شوف تشوف

الرئيسيةالملف السياسيسياسية

مؤشرات حمراء تشتعل

انخفاض معدل النمو وتفاقم عجز الميزانية وارتفاع معدل التضخم

كشف بنك المغرب، في تقرير صادر عن الاجتماع الأول لمجلسه الإداري خلال هذه السنة، عن مؤشرات مقلقة بخصوص الوضع الاقتصادي، نتيجة استمرار تداعيات أزمة جائحة كورونا، وعدم استقرار الوضع الدولي. وأكد البنك أن معدل النمو المتوقع لن يتجاوز نسبة 0,7 في المئة، مع تسجيل عجز في الميزانية في حدود 6.3 بالمئة. وحذر البنك من ارتفاع نسبة التضخم، وتوقع أن يبلغ التضخم 4,7 في المئة في 2022. مقابل ذلك يراهن قانون المالية لسنة 2022 على تحقيق نمو بنسبة 3.2 بالمئة، وتسجيل عجز في الخزينة بنسبة 5.9 بالمئة من الناتج الداخلي الخام، إلى جانب توقع إحداث 250 ألف منصب شغل مباشر خلال سنتين.

 

 

إعداد: محمد اليوبي – النعمان اليعلاوي

 

 

بنك المغرب يدق ناقوس الخطر

دق والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، ناقوس الخطر وقدم مؤشرات اقتصادية غير مطمئنة، وذلك بسبب التداعيات الدولية، مؤكدا استمرار ارتفاع معدل التضخم مقابل تسجيل عجز في الميزانية وتراجع معدل النمو.

وأكد بنك المغرب أن نمو الاقتصاد الوطني يتوقع أن يبلغ 0,7 في المئة سنة 2022، قبل أن يرتفع إلى 4.6 في المئة سنة 2023. وأوضح البنك، في بلاغ عقب الاجتماع الفصلي الأول لمجلسه الإداري برسم سنة 2022، أنه «بالنظر إلى الظروف المناخية غير المواتية، يتوقع أن يسجل الموسم الفلاحي إنتاج محصول من الحبوب يناهز 25 مليون قنطار، بدلا من 103.2 ملايين قنطار سنة من قبل. ومن المرتقب أن تنخفض القيمة المضافة الفلاحية بنسبة 19.8 في المئة، ليتراجع بذلك النمو الاقتصادي إلى 0.7 في المئة سنة 2022، بعد انتعاشه الذي بلغ 7.3 في المئة في 2021». وأضاف المصدر نفسه أنه «في 2023، ومع افتراض تحقيق محصول متوسط في حدود 75 مليون قنطار، يتوقع أن تتزايد القيمة المضافة الفلاحية بنسبة 17 في المئة، ليصل بذلك النمو إلى 4.6 في المئة». وفي ما يخص الأنشطة غير الفلاحية، من المنتظر أن تتعزز تدريجيا، مع تزايد قيمتها المضافة بنسبة 3 في المئة في 2022 وفي 2023.

وفي ما يخص المالية العمومية، توقع بنك المغرب، في تقريره الأخير حول السياسة النقدية، أن ينخفض عجز الميزانية إلى 5.9 بالمئة بحلول سنة 2023. وأوضح هذا التقرير أن هذه التوقعات تأخذ بعين الاعتبار احتمال تسجيل تحسن في الإيرادات الضريبية نتيجة لاستئناف النشاط الاقتصادي، وكذا حجم النفقات المرتبطة بتكاليف المقاصة، على وجه الخصوص، مقارنة بتوقعات دجنبر الفائت.

وأبرز المصدر ذاته أنه من المتوقع أن يستقر حجم عجز الميزانية مع نهاية السنة في حدود 6.3 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك مع الأخذ في الاعتبار، على وجه الخصوص، الارتفاع القوي للإيرادات غير الضريبية بنحو 8 مليارات درهم إضافية كإيرادات لآليات تمويلية خاصة لتصل إلى 20 مليار درهم و4 مليارات درهم إضافية من عائدات الاحتكارات والمساهمات لتصل إلى 18 مليار درهم. وأكد البنك المركزي أن هذه الإيرادات المعبأة نابعة من إرادة السلطات المالية لتغطية النفقات الإضافية، لا سيما الدعم القطاعي، والحفاظ على استقرار عجز الميزانية، بما يتماشى مع قانون المالية.

وعلى مستوى النفقات، تم تسجيل زيادة في تكاليف المقاصة بنحو 2.4 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي عوض 1.7 بالمئة في دجنبر الماضي، مع الأخذ في الاعتبار، على وجه الخصوص، احتمال ارتفاع سعر غاز البوتان، وزيادة الدعم المخصص للقمح المستورد.

وقرر مجلس بنك المغرب الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير في 1,5 في المئة بعد اجتماعه الفصلي الأول برسم سنة 2022. وأوضح بلاغ لبنك المغرب أنه «أخذا بالاعتبار توقع عودة التضخم إلى مستويات معتدلة في 2023، قرر المجلس الحفاظ على التوجه التيسيري للسياسة النقدية، وذلك من أجل الاستمرار في دعم النشاط الاقتصادي والتخفيف من تداعيات الظرفية الدولية غير المواتية، والإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير في 1,50 في المئة».

وشكل هذا الاجتماع مناسبة لتدارس دقة الظرفية الدولية التي تطبعها الأحداث المرتبطة بالحرب بأوكرانيا، في الوقت الذي كان فيه التعافي الاقتصادي العالمي يواجه تحديات كبرى، لاسيما ارتفاع أسعار السلع الأساسية، واستمرار الاضطرابات في السلاسل العالمية للإنتاج والإمداد وتزايد الضغوط التضخمية. وذكر بنك المغرب أن تداعيات هذا النزاع أضحت ملموسة على مستوى الأسواق المالية، وأسعار السلع الأساسية، والتجارة العالمية، وكذا على النشاط الاقتصادي بشكل عام، مبرزا أن «الاقتصاد الوطني ليس في منأى عن عواقب هذه التطورات، في وقت يواجه فيه ظروفا مناخية صعبة بسبب العجز الشديد في التساقطات المطرية».

وسجل المجلس أن التضخم لا زال يواصل نموه السريع الذي بدأ في سنة 2021، متأثرا بالضغوط خارجية المصدر المرتبطة بالارتفاع الحاد في أسعار المنتجات الطاقية والغذائية وتزايد التضخم لدى أبرز الشركاء الاقتصاديين. وهكذا، توقع بنك المغرب أن يبلغ التضخم 4,7 في المئة في 2022، مقابل 1,4 في المئة في 2021، قبل أن يتراجع إلى 1,9 في المئة في 2023، ويرتقب أن يرتفع مكونه الأساسي من 1,7 في المئة إلى 4,7 في المئة قبل أن يتباطأ إلى 2,6 في المئة. 

 

الحكومة متفائلة

خلافا لتوقعات بنك المغرب والمندوبية السامية للتخطيط، أكدت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، أن نسبة التضخم بالمغرب جد منخفضة مقارنة مع العديد من الدول سواء النامية أو التي في طريق النمو وحتى المتقدمة منها.

وأوضحت الوزيرة، في ردها على سؤال كتابي بمجلس النواب، أنه كان لتدخلات الحكومة لدعم الأسعار والإجراءات التي باشرتها لحماية القدرة الشرائية للمواطنين، نتائج إيجابية على تطور الأسعار، وهذا ما تؤكده نسبة التضخم في بلادنا والتي لم تتعد سنة 2021، %1.4 مقارنة مع سنة 2020، نتيجة الارتفاع الطفيف لمؤشر المنتجات الغذائية بنسبة %0.8 والمنتجات غير الغذائية بنسبة 1.8%.

وأشارت الوزيرة إلى أن السلطات المحلية بمختلف الأقاليم، تراقب أسعار المواد الاستهلاكية بالأسواق والمحلات، وتقوم بعمليات واسعة من أجل مراقبة الأسعار وجودة المواد المستهلكة، واعتبرت أن حماية القدرة الشرائية للمواطنين من أولويات تدخل الحكومة والتي تتخذ من أجلها عدة إجراءات، من بينها تلك المتعلقة باستقرار الأسعار والحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين.

وفي ما يخص الأسعار، تحدثت الوزيرة عن ثلاث فئات من الأسعار، ويتعلق الأمر بفئة الأسعار المقننة التي تهم مجموعة من المنتجات والخدمات الأساسية التي لم يتم إخضاعها للتحرير نظرا لمحدودية المنافسة في أسعار قطاعاتها، إما بسبب حالات احتكار قانوني أو فعلي، وإما بفعل صعوبات، وإما نتيجة أحكام تشريعية أو تنظيمية، وأعطت على سبيل المثال أسعار الماء الصالح للشرب والكهرباء والأدوية. وفي ما يخص هاته الفئة، أوضحت الوزيرة أن الحكومة تسهر على عدم الزيادة في أسعارها أو على الأقل السماح فقط بما هو ضروري لاستمرار الخدمة أو إنتاج المنتج، بل تسهر كذلك على إعادة النظر وباستمرار في تراكيب أسعارها لملاءمتها مع التغيرات، حيث تم، على سبيل المثال، تخفيض أسعار العديد من الأدوية خلال السنوات الأخيرة.

وهناك فئة المواد المقننة والمدعمة في الوقت نفسه، وتتمثل في غاز البوطان والسكر والدقيق الوطني، وأشارت الوزيرة إلى أن هذه المواد رصدت لها الحكومة 17 مليار درهم برسم سنة 2022 من أجل دعم أسعارها حفاظا على القدرة الشرائية للمواطنين خاصة ذوي الدخل المحدود، والتي كلفت بالنسبة لسنة 2021 أكثر من 20 مليار درهم.

وهناك فئة المواد والخدمات المحررة، التي تتغير أسعارها حسب تطورات السوق والتوازنات بين العرض والطلب، وأبرزت الوزيرة أنه إذا كانت الفئتان الأولى والثانية لم تعرفا أي تغيير في أسعارها حرصا من الحكومة على حماية القدرة الشرائية للمواطنين، فقد شهدت بالفعل بعض المواد الاستهلاكية التي تنتمي إلى الفئة الثالثة تقلبات في أسعارها من جراء تداعيات جائحة كورونا.

 

إجراءات لمواجهة تقلبات الأسعار

أفادت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، بأن المواد الاستهلاكية المنتجة محليا، ومنها الخضروات والفواكه، الدواجن والأسماك وغيرها، تتقلب أسعارها حسب تقلبات العرض المرتبط بالظروف المناخية ومواسم الإنتاج، وتبقى مستويات العديد منها نسبيا مستقرة، وفي ما يخص المواد الأساسية المستوردة، فقد شهدت بالفعل ارتفاعات متفاوتة، ولازالت أسعارها الدولية تعرف ارتفاعات نتيجة استمرار تداعيات جائحة كوفيد 19 والمتحور أوميكرون ونتيجة تداعيات بعض الأزمات الجيوسياسية الدولية والظرفية الدولية.

وفي هذا الباب، تضيف المسؤولة الحكومية، ومن أجل الحد من وقع الأزمة الصحية، قامت العديد من الدول، خاصة الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي وبريطانيا والصين، بإطلاق برامج إقلاع اقتصادي مكثف نتج عنه ضغط على طلب المواد الأساسية سواء الفلاحية أو الطاقية، هذا الضغط الذي تزامن مع ضعف الطلب نتيجة تقلص المحاصيل الزراعية في البلدان المنتجة، خاصة كندا والولايات المتحدة والاتحاد الأوربي والبرازيل بفعل الأحوال الجوية المتقلبة التي شهدتها هذه الدول، وأكدت أن هذا التباين بين العرض والطلب كان له الوقع الكبير على الأسعار الدولية لهذه المواد.

فبالنسبة للحبوب، عرفت أسعار القمح الصلب ارتفاعات هامة خلال سنة 2021،

ولازالت تسجل المنحى نفسه حاليا نتيجة ارتفاع الأسعار عند الاستيراد، خاصة من کندا نظرا لضعف العرض. حيث مر متوسط سعر القمح عند الاستيراد من 331 درهما للقنطار خلال يناير 2021 إلى 650 درهما للقنطار بداية فبراير الماضي، أي بزيادة قاربت 96 %، هذه الأسعار كانت ستصل إلى مستويات أعلى لولا تدخل الحكومة عن طريق تعليق الرسوم الجمركية المطبقة عليه. وانعكس ارتفاع أسعار القمح الصلب على المشتقات من سميد ودقيق (فينو) وبالتالي على أسعار العجائن.

أما بخصوص القمح الطري الذي يعد الأكثر استهلاكا في بلادنا، فقد تحملت الدولة وقع ارتفاعات الأسعار الدولية، حيث بلغت نسبة الدعم عند الاستيراد 88 درهما عن كل قنطار، وذلك من أجل ضمان استقرار أسعار الدقيق الممتاز وبالتالي الحفاظ على أسعار الخبز في مستوياته الحالية، حيث مر متوسط سعر القمح الطري عند الاستيراد من 293 درهما للقنطار خلال يناير 2021 إلى 344 درهما للقنطار شهر يناير من هذه السنة أي بزيادة قاربت 17 %، وكانت ستصل إلى مستويات أعلى لولا تدخل الحكومة عن طريق تعليق الرسوم الجمركية المطبقة عليه.

أما بخصوص القطاني، فقد عرفت أسعار الفول والحمص واللوبيا استقرارا مقارنة مع السنة الماضية، في حين ارتفع ثمن العدس تبعا للارتفاع الذي تسجله السوق الدولية حاليا.

وبخصوص زيوت المائدة، وكما يعرف الجميع فيتم تزويد جل حاجيات السوق الوطنية بالزيوت الخام التي تدخل في إنتاج هذه المواد عبر الاستيراد. هاته الأخيرة التي شهدت أسعارها في السوق الدولية عدة زيادات كان لها وقع مباشر على أسعار الزيوت الغذائية ببلادنا.

أما في ما يخص المواد الطاقية، فقد ميزت الوزيرة  بين نوعين من المواد، وهي غاز البوطان الذي تبقى أسعاره مستقرة، حيث تتحمل ميزانية الدولة أثر ارتفاع الأسعار الدولية عبر الرفع من الدعم الذي تقدمه لسعر هذه المادة بحيث يبلغ حاليا

دعم القنينة الكبيرة حوالي 95 درهما مقابل ثمن البيع المحدد في 40 درهما دون

احتساب تكاليف النقل، ودعم القنينة الصغيرة حوالي 25 درهما مقابل ثمن البيع

المحدد في 10 دراهم دون احتساب تكاليف النقل.

أما باقي المحروقات، وأهمها الغازوال والبنزين الممتاز، فقد عرفت أسعارها بعض التقلبات على المستوى الوطني نظرا لتقلبات أسعار استيرادها، وحسب الوزيرة، فبالنسبة للغازوال، فقد ارتفع معدل الأسعار الداخلية بين يناير 2021 وفبراير الماضي من حوالي 8.77 دراهم إلى حوالي 10.70 دراهم للتر، أي بنسبة ارتفاع قدرها 22%، والذي يبقى أقل من الارتفاع المسجل في الأسواق الدولية الذي بلغ حوالي 88% حيث مر من 452 دولارا للطن إلى 848 دولارا للطن.

أما بالنسبة للبنزين الممتاز، فقد ارتفع معدل الأسعار الداخلية بين شهر يناير 2021 وفبراير 2022 من حوالي 9.61 دراهم إلى 12.64 درهما للتر، أي بنسبة ارتفاع قدرها %32، في الوقت الذي ارتفع فيه معدل الأسعار الدولية للبنزين الممتاز بحوالي 84%، حيث مر من 501 دولار للطن إلى 923 دولارا للطن.

وبالنظر إلى استمرار ارتفاع الأسعار الدولية، وحرصا من الحكومة على حماية القدرة الشرائية، اتخذت عدة إجراءات للحد من وقع تقلبات الأسعار الدولية والمضاربات على الأسعار الداخلية، ذكرت منها الوزيرة تعليق الرسوم الجمركية على واردات القمح الصلب والطري ابتداء من فاتح نونبر 2021، والاستمرار في تعليق الرسوم الجمركية على واردات القطاني، والاستمرار في تطبيق الحد الأدنى من الرسوم الجمركية على الزبدة، ودعم أسعار القمح اللين المستورد، بالإضافة إلى تكثيف عمليات المراقبة.

هل ستتحقق توقعات الحكومة في قانون المالية لسنة 2022

 

 

أكدت الحكومة أن قانون المالية لسنة 2022، يندرج في إطار سياق دولي يطبعه عودة التعافي التدريجي للاقتصاد العالمي، وارتفاع مؤشرات الثقة في قدرته على تجاوز التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لجائحة كوفيد- 19، وينبني على فرضيات واقعية، تأخذ بعين الاعتبار على الخصوص المعطيات المرتبطة بالظرفية الوطنية والدولية، وتأثيرات تطورات الأزمة الصحية العالمية، وكذا الفرضيات المرتبطة بأسعار بعض المواد الأساسية في السوق العالمية، ومستوى المحصول الزراعي المرتقب على الصعيد الوطني.

ويهدف القانون، إلى توطيد أسس الاقتصاد الوطني من خلال تفعيل صندوق محمد السادس للاستثمار، وإخراج ميثاق الاستثمار، وتحسين مناخ الأعمال، وتفعيل القانون الإطار المتعلق بالإصلاح الضريبي، وفي هذا الإطار، ستتخذ الحكومة التدابير الاستعجالية لمواكبة الشباب في مجال التشغيل، وتشجيع مبادرات الشباب حاملي المشاريع في المجال الفلاحي، وإعطاء دينامية جديدة لبرنامج «انطلاقة»، من خلال إطلاق مشروع جديد تحت اسم  «الفرصة »، لتمويل مشاريع الشباب دون شروط مسبقة.

كما يركز على مواصلة إرساء أسس الدولة الاجتماعية، عبر تأهيل المنظومة الصحية وارساء إصلاح عميق لقطاع التعليم وتعزيز آليات الإدماج، وتعميم الحماية الاجتماعية، وتعميم التغطية الصحية الإجبارية لفائدة العاملين غير الأجراء، واتخاذ التدابير المتعلقة بالتعميم التدريجي للتعويضات العائلية، من خلال إعمال السجل الاجتماعي الموحد، وإعطاء عناية خاصة لإدماج الأشخاص في وضعية إعاقة، وايلاء الأولوية للمساواة بين الجنسين في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية. ويؤكد المشروع كذلك على إضفاء دينامية جديدة بالنسبة لمختلف القطاعات الإنتاجية، والرفع من قدرتها في الحفاظ على مناصب الشغل، وخلق فرص عمل جديدة؛ وذلك بمواصلة تنفيذ خطة الإنعاش الاقتصادي، واعتماد مجموعة من التوجهات الأساسية الأخرى التي سيتم عرضها بتفصيل أمام أعضاء البرلمان.

ويراهن قانون المالية لسنة 2022، على تحقيق نمو بنسبة 3.2 بالمائة، وتسجيل عجز في الخزينة بنسبة 5.9 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، إلى جانب توقع إحداث 250 ألف منصب شغل مباشر خلال سنتين، وارتكز إعداد مشروع قانون المالية على فرضيات أساسية أهمها بلوغ المحصول الفلاحي 80 مليون قنطار من الحبوب، ومتوسط سعر غاز البوتان في حدود 450 دولارا للطن.

وفي هذا الصدد، أكدت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح العلوي أن قانون المالية لسنة 2022 يروم الاستجابة لانتظارات المغاربة وتعزيز النشاط الاقتصادي، و أشارت الوزيرة إلى أن إجراءات هذا المشروع تروم تحفيز الشغل، لاسيما لدى فئة الشباب، حيث سيتم خلق أزيد من 250 ألف منصب شغل في السنتين القادمتين ابتداء من سنة 2022 بميزانية تصل إلى 2.25 مليار درهم، وكذا تفعيل الحماية الاجتماعية، من خلال مساعدة الأشخاص في وضعية إعاقة، والتأمين الإجباري عن المرض لفائدة الأشخاص في وضعية هشة، إلى جانب تدابير أخرى. من ناحية أخرى، أكدت فتاح العلوي أن مشروع قانون المالية الجديد يولي أهمية كبرى للرأسمال البشري، وذلك عبر إعطاء الأولوية لقطاعي التعليم والصحة، اللذين سيرصد لهما أكثر من 9 ملايير درهم.

وفي معرض حديثها عن إصلاح الإدارة والحكامة الجيدة، أبرزت وزيرة الاقتصاد والمالية أن هذا الورش «سيجعل الإدارة ترقى إلى مستوى تطلعات المواطنين من حيث الخدمات وعقلنة التسير الإداري». كما سلطت الضوء على الجهد «الكبير» الذي بذل في الاستثمارات العمومية، وذلك من خلال رصد أكثر من 245 مليار درهم لهذا الجانب.

وإلى جانب برنامج (انطلاقة)، تضيف الوزيرة، سيتم العمل على تفعيل برنامج (فرصة)، الذي يسعى إلى تحفيز أكثر من 50 ألف شاب وخلق فرص الشغل، مسجلة أن إعداد مشروع القانون ارتكز على فرضيات أساسية أهمها بلوغ المحصول الفلاحي 80 مليون قنطار، بينما تتوقع بلوغ سعر الغاز 450 دولار. وذكرت بأن مشروع قانون المالية الجديد يأتي في سياق دولي هام جدا، طبعته سنة ونصف من الجائحة العالمية، وعودة النشاط الاقتصادي في جميع انحاء العالم، لاسيما في منطقة الأورو التي تعد الشريك الأول للمغرب.

وقد أبرزت أن الرؤية الاستباقية للملك محمد السادس، والتدابير الجريئة التي جاءت لمكافحة الأزمة الصحية العالمية، أفضت إلى تحسن الوضعية الاقتصادية للمغرب، مشيرة إلى أن النمو الاقتصادي بالمملكة قد يفوق 5,7 في المائة هذه السنة.

من جانبه، أشار الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، إلى أن إعداد قانون المالية للسنة الحالية جاء بناء على «فرضيات واقعية وطموحة تستشرف التطورات التي تعرفها الساحة الوطنية والدولية «، وأكد لقجع أن إعداد المشروع الجديد «طبعته الجرأة وضم إجراءات تهم القطاعات الحساسة المتعلقة بانتظارات المواطنين، والتنزيل السليم للحماية الاجتماعية، خصوصا الانتقال إلى الفئة الثانية من المستفيدين من بطاقة (راميد)، وأجرأة كل ما يرتبط بالتعويضات العائلية ابتداء من سنة 2023، إضافة إلى ما يتطلبه الأمر من إعداد للنصوص التشريعية المرتبطة بهذا الجانب».

وشدد على أن الرفع من الاستثمار العمومي، الذي بلغ 245 مليار درهم، استلزم التعامل مع مجموعة من الإجراءات الضريبية والجمركية التي تسمح للفاعلين الاقتصاديين بتطوير أنشطتهم والاشتغال في مناخ سليم ومريح، وكذا عدم الرفع من الضغط الضريبي قصد البقاء في مستويات تضمن التنافسية السليمة للمقاولة المغربية، وتابع أنه «كان من الضروري التوصل لمجموعة من المخرجات التي تضمن تأدية الالتزامات الضريبية، وتنزيل خلاصات القانون الإطار المرتبط بالضرائب والتمويل الضروري للحماية الاجتماعية». وخلص لقجع إلى أن عودة النشاط الاقتصادي إلى الحالة الطبيعية سنة 2021 من شأنها أن تفضي إلى بلوغ مستويات إيجابية تضمن الحفاظ على التوازنات الماكرو اقتصادية، مما يضمن السيادة المالية للمغرب.

معدل التضخم.. مندوبية التخطيط تحذر

 

 

قالت المندوبية السامية للتخطيط إن ارتفاع الأسعار في المغرب سيستمر إلى مستويات أعلى من المتوسط المسجل خلال العقد الماضي، وذكرت المندوبية، أن التأثيرات الخارجية والجفاف عاملان سيزيدان عدم اليقين بشأن التضخم على المستوى الوطني، كما أوردت المؤسسة ذاتها، ضمن مذكرة حول تطور التضخم في المغرب، أن المخاطر التضخمية ستظل غير مؤكدة على المدى القصير؛ إذ من المرجح أن يؤدي ارتفاع أسعار المواد الخام المستوردة والأزمة في منطقة البحر الأسود والارتفاع الكبير لأسعار برميل النفط إلى حدود 140 دولارا، إلى الحفاظ على معدل تضخم خلال السنة الجارية في مستويات عالية نسبيا.

وتشير معطيات المندوبية إلى أن التضخم وفق مؤشر الأسعار عند الاستهلاك سجل أعلى مستوى له خلال شهر فبراير الجاري بنسبة ناهزت 3,6 في المائة على أساس سنوي، وتعزى هذه الزيادة بشكل رئيسي إلى ارتفاع أسعار المنتجات الغذائية بنسبة 5,5 في المائة والمنتجات غير الغذائية بنسبة 2,5 في المائة، ويظهر تطور مؤشر الأسعار الاستهلاكية خلال العشرين سنة الماضية اتجاها معتدلا نسبيا، حيث كان ما دون 2 في المائة، باستثناء سنوات 2002 و2006 و2008 بنسبة 2,8 في المائة و3,3 في المائة و3,9 في المائة على التوالي.

وبالنظر إلى الفترة الممتدة ما بين 2010 و2021، يتجلى من المؤشرات أن أكبر الزيادات السنوية في المتوسط كانت تهم قسم المشروبات الكحولية والتبغ بمعدل سنوي يبلغ 4 في المائة و3,5 في المائة سنة 2021، إضافة إلى مؤشرات أسعار التعليم بارتفاع متوسط نسبته 3,1 في المائة، و1,6 في المائة سنة 2021.

وخلال شهر يناير من سنة 2021، بدأت الزيادات تهم المنتجات الغذائية بحوالي 1,8 في المائة بالنسبة للزيوت لتصل إلى 13,7 في المائة في فبراير من السنة الجارية، كما شهد سعر الخبز والحبوب تسارعا ملحوظا منذ شتنبر 2021، حيث بلغ 5 في المائة ليصل إلى 13,2 في المائة في فبراير المنصرم. وبالنسبة للمنتجات غير الغذائية، سجلت أكبر زيادة في المحروقات منذ أبريل من سنة 2021، حيث زاد سعر الغازوال عن مستوى 11 درهما للتر الواحد، وتجاوزت الزيادة في فبراير المنصرم 22 في المائة على أساس سنوي.

على المستوى العالمي، ذكرت المندوبية أنه من المرجح أن تكون التوقعات الخاصة بتغيرات الأسعار خلال السنة الجارية استثنائية في البلدان المتقدمة والناشئة بسبب ارتفاع أسعار النفط، حيث سيكون التضخم أعلى وأكثر انتشارا مما كان متوقعا .وفي الولايات المتحدة الأمريكية بلغ التضخم 7,9 في المائة في فبراير 2022، و2,9 في المائة في فرنسا، فيما بلغ مستوى قياسيا في تركيا بـ48,7 في المائة.

وجاء في المذكرة أن العوامل الرئيسية المفسرة لاتجاهات الأسعار مرتبطة بتحسن الوضع الصحي والعودة التدريجية للنشاط وإعادة فتح الحدود وارتفاع أسعار النفط والغاز والمواد الأولية في السوق الدولية عقب التوقعات الجيو-سياسية، في إشارة إلى تداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا.

 

ثلاثة أسئلة

الطيب أعيس *

 

* خبير مالي واقتصادي 

 

«الاقتصاد الوطني يواجه الانكماش وتحديات صعبة خلال 2022»

 

ما هي دلالات الأرقام الاقتصادية الأخيرة، التي صدرت عن بنك المغرب والمندوبية السامية للتخطيط، بخصوص الوضعية الاقتصادية؟

إن هذه الأرقام الأخيرة تؤشر إلى أن البلاد في مواجهة وضعية اقتصادية صعبة، وهذا الأمر مرتبط بعوامل داخلية وأخرى خارجية، والتي ترتبط بالأساس بأزمة كورونا منذ سنة 2020، وما ارتبط بهذه الأزمة من ارتفاع تكلفة النقل الدولي، وأيضا تكلفة إنتاج وتسويق البترول بالسوق العالمية، والذي وصل في بعض الفترات إلى 140 دولارا، وهو السعر التاريخي الذي لم يسبق أن سجله في أي من الفترات السابقة، زيادة على الارتفاع في أسعار المواد الأولية والمواد الغذائية على المستوى العالمي. ومباشرة بعد أزمة كورونا، جاءت أزمة حرب أوكرانيا لتزيد الطين بلة، وقد عقدت الأمور، على اعتبار أن هذه الحرب تدور رحاها بأوروبا، وأوروبا كما نعلم هي سوق دولية كبيرة جدا، وتعتبر السوق الثانية في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية، كما أن هذه الأزمة تهم أوكرانيا وروسيا، وهما دولتان مهمتان في سوق الغذاء الدولي والمواد الأولية، حيث تصدران الحبوب والزيوت والمواد الغذائية الأولية، بالإضافة إلى الغاز ومواد بترولية تصدرها روسيا، وكل هذه المواد تأثرت بشكل كبير بهذه الأزمة، وشهدت أسعارها ارتفاعا كبيرا في السوق الدولية، وهو الأمر الذي وصل إلى زيادة جاوزت 20 في المائة و30 في المائة في بعض الأحيان.

وبالإضافة إلى العوامل الخارجية والدولية، هناك عوامل داخلية كان لها الأثر البارز أيضا على الاقتصاد الوطني، وعلى رأسها أزمة كورونا التي تأثر بها المغرب كباقي دول العالم، في هذه السنتين، بالإضافة إلى موجة الجفاف التي عمت البلاد خلال هذه الفترة أيضا، وهذان العاملان كان لهما أثر بالغ على الاقتصاد المغربي والقدرة الشرائية للمواطن المغربي، وهو الأمر الذي تطلب من الحكومة اتخاذ إجراءات قوية وفعالة ومعقولة بالنسبة إلى المواطن المغربي، إذ إن 2022 ستكون سنة كل التحديات الاقتصادية، وهو ما كشفته أيضا الأرقام الصادرة عن بنك المغرب والمندوبية السامية للتخطيط، حيث إن التضخم وصل إلى مستوى تاريخي بلغ 4,7 في المائة، في مقابل 1,7 في المائة السنة الماضية، وكان طيلة السنوات المنصرمة يتراوح بين 1 و1.5 في المائة، وهذا الأمر يؤشر على تطور كبير في معدل التضخم، والذي سيكون له تأثير كبير على معدل النمو الاقتصادي،  الذي يسشهد تراجعا كبيرا جدا، حيث سيسجل فقط 0.7 في المائة، علما أنه سنة 2021 سجل 7 في المائة، وهو ما يمثل انكماشا للاقتصاد الوطني. وغير عن أن الأزمة على مستوى الاقتصاد العالمي، والمغرب يعاني جزءا منها، ونتمنى أن تلوح بوادر الخروج منها في سنة 2023، وهذا راجع إلى ما قد تتخذه الحكومة من إجراءات جدية لمواكبة الاقتصاد الوطني، والحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن المغربي، ومواكبة المقاولات المغربية.

 

في هذا السياق، برز أخيرا الحديث عن تضخم مستورد، هل المغرب يواجه هذا الأمر؟ وما تجلياته؟

إن كل العوامل الخارجية التي ذكرت لك في السابق، هي من مؤشرات ومسببات التضخم الذي يواجهه المغرب، وعلى اعتبار أنها خارجية، فيمكن القول إن التضخم بدوره الناتج عنها «مستورد»، وهو مرده إلى الاضطراب الذي تعانيه السلاسل العالمية للتوريد والإنتاج والنقل، وهذا الأمر ساهم في التضخم على المستوى الدولي، والذي كان له أثره على المستوى الوطني.

غير أنه لا يمكن القطع بأن التضخم الذي يعانيه الاقتصاد الوطني مستورد فقط، بل هناك تضخم داخلي راجع بدوره إلى المضاربة التي تطبع بعض السلع، وأثر ذلك على أسعارها، بالإضافة إلى ضعف مراقبة الأسعار، واحترام المنافسة في السوق المغربية، حيث قد تكون في بعض الأوقات تفاهمات بين المستوردين على الزيادة في الأسعار، وهو الأمر الذي يُجَرِّمُهُ قانون المنافسة، وعلى المجلس مراقبته وزجره، بالإضافة إلى وجوب تحريك الآليات التي بيد الحكومة، خصوصا أن وزارة الاقتصاد والمالية كانت تتوفر على وزارة منتدبة تابعة لها، وهي وزارة الشؤون العامة والحكامة، وهي المنوط لها حينها بمراقبة الأسعار وزجر الغش، بالإضافة إلى اللجان المحلية والسلطات المحلية التابعة للولايات والعمالات ووزارة الداخلية، من أجل احترام منطق السوق وأسعار معقولة، وهي القطاعات التي تستوجب تنافسا شريفا لمصلحة المستهلك.

 

في ظل هذه التقلبات الدولية، هل من شأن الحكومة اتخاذ إجراءات بتقليص التصدير لحماية السوق الداخلية؟

لا يمكن للحكومة أن تتخذ إجراءات من هذا القبيل، كأن تطالب المستوردين بتقليص صادراتهم إلى السوق الدولية، واتخاذ الحكومة لهكذا إجراء يستوجب أن تكون البلاد في مواجهة حالة حرجة مثل «المجاعة»، أما والوضعية الاقتصادية على ما هي عليه اليوم فلا تتطلب هذا الأمر، والسوق هي نتيجة للعرض والطلب، وهناك العديد من المنتجين المغاربة تجمعهم عقود توريد مع جهات ومستوردين أجانب، ولا يمكنهم وقف هذه العقود، وإلا سيكونوا في مواجهة أداء ذعائر، فهل ستتحمل الحكومة أداءها عنهم؟ لا، وبالتالي فإن وقف التصدير قد تكون له آثار سلبية عكسية إذا ما تم اتخاذه، وهو لن يكون حلا، ولكن ما يمكن أن تتخذه الحكومة كحلول، هو تشجيع الإنتاج من خلال دعم الفلاحين، وهو ما يتم بالفعل في مواجهة الآثار السلبية لموجة الجفاف، بالإضافة إلى ضرورة عمل الحكومة على تقليص سلسلة الوسطاء، وهؤلاء المضاربون والوسطاء هم الذين يتسببون في ارتفاع أسعار بعض المنتجات، وهنا على الحكومة العمل على معالجة إشكال سلاسل التوريد، والزيادة في الإنتاج، وهو الأمر الذي قد يساعد الحكومة من أجل التحكم في الأسعار.

أما في الجانب المتعلق ببعض المنتجات المستوردة، كما هو الشأن بالنسبة إلى المحروقات، فيمكن للحكومة العمل بسلم ضريبة متحركة، بأن تخفض الضريبة على هذه المنتجات كلما علا ثمنها في السوق الدولية والعكس، مع العمل أيضا على تسقيف هامش ربح الشركات المستوردة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى