كلما تعرضت المؤسسات الدستورية والرموز الوطنية للاستهداف ومحاولات النيل من هيبتها، تختبئ الأحزاب ويصوم قادتها عن الكلام وتتبخر شبيبتها في الهواء، وكأن الأمر لا يعنيها. لكن إذا تجرأ أحد للمطالبة بتقليص امتيازات البرلمانيين أو الوزراء أو إلغاء لوائح الريع أو تعديل القاسم الانتخابي يصاب الجميع بالسعار ويخرجون جيوشهم الإلكترونية للدفاع وينصبون أنفسهم حماة للدستور ويحذرون من مغبة المس بالمؤسسات مادامت تخدم مصالحهم.
واليوم تتعرض مؤسسات أمنية وقضائية لمختلف الضربات تحت الحزام وترمى باتهامات كيدية والترويج لمزاعم ومغالطات هدفها تضليل الرأي العام الوطني، والإساءة إلى صورة المؤسسات وتبخيس عملها والتشكيك في طبيعة أدائها دون أن تجد تلك الأساليب أي رد فعل رمزي من المكون الحزبي. صحيح أن المؤسسات الأمنية والقضائية لا تحتاج إلى من يدافع عنها فهي بالثقة التي تحظى بها من طرف الملك والشعب، قادرة على الدفاع عن نفسها، لكن تلك المؤسسات في حاجة إلى ثقافة الاعتراف بما تقدمه للوطن والأشخاص من جليل الأعمال.
الأكيد أن المتلاعبين باستقرار البلد لن ينجحوا في استهداف مؤسسات الدولة بسبب ثقة المغاربة ووعيهم اليقظ، بأنهم أمام مخططات مدبرة لضرب الأعمدة التي يقوم عليها النظام السياسي، لكن لا يمكن الاستمرار في مؤامرة الصمت التي يمارسها السياسي وكأنه غير معني بتبخيس المؤسسات الدستورية.
لذلك نقول لأصحاب الأجندات الشخصية المرتدية لباس السياسة والحقوق، الذين يسلكون طريق اللااستقرار واتهام مؤسسات الدولة وتعميم مظاهر الفوضى، إن المؤسسات الأمنية والقضائية والدينية وكل الرموز الوطنية هي بمثابة طوق للنجاة وحماية الوطن من عبث العابثين، وإن استهداف رمز أي مؤسسة هو محاولة لخلق الفوضى لأن المسؤول عن الجهاز الأمني مثل عبد اللطيف الحموشي لا يمثل الآن نفسه، بل هو رمز وممثل لمؤسسات الدولة، وبالتالي فإن استهدافه لا يقصد منه شخصه بل الدولة ومؤسساتها.