شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

ماذا تريد النساء

مرت ثلاثة عقود على إنتاج واحد من أكثر الأفلام السينمائية شهرة وتشويقا وإثارة. «تيتانيك» الفيلم الذي فتنت قصته المشاهدين والمشاهدات حول العالم وانفطرت لنهايته المأساوية قلوب العاشقين والعاشقات. لا زال مشهد البطل المتجمد حتى الموت راسخا في أذهاننا جميعا. ذلك الشاب الذي ضحى بحياته من أجل إنقاذ حبيبته التي تعرف عليها قبل 72 ساعة، وعشقها عشقا أبديا خالدا.. قصة رومانسية تدغدغ خيال المراهقين والمراهقات وترسم صورة وردية عن الحب والزواج والتضحية.. غير أن القليل من المنطق سيجعل لقطة النهاية مختلفة تماما.

مقالات ذات صلة

لو تُرجمت علاقة «جاك وروز» على أرض الواقع، لفرّ جاك على خشبة النجاة إلى وجهة غير معلومة، بينما غرقت روز في قاع محيط من صراعات نفقة الأطفال والديون والفواتير المتراكمة. القليل من المنطق أيضا سيوضح لنا كيف تسعى السينما دائما إلى تكريس فكرة انجذاب النساء للرجال الفاشلين والمجرمين أو ما يطلق عليهم علميا بالباد بويز..

فهل هناك حقيقة ما خلف هذا الادعاء؟ لماذا تنجذب العديد من النساء إلى الرجل العنيف سيئ الطباع؟ هل يتعلق الأمر بغريزة البقاء؟ كما هو معلوم، سعت الأنثى في المراحل التطورية الأولى للبشرية إلى الحصول على شريك قوي يضمن الحماية لها ولصغارها.. حيث كلما كان الذكر محاربا عنيفا أو عضوا قياديا في القبيلة كلما ارتفعت حظوظ الإناث في الحصول على الحماية والدعم والنسل الجيد. غير أن هذا السبب تقادم اليوم في ظل وجود نظام أمني يحمي الجميع. فلماذا، إذن، تستمر النساء في تعريض أنفسهن للخطر والتورط في علاقات عاطفية مع وجوه الشرع؟

منطقيا، وفي ظل أنظمة مجتمعية أبوية كانت ولا زالت تعتمد على قوانين مجحفة في حق النساء، كان من المفروض أن تنفر المرأة من كل رجل قد يصيبها بأذى نفسي أو جسدي أو جنسي، غير أن واقع الحال يقول عكس ذلك. قد نجد تفسيرا لهذه السلوكيات البهلوانية في ثنايا قصة «التيتانيك» الملحمية، يرمز الشاب الفقير المعدم، صاحب السوابق الإجرامية، إلى التمرد والثورة على قواعد المجتمع الراقي الذي كان يحكم قبضته على البطلة ويخنق رغبتها في ممارسة طيشها بحرية. شاهدنا جميعا كيف كانت الفتاة الأرستقراطية المرفهة تنفر من خطيبها ولد الناس، وتشيح بوجهها عن هداياه الألماسية الثمينة، بينما كانت تستمتع جدا بالرقص في حانة حقيرة محاطة بالفقراء والمعدمين الذين يعاني أغلبهم من داء السل والتيفويد وجميع الأمراض المنتشرة في بدايات القرن العشرين. لماذا لم تبد البطلة أي مظهر من مظاهر الانبهار أمام عقد ماسي تقدر قيمته آنذاك بمئات الآلاف من الدولارات، بينما فُتنت برسومات بدائية لنساء عاريات على ورق رخيص خطتها أنامل الشاب المتهور؟ ألاحظ، عزيزي القارئ، أنك تنتظر مني إجابة محددة عن هذه الظاهرة الغريبة. لا أخفيك سرا أنني لا أملك تفسيرا أو إجابة أو حتى تعاطفا مع هذا النوع من النساء.. لكني سأزيدك من الشعر بيتا. لا تكتفي هؤلاء النسوة بالارتباط بالباد بوي المثير والصاخب، والذي يتميز غالبا بالوسامة، بل تبلغ الكثيرات منهن سطاج الوحش.

على مر السنين، أرسلت العديد من النساء رسائل حب إلى تشارلز مانسون، الزعيم سيئ السمعة لطائفة عائلة مانسون الإجرامية. وعلى الرغم من جرائمه الشنيعة وسجنه، جذب مانسون انتباه النساء اللائي اعتبرنه شخصية كاريزماتيكية فاتنة. غالبا ما انجذبت هؤلاء النساء إلى شخصيته المتمردة أو فكرة كونهن جزءا من شهرته التي بلغت الآفاق آنذاك، وشكلن ارتباطا عاطفيا غريبا به. أعربت العديد منهن عن إعجابهن وإخلاصهن ومشاعرهن الرومانسية، حتى أنهن عرضن عليه الزواج. تسلط هذه الظاهرة الضوء على الطبيعة المعقدة للهوس وثقافة المشاهير والرغبة في الارتباط بشخصيات مثيرة للجدل.

من الناحية النفسية، قد تنجذب النساء إلى الباد بويز بسبب مزيج من العوامل الاجتماعية والتطورية والعاطفية. غالبا ما ينضح الرجل سيئ الطباع بالثقة والتمرد والاستقلال، وهي صفات قد تبدو مثيرة وجذابة. من الناحية التطورية، وكما أشرنا سابقا، ترمز هذه السمات إلى القوة والهيمنة والشعور بالمخاطرة، والتي يمكن ربطها دون وعي بالبقاء والحماية. بالإضافة إلى ذلك، قد تنجذب النساء إلى فكرة «تغيير» أو «ترويض» الرجل السيئ، مدفوعات برغبة في الشعور بالحاجة أو التقدير. إصافة إلى ذلك، فإن التشويق الناتج عن عدم القدرة على التنبؤ والإثارة في مثل هذه العلاقات يمكن أن يجعلهن يشعرن بمزيد من العاطفة والحيوية.

باختصار، تشعر النساء بالحاجة إلى روح المغامرة والتحدي والشباب والتمرد في العلاقة العاطفية والجنسية على حد سواء. فإذا كنت، عزيزي الرجل الصالح المكافح من أجل توفير قوت أسرتك، تعود يوميا من عملك منهكا حاملا دلاحة مرملة، ثم تستلقي مباشرة أمام التلفاز لمتابعة أخبار بشار.. فدعني أخبرك أنني لا أحمل لك أخبارا مبشرة..

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى