لكبيرة.. زوجة الحسين السلاوي التي عرفته في «الحلقة» قبل الشهرة ولم تبال بالشائعات
الذين يعرفون الحسين السلاوي جيدا، يربطونه بأغنية «حضي راسك» أو «الماريكان»، وهما الأغنيتان اللتان نالتا نصيبا أكبر من الشهرة، خصوصا وأنه أرخ بهما لأحداث بارزة من تاريخ المغرب كما عاشه.
لكبيرة، زوجته، والمرأة التي عاشت معه تحولات حياته الفنية قبل أن يسجلها على الأشرطة، التقته في غمرة انشغاله بممارسة فنه في الهواء الطلق. هو ابن الرباط، وهي وجدت نفسها في فرقة فنية ترأسها والدتها لتجمعهما الصدفة وحدها، قبل أن تلعب والدتها دورا حاسما في تزويج ابنتها للحسين السلاوي.
وجد السلاوي نفسه وحيدا بعد وفاة والده وأخيه، وقرر أن يعيل أسرته باشتغاله في فن «الحلقة»، ووجد أن السفر لزيارة أكبر عدد من الساحات وأماكن التجمعات هو الوسيلة الوحيدة لإيصاله إلى الشهرة، وكان أن سرق الأضواء من عدد من نجوم فن الحلقة في الدار البيضاء ومراكش وبعض مدن الشمال.
عندما عاد إلى الدار البيضاء للاشتغال، كانت الفرق الفنية الأخرى تناصبه عداء كبيرا لأنه كان يسرق الأضواء من الجميع، وما إن يبدأ في أداء مقطوعاته، خصوصا وأنه أدخل صنفه الموسيقي في فن الحلقة، حتى يتجمع الجميع حوله تاركين الفرق الأخرى بدون جمهور.
وهكذا وصل صيته إلى منظمي كبريات الحفلات، ليزداد الاهتمام به ويكثر أعداؤه في المجال أيضا. أمّ «لكبيرة» جاءت ذات مرة واقتحمت عليه «الحلقة» بمعية فرقتها التي كانت ابنتها واحدة من أعضائها، فكان اللقاء الأول بين الحسين السلاوي وزوجة المستقبل خاطفا. في ذلك اللقاء عرضت أم «لكبيرة» على الحسين السلاوي أن يشكلا معا فرقة واحدة، وكانت «النسيبة» ذكية جدا عندما اقترحت على الحسين السلاوي الانضمام إليها بدل أن تحاربه كما فعل الآخرون.
وافق السلاوي، ولم يكن يخفى على رئيسة المجموعة أنه معجب بابنتها التي لم يكن يزيح نظراته عنها. كان هذا نهاية الثلاثينات، وفي بداية الأربعينات كان الحسين السلاوي قد تزوج «لكبيرة» بمباركة من والدتها التي شجعته على مصاهرتها ومضى بعيدا جدا في مشواره الفني والأسري أيضا.
اكتسب الحسين السلاوي شهرة واسعة جدا، خصوصا بعد أن وصل إلى طنجة والتقى هناك بالأجانب الذين سهلوا له الوصول إلى شركات التسجيل الرائدة، والتي سرعان ما روجت أسطواناته وأغانيه ليصل إلى شهرة عادت على أسرته بعدد من المشاكل.
تقول بعض المصادر المقربة من العائلة، إن «لكبيرة»، التي كانت الابنة الوسطى في أسرة والدتها، كانت على قدر كبير من الحكمة والصبر، وإنها كانت تريد الحفاظ على أسرتها رغم الانشغالات الفنية الكثيرة لزوجها الحسين السلاوي الذي كان عليه في نهاية الأربعينات أن يسافر كثيرا إلى فرنسا، حيث كان يربطه عقد بشركة تسجيلات من بين الكبرى في العالم، استطاع معها في ظرف وجيز أن يسجل عشرات الأغاني، بشكل لم يسبقه إليه أي فنان عربي في ذلك الوقت. لكن «لكبيرة» لم تكن حاضرة دائما معه، إذ كان غالبا ما يسافر إلى فرنسا وحده، وإلى أماكن أخرى أيضا لإحياء حفلات فنية كان يُطلب إليها خصيصا.
سمرة بشرة زوجته جعلت الحسين السلاوي يتغنى بها في أكثر من أغنية في قائمة أغانيه، وكانت هي بدورها تعلم أنها المعنية بكلمات الأغاني. وحسب بعض المصادر المقربة من عائلة الحسين السلاوي، فإن «لكبيرة» كانت تضحي من أجل العائلة ولا تنفجر في وجه السلاوي الذي كان كثير الانشغالات والسفريات، سيما وأن إشاعات كثيرة نسجت حول الحسين في زياراته لفرنسا نهاية الأربعينات، تتعلق بلقاءاته بعدد من الفنانين والفنانات الغربيين والعرب، وكانت زوجته لا تعير اهتماما لكل الأقاويل التي راجت حول الراحل الحسين السلاوي، وهو ما كان يحسب لها، حفاظا على وحدة الأسرة التي وجد ربها نفسه تحت الأضواء في وقت كانت الشهرة شيئا جديدا بالمغرب.
بداية الخمسينات، بالضبط في 1951 كان الحسين السلاوي قد بدأ يتأثر بأعراض المرض الذي حدّ من تحركاته وقدرته على التواصل مع جمهوره، ولم يجد بجانبه إلا زوجته «لكبيرة» التي عرفته في الحلقة قبل أن يسطع نجمه، ولازمته كظله عندما توارى إلى الخلف، وكان يعاني من آلام شديدة، ولم تنفع معه حصص العلاج ولا وصفات الأطباء، ليفارق الحياة متأثرا بالمرض، وتخرج الرباط كلها، ومحبون من مدن أخرى، ليشيعوه إلى مثواه الأخير.