شوف تشوف

الرئيسيةرياضة

مات عبد الرحمان والناس محتفلون بعيد الفطر ورافقت جنازته إلى المقبرة حافلتا الوداد والرجاء

مانسيناكش ليلى الجزائرية (أرملة اللاعب الدولي عبد الرحمان بلمحجوب)

حسن البصري

كيف تعيش زوجة لاعب عناء التنقلات من فريق لآخر ومن مدينة لأخرى؟

عشت مدة طويلة في باريس وتعرفت على عبد الرحمان في باريس وهو يلعب في صفوف راسينغ الباريسي. انتقلنا بعد الزواج إلى نيس، أي أننا كنا في باريس عزابا وفي نيس بداية أزواج سنة عسل، ثم في مونبوليي. قضينا مدة لا يستهان بها في التنقل من فريق لآخر، قبل أن نعود إلى المغرب دون أن نقطع صلتنا بفرنسا. كأي زوجة التنقلات مفروضة بحكم طبيعة مهنة اللاعب والمدرب، لكني كنت أتأقلم سريعا مع كل تجربة جديدة، خاصة وأننا لم نغير فرنسا إلا حين عدنا إلى المغرب. ما كان يميز عبد الرحمان أنه لم يتغير بنجاحاته ولم يبعده تألقه عن محيطه، وبقي وفيا لمسقط رأسه ولم يتنكر للمدينة القديمة بالدار البيضاء ومحيط أصدقائه الذي أنجبه، وكان نموذج المواطن المغربي المعتز بانتمائه لوطنه والمنخرط في قضاياه وهمومه.

هل أيدت عبد الرحمان حين قرر العودة إلى المغرب، أم كنت مع خيار البقاء في فرنسا؟

طبعا أيدت قرار العودة إلى المغرب، خاصة بعد استقلال البلاد ودعوته من طرف محمد الخامس لحضور حفل توشيحه بوسام ملكي. بعد رجوعه إلى فرنسا راودته من جديد فكرة اعتزال الاحتراف والعودة إلى مسقط الرأس، فوضع نهاية لمسار رياضي ابتدأ في الأحياء القديمة للدار البيضاء قبل أن يمر بمراحل التألق العالمي ليختمه بين أحضان فريق الوداد البيضاوي الذي تألق معه لاعبا ثم مدربا، فضلا عن أنه لعب للمنتخب المغربي مدة من الزمن، وكانت عودته مفاجأة سارة في المغرب بالنظر إلى الشهرة التي اكتسبها هذا اللاعب في الخارج. وعلى الرغم من أن كل الفرق الوطنية أرادت أن تشتري ود بلمحجوب، فقد كان يعرف الوجهة على وجه التحديد: إنها الوداد البيضاوي.

كيف تعايشت مع الوضع الجديد؟

اشترى عبد الرحمان منزلا فسيحا في الدار البيضاء، واقتنى مطعما بدعم من صديقه أحمد العسكي مدير الميناء. في أول موسم، وتحت قيادة عبد الرحمان، استطاع نادي الوداد أن يحقق اللقب السابع له، رغم أحد أكبر المواقف الغريبة في تاريخ الكرة المغربية، إذ قررت الجامعة إعادة إجراء مقابلة الفريق ضد نادي الفتح الرياضي بعد صافرة متسرعة من الحكم جراء التدخلات العنيفة للاعبي الفتح، لكن الوداد أكد تفوقه بعد الفوز في اللقاء. كما أشرف على تدريب فريق الرجاء في فترة كان هذا الأخير في وضع صعب وأطره خلال ثلاثة أشهر حقق فيها نتائج إيجابية، وعند مغادرة الفريق رفض تسلم مستحقاته وأعلن أنه فضل الاشتغال بالمجان، كما ساعد الجامعة والمنتخب الوطني على المستوى التقني في عدة فترات، وهكذا كان لاعبا ومدربا ناجحا وإنسانا يحب الجميع.

من كان رفيقه المقرب في المغرب؟

رفيقه خارج الملاعب هو عبد القادر ولد فطومة وكان مستخدما في سينما «مدينة»، وسط المدينة القديمة، كان عاشقا للوداد وصديقا لعبد الرحمن بلمحجوب. كان عبد القادر يضبط القاعة جيدا، يحرص على أمن الفضاء حيث يتجول بين المقاعد لتهدئة الجمهور، ولو بالقوة، وعلمت من عبد الرحمان أن عبد القادر يتصدى لكل سلوك منفلت في المدرجات، حيث كان يزجر كل المخالفين. أشرف أيضا على مطعم الميناء، بتكليف من بلمحجوب، ورافقه إلى الديار المقدسة لأداء مناسك الحج، إلى أن وافته المنية، بعد سنوات طويلة. ولد فطومة مشجع ودادي حتى النخاع، وابنه عزالدين عبد الرفيع ودادي، لكنه لعب للرجاء البيضاوي، قبل أن ينتقل إلى الوداد بإلحاح من والده.

هلا حدثتنا عن اللحظات الأخيرة من حياة عبد الرحمان؟

رحل فجأة في صباح يوم عيد الفطر، في آخر أيام الصيف. قبل هذا اليوم ذهبنا إلى مقبرة الرحمة بالدار البيضاء، حيث ترحمنا على فقيد رحل، لفتت انتباهي نظافة هذه المقبرة وتقاسمني هذه الملاحظة، قبل أن يقول لي جملة هزت كياني: «لي سبق فينا يدفن الآخر هنا». تصور بعد أقل من 48 ساعة سيدفن في المقبرة  نفسا رغم أن عددا من المسؤولين فضلوا دفنه في مقبرة الشهداء، إلا أني تمسكت بوصيته بالرغم من محاولات مقربين منه.

كيف مات بلمحجوب؟

مات صباح يوم العيد، ارتدى أزهى ملابسه التقليدية واستحم ثم استعد لأداء الصلاة، قبل أن أسمع سعالا بلا انقطاع منبعثا من دورة المياه. تكرر السيناريو في وقت كنا نستعد لاستقبال العيد، وكانت الخادمة تضع ترتيبات استقبال ضيوفنا وأفراد أسرتنا، وحين فتحت باب غرفة النوم ودخلت دورة المياه وجدته ملقى دون حراك، تبين أن الروح انتقلت إلى الرفيق الأعلى، فتحول العيد إلى مأتم، ليبدأ الناس يتقاطرون على البيت من كل مدينة تاركين أجواء العيد وراءهم. كان مشهدا غريبا، خاصة حين هممنا بدفنه وسارت وراء جنازته أفواج من الرياضيين وغير الرياضيين، ولأنه محبوب الجماهير فقد حضرت حافلتا الوداد والرجاء وحضر رئيس الجامعة واللاعبون الدوليون وكل الأطياف جاءت تودعه.

حين توفي رفيق دربك ستتعرفين على أشياء أخرى في شخصية الراحل..

علمت أنه وراء جلب كثير من اللاعبين للدوري الفرنسي، وأنه كان من بين المؤسسين للودادية المغربية للمدربين، وأجمع الناس على كونه  قدوة ومثالا للأخلاق العالية سواء داخل الملعب أو خارجه. عندي أبناء في الداخل والخارج وعندي أحفادي وكلهم فخورون بالانتماء لهذا الصرح.

هل تعلمين أن ملعبا يحمل اسمه؟

لا علم لي، لو تفضلت يوما بمرافقتي إلى هذا الملعب لأخذ صورة فيه وأمام لوحته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى