شوف تشوف

الرئيسيةالملف السياسيسياسية

ماذا ستقدم الحكومة للأجراء والموظفين بمناسبة فاتح ماي؟

النقابات تنتظر توقيع اتفاق اجتماعي   

يشكل العيد العالمي للطبقة العاملة، الذي يصادف يوم فاتح ماي من كل سنة، مناسبة تنتظرها المركزيات النقابية لتوقيع اتفاق اجتماعي مع الحكومة، يضمن بعض المكتسبات للأجراء والموظفين. وستكون هذه المناسبة، خلال هذه السنة، هي الأولى من نوعها في عهد حكومة عزيز أخنوش، التي رفعت شعار الدولة الاجتماعية، وقدمت الكثير من الوعود في برنامجها. كما أن الحكومة دشنت الجولات الأولى من الحوار الاجتماعي مع النقابات و«الباطرونا»، بعدما ظل هذا الحوار متعثرا خلال الولايتين الحكوميتين السابقتين، وكان رئيس الحكومة قد أرسل إشارات إيجابية من تحت قبة البرلمان، عندما دعا إلى الشروع في التفكير الجدي والمسؤول في كيفية مأسسة الحوار الاجتماعي ليكون عقده ملزما ومنتظما، والاتفاق على ميثاق وطني للحوار الاجتماعي يحدد حقوق وواجبات مختلف الفاعلين، ويضع قواعد للهياكل ومؤسسات الحوار، وينظم أساليب الاشتغال والتعاون بين مختلف الشركاء الاجتماعيين.

 

إعداد: محمد اليوبي – النعمان اليعلاوي

الحكومة تقترح إخراج ميثاق وطني للحوار الاجتماعي

 

أعلن رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، من تحت قبة البرلمان، عن انطلاق جلسات للحوار الاجتماعي بين الحكومة والمركزيات النقابية والاتحاد العام لمقاولات المغرب، ودعا إلى الشروع في التفكير الجدي والمسؤول في كيفية مأسسة الحوار الاجتماعي ليكون عقده ملزما ومنتظما، والاتفاق على ميثاق وطني للحوار الاجتماعي يحدد حقوق وواجبات مختلف الفاعلين ويضع قواعد لهياكل ومؤسسات الحوار وينظم أساليب الاشتغال والتعاون بين مختلف الشركاء الاجتماعيين، بالإضافة إلى التداول بشأن الأولويات الاجتماعية التي تحظى باهتمام ممثلي الطبقة الشغيلة على مستوى القطاعين الخاص والعام وكذا ممثلي رجال الأعمال.

وأكد أخنوش أن الحوار الاجتماعي، في ظل دستور 2011، لم يعد ممارسة فضلى أو عرفا أخلاقيا جاريا به العمل، أو حتى التزاما دوليا ألزم به المغرب نفسه عن طواعية وقناعة، بل أصبح تجسيدا للديمقراطية التشاركية كإحدى الركائز المتينة التي يقوم عليها النظام الدستوري للمملكة (الفصل 1)، الذي يشدد أيضا على ضرورة إشراك مختلف الفاعلين الاجتماعيين في إعداد السياسات العمومية وتفعيلها وتنفيذها وتقييمها (الفصل 13 من الدستور)، وهو ما يجعل من الحوار الاجتماعي لبنة أساسية في ترسيخ البناء الديمقراطي، وإنعاش التنمية الاقتصادية، وتوطيد الاستقرار الاجتماعي وتوفير المناخ الملائم لجلب الاستثمار وتطوير الإنتاج الوطني وتمكين المقاولات من مواجهة التحديات الاقتصادية والظروف القاهرة، خصوصا تلك التي أصبحت تفرضها الأوبئة والفيروسات.

ووجه رئيس الحكومة دعوة إلى المركزيات النقابية والاتحاد العام لمقاولات المغرب، لعقد جلسات الحوار الاجتماعي، للشروع في التفكير الجدي والمسؤول في كيفية مأسسة الحوار الاجتماعي ليكون عقده ملزما ومنتظما، والاتفاق على ميثاق وطني للحوار الاجتماعي يحدد حقوق وواجبات مختلف الفاعلين ويضع قواعد لهياكل ومؤسسات الحوار وينظم أساليب الاشتغال والتعاون بين مختلف الشركاء الاجتماعيين، بالإضافة إلى التداول بشأن الأولويات الاجتماعية التي تحظى باهتمام ممثلي الطبقة الشغيلة على مستوى القطاعين الخاص والعام وكذا ممثلي رجال الأعمال سواء على المدى القريب أو المتوسط أو البعيد.

وقال رئيس الحكومة، «وإذ أدعو بهذه المناسبة إلى انطلاق جلسات الحوار الاجتماعي، فإنني على يقين تام بالروح والمرجعية الوطنية الصادقة التي تحكم كل مكونات هذا الحوار، وهي الروح التي تجعل من المصلحة العليا لبلدنا فوق كل اعتبار سيما ونحن أمام تحديات متعددة ومتنوعة، لا سبيل لنا جميعا أمامها إلا التعاضد والتعاون لربح رهاناتها وترسيخ السلم الاجتماعي، وبما يكفل العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية كأهم مقومات الدولة الاجتماعية».

وأكد أخنوش أن الخلفية العامة التي ستؤطر عمل الجميع هو منطق التعاون والتكامل كل من موقعه، داعيا إلى مواجهة الخصم المشترك المتمثل في الوضعية الاجتماعية لمختلف المأجورين والموظفين وكل فئات مجتمعنا عبر ربوع البلاد، مؤكدا على انفتاح الحكومة الكامل وبعيدا عن أية خلفية جاهزة إلا خلفية المصلحة العامة.

وذكر أخنوش أن التجارب الحكومية السابقة أثبتت أن استكمال أركان الدولة الاجتماعية لا يمكن أن يتم خارج إرساء قواعد منتظمة ودورية للحوار الاجتماعي، وأضاف «ولكي يتسنّى لهذا الأخير أن يضطلع بدوره كشكل من أشكال الحوار المبنية على قيمة المقاربة التشاركية كقيمة دستورية، وأن يكون ذا فاعلية في القرارات الاجتماعية والاقتصادية والتشريعية الهامة، لا بد للحكومة وكافة الشركاء الاجتماعيين أن يضعوا أيديهم في أيدي البعض في إطار احترام الواجبات الدستورية الملقاة على عاتقنا جميعا».

وأفاد أخنوش بأن الحكومة تعتزم خلال هذه الولاية الانتقال نحو وضع تصور جديد لمأسسة الحوار الاجتماعي وتوسيعه ليشمل قضايا مستجدة، عبر تعزيز موقع الفاعلين النقابيين الوطنيين في هذا المجال ومدهم بالإمكانات والآليات اللازمة للاشتغال وتعزيز الحق والحرية النقابيين، وتابع قائلا «إن ما نطمح إليه خلف الحوار الاجتماعي، هو المساهمة في انبثاق ميثاق اجتماعي جديد كما دعا إلى ذلك جلالة الملك، بين الحكومة والشركاء الاجتماعيين يساهم في استقرار الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ويؤدي إلى تحقيق التنمية الاجتماعية دون إلحاق الضرر بأي طرف، ودون المساس بالواجبات والحقوق المضمونة لكل شريك في الحوار»، مضيفا «وسيجد فينا الشركاء كل الدعم المطلوب، لحماية الحقوق الأساسية للعامل من خلال ضمان ظروف العمل اللائقة، والحماية الاجتماعية، والمساعدة على تعميق المشاركة الديمقراطية للأطراف المعنية في الحوار، والحس التشاركي في إيجاد الحلول للقضايا الاقتصادية والاجتماعية الهامة، ومساعدة المقاولات الوطنية على تجاوز صعوبات المقاولة الناتجة عن الظروف القاهرة».

وتوجه أخنوش إلى الفاعلين في الحوار الاجتماعي، للتأكيد على أن توجه الحكومة هو توجه صادق ومسؤول من أجل تحمل المسؤولية كاملة في جيل جديد من الحوار الاجتماعي بما يضمن التجاوب مع مطالب هذه المكونات، ولكن، في نفس الوقت، يراعي الوضعية الصعبة التي يمر منها الاقتصاد الوطني جراء مواصلة التداعيات الوخيمة لفيروس كورونا-19، وللمقدمات الصعبة التي أملتها الظروف المناخية الراهنة في المجال الفلاحي.

وأكد رئيس الحكومة أن النهوض بالحوار الاجتماعي أصبح اليوم تحديا مشتركا أمام الجميع، مشيرا إلى وجود ملفات اجتماعية ثقيلة ظلت تراوح مكانها منذ سنوات، خصوصا تلك المرتبطة باستكمال تنزيل الوثيقة الدستورية التي تعاقد حولها المغاربة، والتي تحتاج اليوم إلى الكثير من الجرأة والواقعية، وتحدث في هذا الصدد عن القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب، بالإضافة إلى الملفات المتعلقة بتنزيل منظومة الحماية الاجتماعية والسجل الاجتماعي، والتغطية الصحية، والحزمة القانونية المتعلقة بفئات الموظفين في بعض القطاعات، والتدابير التشريعية اللازمة لتطوير منظومة الشغل والاتفاقيات الجماعية.

وأبرز أخنوش أن الإصلاحات المطلوبة بشأن منظومة التقاعد تظل من أهم الملفات التي تقتضي رؤية وطنية موحدة، وأكد أن الحكومة ستتحلى بالشجاعة السياسية اللازمة، ولن تدخر جهدا لبلوغ رؤية توافقية، مع مختلف الشركاء الاجتماعيين، كفيلة بإيجاد حلول واقعية، جدية ومستدامة للإشكاليات التي تعاني منها مختلف أنظمة التقاعد، والتي من الممكن أن تتطور في أفق الولاية المقبلة إلى وضعية عجز هيكلي دائم، وأضاف قائلا «إن هذه الحكومة لن تقبل على نفسها، مهما بلغت الكلفة السياسية، أن تعمل على توريث هذا الملف مع تعميق أزمته ورفض الحوار البناء بشأنه، كما جرت بذلك العادة خلال كل السنوات الماضية».

وخلص إلى أن هذه الملفات الاجتماعية تتطلب، بالإضافة إلى مأسسة الحوار الاجتماعي من حيث تنظيمه وإدارته وتطوير مضامينه وتأمين استمراريته وانتظامه داخل المجال المحلي والقطاعي والترابي، تغليب لغة العقل والمنطق والموضوعية وسيطرة المصلحة العامة على المصالح الخاصة والفئوية، وقبلها وجود النية الصادقة والإيمان بالحوار كأسلوب وحيد وأوحد لصناعة الحلول، وختم بالقول إن «هذه الحكومة شعارها وممارستها مع الجميع مهما اختلفنا مع بعضهم، الحوار ثم الحوار ولا شيء غير الحوار».

 

هذه مطالب النقابات بمناسبة احتفالات فاتح ماي

 

 

شكلت الأوضاع الاجتماعية المرتبطة بارتفاع الأسعار محط اهتمام النقابات التي تستعد للاحتفال بالعيد العمالي الأممي، فقد نبهت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل إلى ما تعيشه الطبقة العاملة وعموم المغاربة من أوضاع اجتماعية صعبة، والتي تنتج المزيد من التفقير والتهميش والهشاشة والإقصاء الاجتماعي، حسب النقابة  وهي الأوضاع التي تعمقت في ظل الجائحة، ودعت إلى الاحتجاج في عيد الشغل، وطالبت الكونفدرالية في نداء فاتح ماي الحكومة بالتدخل لوضع حد لارتفاع أسعار المواد الأساسية والمحروقات، وإقرار ديمقراطية حقيقية، وتوزيع عادل للثروات.

وأكدت النقابة على ضرورة احترام الحريات العامة والحريات النقابية، وإطلاق سراح كافة معتقلي الرأي والحركات الاجتماعية، وطالبت الكونفدرالية بحوار اجتماعي مؤسسي يستجيب لانتظارات المواطنين، ويحقق المطالب المادية والاجتماعية والمهنية للطبقة العاملة وعلى رأسها الزيادة في الأجور، ودعت إلى المشاركة الواسعة في تظاهرات عيد الشغل في جميع الأقاليم والمدن للدفاع عن الحقوق والمطالب المشروعة، وتأكيد مواقفها الثابتة من القضية الوطنية، واستنكار العدوان الصهيوني على القدس والشعب الفلسطيني.

وبدوره طالب الاتحاد المغربي للشغل في مذكرة له، بفرض زيادة 1000 درهم صافية في أجور الموظفين والمستخدمين بالقطاع العام، ورفع الأجر الأدنى بالقطاع العام إلى 4000 درهم صافية، ومن بين المطالب التي تضمنتها المذكرة، تقليص سنوات الأقدمية المطلوبة لاجتياز امتحانات الكفاءة المهنية من 6 إلى 4 سنوات، وتخفيف العبء الضريبي على الموظفين عبر تقليص الضريبة على الدخل، ودعت النقابة، الحكومة، إلى الزيادة في قيمة خفض الضريبة على الدخل عن الأطفال والزوج من 30 درهما إلى 300 درهم، وكذا إقرار مبدأ المساواة في التعويضات العائلية بالنسبة لجميع أطفال الموظفين.

وبدورها دعت الجامعة الوطنية للتعليم FNE إلى تخليد العيد الأممي للعمال الذي يصادف الفاتح من ماي من كل سنة بتسطير برنامج احتجاجي بمختلف الأشكال، ودعت النقابة إلى الزيادة في أجور ومعاشات الشغيلة التعليمية وتخفيف العبء الضريبي عنها وتطبيق السلم المتحرك للأجور، ومعالجة الملفات العالقة والقطع مع التوظيف بالعقدة بإدماج كل المفروض عليهم التعاقد في الوظيفة العمومية ووقف المتابعات القضائية، وسن نظام أساسي لموظفي وزارة التربية في إطار الوظيفة العمومية، وقالت النقابة إن الطبقة العاملة المغربية ومعها الشغيلة التعليمية وعموم المأجورين تخلد عيدها الأممي في ظل تصاعد الهجوم الطبقي للدولة المغربية  على القوت اليومي للجماهير الشعبية من خلال فرض زيادات صاروخية في أسعار كل المواد الغذائية وتكريس اختياراتها اللاشعبية بالانصياع لتعليمات الصناديق المالية الاستعمارية وترسيخ توجهها النيوليبرالي المتوحش وتنزيل نموذجها التنموي الذي يجهز على ما تبقى من خدمات العمومية بتفويتها للقطاع الخاص وتعميق التبعية والريع والاحتكار والمديونية والإقصاء الاجتماعي.

وبدوره، دعا الاتحاد الوطني للشغل في ندائه لفاتح ماي 2022، الحكومة إلى المراجعة الجذرية لسياستها واختياراتها الاجتماعية والعمل على تجاوز بطئها، والمبادرة إلى حماية الشغيلة المغربية وعموم المواطنين من ارتفاع أسعار المحروقات وغلاء تكلفة المعيشة، من خلال سن إجراءات فورية لدعم الفئات الهشة المتضررة والعمل على تحسين الأجور لمواجهة الارتفاع المهول للأسعار، وطالب الاتحاد، بالتعجيل بإخراج أنظمة أساسية عادلة ومنصفة ودامجة لمختلف الفئات التي لا تزال خارجها سواء بالمؤسسات والوكالات العمومية أو القطاع العام، مع الإصلاح الآني لمنظومة الأجور وتحسين القدرة الشرائية لعموم الأجراء والمتقاعدين.

ودعت النقابة إلى إقرار الإنصاف الفئوي الذي يهم ملفات المتصرفين والدكاترة والتقنيين بالإدارات والمؤسسات العمومية، والذي يعرف حالة من الاحتقان نتج عنها احتجاجات ميدانية لم يعد من المقبول عدم أخذها بعين الاعتبار، وفي ظل ترديد مبررات مشروخة حول الإصلاح الشمولي للوظيفة العمومية طال انتظاره لعقود، كما دعت إلى تبني حوار اجتماعي وطني متعدد الأطراف، في ظل واقع اجتماعي تزداد وثيرة احتقانه نتيجة اختيارات الحكومة الاجتماعية، كما يطالبها بالوفاء بروح ومضمون دستور2011، وخاصة من خلال الفصل الثامن، الذي يحث السلطات العمومية على تشجيع المفاوضة الجماعية، وإحداث آليات دائمة لمأسسة الحوار واستدامته.

 

ثلاثة أسئلة

الميلودي مخاريق*

*الأمين العام الوطني للاتحاد المغربي للشغل

 

«اتفاق اجتماعي يترجم مطالب الشغيلة ويخفف آثار الأزمة الاقتصادية الحالية ضرورة ملحة»

 

 

ما أهمية وصول الحكومة والنقابات إلى اتفاق اجتماعي، قبيل عيد الشغل؟

إن الاتحاد المغربي للشغل طالب الحكومة بالوصول إلى اتفاق، قبل فاتح ماي المقبل، يتضمن استجابة للمطالب التي رفعتها النقابات، وهو الاتفاق الذي نتمنى أن يكون مترجما لمطالب الشغيلة المغربية في تخفيف آثار الأزمة الاقتصادية الحالية، غير أن السؤال المطروح، هو هل هذا الاتفاق سيستجيب لمطالب النقابات؟ ولهذا الهدف، وحتى تكون مطالبنا واضحة أمام الحكومة، فقد وجه الاتحاد مذكرة جامعة ومانعة، من أجل تجاوز أي حوار شكلي لا يفضي إلى نتائج حقيقية، بل يجب إقرار حوار معقول ومؤسس ومبني على نقاط تستجيب للإكراهات الاجتماعية التي تواجه الطبقة العاملة، ومما ركزنا عليه أنه يجب الوصول إلى زيادة عامة للأجور في القطاعين العام والخاص، والزيادة في معاشات التقاعد، وتخفيض الضريبة على الأجور التي تصل إلى 38 في المائة، وهذا غير معقول، خصوصا أنها ترتفع لدى العاملين البسطاء، ويتم إعفاء كبار الفلاحين والملاكين العقاريين.

كما نعتبر أيضا أنه من الملفات التي يجب الوصول فيها إلى اتفاق، ملف الحريات النقابية، إذ لا يمكن للوضع الحالي أن يستمر على هذا النحو، ويتم المساس بالحريات النقابية في العديد من المناسبات، ونرى أن الحكومة مطالبة بتحصين الحريات النقابية، وترجمة هذا الأمر في الاتفاق الذي نصبو إلى توقيعه. ونعتبر أن الحوار من شأنه أن يعزز الثقة ويرسخ ثقافة التعاون، ويكرس المقاربة التشاركية في تدبير الشأن العام، خاصة ما يتعلق بالملفات الاجتماعية الملحة التي تحظى ببالغ العناية والاهتمام من لدن كافة الأطراف، هي الأصل والسبيل لضمان السلم الاجتماعي. لذا فمن الضرورة بما كان مأسسة منهجية الحوار وإحاطته بكافة ضمانات النجاح، بغرض الوصول إلى اتفاقات دقيقة وواقعية، تجعل من المواطنات والمواطنين يحسون بأهميتها وارتباطها بانشغالاتهم اليومية والمهنية، وفي ظل الظرفية الاجتماعية التي تتسم بارتفاع الأسعار، وهشاشة سوق الشغل وارتفاع البطالة متأثرة بأزمة وباء كورونا.

 

هل المنهجية الحالية للحوار ستفضي إلى هذا الاتفاق؟

تجب الإشارة إلى أنه لا معنى لأي حوار، لا يهدف إلى تحسين الأوضاع المادية والمهنية للطبقة العاملة، ولا يفضي إلى تعزيز المستوى المعيشي للفئات الشعبية المتضررة من الأزمة ومن التهاب الأسعار. ومن الملفات التي نرى أنها مستعجلة ويجب أن يتم الاتفاق بشأنها، ملف مأسسة الحوار الاجتماعي من خلال إحداث لجنة عليا للحوار الاجتماعي والمفاوضة ثلاثية الأطراف، يرأسها رئيس الحكومة، وتتكون من الأمناء والكتاب العامين للمركزيات النقابية الأكثر تمثيلية، ورئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، تنعقد مرتين في السنة، الأولى خلال شهري شتنبر/أكتوبر، للتداول حول التوجهات الكبرى لمشروع قانون المالية للسنة الموالية، والثانية خلال مارس/ أبريل لتقييم وتتبع نتائج الحوار الاجتماعي على الأقل، ويعهد إلى هذه اللجنة العليا تدبير جولات الحوار الاجتماعي برئاسة رئيس الحكومة، تجتمع عند انطلاق جولة الحوار للاتفاق حول جدول الأعمال وعند نهاية الجولة، من أجل وضع خلاصات الحوار وتوقيع محضر اتفاق. إلى جانب هذه اللجنة وجب إحداث لجنة القطاع العام، لجنة القطاع الخاص، وتحديد جدولة زمنية لاستيفاء جميع النقاط المسجلة في جدول الأعمال، مع تحديد سقف زمني لكل جولة.

 

ما هي أهم المطالب الاجتماعية التي ترون أنها ملحة، ويجب أن يشملها هذا الاتفاق؟

بخصوص المطالب المادية والمهنية والاجتماعية للطبقة العاملة، فهذه الملفات تنقسم إلى نوعين، منها المشتركة بين القطاعين العام والخاص، وتتعلق بالزيادة العامة في الأجور والرفع من الحد الأدنى للأجور، وتخفيض الضغط الضريبي على الدخل، والإعفاء الضريبي لواجبات تمدرس أطفال العمال والموظفين، ورفع الحد الأدنى للمعاشات بـ30 في المائة وإعفائها من الضريبة على الدخل، وتطبيق السلم المتحرك للأسعار والأجور والمعاشات، وإلغاء الضريبة على مدخرات صناديق التقاعد، إرساء التمثيلية النقابية داخل المجالس الإدارية للمؤسسات الاجتماعية والاقتصادية، وإعفاء المتقاعدين والمسنين من ذوي المعاشات الدنيا من أداء واجبات التنقل والعلاج، وسن سياسة خدمات صحية واجتماعية لفائدتهم، بالإضافة إلى عدد من الملفات التي تضمنتها المذكرة التي تقدمنا بها إلى رئيس الحكومة، غير أن الكثير من الملفات تنتظر مباشرة الحكومة لها، وإن كنا قد لمسنا تجاوبا من طرف الحكومة من خلال إبداء الرغبة في معالجة بعض الملفات، التي كانت حكومتا سعد الدين العثماني وعبد الإله بنكيران، تريدان إغراق الحركة النقابية فيها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى