أعلن المغرب عن خروج البلاد من «اللائحة الرمادية» لغسل الأموال وتمويل الإرهاب، يوم الجمعة الماضي، بعد اتخاذه لمجموعة من الإجراءات التي تستجيب لتوصيات مجموعة العمل المالي الدولية (فاتف). وكشف بلاغ صدر عن رئاسة الحكومة أن قرار مجموعة العمل المالي يأتي بعد تقييم مسار ملاءمة المنظومة الوطنية مع المعايير الدولية الخاصة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
تدابير متعددة
أوضح بلاغ لرئاسة الحكومة أن «قرار مجموعة العمل المالي يأتي بعد الخلاصات الإيجابية التي ضمنها خبراء المجموعة في تقريرهم أثناء الزيارة الميدانية التي قاموا بها بين 16 و18 يناير 2023». وكانت مجموعة العمل المالي الدولية قد أدرجت المغرب في فبراير 2021، ضمن القائمة الرمادية الخاصة بالدول التي تستجيب جزئيا للمعايير الدولية لمكافحة تبيض الأموال وتمويل الإرهاب.
خلال السنوات الأخيرة، حرص المغرب على تعزيز ترسانته القانونية في مجال مكافحة غسل الأموال، حيث تم في هذا الإطار، اعتماد مجموعة من مشاريع القوانين، فيما عملت مؤسسات الدولة على تعزيز الآليات الرامية إلى الوقاية من هذا النوع من الممارسات. وركزت التدابير المتخذة من طرف المملكة على حزمة من الإجراءات التشريعية، التنظيمية، التحسيسية والرقابية، والمنفذة من قبل مختلف السلطات والمؤسسات الوطنية المعنية، بتنسيق من الهيئة الوطنية للمعلومات المالية، وبشراكة مع الأشخاص الاعتباريين الخاضعين للقانون العام أو الخاص.
وبهدف مصاحبة التطورات الدائمة التي يعرفها النظام الدولي لمكافحة غسل الأموال، يعمل المغرب، أيضا، خلف قيادة الملك محمد السادس، على ملاءمة نصوصه في هذا المجال مع المعايير الدولية، بما يتماشى مع التطورات المحدثة ضمن توصيات مجموعة العمل المالي «غافي».
ومن شأن خروج المغرب من اللائحة «الرمادية» لمجموعة العمل المالي، الذي يجسد التزام المملكة بتعزيز المنظومة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، تماشيا مع تطور المعايير الدولية في هذا المجال، التأثير بشكل إيجابي على التصنيفات السيادية وتنقيط البنوك المحلية. وينضاف ذلك إلى العديد من التصنيفات الدولية المحدثة من قبل مؤسسات التصنيف التي تضع المغرب في صدارة الدول الجيدة على مستوى الاستثمار. كما أن هذه الخطوة الوازنة كفيلة بتعزيز صورة المغرب ومكانته أثناء المفاوضات مع المؤسسات المالية الدولية، فضلا عن ثقة المستثمرين الأجانب في الاقتصاد الوطني.
ويعزز هذا القرار الخيارات الجيدة المتخذة في مجال السياسة الاقتصادية للبلاد ويؤكد أهمية التدابير المعتمدة من حيث الحكامة والشفافية الضريبية، تماشيا مع المعايير الدولية.
ومن خلال انضمامه إلى النادي المصغر للبلدان التي أظهرت تطورا إيجابيا على مستوى تشريعاتها وممارساتها الضريبية، يعزز المغرب جاذبيته ويطمئن المستثمر بشأن الطابع السليم لتشريعاته ومنظومته الضريبية. وكانت مجموعة العمل المالي «غافي» (GAFI)، قد قررت بإجماع أعضائها، خلال أشغال الاجتماع العام للمجموعة المنعقد بباريس من 20 إلى 24 فبراير الجاري، خروج المملكة المغربية من مسلسل المتابعة المعززة، أو ما يعرف بـ «اللائحة الرمادية»، حيث يأتي قرار المجموعة بعد الخلاصات الإيجابية التي ضمنها خبراء المجموعة في تقريرهم أثناء الزيارة الميدانية، التي قاموا بها للمغرب ما بين 16 و18 يناير 2023.
وثمن التقرير الذي بموجبه غادر المغرب اللائحة الرمادية، الالتزام السياسي الراسخ للمملكة في ملاءمة المنظومة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب مع المعايير الدولية، ووفاء المملكة التام بجميع التزاماتها في الآجال المحددة.
وشارك مندوبون يمثلون 206 أعضاء ضمن الشبكة العالمية ومنظمات الرقابة، بما في ذلك صندوق النقد الدولي، الأمم المتحدة، البنك الدولي، الإنتربول ومجموعة «إيغمونت» لوحدات المعلومات المالية، في اجتماعات مجموعة العمل والجلسة العامة بباريس خلال أسبوع مجموعة «غافي» (من 20 إلى 24 فبراير). وتعد مجموعة العمل المالي هذه، التي أنشئت في العام 1989، هيئة دولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. ويتمثل هدف المجموعة في بلورة المعايير وتعزيز التطبيق الفعال للتدابير التشريعية، التنظيمية والتطبيقية في مجال مكافحة غسل الأموال.
تأثير إيجابي
يؤكد عدد من المراقبين أن رفع اسم المغرب من القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي الدولية يشكل إجراء مهما لتعزيز مكانة المملكة لدى المؤسسات المالية الدولية، والمساعدة في الحصول على تمويلات للمشاريع والاستثمارات مع تحسين مناخ الأعمال. وقد اعتبرت الحكومة أن «خروج المغرب من اللائحة الرمادية سيؤثر بشكل إيجابي على التصنيفات السيادية وتصنيفات البنوك المحلية، كما سيعزز صورة المملكة وموقعها التفاوضي أمام المؤسسات المالية الدولية، وثقة المستثمرين الأجانب في الاقتصاد الوطني».
ويعتبر الخبراء الاقتصاديين، أن من بين الإيجابيات التي ينطوي عليها قرار مجموعة العمل المالي هي المساهمة في تسهيل عملية استفادة المغرب من القروض البنكية الدولية بشروط تفضيلية. و يقول الخبراء «إن خروج المغرب من اللائحة الرمادية ينتظر أن يكون له انعكاس إيجابي في ما يتعلق بأهلية المملكة في سعيها للحصول على خط سيولة ووقاية جديد من صندوق النقد الدولي. المغرب لم يقم السنة الماضية بالاقتراض من السوق الدولية، لأنه كان ينتظر الخروج من اللائحة الرمادية، لأنه لم يكن يريد تفويت فرصة الاقتراض من بعض المؤسسات العالمية والدولية خصوصا الأوربية بشروط تفضيلية وبنسب ذات فائدة مهمة. الخروج للسوق الدولية بالنسبة للمغرب في ظل هذا التصريح الصادر عن GAFI سيكون بنسبة فائدة منخفضة وبدون أي مخاطر على مستوى الاقتصاد الوطني.
ومن المبكر تقييم تأثير القرار على الاقتصاد الوطني بشكل واضح وذلك في انتظار الشروط التي سيحصل بموجبها المغرب على قرض صندوق النقد الدولي، إلى جانب انعكاس ذلك على تحسن ترتيبه في تقارير وكالات التصنيف الائتماني الدولية. كل هذه الأمور المهمة سوف تعزز من جاذبية الاستثمار في المملكة المغربية ومن حظوظ المملكة في التوفر على تمويلات خارجية بشروط تفضيلية، وهي أمور إيجابية لصالح المغرب، لأنها تعزز وتكسر ثقة العالم تجاه الاقتصاد الوطني المغربي من أجل جلب المزيد من الاستثمارات في السنوات المقبلة».