الحربين العالميتين قبل أن يصبح ممثل فرنسا في المغرب، الذي كان يتم تقديمه للرأي العام الأمريكي وقتها باعتباره مقاطعة فرنسية في إفريقيا، لا أكثر.
انزعاج المقيم العام كان مرده إلى الطريقة التي حاولت بها مارفين هاو الفوز بالحوار. تقول: «قال لي المقيم العام وقتها: هل تعتقدين أنك سوف تحظين بالحوار مع السيدة «غيوم» دون المرور عبر القنوات الرسمية؟».
كان المقيم العام يقصد بكلامه حرصه على احترام البرتوكول المعمول به في تلك المناسبات. كان الفرنسيون ينظرون إلى الأمريكيين عموما على أنهم متمردون ومستهترون، بينما كان التوتر السياسي، أيضا، عاملا كبيرا في سوء الفهم بين الفرنسيين والأمريكيين في المغرب.
في مكتب المقيم العام شرحوا لاحقا لمارفين هاو أن الأمور عندهم لا تتم بطريقة «السكوب» والسبق الصحافي، وإنما عبر احترام القنوات الرسمية والإدارية المعمول بها في تلك الحالات.
عموما، كانت هذه بداية العلاقة بين «مارفين هاو» والمقيم العام وزوجته، حيث سوف يتم استدعاؤها إلى إقامته الخاصة، لكي تواجه بنفسها غضبه الكبير بسبب مقال صحافي تُرجمت عبارة منه بطريقة خاطئة إلى الفرنسية، وتغير معناها لكي يغضب الجنرال، ويبلغ مارفين بهذا الأمر شفهيا.
لكن تلك المقابلة كانت في الحقيقة طريقا مختصرا لهذه الصحافية الشابة في بداية خمسينيات القرن الماضي، لكي تجري حوارا مطولا لصالح «راديو ماروك» مع الباشا الكلاوي شخصيا وتتناول معه قضية القواعد العسكرية الأمريكية في المغرب وموقف المغاربة منها.