شوف تشوف

الرئيسيةسري للغايةسياسيةملف التاريخ

لغز القتلى الذين تحدث عنهم علال الفاسي في الجريدة

يونس جنوحي:

ذاك الكلب، سواء أكان غاضبا أم لا، لم ينزعج بصورة غير طبيعية من الهجوم العدائي ضده، وانطلق جريا في الشارع.

تبعه الناس جريا، في حالة من الهيجان والصراخ، خصوصا أحد الرجال الذي كان في حالة اندفاع شديد، وهو شرطي محلي كان ضمن فريق المدينة.

هل كان من واجبه أن يلعب مع الحشد أم أن يُلقي القبض على الكلب المجنون؟

يبدو أن الرأي الأخير هو الذي انتصر، وفي الوقت الذي اختفت فيه الطريدة خلف الزاوية، لمحتُ قميصه القرمزي عائدا، يجر أذيال الخيبة.

في هذه الأثناء، وفي عز التشويق بسبب قصة الكلب، نسي الجميع المرأة المسكينة. قمتُ بتفحص آثار العض. كان هناك جرحان اثنان، وإن لم يكونا خطيرين، نزف منهما الكثير من الدم، ومن الواضح أن السيدة تحتاج رعاية فورية.

كانت مرتعبة للغاية، استوقفتُ رجلا يركب حمارا ووافق على أخذها فورا إلى المستشفى المحلي. هناك، بدون شك، لا بد أنهم مُجهزون جيدا للتعامل مع آثار العض التي تتركها الكلاب المسعورة.

عاد الشرطي، الذي كان يُطارد الكلب، للإبلاغ عن التخلص منه واستأنف نشاطه في الميدان.

لم يُفقَد أي شيء من مكانه عندما كان غائبا لأن أحد الحُكام المساعدين أخذ مكانه مُؤقتا.

 

++

بينما كنتُ أؤجل التعليق الجاد على المواضيع السياسية، وقعت بعض الحوادث التي وجب عليّ تسجيلها فور وقوعها.

موارد بني ملال ليست كثيرة – تتكون هذه البلدة الصغيرة من كُتل مضللة من المنازل الصغيرة، المبنية بالطين، لكنها كانت تبدو أفضل من مثيلاتها في الجنوب، والسبب أنها مصبوغة بالأبيض- بالإضافة إلى أنها مدينة تتوفر على محل لبيع الصُحف.

وأنا أتناول طعام العشاء، قرأتُ، متفاجئا، مقالا دراميا.

وجّه علال الفاسي، رئيس حزب الاستقلال، وهو الآن في المنفى في مصر، نداء شديد اللهجة إلى جامعة الدول العربية، يدعو فيه إلى اجتماع خاص لبحث مشاكل بلاده.

ذكر في كلامه: «في الأسابيع القليلة الماضية، ذُبح مئات المغاربة». (حدث هذا في 18 ماي 1952). حتى أنه ذكر الأماكن التي جرت فيها هذه الحوادث: «الدار البيضاء، آسفي، قصبة تادلة، خنيفرة، طنجة..». بالإضافة إلى آلاف الرجال والنساء الذين سُجنوا.

حيرني فعلا هذا الأمر. لقد كنت في أماكن كثيرة من المدن المذكورة خلال الأسابيع القليلة الماضية. ولست جاهلا تماما بظروف الاضطرابات المدنية أو حتى المذابح.

إما أنني الوحيد الذي لم يلاحظ هذه الأحداث، أو أن ما يرافق عادة هذا النوع من الأحداث لم يكن متوفرا.

بالإضافة إلى هذا، بينما كان يتحدث إليّ بعض معارفي في حزب الاستقلال، دون ذكر أي تفاصيل، عن السجناء السياسيين، لا أحد منهم أشار نهائيا إلى وقوع مجازر أو مذابح.

ومع ذلك، فإن تصريحا مماثلا من رجل مسؤول لا ينبغي تجاهله.

حدث أن مكانين من الأماكن المذكورة يقعان على طول الطريق الذي سأسلكه.

وهكذا، لأول مرة لم أكبح سرعة محمد وهو يسارع للوصول إلى مدينة قصبة تادلة.

كان هناك أناس مختلطون في استقبالي. وعندما سألتُ:

-«أين الجُثث؟ أظهروا لي موتاكم!».

نظر إليّ السكان المحليون بكثير من الشفقة، حتى ظننتُ أنني فقدتُ عقلي، وهكذا فإنني بالنسبة إليهم كنت أستحق رحمة الله. مرة أخرى ظهر شرطي في المكان، كان عمليا أكثر من البقية.

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى