حسن البصري
ما حصيلتك في هذا المشوار؟
على امتداد الخمس عشرة سنة التي قضيتها مع الفريق الأول للوداد كلاعب، حصلت على عشرة ألقاب. منذ أن حملت القميص لأول مرة ضد الجمعية السلاوية، لم أجلس في كرسي البدلاء، هذا ربما رقم قياسي غير مسبوق. في سنة 1987 عاش الوداد أزمة حقيقية أي بعد الظفر بلقب البطولة مع المدرب فانسان. في ذلك العام قامت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم بتقسيم البطولة إلى مجموعتين، الشمال والجنوب، إلا أن الوداد عاش صعوبات وطيلة مرحلة الذهاب كان يحتل الصفوف الأخيرة. لم يفز في أي مباراة مع المدرب الإنجليزي مايكل إيفرت. اتصل بي مكوار وطلب مني الالتحاق بالطاقم التقني مدربا رفقة مايكل، وكان الفريق آنذاك في طور التجديد، مع جيل الداودي، المستوري، فخر الدين، بن عبيشة، الغرشي، فاضل، الحسوني، النيبت، بوجمعة، ناضر واللائحة طويلة..، غالبية هؤلاء من أبناء الفريق. الحمد لله أنقذنا الوداد، ومع مرور الأيام دخل هذا الجيل تاريخ الكرة المغربية.
لعبت للوداد والمنتخب، ماذا استفدت من الكرة؟
قضيت الجزء الأكبر من حياتي في ملاعب كرة القدم، لكنني لم أستفد لعدة اعتبارات أولها أن جيلي، للأسف الشديد، لم يعش الاحتراف، إذ كانت الهواية وحب قميص الفريق أكبر من المنح والحوافز. كنت ألعب مع الوداد من أجل الألقاب دون أن أحصل على امتيازات، فالمنح الأسبوعية لم تكن تتجاوز 200 درهم في أفضل الحالات، لا أملك مأذونية ولا أتمتع بأي امتياز، لأنني كنت دائما أقتات من عرق جبيني ومما كانت تدره علي وظيفتي في الخزينة العامة للمملكة، ومن مال أسرتي كنت، وأنا حينها أدرب الوداد، أصرف رزق أولادي على اللاعبين، في التطبيب والتنقل والمساعدات، وبإمكانكم الاستفسار في هذا الأمر. كرامتي فوق كل اعتبار، هذا ما تعلمته في الوداد لأنها ليست مجرد فريق لكرة القدم بل مدرسة للتربية.
رغم ذلك عرفت بعنفك تجاه الآخرين، خاصة خصومك..
هناك من يعتبر صراحتي وإصراري على قول كلمة حق في وجه الجميع عنفا، وهناك من يعاتبني على قوة شخصيتي ويطالبني بالتساهل وقبول الإهانة. العنف من أجل الانتصار مقبول والذي يحب الفريق يضحي من أجله، فالفوز كالحق ينتزع ولا يعطى.
أقصد العنف ضد خصومك فوق رقعة الملاعب..
العنف من أجل الانتصار مطلوب، لا تنس أننا لعبنا الكرة في زمن كان الحكم يستبيح الجلد، وأحيانا تتعرض للعنف أمام عينيه ويطالبك بالاستمرار في اللعب. مارسنا في زمن لم يكن ذكر لـ«الفار» ولم يكن مراقبون ولا كاميرات ولا لجنة أخلاقيات. حين كنت تلعب ضد الطاهري، مدافع المولودية الوجدية أو ليشا القنيطري أو المسكيني، صخرة دفاع «الطاس» أو باخا من الجيش أو السليماني السطاتي أو الحسني من الدفاع الجديدي أو البناي من المغرب الفاسي أو حضري الرجاوي، وأسماء أخرى لمقاتلين في ثوب لاعبين، كان عليك أن تكون قويا مسلحا بما يكفي من القوة لتجاوز خطوط دفاعية أشبه بجدار. أنا كنت مدافعا وأعرف أن المهاجم كالسيف إذا لم تقطعه قطعك.
والتحكيم؟
في زمننا لم يكن الحكم يصفر إلا إذا شاهد الدماء تتطاير من قدم لاعب، أما الضربات العادية فلم يكن فيها حرج. لهذا كان على المهاجم في زمننا أن يحتاط من خصومه ويجابه المواقف بالقوة، اليوم التحكيم تطور كثيرا وأصبح الحكم تحت الرقابة الصارمة.
حين نتحدث عن عنف الشريف نستحضر مباراة المنتخب المغربي ضد نظيره العراقي، حيث ضربت لاعبا عراقيا برأسك وتعرضت للطرد، هل ندمت على اندفاعك؟
تلك المباراة جمعت المنتخب المغربي بنظيره العراقي في بداية الثمانينات على أرضية ملعب الحسن الثاني بفاس، وكانت مباراة ودية لا رسمية.
لأنها كانت مباراة ودية كان يفترض أن يغيب عنها العنف..
ما لا يعرفه الناس هو أن مباراة سابقة جمعتنا بالمنتخب العراقي عشت فيها عنفا لا يوصف من مدافع جلاد، إلى درجة أنه تسبب لي في عطب على مستوى القدم. في مباراة فاس دخلت بديلا وحين وقفت بالقرب منه استفزني بعبارات جارحة فلم أصبر ووجهت له ضربة رأس سقط إثرها فوق العشب، هرع نحوي الحكم المغربي محمد باحو وطردني، حاولت أن أشرح له لكنه لم ينصت لقولي فغادرت الملعب، وفي نهاية المباراة طلبت الصفح من العراقيين.
نطحة زيدان على الطريقة المغربية..
أي استفزاز لفظي يؤدي إلى عنف مضاد، خاصة في مباراة يكون فيها الدم «سخون». لاعب منتخب إيطاليا السابق، ماركو ماتيرازي، كشف عن الكلمات المستفزة التي قالها للاعب المنتخب الفرنسي زين الدين زيدان في نهائي كأس العالم 2006، والتي أدت إلى النطحة الشهيرة، التي تورط فيها الأخير ليطرد من المباراة. قال اللاعب الإيطالي، الذي اعتبرناه ضحية لتهور زيدان، في أحاديث للصحافة، إن زين الدين عرض عليه قميصه في نهاية المباراة، فرد عليه ماتيرازي: «أنا أفضل أختك». فكان من الطبيعي أن يحصل عنف مضاد، الجمهور لا يرى الفعل ولكنه يندد برد الفعل.