لن ينتهي رملي
أكاد لا أعرف نفسي اليوم.. هذه المرأة التي تسكنني لا تشبه التي كنتها قبل أن تستقر مثل نيزك في عقري..
بعثرت أرضي.. وقفلت الطريق بعدك على المارة الضالين..
اقبلني بعمري القصير.. فأنا أقبلك مثل عابر لحقلي.. لا أطلبك أن تدير حربا من أجلي.. الحروب تشوه أصحابها يا حبيبي.. علي أن أقبل الآن بحب جبان ومسالم.. فالعالم كما يعرف كلانا لا تنقصه جثث وأدوات زينة لحرب جديدة..
امرأة مثلي لم تعد ترغب في الموت على أكثر من ساحة.. ساحة.. اثنتان.. كافية لجعلي أقبل بالهوامش كمكان ملائم لوضع شاهدي.. على أن تُقام حرب على شرفي وأُصلب على ظهرك في آخر الحكاية..!
ما أريده الآن أن تلتفت إلى قلبك.. تأنس بي.. اعتبر هذا تمرينا وقتيا لحب لاحق.. دعني أقيم فيك كل الوقت الممكن حتى تنهي بناء سفينتك.. دعني حتى اللحظة التي ستحمل فيها من كل احتمال وجهتين.. دعني حتى يفور قَدر امرأة أخرى وترحل..
اسقني قبل أن تتسللك نبتة أخرى.. أعقد من أن تفتح لها ذراعيك.. أنت الذي اعتدت أن تحمل بداخلك شجرة تثمر حسب فصولك.. دون أن تنزل إلى مستوى التخمين.. الشجرة ذاتها تلفك بأغصانها.. فتجمع لك العصافير.. تبللك بالندى.. وتحيطك بالأنس الكافي لقطع الطريق على وحدتك..
إن لم تكن قد اختبرت العطش.. فأنت لا تعرف كيف تظمأ الصحراء.. كل السهول التي قطعتها كانت مترعة..
الصحراء وحدها تقدر قيمة قطرة.. حتى لو سقطت طائشة..
الصحراء أكثر حكمة من سهل مدلل.. الصحراء أكثر جرأة من ساحل يتراجع أمام كلمة للبحر.. الصحراء واسعة الحيلة.. تخضع لغيمة كبيرة.. لأنها تعرف أن الغنائم الكبيرة تبدأ بالعبور ثم العصف.. وتنتهي بسيل جارف.. مثل ما تفعل أنت الآن..
تجرفني بكلمات بسيطة.. بأفعال كنت أنتظرها من رجال آخرين.. بالأحلام التي نضيف لها كل ليلة حلما آخر أكثر غرابة وبساطة من سابقه.. تجرفني حتى بصباحاتك الغائمة ومزاجك العاتي.. وأترقب طريقتك في احتوائي تحت كل منخفض نفسي بنشوة.. وأراك تعاملني مثل نسمة.. لا تغلق في وجهها بابا ولا نافذة.. أظنك قالبي.. بل منشئي.. وحدك مَن خَرجتُ حية من صلب قلبه.. ناجية بقدر جديد لامرأة على مشارف أن تكون تعيسة.. وحدك الذي فهم ما استعصى على الحمقى الآخرين.. وحدك الذي فهمت بأنه لا تعوزني قطعة قديمة في مركب غارق اسمها الربان.. ويعوزني قلب طلق.. ما أن يشعر بي حتى يصدح مناديا باسمي كأهزوجة.. وأفكر في ما إذا التقينا.. فبأي شيء أبدأ؟!
أفكر في الطريقة المثلى لجعلي عالقة.. حتى لو تبعتني امرأة ونفثت في كمي فلن ينتهي رملي.. أرقص؟ أقبلك؟ أقفز متعلقة بعنقك؟
وكيف يحدث كل ذلك وأنا الجسد المثقل بالحياء.. هذا الحجاب الذي تحب أن يسدل علي قدر ما أمكن.. مهيبا بالجلال والحشمة..
أفكر في الوقت أيضا.. كيف أستبقيه طويلا بأقل قدر من الكلام.. بأكثر من طريقة محتملة للهزائم!
كيف سأستحضر شقاوتي..! جنوني كامرأة وطفلة..!
ما هي الحيلة التي أستطيع بها ترتيب مضمار للعبة دون أن أُفقد الحب هيبته؟! إن حدث واستطعتها.. فلن أتحيز لك.. إنني جادة في ما يخص انتصاراتي.. لذلك وأكثر.. أحتفظ بك حتى اللحظة التي ستهزمني فيها افتراضا لعبة أخرى.. لعبة بوجه وجسد وروح لا تشبهني مطلقا!