محمد اليوبي
عقد وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، أول أمس (الاثنين)، اجتماعا مع أعضاء الهيئات المنتخبة وممثلي المصالح الخارجية بإقليم الحسيمة، وهي أول مهمة يقوم بها بعد تعيينه على رأس وزارة الداخلية في حكومة سعد الدين العثماني، حيث وجه من خلال هذا اللقاء رسائل إلى ممثلي السكان في المجالس المنتخبة وممثلي المصالح الخارجية التابعة للحكومة، وكذلك إلى الأحزاب السياسية للقيام بدورها في تأطير المواطنين وتفادي وضعية الاحتقان.
واستهل وزير الداخلية هذا اللقاء بإبلاغ سكان المنطقة عطف ورضا الملك محمد السادس، الذي يولي هذا الإقليم عناية خاصة، تجسدت بتخصيص الإقليم بأول زيارة ميدانية لوزير الداخلية، تأكيدا على الالتزامات التي أخذتها الدولة على عاتقها لصالح سكان المنطقة، من خلال الشروع في تنفيذ العدد الكبير من المشاريع التنموية المندرجة في إطار مخطط «الحسيمة منارة المتوسط».
وفي هذا الشأن، أكد وزير الداخلية أنه، وتنفيذا للتعليمات الملكية الصارمة من أجل تنفيذ أمثل للمشاريع المدرجة ضمن هذا المخطط الذي يرتبط بالعديد من القطاعات الحيوية وفق رؤية شمولية متعددة الأبعاد، فإن مختلف المتدخلين يقومون بمجهودات كبيرة من أجل الالتزام بالآجال المحددة للإنجاز، حيث تم إعطاء انطلاقة الأشغال في عدد من المشاريع الهامة، في حين سيتم الشروع في باقي المشاريع منتصف هذه السنة أو نهايتها على أبعد تقدير فور الانتهاء من بعض التدابير الأولية المرتبطة بكل مشروع على حدة، مشددا، أيضا، على أن الدولة عازمة كل العزم على مواصلة مقاربتها التنموية بتسخير كل إمكانياتها المادية واللوجستيكية والبشرية لتنفيذ جميع تلك المشاريع في الآجال المعلن عنها، وتدارك التأخير المسجل في بعض المشاريع لسبب أو لآخر.
وأبرز وزير الداخلية أن الهدف من كل ذلك هو التجاوب مع نبض السكان ومطالبهم ذات الطابع الاجتماعي المحض، سيما أن أغلبها يرتبط بالحياة اليومية للمواطنات والمواطنين، سواء بالمجال الحضري أو القروي، مثيرا الانتباه، بالمقابل، إلى أن بعض العناصر والجهات التي يعرفها الجميع تعمل على استغلال مختلف التحركات الاحتجاجية التي شهدتها المنطقة لخلق حالة من الاحتقان الاجتماعي والسياسي، وهي الأهداف المشبوهة، يسجل وزير الداخلية، التي لم يتم الاكتفاء بالتخطيط لها على مستوى الميدان، بل يتم التأطير لها سياسيا عبر الترويج لعدد من الشعارات السياسية المتطرفة ولخطاب الكراهية ضد المؤسسات، في مسعى خائب لكسب سند شعبي مفقود، أمام سكان مفعمين بالوطنية، ما فتئوا يعبرون عن تشبثهم بأهذاب العرش العلوي المجيد على مر تاريخ الدولة المغربية.
وشدد الوزير على أن هذه الخطابات والتصرفات اليائسة التي يلجأ إليها البعض، لن تزيد الدولة إلا عزما على مواصلة مقاربتها التنموية الطموحة، والتي لا ترتبط بسياق زمني معين، بل هي خيار استراتيجي لا رجعة فيه، عنوانه المواكبة والاستمرارية والتجدد. وأبرز الوزير أن وزارة الداخلية حرصت على اتخاذ العديد من الإجراءات الهادفة إلى إعطاء نَفَس جديد في العلاقة بين السلطات المحلية والمواطنين وجمعيات المجتمع المدني والفاعلين السياسيين والنقابيين، حيث تم تمكين إقليم الحسيمة من خيرة أطر الإدارة الترابية في مختلف مستوياتها، كما تم الالتزام بالتوجه نفسه في العديد من القطاعات الحكومية الأخرى، رغبة في تحسين مستوى الخدمات المقدمة للسكان والتسريع من وتيرة إنجاز المشاريع المبرمجة، داعيا، في هذا السياق، السلطات الترابية، باعتبار دورها المحوري، إلى اتخاذ الحوار منهجا في التعامل مع المواطنين، وفتح أبواب مكاتبها في وجه السكان للإنصات لحاجياتهم الاجتماعية، تجسيدا للتوجيهات الملكية السامية المكرسة للمفهوم الجديد للسلطة، والوقوف الميداني على حسن إنجاز الاختيارات والأوراش التنموية، وبرامج الحكومة ومخططات الجماعات الترابية.
وأكد وزير الداخلية على ضرورة تظافر جهود جميع الفاعلين المحليين، وعلى رأسهم ممثلو المصالح الخارجية للقطاعات الحكومية الذين يبقى من واجبهم حسن الإنصات وقضاء حاجيات المواطنين والرفع من جودة الخدمات العمومية، بتنسيق مع عامل الإقليم، مبرزا أن المسؤولية ملقاة كذلك على عاتق الأحزاب السياسية الممثلة بالإقليم والتي يخول لها دستور المملكة مهمة تأطير المواطنات والمواطنين وتعزيز انخراطهم في الحياة الوطنية، وإعداد أطر كفؤة تتولى المسؤوليات الانتخابية، داعيا المنتخبين، في هذا الصدد، إلى الاضطلاع بدورهم كاملا، باعتبارهم الأكثر قربا من السكان، كما توجه وزير الداخلية بالدعوة إلى جمعيات المجتمع المدني بالمنطقة لممارسة دورها في تأطير المطالب الاجتماعية للسكان انطلاقا مما يخوله لها القانون من صلاحيات هامة، والحفاظ في الوقت نفسه على المكتسبات التي تم تحقيقها على جميع المستويات السياسية الاجتماعية والاقتصادية، وعدم ترك المجال مفتوحا للعناصر المشبوهة الساعية للمس سلبا بهذه المكتسبات.