شوف تشوف

الرأي

لو أننا لم نلتق

ما إن تتوقف للنظر إلى أخرى.. فسأتوقف فورا عن إثارة إعجابك..! إنني امرأة على هذا القدر من الذكاء.. الذي يخولني دفع مركبتك باتجاهي.. أو تعطيلها.. أو حتى دفعها تجاه العطر الذي دوخك..
إن قلبا واحدا لا يسع كل تلك الحمولات الزائدة التي تكدسها.. لا أستطيع معاملته باعتباره مطارا تحط فيه الطائرات بانتظام.. وعلي أن أكون برجا للمراقبة.. أفسح لكل طائرة جديدة مجالها كي تهبط بسلام..!
القلب ليس خزانة لتبديل الملابس..!
ليس ملعبا لكرة التنس.. تتوالى عليه الوجوه حسب المنتصر بالجولة.. الانتصار المبني على أساس من القش.
كي أقطع بقية الطريق.. أحتاج لقلب بإمكاني المراهنة عليه.. قلب يخفض لي جناح الرحمة أثناء حديثي المطول عن تفاهاتي النسائية.. قلب لا يزعجه تقدمي عنه بنبضة.. لا يثنيني عن الضحك لأن عيون الذئاب قد تحملق من خلف النوايا.. لا يكترث لأحاديث الشارع وطقطقة الجدران المليئة بالآذان..
أحتاج لمن أتسلق ظهره إذا ذابت قدمي دون أن ينعتني بالمتصابية اللعينة.. ثم يمضي بي مثل واجب عليه إنهاؤه..
أحتاج رجلا يضع الحجر الأول في كينونتي.. والحجر الأخير متبوعا بقبلة.. وعليه فإني سأصير الكيان المثالي إلى الأبد.. عليه ألا يقطف ورقة من قلبي دون إذني.. عليه أن يقوم مقام الطين في جسدي.. ومقام الماء في دمي.. وأن ينوب عن الحياة فيما إذا خُيرت بينه والعمر الطويل..
أريد لمن يكون لي غيمة.. أن يمطرني إذا نويت الإصباح شجرة عظيمة.. ويكون لي تلة مُشرّفة.. وجذرا ضاربا في الحياة.. وظل السبعين خريفا.. لا يمشي فيه عاشق إلا وسلم بتمام برده وروعته..
أريد قلبا لا يفرض عليّ نزع رويشات من أجنحتي.. أجنحتي التي ربتها سماء.. وقَبِلت بها أخرى.. وتناقلت خفقها الآفاق مثل صدى.. ليس بمقدورها التمدد في بال بهذا الضيق..
أريد قلبا يوفر لي رفاهية الاختيار.. يرفع عني الحجب الثقال.. يلتقط لي صورا في أكثر من حياة.. ويجرّئني على اختيارها كلها بسماحة.. فيما لو أحببت ذلك.. دون أن أتعرض للكلام..
آه يا هذا..! أيها الضائع في قصيدة لم تكتمل..!
لو أنك تؤوب عن اقتحام الظلام..
لو أنك تعي ما يعنيه انقضاء العمر بتمام الجدية.. لو أنك يمامة.. أُفلتها فتطير بالذكريات ولا تعود..
لو أنك كلمة.. أمحوها وأبدأ سيرتي الأولى من جديد.. لو أننا لم نلتقِ عند مدخل تلك القصيدة.. آه.. لو أننا لم نلتقِ..!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى