محمد اليوبي
بمجرد نشر جريدة «الأخبار» لصورة عادية للبرلمانية والقيادية في حزب العدالة والتنمية أمينة ماء العينين بحي بيغال الساخن بباريس، سارعت أصوات إلى اعتبار الصورة مفبركة، وخصصت محطة كمال لحلو الإذاعية MFM برنامجا ينشطه رياضي متقاعد نصف مشلول مهنيا ينتحل منذ عشرات السنوات اسم نجيب السالمي، ومسير سابق لفريق الاتحاد الزموري الذي أدانته محكمة جرائم الأموال، أخيرا، وعزيز داودة الذي دمر ألعاب القوى وعرف «النشاط» أوجه في عهده، خصص بالكامل للدفاع عن البرلمانية ومهاجمة جريدة «الأخبار» والمواقع التي نشرت الصورة، مؤكدين، دون أن يكون لديهم أي دليل، على أن الصورة مفبركة.
واليوم تنشر جريدة «الأخبار» صورة أخرى عادية للبرلمانية أمينة ماء العينين، تم التقاطها في ساحة فانديوم بباريس هذه المرة، فهل سيخصص كمال لحلو حلقة جديدة من برنامجه الذي ينشطه هؤلاء «الفهايمية»، الذين يفتون في كل شيء ويعطون الدروس للجميع، دون أن يكلفوا أنفسهم إعطاء جزء يسير منها لأنفسهم.
وفِي سياق متصل، أثارت صور البرلمانية والقيادية بحزب العدالة والتنمية، أمينة ماء العينين، وهي ترتدي لباسا عصريا، بساحة «مولان روج» بالعاصمة الفرنسية باريس، الكثير من الجدل حول استهداف الحريات الفردية والتمييز بين الحياة الخاصة والحياة العامة، خاصة أن ماء العينين شخصية سياسية عمومية، وتتلقى تعويضات متعددة عن مهامها الانتخابية من المال العام.
وفي هذا الصدد، كتب الحقوقي، صلاح الوديع، تدوينة يقول فيها: «ما يُخرج موضوع صورة إحداهن بلا حجاب بعد أن كانت تضعه باستمرار وبشكل منهجي، ما يُخرجه من دائرة السلوك الخاص المحمي بمنطق الحريات إياها إلى حلبة النقاش العمومي المشروع هو المنطق المتحكم في وضع الحجاب آنفا ومُسوِّغاتُ سلوك صاحبته اجتماعيا وسياسيا في دفاعها العلني عنه، لا باعتباره نموذجا من نماذج اللباس والموضة، بل باعتباره يمثل قيمة روحية ودينية وسياسية تبعد من لا تضعه من النساء من دائرة العفة والاستقامة وتضعها في مصاف مصادمة الدين الحنيف… وهنا مربط الفرس»، وأضاف: «فليس أخلاقيا (بالمعنى الفكري والفلسفي لا المعنى الدارج) أن تعمد جماعة ما (سياسية-دينية) إلى خلق وتقديم صورة العفاف إلى العامة في شكل حجاب أو لحية أو ما شابه، على اعتبار أن المختلف عن ذلك ساقطٌ دينيا وأخلاقيا أصلا وتحصد من وراء ذلك حظوة وسلطة (ولو هزُلت) ومنافع، ثم تعمد نفس الجماعة أو من يمثلها رمزيا وسياسيا إلى التخلي عنها فرديا وفي فضاء خارجي بعيد – مبدئيا- عن عيون العامة، كأنما يقترف فعلا مشينا…لا يهمني أن تخلع السيدة آمنة أو تضع. ذاك شأنها ولا ألتفت إليه، ما يهمني هو الاستعمال الذي رُصد للحجاب والذي أثر عقودا من الزمن على المجتمع في اتجاه جره إلى الوراء وكرس الاستقواء على النساء، بعد أن كابدت الأجيال في سبيل كسب الحريات الأهوالَ كما نعلم… ».
وبخصوص التداخل بين الخاص والعام، كتب صاحب التعليق «حين يكون المعنيون لاعبين سياسيين تحت عباءة إيديولوجية ما.. يتداخل الخاص مع العام بشكل يصعب معه تماما الفصل بينهما…لماذا؟ بكل بساطة لأن اللاعبين السياسيين يدخلون المعترك السياسي تحت يافطة منظومة من المثل العليا والمبادئ العامة والأخلاق، التي يعملون على تسويقها في عقول الشعب من أجل استحقاق ممارسة الشأن العام… إن منظومة القيم التي يروجها السياسيون هي رأسمالهم الرمزي.. وفي الوقت نفسه هي تعاقدهم المعلن مع جماهيرهم، التي بوأتهم حق تدبير الشأن العام! متى كانت الشؤون الخاصة للشخصيات العمومية محرما تناولها؟ وأضاف صاحب التعليق: «لو كانت البرامج التي يعرضها كل السياسيين على ناخبيهم هي مجرد برامج سياسية واقتصادية بدون أي إطار إيديولوجي وبدون منظومة قيم.. والحال، أن جميع الحركات الإسلامية بدون استثناء تنهل وتتقدم إلى ناخبيها كمنتمية لمنظومة قيم مغرقة في الخصوصية.. بل وتكون غالبا البرامج الاقتصادية والسياسية هي آخر همومها!».
وكتب باحث قانوني تعليقا حول تتبع وسائل الإعلام لحياة الشخصيات السياسية، بأن «المناصب العامة وخصوصا التي يلجها السياسيون عن طريق الانتخابات لها إيجابيات ولها كذلك سلبيات، لها منافع ولها كذلك مضار، وعلى كل من يدخل إلى هذا الميدان بطواعية أن يستعد لجني الأرباح المادية والمعنوية، ويكون كذلك جاهزا لتلقي الضربات من قبل الخصوم، ولهذا فعلى من يلج هذا العالم أن يقوم بكل ما يجب عليه القيام به لحفظ وصون سمعته والابتعاد عن كل ما من شأنه تسويد سمعته أو الإساءة إليها».
هذا، وسارع فريق حزب العدالة والتنمية بمجلس النواب، إلى التضامن مع البرلمانية ماء العينين، معتبرا «الحملة التي طالتها مشبوهة ومسعورة وغير أخلاقية وتشنها أطراف فاقدة للمصداقية»، وأكد الفريق أنه يدعم البرلمانية أمينة ماء العينين في كل الخطوات القضائية، التي تنوي اتخاذها في مواجهة العنف الذي يطالها عبر بث وتوزيع ادعاءات كاذبة تخص حياتها الشخصية والتشهير بها. وأوضح الفريق أن حملات هذه الأطراف المغرضة لن تغير من عزم الفريق على مواصلة العمل الجاد والمسؤول الذي يستجيب لأولويات الوطن وانتظاراتهم من ممثليهم في البرلمان بتحقيق الديمقراطية والتنمية والعدالة، مشيرا إلى أن «المطلوب اليوم هو الاجتهاد في إبداع واقتراح الحلول للمشاكل الحقيقية للمواطنين والمساهمة في استقرار الوطن وتطوره، وإنتاج ما ينفع الناس بأفق وطني جامع وفي ظل الثوابت الجامعة للأمة المغربية، عوض إهدار الزمن الوطني في معارك وهمية لا تسمن ولا تغني من جوع».