شوف تشوف

الرئيسيةالملف السياسيسياسية

ماذا ربح المغرب من زيارة ماكرون؟

اعتراف بالسيادة على الصحراء وتوقيع شراكة استثنائية و22 اتفاقية استثمار بـ10 ملايير يورو

انتهت زيارة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إلى المغرب، بتحقيق مكاسب مهمة للقضية الوطنية الأولى وللاقتصاد الوطني، ويتجلى أول مكسب هو تأكيد الرئيس الفرنسي في خطاب ألقاه أمام مجلسي البرلمان على موقفه بخصوص سيادة المغرب على كامل تراب الصحراء المغربية، وتخصيص استثمارات عمومية فرنسية مهمة بالأقاليم الصحراوية، كما وقع ماكرون والملك محمد السادس، خلال هذه الزيارة، الإعلان المتعلق بالشراكة الاستثنائية الوطيدة بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية، الرامية الى تمكين البلدين من رفع جميع التحديات التي تواجههما بشكل أفضل، وذلك عبر تعبئة جميع القطاعات المعنية بالتعاون الثنائي والإقليمي والدولي، كما ترأس قائدي البلدين حفل التوقيع على 22 اتفاقية استثمار بقيمة تناهز 10 مليار يورو تشمل مختلف المجالات.

مقالات ذات صلة

 

إعداد: محمد اليوبي – النعمان اليعلاوي

 

شراكة استثنائية و22 اتفاقية.. استثمار بقيمة 10 ملايير أورو

 

 

وقع الملك محمد السادس، وإيمانويل ماكرون، رئيس الجمهورية الفرنسية، خلال زيارته للمغرب، الإعلان المتعلق بالشراكة الاستثنائية الوطيدة بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية، الرامية إلى تمكين البلدين من رفع جميع التحديات التي تواجههما بشكل أفضل، وذلك عبر تعبئة جميع القطاعات المعنية بالتعاون الثنائي والإقليمي والدولي. وترأس قائدا البلدين حفل التوقيع على 22 اتفاقية استثمار بقيمة تناهز 10 مليارات أورو.

وتتعلق الاتفاقية الأولى ببروتوكول اتفاق للتزويد بقاطرات للقطار فائق السرعة والعناصر الداعمة لها، وتهم الاتفاقية، التي وقعها المدير العام للمكتب الوطني للسكك الحديدية، محمد ربيع لخليع، والمدير العام لـ (ألستوم)، هنري بوبار – لافارج، عقد اقتناء قاطرات للقطار فائق السرعة (12 ناجزة و6 اختيارية).

أما الاتفاقية الثانية فهي اعلان نوايا بشأن التعاون المالي في قطاع السكك الحديدية، وقعته وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، والمدير العام للمكتب الوطني للسكك الحديدية محمد ربيع لخليع، ووزير الاقتصاد والمالية والصناعة الفرنسي، أنطوان أرمون.

وتتعلق الاتفاقية الثالثة بعقد مساعدة بين المكتب الوطني للسكك الحديدية وشركة SYSTRA/EGIS، ويهم هذا العقد، الذي وقعه المدير العام للمكتب الوطني للسكك الحديدية محمد ربيع لخليع، والمدير العام لـ EGIS، لوران جيرمان، تقديم خدمات المساعدة على تنفيذ أشغال مشاريع البنيات التحتية للخط فائق السرعة بين القنيطرة ومراكش، الموقع مع مجموعة EGIS RAIL/SYSTRA/NOVEC .

أما الاتفاقية الرابعة فهي عقد للتزويد بمعدات بين المكتب الوطني للسكك الحديدية وشركة VOSSLOH COGIFER، وينص هذا العقد، الذي وقعه المدير العام للمكتب الوطني للسكك الحديدية، محمد ربيع لخليع، ورئيس VOSSLOH، بيرتراند غريسبيرت، على التزويد بمعدات السكك الحديدية الخاصة بالخط فائق السرعة في إطار إنجاز الخط السككي بين القنيطرة ومراكش، الموقع مع شركة VOSSLOH COGIFER SA.

وفي ما يتعلق بالاتفاقية الخامسة فهي بروتوكول اتفاق بين حكومة المملكة المغربية وشركة «سافران»، لإنشاء موقع لصيانة وإصلاح محركات الطائرات. وبموجب هذه الاتفاقية، التي وقعها وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، والوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالاستثمار والالتقائية وتقييم السياسات العمومية، كريم زيدان، ورئيس شركة «سافران»، روس ماكينيس، تعتزم الشركة الفرنسية تنفيذ مشروع استثماري يهم بناء وتجهيز ورشة لصيانة وإصلاح محركات الطائرات LEAP بقيمة استثمارية تقارب 130 مليون أورو.

أما الاتفاقية السادسة، التي تنص على تفعيل «عرض المغرب» من أجل تطوير قطاع الهيدروجين الأخضر، فوقعها وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، ووزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، ووزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، والوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالاستثمار والالتقائية وتقييم السياسات العمومية، كريم زيدان، والمدير العام لـ«طوطال إينيرجي»، باتريك بويان، والمدير العام لـ«طوطال إيرين»، دافيد كورشيا. وبموجب هذا العقد التمهيدي، تتعهد الدولة بتعبئة الوعاء العقاري وتخصيصه بشكل حصري للمستثمر، وفقا للشروط الواردة في العقد المذكور، وبشكل عام باحترام جميع التزاماتها، مقابل وفاء المستثمر بجميع التزاماته.

وتتعلق الاتفاقية السابعة، التي وقعتها وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، والوزيرة الفرنسية المنتدبة لدى وزيرة التحول البيئي والطاقة والمناخ والوقاية من المخاطر، المكلفة بالطاقة، أولغا جيفرنيت، بشراكة استراتيجية للتعاون في مجال الطاقة والربط والانتقال الطاقي. وتهدف هذه الشراكة إلى تطوير التعاون والمبادلات بين الطرفين في مجال الطاقة، سيما السياسة الطاقية والتخطيط وإصدار الشهادات والتقنين، والطاقات المتجددة والأنظمة الكهربائية، بما في ذلك الإنتاج والشبكات الكهربائية، وإنتاج الهيدروجين منخفض الكربون، وتخزين الطاقة، والمعادن ذات الطبيعة الخاصة، ونقل الجزيئات.

أما الاتفاقية الثامنة فهي بروتوكول اتفاق حول إحداث آلية لتسريع الاستثمارات المغرب- فرنسا، وقعه كل من المدير العام لصندوق محمد السادس للاستثمار، محمد بنشعبون، والمدير العام للوكالة الفرنسية للتنمية ريمي ريو، والمديرة العامة لـSTOA، ماري لور مازو، ومديرة الشؤون الدولية والأوروبية ببنك الاستثمارات العامة لفرنسا، إيزابيل بيبير، ويتعلق الأمر ببروتوكول اتفاق بقيمة تناهز 3 ملايير درهم من رؤوس الأموال، لإحداث آلية لتسريع الاستثمار المغرب – فرنسا وشراكة متساوية تهدف إلى تحفيز الاستثمار في كافة أنحاء التراب المغربي بما في ذلك الاقاليم الجنوبية. وتهدف إلى إنشاء مشروع مشترك بنسبة 50/50 مخصص للبنية التحتية المستدامة، برأسمال قدره 300 مليون أورو.

وتهم الاتفاقية التاسعة إعلانا للنوايا بشأن تعزيز التعاون في مجال الوقاية المدنية، وقعه وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، ووزير الداخلية الفرنسي،  برونو ريتيليو. وبموجب هذه الاتفاقية، يعلن الموقعان عن عزمهما تطوير تعاونهما الثنائي في مجال الوقاية المدنية، من خلال تبادل الممارسات الفضلى وتقاسم الخبرات حول أنظمة الاستشعار أثناء أزمات الحماية المدنية، ووضع مجموعات عمل مشتركة وبلورة مشاريع مهيكلة.

أما الاتفاقية العاشرة، التي وقعها عبد الوافي لفتيت ونظيره الفرنسي برونو ريتيليو، فتتعلق بإعلان نوايا بشأن تعزيز التعاون في مجال مكافحة الحرائق في الفضاءات الطبيعية. وبموجب هذه الاتفاقية، يعلن الموقعان عزمهما تطوير وتكثيف تعاونهما الثنائي في مجال استخدام الوسائل الجوية لمكافحة الحرائق في الفضاءات الطبيعية.

ووقع الاتفاقية الحادية عشرة وزير التجهيز والماء، نزار بركة، والمدير العام للوكالة الفرنسية للتنمية (AFD)، ريمي ريو، وتتعلق بإعلان بين الوكالة الوطنية للموانئ المغربية والوكالة الفرنسية للتنمية، يتفق من خلاله الجانبان على صياغة برنامج دعم جديد للوكالة الوطنية للموانئ، يرتكز على أربعة محاور رئيسية: التحول الأخضر للموانئ، وتحسين القدرة على الصمود في مواجهة التغير المناخي، والاقتصاد الأزرق والابتكار الذي يغطي كامل التراب الوطني، بما في ذلك الأقاليم الجنوبية (الداخلة والعيون). ولهذا الغرض تلتزم الوكالة الفرنسية للتنمية بتعبئة قرض قدره 100 مليون أورو.

أما الاتفاقية الثانية عشرة فهي عبارة عن بروتوكول تفاهم في مجال الماء، وقعه وزير التجهيز والماء، نزار بركة، والوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، وكاتب الدولة الفرنسي لدى وزير أوروبا والشؤون الخارجية المكلف بالفرانكوفونية والشراكات الدولية، ثاني محمد سويلحي، والمدير العام للوكالة الفرنسية للتنمية، ريمي ريو. وبموجب هذه الاتفاقية، يتطلع الطرفان إلى صياغة برنامج دعم جديد للاستراتيجية الوطنية للمياه، والذي يمكن أن يرتكز حول دعم ميزانياتي بهدف تعزيز التدبير المندمج للموارد المائية، في حين تلتزم الوكالة الفرنسية للتنمية باتخاذ الإجراءات اللازمة لتعبئة غلاف مالي بقيمة 100 مليون أورو لهذا البرنامج.

 

وتتعلق الاتفاقية الثالثة عشرة باتفاق – إطار في المجالين الفلاحي والغابوي، وقعه وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أحمد البواري، ووزيرة الفلاحة والسيادة الغذائية والغابة في الجمهورية الفرنسية، آني جونيفار. ويحدد هذا الاتفاق الإطار محاور التعاون ذات الأولوية بين المغرب وفرنسا في المجالين الفلاحي والغابوي للمساهمة في تعزيز الاستدامة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وصمود هذه القطاعات في مواجهة تغير المناخ، كما يمكن أن يساهم في التعاون في المجال الفلاحي في اتجاه إفريقيا، من خلال الاعتماد على موقع المغرب كصلة وصل بين فرنسا والاتحاد الأوروبي، وإفريقيا.

وتتعلق الاتفاقية الرابعة عشرة بإعلان نوايا فرنسي – مغربي للتعاون في مجال التربية 2024- 2026، ومن خلال هذا الإعلان، الذي وقعه وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، محمد سعد برادة، ووزيرة التربية الوطنية الفرنسية، آن جينيتي، ووزير التعليم العالي والبحث، باتريك هيتزل، يطمح الطرفان إلى تطوير تعاونهما في المحاور التالية: دعم التكوين المتميز، ومواكبة شعب التعليم التقني، وتعزيز شبكة المؤسسات التعليمية الفرنسية بالمغرب، والمساهمة في تدريس اللغة العربية بفرنسا وإعادة تنشيط الشراكات بين الأكاديميات.

وتخص الاتفاقية الخامسة عشرة إعلان نوايا في مجال التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، وقعه وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عز الدين الميداوي، ووزير التعليم العالي والبحث الفرنسي، باتريك هيتزل. ويشمل هذا الإعلان مبادرات شراكة حول ثلاثة محاور: دعم الشراكة في مجال التكوين الجامعي، وإضفاء دينامية على التعاون العلمي في المجالات ذات الأولوية من خلال توطيد العلاقة مع المقاولات ودعم التعاون حول حكامة منظومة التعليم العالي والبحث والابتكار، عبر تعزيز القدرات المؤسساتية.

أما الاتفاقية السادسة عشرة فتهم بروتوكول اتفاق لإحداث مركز بحث فرنسي – مغربي ذي توجه إفريقي. وسيخصص هذا المركز، الأول من نوعه في إفريقيا، للتكوين والبحث والابتكار في مجالات دقيقة: الذكاء الاصطناعي وقواعد البيانات الضخمة والأمن السبيراني والطاقات المتجددة والهيدروجين والعلوم الإنسانية والاجتماعية. ووقع بروتوكول الاتفاق هذا كل من رئيس الجامعة الدولية للرباط، نور الدين مؤدب، والرئيس المدير العام للمركز الوطني للبحث العلمي أنطوان بيتي، ورئيسة جامعة السوربون، ناتالي دراش- تيمان.

وتتعلق الاتفاقية السابعة عشرة بإعلان نوايا للتعاون الثقافي، وقعه وزير الشباب والثقافة والتواصل،  محمد مهدي بنسعيد، ووزيرة الثقافة الفرنسية، رشيدة داتي. وبموجب هذا الإعلان يعتزم الطرفان تعزيز التعاون الثنائي في ستة مجالات، هي الصناعات الثقافية والإبداعية، والكتاب، والمكتبات والفرنكوفونية، والتبادل بين المهنيين ومواكبة الحركية، والتراث والمتاحف والمهن الفنية، وتوجه مشترك نحو إفريقيا.

وتهم الاتفاقية الثامنة عشرة إعلان نوايا حول دعم وهيكلة منظومة الصناعة الثقافية والإبداعية في مجال ألعاب الفيديو، وقعه وزير الشباب والثقافة والتواصل محمد مهدي بنسعيد، ووزير أوروبا والشؤون الخارجية، جان نويل بارو، ووزيرة الثقافة، رشيدة داتي. ويهدف هذا الإعلان إلى تعزيز التعاون من خلال تعبئة الخبرات الفرنسية لدعم هيكلة منظومة ألعاب الفيديو بالمغرب، وإحداث مدينة للألعاب الإلكترونية في الرباط، تحت إشراف وزارة الشباب والثقافة والتواصل بالمملكة المغربية.

وتتعلق الاتفاقية التاسعة عشرة ببروتوكول اتفاق بين مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط والوكالة الفرنسية للتنمية، في مجال إزالة الكربون، وقعها الرئيس المدير العام لمجموعة المكتب الشريف للفوسفاط، مصطفى التراب، والمدير العام للوكالة الفرنسية للتنمية، ريمي ريو، ومديرة الشؤون الدولية والأوروبية في بنك الاستثمارات العامة لفرنسا، السيدة إيزابيل بيبير. ويشمل الاتفاق، الذي تقدر قيمته بـ 350 مليون أورو، دعم استراتيجية إزالة الكربون لمجموعة المكتب الشريف للفوسفاط بالمغرب، ودعم تطوير سلاسل القيمة الفلاحية والغذائية بإفريقيا من خلال دعم منصة التمويل الزراعي «أغري فينونس» التابعة لمجموعة المكتب الشريف للفوسفاط، ودعم وتكثيف الشراكات بين المقاولات الفرنسية ومجموعة المكتب الشريف للفوسفاط، ودعم التكوين والبحث في مجال الأمن الغذائي.

أما الاتفاقية العشرون فتتعلق باتفاقية للتنمية المشتركة بين المكتب الشريف للفوسفاط وشركة «إنجي» في إطار شراكة في مجال الانتقال الطاقي، وقعها الرئيس المدير العام لمجموعة المكتب الشريف للفوسفاط مصطفى التراب، والمديرة العامة لشركة «إنجي»، كاثرين ماكغريغور. وستساهم هذه الاتفاقية في تعزيز المنظومة الصناعية المحلية، وفي خلق فرص جديدة بالنسبة للمقاولتين وشركائهما الوطنيين والدوليين. ويشمل هذا الاتفاق، المتعلق بأنشطة المكتب الشريف للفوسفاط، خمسة مشاريع: «شبكة النقل الكهربائي»، «الهيدروجين الأخضر»، «الكهرباء الخضراء»، «تحلية المياه للاستخدام الزراعي» و«البحث والابتكار».

أما الاتفاقية الحادية والعشرون فتهم بروتوكول اتفاق يتعلق بتوسيع المرحلة الثانية من المزرعة الريحية بتازة، وقعها المدير العام للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، طارق حمان، والمدير العام المنتدب لشركة EDF للطاقة المتجددة، برينو فيو، حول مشروع توسعة يرتبط بتطوير وتمويل وبناء وتشغيل وصيانة المرحلة الثانية من المزرعة الريحية بتازة بطاقة تبلغ 63 ميغاوات.

وتتعلق الاتفاقية الثانية والعشرون باتفاق بين شركة النقل البحري العالمية (CMA CGM)، الفاعل الثالث عالميا، و(طنجة المتوسط)، يرمي إلى تطوير محطة للحاويات بـ(الناظور غرب المتوسط) في إطار تفويت حازت عليه (مرسى المغرب)، مع التزام بأحجام مهمة (2ر1 مليون حاوية) من أجل إطلاق منصة (الناظور غرب المتوسط)، واستثمار بقيمة 258 مليون أورو. وستمكن هذه الاتفاقية، التي وقعها رئيس مجلس الرقابة للوكالة الخاصة طنجة-المتوسط، فؤاد بريني، والرئيس المدير العام لمجموعة (CMA CGM)، رودولف سعادة، من مواكبة مشاريع مينائية ولوجيستية مغربية أخرى.

فتح قنصلية واستثمارات فرنسية ضخمة بالصحراء المغربية

 

أكد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، خلال زيارته للمغرب، أن الاستثمارات العمومية لبلاده ستستمر بالمملكة المغربية، بما فيها الصحراء، وأبرز ماكرون، في كلمة أمام أرباب المقاولات والفاعلين الاقتصاديين في ختام “لقاء ريادة الأعمال المغرب-فرنسا”، أن المملكة هي “الزبون الأول” للوكالة الفرنسية للتنمية من حيث الاستثمارات، مضيفا أن الوكالة ستواصل تمويل المشاريع بالمملكة، بما فيها تلك التي تنجزها المقاولات الفرنسية بالصحراء. وأكد، في هذا الصدد، أن فرنسا تعتزم تطوير شراكة اقتصادية عادلة ومربحة للجانبين مع المغرب، بالنظر إلى أوجه التكامل المتعددة بين اقتصادي البلدين.

كما سلط الرئيس الفرنسي الضوء على الشراكة الصناعية القائمة في عدة مجالات، داعيا إلى مزيد من الإدماج لسلاسل القيمة في مواجهة سياق “إعادة الهيكلة الإقليمية للرسوم”، ومن جهة أخرى، أعرب ماكرون عن أسفه لاضطرار بعض المجموعات المالية الأوروبية والفرنسية إلى مغادرة إفريقيا “بسبب قواعد ومعايير تنظيمية فرضها الأوروبيون على أنفسهم”، وقال الرئيس الفرنسي خلال هذا اللقاء المخصص للقطاعات الاستراتيجية المستقبلية “أعتقد أنه خطأ استراتيجي جسيم (…) نحن كأوروبيين علينا أن نتساءل عن القواعد والقيود التي فرضناها على مؤسساتنا”.

وأكد وزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية، جان نويل بارو،  أن الملك محمد السادس والرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أرسيا، بمناسبة زيارة الدولة التي يقوم بها الرئيس الفرنسي إلى المملكة بدعوة من الملك، دعائم “إعادة بناء حقيقية للشراكة الاستراتيجية” بين البلدين.

وقال بارو، خلال لقاء صحفي عقب مباحثاته مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة: “هنا مكمن الطموح الذي يعكسه الإعلان الذي وقعه قائدا البلدين مساء أول أمس، والمتمثل في بناء وتطوير شراكة استثنائية معززة في جميع المجالات، مع تحديد ثلاثة أهداف رئيسية”، وأوضح أن هذه الأهداف تتمثل في التقارب السياسي في مواجهة التحديات الكبرى الراهنة، وتعميق الشراكة الاقتصادية، خاصة في القطاعات الاستراتيجية، وتعزيز التعاون في مجال الروابط الإنسانية والرأسمال البشري والثقافة.

وأشار الوزير إلى أن العلاقة بين المغرب وفرنسا متجذرة في ذاكرة مشتركة وإرث مشترك، وموصولة بروابط إنسانية يجسدها حوالي 700 ألف مغربي يعيشون في فرنسا و80 ألف فرنسي في المغرب، وكذا الروابط الاقتصادية، حيث تعد فرنسا أكبر مستثمر في المغرب بأزيد من 1000 فرع لمقاولاتها، ما يسهم في خلق حوالي 150 ألف منصب عمل، فيما يعتبر المغرب أكبر مستثمر إفريقي في فرنسا.

وأضاف رئيس الدبلوماسية الفرنسية أن “هذه الشراكة الغنية يتعين علينا الآن أن نحولها نحو المستقبل”، مذكرا، في هذا الصدد، بالاتفاقيات الثنائية الـ 22 التي تم التوقيع عليها أول أمس، بحضور صاحب الجلالة ورئيس الجمهورية الفرنسية، بالإضافة إلى حوالي 20 اتفاقية أخرى تم التوقيع عليها أمس الثلاثاء خلال لقاء ريادة الأعمال المغربي الفرنسي.

وتغطي هذه الاتفاقيات مجالات متنوعة، تشمل اندماج سلاسل القيمة والأنظمة الصناعية، والطاقة الخضراء، والبنى التحتية، والشباب، والابتكار، وإدارة تدفقات الهجرة، وإفريقيا “التي لطالما كان المغرب البوابة الطبيعية لفرنسا وأوروبا نحوها”، وقال بارو إن “جزءا كبيرا من مستقبلنا يتشكل في إفريقيا، هنالك حيث يتعين أن نكون قادرين على الاستثمار معا لتحقيق التقدم”.

وأعلن الوزير أن فرنسا تعتزم تعزيز حضورها القنصلي والثقافي بالصحراء المغربية من أجل إحداث رابطة فرنسية، وجدد رئيس الدبلوماسية الفرنسية، بهذه المناسبة، عزم بلاده تطوير شراكة مغربية-فرنسية في مجموع تراب المملكة، بما في ذلك الصحراء المغربية، مذكرا بالخطاب الذي ألقاه الرئيس الفرنسي فخامة السيد إيمانويل ماكرون أمس أمام مجلسي البرلمان، والذي أكد فيه أن حاضر ومستقبل الصحراء يندرجان في إطار السيادة المغربية.

وعبر المسؤول الحكومي الفرنسي عن ارتياحه بالقول “لقد أرفقنا القول بالفعل، ويشرفني أن أعلن لكم أنه تم تحيين خريطة المغرب ونشرها على الموقع الإلكتروني لوزارة أوروبا والشؤون الخارجية (الفرنسية)”، وسجل أن المقاولات الفرنسية ستواكب تنمية هذه الأقاليم من خلال استثمارات ومبادرات مستدامة ومتضامنة لفائدة الساكنة المحلية، مشيرا إلى أن سفير فرنسا بالمغرب سيتوجه ابتداء من الأسبوع المقبل إلى الأقاليم الجنوبية، وحرص الوزير الفرنسي على التأكيد على أن بلاده ستكون بجانب المغرب “من أجل حل سياسي عادل ومستدام، يشكل مخطط الحكم الذاتي لسنة 2007 أساسه الوحيد”.

ومن جهته أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، أن الدبلوماسيتين المغربية والفرنسية، بقيادة الملك محمد السادس وفخامة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ستنخرطان في روح الشراكة النموذجية والاستثنائية الوطيدة، وأبرز بوريطة أن دبلوماسيتي البلدين “ستحرصان على أن تتم أيضا ترجمة الروح التي سادت المباحثات بين جلالة الملك والرئيس الفرنسي، على مستوى الممارسة اليومية في العلاقات الثنائية، وكذا في الهيئات الإقليمية والدولية ومتعددة الأطراف”.

واعتبر بوريطة أن الأمر يتعلق بمرحلة ومحطة جديدتين لهذه العلاقة العميقة والغنية في سياق هذا العهد الجديد الذي دشنه أول أمس الاثنين جلالة الملك والرئيس الفرنسي، وشدد الوزير على أن الإعلان المتعلق ب”الشراكة الاستثنائية الوطيدة” بين المغرب وفرنسا، الذي وقعه أول أمس الاثنين بالرباط جلالة الملك والرئيس إيمانويل ماكرون، يحدد المبادئ التي ستوجه هذه المرحلة الجديدة، وتبرز الحكامة والقطاعات الأساسية لهذه الشراكة، بالإضافة إلى النطاق المجالي لتنفيذها.

وأكد أن هذا الإعلان سيوجه ” عملنا في المستقبل” مسجلا أنه رغم اختلاف الثقافة الدبلوماسية، فإن المغرب وفرنسا اللذان يتقاسمان نفس أهداف الاستقرار والتنمية، سيعملان، بفضل هذه الشراكة الجديدة، على تعزيز آليات التشاور والتنسيق.

وبخصوص قضية الصحراء المغربية، لفت بوريطة إلى أنه في إطار الزخم الذي أضفاه الملك محمد السادس على القضية الوطنية، نشرت وزارة الشؤون الخارجية الفرنسية على موقعها الرسمي، الخريطة الرسمية للمملكة المغربية تشمل صحراءها، فضلا عن توسيع الدائرة القنصلية لتغطي الأقاليم الجنوبية للمملكة، وخلص إلى أن ” لفرنسا، باعتبارها مكانتها داخل مجلس الأمن واطلاعها على نشأة وتطور هذا النزاع، دورا مهما لتضطلع به في هذا الإطار”.

 

اعتراف فرنسا بسيادة المغرب على أقاليمه الصحراوية

 

 

جدد رئيس الجمهورية الفرنسية، إيمانويل ماكرون، التأكيد بقوة، على دعم فرنسا لسيادة المغرب على صحرائه، وذلك في خطاب ألقاه في جلسة مشتركة لغرفتي البرلمان المغربي، بمناسبة زيارته الرسمية إلى المغرب بدعوة من الملك محمد السادس.

وقال رئيس الدولة الفرنسية: «أجدد التأكيد على ذلك هنا أمامكم، بالنسبة إلى فرنسا، فإن حاضر ومستقبل هذه المنطقة يندرجان في إطار السيادة المغربية. الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية يعد الإطار الذي يجب من خلاله حل هذه القضية»، مذكرا بذلك بالموقف الواضح والقوي الذي عبر عنه في الرسالة التي وجهها إلى الملك محمد السادس، بمناسبة الذكرى الـ25 لعيد العرش.

وعبر الرئيس الفرنسي أيضا، باسم فرنسا، عن الالتزام بـ«الوقوف إلى جانب المغرب في الهيئات الدولية»، مؤكدا أن «مخطط الحكم الذاتي لسنة 2007 يشكل الأساس الوحيد للتوصل إلى حل سياسي، عادل، مستدام، ومتفاوض بشأنه، طبقا لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة»، وأضاف أمام منتخبي الأمة: «وأقولها هنا أيضا، وبكل قوة، سيواكب فاعلونا ومقاولاتنا تنمية هذه المنطقة من خلال استثمارات ومبادرات مستدامة وتضامنية لفائدة الساكنة المحلية».

هذا التطور المهم في موقف فرنسا، يضعه الرئيس إيمانويل ماكرون في إطار سياق إقليمي يتعين أن يمنح الأسبقية للتعاون والتشاور. وأوضح الرئيس الفرنسي في هذا السياق أن «هذا الموقف لا يعادي أحدا. فهو يسمح بفتح صفحة جديدة بيننا، ومع كل من يريد العمل في إطار التعاون الإقليمي، في منطقة البحر الأبيض المتوسط، ومع دول جوار المغرب والاتحاد الأوروبي».

وباعترافها بالحقوق الراسخة للمملكة، تؤكد فرنسا من خلال هذا الخطاب التاريخي الذي ألقاه رئيسها تحت قبة البرلمان، على عمق الروابط بين الدولتين والشعبين، وحرص الرئيس الفرنسي على التأكيد على أن «المغرب وفرنسا ظلا، طوال العقود الماضية، حليفين مخلصين في الأوقات الصعبة، ففرنسا لم تخذل أبدا المغرب في جميع القضايا المصيرية التي واجهها».

وأكد ماكرون، أن موقف فرنسا من قضية الصحراء بصدد تحريك مواقف بلدان أوروبية أخرى، والتي «بدأت في تغيير خياراتها»، وقال ماكرون، في حوار خص به القناتين التلفزيتين «دوزيم» و«ميدي1 تي في»، إن الأمر بالنسبة إلى فرنسا يتعلق بـ«التزام راسخ، وأن تكون، دبلوماسيا، إلى جانب المغرب من أجل أن يكون حاضر ومستقبل الأقاليم الجنوبية يندرجان في إطار السيادة المغربية».

 

وقال الرئيس الفرنسي: «إنها حقا خطوة مهمة على المستوى الدبلوماسي. أقولها بكل وضوح بالنسبة للمغرب، ولعلاقاتنا الثنائية، ولكن أيضا للمنطقة برمتها»، وتابع أنه «لهذا السبب أردت القول ذلك أيضا بالبرلمان: إنه قرار لا تتخذه فرنسا ضد أي كان، ولكن يجب أن يساعد على اندماج إقليمي أفضل، لتحقيق استقرار أفضل في الصحراء، وبالتالي، في منطقة الساحل».

وأشار ماكرون، في هذا السياق، إلى أن «هذه المنطقة برمتها تحتاج إلى الاستقرار والالتزام والجدية والقوة والثقة»، مذكرا في الوقت ذاته بالاستثمارات الكبيرة التي قام بها المغرب، تحت قيادة الملك محمد السادس، لتعزيز التنمية والاستقرار بهذه المنطقة، مضيفا: «أعتقد أن الجيران على وعي بذلك»، واستطرد قائلا: «يشكل موقف فرنسا هذا أيضا التزاما ملموسا، بمعنى أن الوكالة الفرنسية للتنمية والمقاولات الفرنسية لن تستمر في الاستثمار فحسب، بل ستستثمر بقوة أكبر في الأقاليم الجنوبية من خلال مشاريع مهمة تعود بالنفع على الساكنة»، وبالنسبة إلى الرئيس ماكرون، فالأمر يتعلق أيضا بـ«خيار مستقبلي» يتجسد في العديد من المشاريع المهمة تهم مجالات مختلفة (تحلية مياه البحر، والموانئ، وتهيئة البنية التحتية، وتطوير الطاقة…).

وتأتي زيارة الرئيس الفرنسي إلى المغرب بعد تحسن العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، إثر الاعتراف الرسمي لفرنسا بسيادة المغرب على كامل أقاليمه الصحراوية، وذلك من خلال رسالة وجهها ماكرون إلى الملك محمد السادس، حيث أعلن الرئيس الفرنسي رسميا أنه «يعتبر أن حاضر ومستقبل الصحراء الغربية يندرجان في إطار السيادة المغربية».

وفي الرسالة ذاتها، والتي تتزامن مع تخليد الذكرى الـ25 لعيد العرش، أكد رئيس الجمهورية الفرنسية للملك «ثبات الموقف الفرنسي حول هذه القضية المرتبطة بالأمن القومي للمملكة»، وأن بلاده «تعتزم التحرك في انسجام مع هذا الموقف على المستويين الوطني والدولي»، وتحقيقا لهذه الغاية، شدد الرئيس إيمانويل ماكرون على أنه «بالنسبة إلى فرنسا، فإن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية يعد الإطار الذي يجب من خلاله حل هذه القضية. وإن دعمنا لمخطط الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب في 2007 واضح وثابت»، مضيفا أن هذا المخطط «يشكل، من الآن فصاعدا، الأساس الوحيد للتوصل إلى حل سياسي، عادل، مستدام، ومتفاوض بشأنه، طبقا لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة».

وكان الملك محمد السادس قد خصص الخطاب الذي ألقاه أمام مجلسي البرلمان، بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية الحادية عشرة، للتطورات الأخيرة لملف الصحراء المغربية، باعتبارها القضية الأولى لجميع المغاربة، وأكد الملك أنه منذ اعتلائه العرش، قال: «إننا سنمر في قضية وحدتنا الترابية من مرحلة التدبير إلى مرحلة التغيير، داخليا وخارجيا، وفي كل أبعاد هذا الملف، ودعوت كذلك للانتقال من مقاربة رد الفعل، إلى أخذ المبادرة، والتحلي بالحزم والاستباقية».

وعلى هذا الأساس، يضيف الملك: «عملنا لسنوات، بكل عزم وتأن، وبرؤية واضحة، واستعملنا كل الوسائل والإمكانات المتاحة، للتعريف بعدالة موقف بلادنا، وبحقوقنا التاريخية والمشروعة في صحرائنا، وذلك رغم سياق دولي صعب ومعقد»، وقال: «واليوم ظهر الحق، والحمد لله؛ والحق يعلو ولا يعلى عليه، والقضايا العادلة تنتصر دائما».

وأشار الملك إلى اعتراف الجمهورية الفرنسية بسيادة المملكة على كامل تراب الصحراء، ودعمها لمبادرة الحكم الذاتي، في إطار الوحدة الترابية المغربية، كأساس وحيد لحل هذا النزاع الإقليمي المفتعل، وبهذه المناسبة، تقدم الملك باسمه شخصيا، وباسم الشعب المغربي، بأصدق عبارات الشكر والامتنان لفرنسا وللرئيس إيمانويل ماكرون، على هذا الدعم الصريح لمغربية الصحراء.

وسجل الملك أن هذا التطور الإيجابي ينتصر للحق والشرعية، ويعترف بالحقوق التاريخية للمغرب، سيما أنه صدر عن دولة كبرى، عضو دائم بمجلس الأمن، وفاعل مؤثر في الساحة الدولية، وذلك بالإضافة إلى أن فرنسا تعرف جيدا حقيقة وخلفيات هذا النزاع الإقليمي.

وأكد الملك أن هذا التطور يأتي لدعم الجهود المبذولة، في إطار الأمم المتحدة، لإرساء أسس مسار سياسي، يفضي إلى حل نهائي لهذه القضية، في إطار السيادة المغربية، مبرزا أن هذا الموقف الفرنسي يأتي في إطار الدينامية الإيجابية، التي تعرفها مسألة الصحراء المغربية، والتي ترتكز على ترسيخ سيادة المغرب على ترابه، وعلى توسيع الدعم لمبادرة الحكم الذاتي.

وفي هذا السياق، نوه الملك أيضا باعتراف دول وازنة، ودائمة العضوية في مجلس الأمن، كالولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، كما عبر الملك عن اعتزازه أيضا بمواقف الدول العربية والإفريقية الشقيقة، التي تساند بكل وضوح والتزام الوحدة الترابية للمملكة، سيما تلك التي فتحت قنصليات لها في العيون والداخلة.

وبموازاة ذلك، لفت الملك إلى أن مبادرة الحكم الذاتي تحظى كأساس وحيد للتوصل إلى حل نهائي لهذا النزاع، في إطار سيادة المغرب، بدعم واسع من طرف عدد متزايد من الدول من مختلف جهات العالم، وذكر من بينها إسبانيا الصديقة، التي تعرف خبايا هذا الملف، بما يحمله موقفها من دلالات سياسية وتاريخية عميقة، إضافة إلى أغلبية دول الاتحاد الأوروبي.

واغتنم الملك هذه المناسبة للتعبير لكل هؤلاء الأصدقاء والشركاء عن بالغ تقديره لمواقفهم المناصرة لقضية المغرب الأولى، معربا عن شكره أيضا لكل الدول التي تتعامل اقتصاديا واستثماريا مع الأقاليم الجنوبية للمملكة، كجزء لا يتجزأ من التراب الوطني، وهي بذلك تواكب مسار التنمية، الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التي تشهدها الصحراء المغربية، وتعزز موقعها كمحور للتواصل والتبادل بين المغرب وعمقه الإفريقي، كما تضعها في صلب المبادرات القارية الاستراتيجية التي أطلقها الملك، كمشروع أنبوب الغاز المغرب – نيجيريا، ومبادرة الدول الإفريقية الأطلسية، إضافة إلى مبادرة تمكين دول الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلسي.

عتيق السعيد *أستاذ القانون العام والعلوم السياسية بجامعة القاضي عياض مراكش- محلل سياسي

ثلاث أسئلة لعتيق السعيد*:

«العلاقات الخارجية المغربية تميزت بتحقيق مكاسب تاريخية غير مسبوقة توجت باعتراف فرنسا بعدالة القضية الوطنية»

 

  1. ما قراءتك للتطور الحاصل في مسار العلاقات المغربية- الفرنسية؟

تشهد بلادنا بفضل جهود جلالة الملك محمد السادس تحولات كبرى في مسار ديمومة تطوير العلاقات الخارجية وتمكينها من كل الآليات التي تضعها في المراتب والتصنيفات المتقدمة في الساحة الدولية، مشهود لها بالاحترام والثقة المتبادلة كما هو معهود في الدبلوماسية المغربية، وتحظى بالتشاور الدائم والتعاون المشترك تحقيقا لأعلى مستويات الانخراط في الشراكات المتعددة. جهود حققت انتصارات ومكاسب كثيرة لصالح القضايا الوطنية والإقليمية والقارية، وبفضل الدبلوماسية الملكية الحكيمة والمتبصرة ارتقت المملكة مكانة رفيعة في الساحة الدولية باعتبارها فاعلا رئيسيا في خلق التوافقات والمصالحات الدولية وتعزيز مقومات التنمية البشرية في القارة الإفريقية.

ارتباطا بالسياق ذاته، المغرب وفرنسا يجمعهما تاريخ طويل من التعاون الثنائي ولطالما كانت علاقات متينة تتضمن كافة مقومات الآفاق الواعدة، التي تدفع نحو تعزيز روابط الشراكات مفتوحة الآفاق، وظلت العلاقة مبنية على أسس قوية ومحددات واضحة ودقيقة جعلتها محصنة من كل محاولات التشويش الخارجي، حيث استمرت في التعاون التنموي متعدد المجالات، وكذلك التنسيق المشترك بشأن القضايا الوطنية- المحلية والإقليمية والدولية المشتركة، وبذلك تميزت شراكتها الثنائية بالترابط والتكامل قوامها الدعم الواضح والثابت لجميع القضايا المشتركة من جهة، ومن جهة ثانية التعاون التنموي في إطار علاقة رابح- رابح تحقق النفع المتبادل.

المغرب شريك مهم لفرنسا يحظى بالمصداقية والثقة، وفاعل أساسي في القارة يعول عليه في مختلف الظروف والصعاب. يتميز باحترام العهود والوفاء لمبادئ الشراكات والتعاون مع الجميع، شركاء وحلفاء.

برهن المغرب، غير ما مرة، على أنه شريك قوي وجاد ومسؤول، ساهم في تقارب الوجهات بين العديد من الدول ويحسب له، أيضا، تقديم المبادرات والدعم في مختلف المجالات. استفاد من شراكته المتينة مع عدد من الدول الكبرى والتكتلات الدولية التي تعتبره الشريك المتقدم، على غرار الاتحاد الأوروبي، حيث يتميز المغرب بديمومة تطوير علاقاته وتقدمها المستمر، وبذلك فالعلاقات الخارجية المغربية تميزت بتحقيق مكاسب تاريخية وانتصارات غير مسبوقة توجت باعتراف فرنسا بعدالة القضية الوطنية.

 

  1. ما أهمية ودلالات اعتراف الجمهورية الفرنسية بعدالة قضية الصحراء المغربية وبدعم مبادرة الحكم الذاتي؟

اعتراف فرنسا بعدالة القضية الوطنية يعكس دينامية الاعتراف الدولي وتمظاهراتها الواقعية والميدانية، ترتكز على ترسيخ سيادة المغرب على ترابه وعلى توسيع الدعم لمبادرة الحكم الذاتي، ناهيك عن أن اعتراف الجمهورية الفرنسية بعدالة القضية الوطنية يعكس مسار الدعم الدولي الذي يشكل توافقا واجماعا دوليا على عدالة القضية وشرعيتها القانونية وبالحقوق التاريخية للمغرب.

نجحت المملكة المغربية، بقيادة جلالة الملك، في خلق علاقات استثنائية مع عدد من الدول الكبرى، حيث كسبت اعترافات دول وازنة ودائمة العضوية في مجلس الأمن، مثل الولايات المتحدة الأمريكية، واليوم نشهد، في موقف تاريخي، انضمام فرنسا إلى هاته الدينامية الدولية، وبالتالي فاعترافها مهم لما له من دلالات كثيرة، منها أنه جاء من دولة كبرى لها وزنها في الساحة الدولية ولها تّأثيرها لدى المنتظم الدولي، سيما أنها عضو دائم بمجلس الأمن وفاعل مؤثر في الساحة الدولية، وتضطلع بدورها كاملا في جميع الهيئات المعنية،. جدير بالذكر أيضا أن الجمهورية الفرنسية تعرف جيدا حقيقة وخلفيات وخبايا هذا النزاع الإقليمي المفتعل، بما يحمله موقفها من دلالات سياسية وتاريخية عميقة، إضافة إلى أغلبية دول الاتحاد الأوروبي. وعليه فاعترافها بعدالة قضية الصحراء المغربية يعد انتصارا للحق والشرعية، وبالتالي فالموقف الفرنسي بات يشكل مرة أخرى، على غرار مواقف دول أخرى، تأكيدا صريحا وواقعيا لكل دول الاتحاد الأوروبي ولكل دول العالم على عدالة القضية وشرعيتها.

فرنسا تعي جيدا حيثيات القضية، وتابعت عن كثب ولسنوات الجهود الجادة وذات المصداقية للمغرب، وبالتالي فإن اعترافها وإعلانها الواضح والعلني الصريح، ومن داخل مؤسسة برلمان المملكة بغرفتيه (مجلسا النواب والمستشارين) وأمام العالم أن مستقبل الصحراء المغربية لا يمكن أن يكون إلا تحت السيادة المغربية وفي إطار مقترح الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب، يؤكد أن حاضر هذه المنطقة ومستقبلها، بالنسبة لفرنسا، يندرج في إطار السيادة المغربية، وهو موقف سيحرك حتما مواقف دول أخرى سواء داخل القارة الأوروبية أو الإفريقية وسيكون له صدى إيجابي في الساحة الدولية ومنظماتها من جهة، ومن جهة ثانية فهو اعتراف يعزل ويسد الطريق على كل الذين حاولوا التشويش وخلق النعرات بهدف عدم توحيد وتجويد هاته العلاقة رفيعة المستوى المتجذرة في التاريخ

 

  1. ما آفاق الإعلان المتعلق بالشراكة الاستثنائية الوطيدة بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية؟

جلالة الملك والرئيس الفرنسي دشنا مرحلة جديدة من التاريخ الطويل المشترك بين فرنسا والمغرب، من خلال الارتقاء بالعلاقة بين البلدين إلى مستوى «شراكة استثنائية وطيدة»، وبالتالي فالإعلان المتعلق بالشراكة الاستثنائية الوطيدة بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية سيمكن المغرب وفرنسا من رفع جميع التحديات التي تواجههما بشكل أفضل، وذلك عبر تعبئة جميع القطاعات المعنية بالتعاون الثنائي والإقليمي والدولي، وبالتالي يمكن القول إن توقيع الإعلان مكن العلاقات المغربية- الفرنسية من تدشين مرحلة جديدة كليا قوامها الإقلاع التنموي الشامل لكل الأطراف.

الإعلان المشترك يعكس طموح العلاقات المغربية- الفرنسية ويعكس، كذلك، عمق العلاقات الثنائية القائمة بين البلدين والضاربة جذورها في التاريخ وما تحظى به من متانة الروابط الإنسانية والثقافية المتعددة ذات التنوع الغني والتي تشكل أساس علاقة الصداقة القوية المستمرة منذ عقود، بالإضافة الى تمكين العلاقات الفرنسية- المغربية من إطار استراتيجي شامل ومستقر ودائم، من خلال شراكة متينة منفتحة على آفاق المستقبل، وبالتالي ستمكن المغرب وفرنسا من تعزيز التقارب السياسي والاقتصادي والاستراتيجي والقدرة على مواجهة التحديات الكبرى الراهنة، زيادة على تعميق وتحديث الشراكة بين البلدين خدمةً للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.

وعليه يمكن القول إن إعلان الشراكة الاستثنائية الوطيدة سيفتح آفاقا واعدة تدشن لمرحلة متميزة في مجال التعاون التنموي يضمن الاستدامة، ويعد، بكل تأكيد، دفعة قوية وصفحة جديدة في تاريخ العلاقات الثنائية تدعم كل سبل وآليات التعاون الثنائي بين المملكة المغربية وفرنسا، تعاون حدده الإعلان باعتباره خارطة طريق طموحة تغطي وتشمل مختلف المجالات والقطاعات، وأيضا كل القضايا ذات الاهتمام المشترك، إعلان شراكة استثنائية بجميع المقاييس توجت بتوقيع 22 اتفاقية تعاون في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية، ستكون اللبنة الأساس في مسار التعاون الثنائي والإقلاع التنموي الشامل.

 

*أستاذ القانون العام والعلوم السياسية بجامعة القاضي عياض- محلل سياسي

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى