شوف تشوف

الرأي

لحساب صابون

يتساقط ممثلو الرياضة المغربية في أولمبياد ريو دي جانيرو مع غروب شمس كل يوم كما تتساقط أوراق الخريف، يضرب المغاربة كفا بكف من شدة الحسرة والألم حين تظهر طلعة مسؤول لا يربطه بالرياضة سوى «بادج» يطوق عنقه، ليعيد على أسماعنا لازمة «المهم هو المشاركة»، فيقول الراسخون في علم الرياضة: «ربنا لا تحاسبنا بما فعل السفهاء منا».
تمر الأيام وتظل الخيبة جاثمة على البعثة المغربية، بينما يواجه مسؤولو المنتخبات الكساد الرياضي بلحظات اصطياف على شاطئ «كوباكابانا» الذي يذهب الحزن، ويبتلع النكبات ما ظهر منها وما بطن.
يحرص رؤساء الوفود المغربية ومشايخنا أعضاء اللجنة الأولمبية المغربية، على الاستمتاع بمقامهم في البرازيل، فأمامهم فرصة العمر لصرف المال العام بعيدا عن قضاء جطو، والاغتناء باسم تمثيل الوطن، وتأريخ هذه المتعة بـ»سيلفي» النكبة.
لطالما تمنيت أن تراجع اللجنة الأولمبية الدولية قوانين المسابقات، وتعيد النظر في نظام منح الميداليات، وأن تكافئ الفقراء الخاسرين بميدالية من معدن آخر، وتدعمها ببطاقة شراء، خاصة أن أبطالنا يعولون على الذهب لحل مشكل التوظيف ونفقات العيد والدخول المدرسي.
تساءلت ما الجدوى من وجود آلاف «المشرملين» المغاربة من حملة السيوف، الذين يجوبون الشوارع ويظهرون مهاراتهم في اصطياد الأبرياء.. وحين نشارك في منافسة المسايفة بريو دي جانيرو نخرج صاغرين..؟ وفي المصارعة، التي تمارس عندنا على نطاق واسع في الشوارع وفي الحافلات وفي طوابير الإدارات العمومية وخلال الحملات الانتخابية، ينهار منتخبنا المغربي ويسقط صريعا على الحلبة، رغم أن أغلب المصارعين يتناولون قبل النزال تغذية مدعمة ووعودا مدعمة، لكنهم يسقطون في أول جولة ويطلبون من الحكام النجدة.
لحسن الحظ أننا نعرف حجم إمكانياتنا التنظيمية، ونردد في قرارة أنفسنا لازمة «عاش من عرف قدره». نتذكر كيف تحول حفل افتتاح دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط التي احتضنها المغرب سنة 1983، إلى «مسخرة»، حين أخطأ مظليان كان يفترض أن يهبطا وسط ملعب مركب محمد الخامس، إيذانا ببدء الدورة، وحين تأخرا همس عبد العزيز المسيوي في أذن الوزير عبد اللطيف السملالي يخبره بمصيرهما، بعد أن تبين أن الأول معلق في عمود إضاءة، أما الثاني فاكتفى بأقل الأضرار وسقط كالصاعقة على عربة بائع «سندويتشات» جاهزة.
نحن نؤمن بأن العجلة من الشيطان فلا نخوض غمار مسابقات الجري السريع، ولو قدر لأسطورة الركض الجمايكي بولت أن يخوض سباقا في المغرب، لسحبت منه الميدالية بدعوى رصده من طرف جهاز الرادار.
تتوالى نكبات الرياضة المغربية، ويحصي رؤساء الجامعات المشاركة «نواقض» المشاركة في الأولمبياد، وهم يعلمون علم اليقين أن المغاربة أقرب إلى الفوز في مسابقات «حك تربح»، لذا بات الجميع ينتظر انتهاء منافسات «الأسوياء» لينعم بإنجاز يصنعه أبطال في وضعية إعاقة.
لكن هذه الفئة لازالت تعاني من جحود المسؤولين، فالمنتخب المغربي للعميان وضعاف البصر، الحاصل على لقب بطولة إفريقيا، لازال يتفاوض مع اللجنة الأولمبية من أجل الموافقة على سفر طاقمه التقني والطبي، بعد أن قلصت حجم الوفد إلى الأدنى وارتأت، بما أتاها الله من بعد نظر، أن يقتصر السفر على اللاعبين ومدرب، دون الحاجة للممرض والطبيب والإداري. ولأن الأمر يتعلق بضعاف البصر، فقد حرم الطاقم من منحة الفوز بكأس إفريقيا بدعوى اقتصار «البريم» على اللاعبين، الذين لا يعلمون كم مسكت أيديهم.
كان الله في عون أعضاء اللجنة الأولمبية المغربية، فهم أشبه بمخبرين عجزة يمارسون لعبة سباق التتابع في محلات ريو دي جانيرو، وهم الذين قلصوا عدد أفراد البعثات الرياضية.
إلى الذين سقطوا من قرعة الحج، أمامكم فرصة رمي الجمرات في مطار محمد الخامس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى