شوف تشوف

سري للغاية

مارفين هاو : إيجاد سكن في الرباط لم يكن مهمة سهلة وهكذا أصبحتُ كاتبة عمود أسبوعي

كان على «مارفين هاو»، إذن، أن تُراسل أسرتها في الولايات المتحدة الأمريكية لكي تخبرهم أنها قررت الاستقرار في المغرب لخوض تجربة مهنية مع «راديو ماروك» الذي كان منبرا فرنسيا للترويج إعلاميا لوجهة النظر الفرنسية في المغرب.
كان اتصالها مع الأسرة الفرنسية التي أقامت بين أفرادها سنة كاملة في مدينة فاس قد انقطع، بحكم أن الأسرة كانت قد ذهبت صوب فرنسا لقضاء العطلة الصيفية.
حملت الشابة «مارفين هاو» تذكرة العودة من الدار البيضاء إلى باريس في يدها، وألقت عليها النظرة الأخيرة قبل أن تودعها في صندوق ذكرياتها وقررت أن تبحث عن سكن في حدود الميزانية التي كانت تتوفر عليها قبل أن تصرف لها إدارة «راديو ماروك» أجرتها الأولى.
طرحنا عليها السؤال حول تذكرة العودة تلك، وما إن كانت لا تزال تتوفر عليها. ترد: «أوه أنت تطلب تفاصيل كثيرة. لدي تذاكر كثيرة جدا لجولاتي حول العالم». في الحقيقة تذكرة الرحيل تلك عن المغرب، كانت هي تذكرة العمل في الصحافة.
هل كانت «مارفين هاو» مرتاحة نفسيا للعمل في إدارة راديو «عنصرية»؟ كما وصفتها بنفسها أثناء حديثها إلى «الأخبار». الحقيقة أن «مارفين هاو» كانت تستسهل الأمور في ذلك الوقت. تقول إن حماسها الكبير في البداية جعلها تستصغر تلك التوجيهات التي أعطيت لها في اللقاء الأول مع إدارة «راديو ماروك» حتى أنها فكرت في التعاون مع الـBBC في لندن لتحسين وضعيتها المادية، وأيضا لتوسيع نطاق عملها.
سوف نعود إلى هذه التفاصيل لاحقا. تقول «مارفين» إن أسرتها كانت دائما تتقبل اختياراتها وتعلق عليها بسخرية. إذ إنها عندما أخبرتهم للمرة الأولى بنيتها التوجه إلى المغرب، رد عليها أحد أصدقائها في الولايات المتحدة الأمريكية بالقول: «الإقامة في فاس سوف تكون ممتعة بدون شك. الجِمال والقصبات والبعثات الأجنبية. سوف تنتهين إلى ارتداء الخمار والعمامة وتدخين الحشيش».
هذه الصورة النمطية التي كونها معظم أمريكيي الخمسينيات عن المغرب بسبب السينما التي قدمت الشرق بتلك الصورة، لم تكن واقعية أبدا ولا منصفة في نظر «مارفين هاو» فعندما جاءت إلى المغرب، كما تقول، كانت تعلم أنها سوف تدخل بلدا لديه تاريخ وخصوصية تميزه عن بقية البلدان. وهذا الموقف بالضبط سوف يكون موضوع مشاكل كثيرة مع إدارة الراديو في الرباط.
كيف استطاعت «مارفين هاو» العيش في البداية بالمغرب، والإدارة تمنعها من التواصل مع المغاربة نهائيا، باستثناء بعض الشخصيات المغربية التي تعمل في الإدارة الفرنسية؟
لقد كانت البداية، حسب اعترافها، صعبة للغاية. إذ إنها وجدت صعوبة في إيجاد سكن مناسب لها بميزانية تلائم أجرتها الشهرية التي صرفتها لها إدارة راديو ماروك. لكن بداية نسجها للعلاقات في الرباط بدأت مع تلقيها عرض عمل لصالح «The Liberal Casablanca» كتابة عمود أسبوعي.
تقول مستحضرة هذه اللحظات: «كانت هذه فرصة لي لكي أقيم تواصلا مع مختلف الأجانب الذين كانوا يزورون المغرب. بمن فيهم الصحافيين. وهكذا التقيت وتعرفت منذ البداية على مدير البرامج العربية في راديو BBC، حيث كان يحتاج لمراسلات من المغرب. وقتها تم إخباري أن راديو لندن غير مهتم بالأنشطة الرسمية للحماية الفرنسية في المغرب. الـBBC أرادوا الأخبار المغربية وآراء المغاربة».
تقول «مارفين هاو» ضاحكة إن هذه النقطة سوف تجر عليها عددا من المشاكل مع الإقامة العامة الفرنسية في الرباط. إذ إن الإدارة الفرنسية لم تكن توافق على التقارير التي أرسلتها «مارفين هاو» بخصوص حياة المغاربة.
كانت في «راديو ماروك» تشتغل على محتوى موجه للأمريكيين المقيمين في المغرب، خصوصا في القواعد العسكرية الأمريكية، بالإضافة إلى القلة من الأمريكيين الذين يتجولون في البلاد. وهؤلاء كانوا يرغبون في الترفيه أكثر مما كان يهمهم متابعة الوضع السياسي، الذي لم يكن مسموحا بنقله أو مناقشته في «راديو ماروك». بينما إدارة BBC في لندن كانت ترغب في نقل أخبار حقيقية عن المغرب إلى مستمعيها وهو ما جعل «مارفين هاو» تقوم بنوعين من العمل، لا رابط بينهما إلا الميكروفون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى