لهذه الأسباب بعض ملاهي الألعاب بالمغرب تشكل خطرا على حياة الأطفال
كوثر كمار
انتشرت في الآونة الأخيرة العديد من ملاهي الألعاب المؤقتة، خاصة بالقرب من الشواطئ والأسواق الأسبوعية، وتستقطب هذه الملاهي العديد من الأطفال الذين يعشقون المغامرة، لكن رغم السعادة التي تغمر الصغار، إلا أن الفرح قد يتحول إلى قرح أحيانا، وذلك بسبب وقوع أعطاب تقنية لكون بعض آلات اللعب لا تتوفر فيها شروط السلامة.
فأين تكمن مخاطر بعض ملاهي الأطفال؟ وهل تحترم جميعها معايير السلامة؟ ومن المسؤول عن وقوع الحوادث الخطيرة في الملاهي؟ أسئلة وأخرى نجيب عنها خلال الموضوع التالي.
تفتقر بعض ألعاب الأطفال لشروط السلامة، إذ تشكل خطرا على حياة مستعمليها خاصة تلك الألعاب المهترئة والتي تتواجد في أماكن متفرقة كالأسواق الأسبوعية والحدائق العمومية، بالإضافة إلى الشواطئ، فقد سبق أن تعرض عدد من الأطفال إلى حوادث في بعض المدن بسبب هذه الألعاب خاصة الأرجوحات. فقبل شهرين راجت أخبار مفادها أن إحدى الملاهي المتواجدة بعين الذئاب الموجودة بالقرب من منطقة النزاهة، عرفت انقلاب أرجوحة كان على متنها العديد من الأشخاص بسبب خروجها عن مسارها.
وأضاف الشهود أن حوالي 15 شخصا أصيبوا بجروح خفيفة، بعد سقوطهم من الأرجوحة، وهو الأمر الذي جعل جميع المتواجدين بالمكان يغادرون بسرعة مخافة أن يتعرضوا بدورهم لحادث مشابه.
وقال الشهود الذين عاينوا الواقعة على الساعة الواحدة صباحا أنه فور وقوع الحادث، حلت المصالح الأمنية، مرفوقة برجال الوقاية المدنية، حيث تم نقل بعض المصابين إلى المستشفى الجامعي من أجل تلقي الإسعافات الأولية.
أرجوحات مهترئة
انتقلنا إلى عدد من الملاهي المؤقتة بمدينة الدار البيضاء، حيث يوجد بعض الألعاب الخطيرة والصدئة، بها قطع حديدة صغيرة تؤدي إلى إصابة الأطفال بجروح، فيما أخرى تتوفر فيها شروط السلامة.
فإن كانت بعض الملاهي حاصلة على رخص تعطى مقابل الالتزام بدفتر تحملات يفرض على أصحاب هذه الألعاب توفير معايير السلامة، فأخرى تنتشر في بعض الأسواق الأسبوعية والحدائق العمومية تهدد سلامة الأطفال.
الغالية سيدة في عقدها الرابع أصيب ابنها بجروح على مستوى اليد بعدما سقط من على أرجوحة بإحدى الملاهي المتنقلة بمدينة المحمدية.
وتحكي الغالية خلال حديثها مع «الأخبار»، أنها دأبت على ارتياد الملاهي رفقة أبنائها من أجل الترفيه عنهم، لكن قبل ثلاثة أشهر تعرض ابنها البالغ من العمر سبع سنوات لحادث كاد أن يؤدي إلى كسور خطيرة لولا تدخل صاحب الأرجوحة في الوقت المناسب، فلحسن الحظ خلف الحادث بعض الجروح الخفيفة فقط.
وتروي الغالية أن قطعة حديدية صدئة بالأرجوحة تسببت له في جروح على مستوى اليد، مضيفة أنه قبل توقف اللعبة بشكل تام فتح العامل للزبناء الحاجز المانع من السقوط، حيث سارع آخرون للركوب وفي الوقت الذي حاول النزول كانت الأرجوحة تتحرك بشكل بطيء غير أن ابنها فقد توازنه وسقط أرضا.
قبل أن تضيف أن بعض الألعاب لم تكن مغلقة بشكل جيد، بالإضافة إلى كونها صدئة بالرغم من أنها مصبوغة بطلاء لإخفاء العيوب.
في مقابل ذلك يقول عامل في إحدى الملاهي بمدينة الدار البيضاء، خلال حديثه مع «الأخبار»، أن معظم الألعاب هي آمنة غير أن اللوم يقع على الزبائن الذين لا يضعون حزام السلامة ويسارعون للركوب في الأرجوحات قبل توقفها ويجازفون بحياتهم.
فأحيانا يترك بعض الآباء أطفالهم يركبون بمفردهم فوق بعض الألعاب مما يؤدي إلى سقوطهم، أما العاملين في هذا المجال فهم يبدلون قصارى جهدهم من ضمان السلامة الجسدية للزبائن.
بتر قدم طفل
يؤدي أحيانا اللعب في الملاهي إلى وقوع حوادث خطيرة خاصة عند انقطاع التيار الكهربائي أو عدم إحكام إغلاق أحزمة السلامة.
وخلال السنة الماضية بمدينة القصر الكبير تسببت آلة حديدية في بثر قدم طفل يبلغ من العمر 14 سنة، كان يركب أرجوحة كهربائية بالفضاء الترفيهي المخصص للأطفال، الذي أقيم بالمدينة بمناسبة «عاشوراء».
يحكي قريب الطفل الضحية خلال حديثه مع «الأخبار»، أن مروان لم يكن يتوقع أن حياته ستتحول إلى جحيم بعد ركوبه الأرجوحة، حيث كان يشعر بالسعادة لحظتها، لكن فجأة شعر الطفل بألم شديد ونزف دما قبل أن تسقط قدمه اليسرى على مستوى الكعب على الأرض بسبب آلة حديدية، ليتم وقف الأرجوحة.
ويضيف محدث «الأخبار» أنه بعد الحادث تم الاستنجاد برجال الوقاية المدنية بالواقعة، الذين حضروا في الوقت المناسب، وقاموا بنقل الطفل المصاب إلى المستشفى المحلي بالقصر الكبير من أجل تقديم الإسعافات الأولية إليه، لكن حالته الصحية كانت جد حرجة مما استدعى نقله إلى المستشفى الجامعي ابن سينا بالرباط، من أجل إعادة زرع القدم المقطوعة، التي حملت في ثلاجة خاصة للمحافظة عليها من التعفن.
رغم مرور سنة على الحادثة غير أنها أثرت على نفسية الطفل بشكل كبير فكلما مر بالقرب من الملاهي يتذكر تلك اللحظات العصيبة التي قضاها فوق الأرجوحة.
يقول قريب الطفل إن كريم لم يشف بشكل تام، إذ مازال يعاني بسبب فقدانه قدمه. أما باقي الأطفال والآباء الذين عاينوا الحادث فقد أصبحوا جد متخوفين من ارتياد فضاءات الترفيه خوفا من تكرار نفس الحادث. فيما تم فتح تحقيق في الموضوع، حيث تبين من خلاله أن صاحب الملهى يتوفر على ترخيص لمزاولة الألعاب واستغلال الفضاء من قبل المجلس الجماعي للمدينة مع توفره على كل الوثائق القانونية بما فيها التأمين على الحوادث.
أرجوحة الموت
مازال الخوف ينتاب بعض سكان آسفي بمجرد مرورهم بالقرب من ملاهي الأطفال، فرغم مرور خمس سنوات على الحادثة غير أنها لم تنس بسبب فظاعتها.
وتعود تفاصيل الواقعة عندما حدث عطب ميكانيكي في أرجوحة كهربائية أدى إلى انهيار مفاجئ في إحدى مقصوراتها. وبالتالي سقطت أرجوحة دوارة ضخمة أي ما يعرف بالناعورة الكهربائية وهي من نوع اللتوريا محملة بالعديد من روادها جلهم من الأطفال، كما تناثرت أجزاء منها على رؤوس آباء وأمهات الأطفال الذين كانوا يتابعون تأرجح أبنائهم، وقد أصيب على إثر ذلك العديد من المتواجدين بالملهى بإصابات متفاوتة الخطورة.
وحسب مصادر محلية فالحادثة خلفت حوالي 60 جريجا ووفاة شاب وشابة.
وبمجرد علمها بالحادث انتقلت السلطات المحلية إلى عين المكان لتفقد حالات الجرحى، الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 و24 سنة، وعملت على نقلهم إلى مستشفى محمد الخامس في آسفي.وذكر شهود عيان أن اللعبة « عجلة دوارة» كانت جد مهترئة ولوحظ أنها كانت تحمل أكثر من سعتها وأن أبسط شروط السلامة لم تكن متوفرة، مرجحين سقوطها بعد تفكك سلاسلها.
بعد وقوع الحادثة اعتقلت الشرطة آنذاك وفق المصادر ذاتها، ثلاثة مشتبه فيهم في ملف سقوط الأرجوحة الكهربائية مخصصة للعب بفضاء الأطفال بساحة بوذهب بآسفي، ويتعلق الأمر بابن صاحب فضاء الألعاب والمسؤول بالوكالة على الفضاء المسؤول المالي للفضاء والمكلف بالمداخيل والمصاريف، والعامل المسؤول المباشر على الأرجوحة الكهربائية من نوع اللتوريا، وقد تمت متابعتهم بالإهمال وعدم احترام الضوابط القانونية والأداء العمدي والجرح الخطأ.
وقد أجري بحث معمق حول ملابسات منح الترخيص، خصوصا وأن المتهم الرئيسي المسير لفضاء الألعاب صرح بأن المصالح البلدية أثناء منحها الترخيص لم تطلب منهم التقرير الخاص بالفحص التقني للآليات المستعملة في الفضاء.
ذكرى أليمة
تعد حادثة أرجوحة آسفي بمثابة ذكرى أليمة بالنسبة للعديد من الضحايا الذين أصيبوا بفوبيا ركوب الألعاب بالملاهي.
دعاء شابة تبلغ من العمر 18 سنة، وهي واحدة من ضحايا فاجعة أرجوحة آسفي، وتحكي خلال حديثها مع «الأخبار»، عن تفاصيل وقوع الحادثة.
فتقول: «لطالما كنت مبهورة بالأرجوحات العالية فحب المغامرة كان يقودني إلى تجريب جميع الألعاب بالملاهي، إلا أن تعرضت لجروح وكسر في اليد بسبب سقوطي من الأرجوحة التي تفككت سلاسلها الصدئة وهوت بنا إلى الأسفل، فللأسف لم تكن تتوفر فيها أدنى شروط السلامة وكانت سببا في إصابة العديد من الضحايا صغارا وكبارا»، وتضيف دعاء أنها من هول الصدمة أغمي عليها بعدما شاهدت أصدقاءها ينزفون دما.
وترى دعاء أن بعض الملاهي العشوائية تهدد سلامة الأطفال ب10 دراهم فقط لشراء تذكرة الموت، ودعت إلى محاسبة كل من لم يحترم المعايير المعمول بها حتى لا تتكرر نفس الحادثة في أماكن أخرى.