محمد اليوبي
علمت «الأخبار»، من مصادرها، أن وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، أشهر «الفيتو» في وجه وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والغابات، محمد الصديقي، بخصوص مشروع القانون المتعلق بالمحافظة على الغابات، الذي أحاله الوزير على الأمانة العامة للحكومة منذ حوالي سنة دون المصادقة عليه من طرف المجلس الحكومي.
وأفادت المصادر بأن وزير الداخلية اعترض على منح اختصاصات انفرادية للمدير العام للوكالة الوطنية للمياه والغابات للتأشير على قرارات تفويت ومعاوضة الأملاك الغابوية دون التنسيق مع مصالح وزارة الاقتصاد والمالية ووزارة الداخلية. وأوضحت المصادر أنه، طبقا للقوانين المعمول بها حاليا، فإن قرارات تفويت أو معاوضة أراضي الملك الغابوي تتطلب ضرورة توقيع الوزراء المكلفين بالفلاحة والاقتصاد والمالية والداخلية، وذلك لسد الطريق في وجه أي تلاعب أو السطو على هذه الأملاك التي أصبحت تسيل لعاب المنعشين العقاريين، خاصة بالمناطق المجاورة للمدن الكبرى.
وأكدت المصادر أنه، بموجب مشروع القانون الجديد المعروض على أنظار الأمانة العامة للحكومة، فإن الصديقي منح صلاحيات للمدير العام للوكالة الوطنية للمياه والغابات بالتصرف في الأملاك الغابوية، وبذلك ستتحول الوكالة إلى مؤسسة تقوم مقام مديرية أملاك الدولة التي تشرف على تدبير الملك الخاص للدولة، وهي كل العقارات التي تدخل في ملك الدولة وغير المخصصة بملكها العام، ومن ضمنها العقارات المستخرجة من الملك الغابوي.
وأفادت المصادر بأن وزارة الداخلية اعترضت على تعدد المتدخلين في تدبير أملاك الدولة، حيث توجد حاليا ثلاث مؤسسات مكلفة بتدبير هذه الأملاك، وهي وزارة الأوقاف التي تدبر أملاكها، ومديرية أملاك الدولة التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية التي تدبر الأملاك الخاصة للدولة، ومديرية الشؤون القروية التابعة لوزارة الداخلية التي تدبر الأراضي السلالية.
ويهدف مشروع القانون، الذي تم استنساخ بعض مواده من مقترح قانون سبق أن تقدم به فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس النواب، إلى وضع المبادئ والقواعد الخاصة بحماية الغابات وباقي مكونات الملك الغابوي والمحافظة عليها وتهيئتها وتنميتها وتثمينها، كما يحدد هذا القانون القواعد المتعلقة باستغلال وتدبير الملك الغابوي والموارد الغابوية، ويطبق هذا القانون ونصوصه التطبيقية، مع مراعاة أحكام المعاهدات والاتفاقيات الدولية المتعلقة بالمحافظة على الموارد الطبيعية والتنوع البيولوجي ومكافحة التصحر والتغير المناخي، المصادق عليها من طرف المملكة المغربية.
وحسب المشروع يتكون الملك الغابوي من الغابات المحددة تحديدا إداريا والمصادق على تحديدها والمحفظة، وسهوب الحلفاء المحددة تحديدا إداريا والمصادق على تحديدها والمحفظة، والأراضي التي تتوفر على القرينة الغابوية المتمثلة في وجود أشجار طبيعية النبت ما دامت لم تباشر عمليات تحديدها، وكذلك التلال الرملية البحرية إلى حد الملك العمومي البحري والتلال الرملية القارية، والمنازل الغابوية وملحقاتها والمسالك الغابوية والمغروسات والمشاتل المحدثة في الملك الغابوي، كما يتكون الملك الغابوي من الأراضي التي آلت للملك الغابوي سيما عن طريق الهبة أو الاقتناء أو المقايضة العقارية أو نزع الملكية من أجل المنفعة العامة، والغابات الطبيعية والأراضي المشجرة أو القابلة للتشجير بأصناف غابوية التابعة للملك الخاص للدولة.
ويتضمن القانون مجموعة من التدابير والإجراءات لحماية الغابات من الحرائق، وحدد المشروع موسم الحرائق في الفترة ما بين 1 يونيو و31 أكتوبر من كل سنة، ويمكن تقديم بداية هذه الفترة أو تأخير تاريخ انتهائها بحسب الظروف المناخية، وذلك بموجب مقرر تصدره الإدارة، حيث يمنع خلال هذه الفترة استعمال النار داخل الغابة أو في محيطها طبقا لما هو محدد في هذا القانون أو إشعال النيران خارج المساكن ومنشآت الاستغلال الغابوي المتواجدة داخل الغابات أو على مسافة 200 متر منها، إلا بترخيص من الإدارة.
وحسب المشروع، تؤخذ بعين الاعتبار جميع التدابير والإجراءات اللازمة للوقاية من حرائق الغابات، وذلك عند إعداد مختلف وثائق التخطيط القطاعية وخاصة تلك المتعلقة بالتعمير والتهيئة الترابية مع ضمان التناسق والالتقائية والتكامل مع البرنامج الوطني والتصاميم الجهوية والإقليمية للتدبير المندمج لمخاطر حرائق الغابات. ويمكن للإدارة أن تحدد، لأجل المنفعة العامة، التدابير اللازمة من أجل الوقاية والحد من الحرائق بالنسبة للمجالات المعرضة للحرائق وسيما الغابات الخاصة والأراضي المجاورة للملك الغابوي والواحات.
ويمنع منعا كليا، طبقا للقانون، إنشاء أي وحدة صناعية تعتمد على استخدام النار، أو تشترط تخزين مواد قابلة للاحتراق داخل أو في حدود 500 متر من التشكيلات الغابوية، دون موافقة إدارة المياه والغابات ومصالح الوقاية المدنية، كما يمنع إقامة مطرح للنفايات، مهما كانت طبيعته أو تكوينه أو حجمه، داخل أو على مسافة أقل من 500 متر من التشكيلات الغابوية، كما يمنع القانون إقامة أي خيمة أو بناء من أي نوع مبني أو مغطى بمواد قابلة للاشتعال داخل أو على مسافة أقل من 100 متر من الغابة، ويمكن للإدارة منح استثناءات عند وجود ظروف خاصة، مع تحديد الاحتياطات والتدابير والإجراءات اللازمة للوقاية ومكافحة حرائق الغابات.
وينص القانون على إحداث شرطة المياه والغابات تتشكل من المهندسين والتقنيين الغابويين المحلفين المكلفين بمراقبة تنفيذ أحكام هذا القانون ونصوصه التطبيقية والقوانين الجاري بها العمل، وتلك المتعلقة بالمناطق والأصناف النباتية والحيوانية المحمية والقنص والصيد في المياه القارية، ويشار إليهم في هذا القانون بعبارة «عناصر شرطة المياه والغابات». يكلف عناصر شرطة المياه والغابات بالتثبت من وقوع الجرائم الغابوية وجمع الأدلة عنها والبحث عن مرتكبيها في كامل التراب الوطني.
ويمارس عناصر شرطة المياه والغابات مهامهم ويقومون بالتدخل من تلقاء أنفسهم أو بناء على أمر رؤسائهم المباشرين، أو بناء على أمر من النيابة العامة المختصة ولو خارج أوقات العمل العادي، لمنع وزجر كافة الأخطار التي تهدد الثروات الغابوية الوطنية ويعتبرون في حالة مزاولة العمل كيفما كانت ساعة ومكان وظروف التدخل يزاول عناصر شرطة المياه والغابات مهامهم الضبطية بعد أداء اليمين طبقا للكيفيات والشروط المنصوص عليها في التشريع المتعلق بيمين الأعوان محرري المحاضر.
ويزاول عناصر شرطة الغابات مهامهم مرتدين بذلة رسمية بشارات مميزة لها وحاملين لبطاقة مهنية، ويخول لهم القانون حمل واستعمال السلاح الوظيفي أثناء مزاولة مهامهم، ولا يمكن استعماله إلا في حالة الدفاع الشرعي عن النفس، سواء تعلق الأمر بهم أو بمرافقيهم، وتحدد شروط وكيفيات حمل واستعمال السلاح الوظيفي ونوعه ومميزاته بمقتضى نص تنظيمي.