شوف تشوف

الرأيالرئيسيةرياضة

لمن استطاع إليه سبيلا

 

حسن البصري

شهد الميركاتو الصيفي إبرام صفقات خرافية، وتسابقت الأندية السعودية الكبرى على استقطاب نجوم الكرة العالمية من كل حدب وصوب. حتى أصبح دوري «روشن» ينافس كبريات البطولات الأوربية إن لم نقل يتفوق عليها في جلب الأقدام المبدعة.

منذ أن حط كريستيانو رونالدو قدميه في الرياض، اشتعلت المنافسة بين أقطاب الكرة السعودية وتحولت القاعات الشرفية لمطاري جدة والرياض إلى مزار للصحافة الرياضية العالمية التي جندت فرقها لنقل لحظات وصول نجوم الكرة وهم يلفون حول أعناقهم شعارات الفرق التي انضموا إليها وفي أيديهم باقات ورد وقهوة سريعة بنكهة عربية.

قبل أن تصبح ملاعب السعودية مزارا لنجوم الكرة العالمية، كان انتقال اللاعب المغربي لدوريات شبه الجزيرة العربية، إيذانا بنهاية مسار دولي حتى ساد الاعتقاد بأن الاحتراف في السعودية والإمارات وقطر والبحرين وعمان والكويت، مجرد مقدمة طللية لاعتزال قادم.

أما الذين اختاروا طوعا أو كراهية اللعب في البطولة العراقية، فكانوا أشبه بالمغامرين الذين يلعبون بالنار، ويقضون أيامهم في نقط التفتيش بين البصرة وبغداد. بينما أضحى الدوري السوري وجهة رياضية ينصح بعدم مناقشة عروضها إلا بضمانات من فريق يرعاه فصيل مقاتل.

كلما انضم لاعب مغربي للبطولة السعودية تحال أوراقه على مفتي المنتخب فيعفيه من دعوات الفريق الوطني، ولا يبقى له سوى دعوات بحسن الخاتمة، بينما يسحبه الإعلام من زاوية «محترفونا في المهجر»، ويحوله إلى ركن المتغيبين.

أمام تدفق نجوم الكرة العالمية على البطولة السعودية، وبوجود كريستيانو وبن زيما ونيمار وماني وبونو ومحرز وبوزوفيتش واللائحة طويلة..، سيغير الناخب الوطني نظرته لمغاربة السعودية، وسيخصص الإعلام لمحترفينا في الديار المقدسة ما يكفي من مساحات، وسيبحث الجمهور المغربي عن نجومنا وسط لآلئ غيرت بوصلة الرياضيين حين اختارت أو بالأصح انهارت أمام جاذبية المال السعودي.

للأمانة التاريخية، كان اللاعبان المغربيان بيتشو وبكار من الفاتحين للدوري السعودي، حين انضما لفريق الوحدة بمكة المكرمة في نهاية السبعينات، برغبة من المدرب المغربي أحمد صبري الذي انتهى به المطاف صحفيا في الاتحاد الاشتراكي.

صنع مهاجرونا الأوائل في الدوري السعودي الحدث، لعبوا في ملاعب نصفها مترب والنصف الآخر مكسو بعشب اصطناعي. واجهوا ريفيلينو الهلال وقسوة الطقس وقلة ذات اليد، عاد بيتشو إلى المغرب جثة هامدة بعد أن استبد به المرض، ومات بكار في غارة المتطرفين على «كازا دي إسبانيا»، وتحالف التهميش والزهايمر على المدرب صبري فمات والناس يحتفلون بانتصار المنتخب المغربي في مونديال قطر.

سجل يا تاريخ أن الدوري السعودي كان خطوة في درب الاعتزال، قبل أن يتحول بقدرة قادر إلى محطة اختزال للوجاهة والمال.

سجل أن المغاربة الفاتحين مروا من هنا، وصنعوا مجد الكرة السعودية، مع بصير وكماتشو والبهجة وبوشا وشيبا وشيبو وسيمو وحاجي ومدربين لم يبق في ألبوماتهم إلا صور من حج مبرور.

سجل يا تاريخ أن اللاعبات المغربيات من الفاتحات للدوري السعودي النسوي، وفي صمت يمارسن غزوا حريميا للملاعب السعودية، ويساهمن في بناء صرح بطولة نسائية دون الحاجة إلى كفيل ومتعهد ومحرم.

لن يصبح الاحتراف كامل الأوصاف بجلب نجوم العالم وتغيير صحن النقل التلفزي صوب بلد آمن أن الكرة استثمار، بل يحتاج إلى توابل أخرى، قد تبدأ باستيراد نجوم المدرجات من أمريكا اللاتينية، واستقطاب أفضل الصفارات لحكام بدون سوابق، واستبدال الجمعيات الرياضية بشركات قابضة والقطع مع تسيير مزاجي يلغي بجرة قلم عقد لاعب عانى يوما من زلة لسان أو قدم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى