لجوء روحاني
قبل أن يواجه نادي مازيمبي الكونغولي فريق الوداد المغربي، زار الخصوم إحدى كنائس مدينة لوبومباشي، وأقاموا قداسا دينيا بتعبئة روحانية مضاعفة، وفي طريق عودتهم إلى المعسكر تذكروا أن للمدينة أيتامها، فتبرعوا على خيرية تابعة لكاتدرائية القديسة أوكسليير بما تيسر من كرات وقمصان وأوقية السيقان، وعادوا إلى مقر إقامتهم تحفهم دعوات أطفال ركضوا خلف الحافلة وهم يهتفون باسم كاتومبي، رئيس الفريق، ويدعون له بالنصر والتمكين ولأمواله بغسيل ناصع البياض.
خسر مازيمبي المعركة الكروية أمام الوداد، وأعلنت مقاطعة كاتنغا منطقة منكوبة، فتقاطرت على هاتف الرئيس عبارات التضامن والمواساة، فيما اعتبر الرئيس الإقصاء مؤامرة خارجية مدبرة.
وقبل أن تتوجه بعثة مولودية وهران إلى مراكش لمواجهة الكوكب كرويا، تمنى الشيخ شمس الدين، أحد أشهر وعاظ الجزائر في برنامجه على قناة «النهار» الجزائرية، لمولودية وهران الفوز في مباراته بمراكش، وخصص الشيخ حصة كاملة للحديث عن مدينة وهران ومولوديتها ومسجدها الكبير بن باديس، داعيا اللاعبين إلى تخصيص حصة روحانية تقوم فيها عناصر الفريق بزيارة المسجد الكبير وتنظيفه وصيانته، وأضاف شمس الدين، موجها كلامه لأنصار المولودية «إنكم فائزون لا محالة لأن أهل وهران مهتمون بأمور الدين». لم تتحقق تخمينات شمس الدين وعلق الوهرانيون خسارتهم على الحكم الغيني، والتمسوا من سيدي الهواري الثأر منه. في إحدى حلقات برنامج «نصحوني» للشيخ شمس الدين، سأل مواطن جزائري الواعظ التلفزيوني حول جواز الصلاة أثناء العمل بحذاء الشرطة، رد الشيخ قائلا هناك احتمالان: إذا كان جلد الحذاء من ذبيحة شرعية فإن الصلاة جائزة، أما إذا كان من ذبيحة غير شرعية فإن الصلاة بالحذاء لا تجوز. وفي اليوم الموالي أصدرت المديرية العامة للأمن الوطني الجزائري بلاغا تؤكد فيه، بأن «الأحذية الخاصة بأفراد الشرطة كلها من صنع ومصدر محلي»، أي أحذية حلال.
حين كانت سلطات الدار البيضاء تبحث عن حل لأزمة كلاب السيدة الألمانية «مارليس والكنهورست»، دار جدل فقهي كبير حول دور الدولة في رعاية الكلاب الضالة، وذهب أبو خليطة، الواعظ المغربي الإذاعي، إلى حد الدعوة على الأثير إلى إبادة هذا النوع من الحيوانات فقط لأن ظل الكلب ينقض الوضوء، وذلك في معرض رده على سؤال مستمع يقول: هل التصدق على الكلاب الضالة جائز شرعا؟ وهذا النوع من الوعاظ يسميه شمس الدين «أبو خليطة».
لكن عبد الباري الزمزمي رحمه الله، الذي عرف بعشقه لمباريات الدوري الإسباني، لم يتردد في إصدار فتوى تجيز تأخير صلاة العشاء والتراويح بسبب مباراة كرة القدم، لأن الصلاة قبل انتهاء المباراة تضعف تركيز المصلي، فتصدى له الواعظ الشرقي عبد الله نهاري رافضا تأخير الصلاة حتى ولو تعلق الأمر بضربات الجزاء.
لا تهتم الحكومة بدور المسجد في محاربة شغب الملاعب، ولم تفكر وزارة الأوقاف في صياغة خطب تحذر من فتنة المدرجات، رغم أن خطيب جمعة بأحد المساجد التي توجد بحي عين الشق في الدار البيضاء، اجتهد من تلقاء نفسه ودعا إلى حل «حركة الإلتراس»، وذلك على خلفية الاقتتال الدائر بين الجماهير. وقبل أن يتمم خطبته زاد منسوب الإحباط في نفوس مناصري الوداد والرجاء، وقرروا تغيير المسجد إلى أن يتحققوا من هوية الخطيب.
لكن أغرب ما قاله أهل الإفتاء في الكرة، هو منع عرض اللاعبات على طبيب ذكر، وهناك من طالب فوزي لقجع بإعفاء مدرب المنتخب النسوي المغربي، واستبداله بمدربة، لأن مستودع الملابس يجمعه بلاعبات سافرات ويوفر له فرصة الخلوة غير الشرعية، وهناك من دعا إلى منع اللاعبات من تناول العصير لأنه يصنع بخلاط، مما يشجع على الاختلاط.
فاجأ الشيخ محمد المنجد، في حوار مع صحيفة «الوطن» السعودية، حين حرم من يعمل محللا رياضيا، «لأنهم يضيعون أعمارهم في ما لا ينفعهم عند ربهم»، وأجاز الاشتغال كمحلل عسكري وسياسي واقتصادي، أو اجتماعي، وهو ما لمح إليه شيخنا عبد الباري في آخر أيامه، حين هاجم محللي الكرة في التلفزيون، داعيا إلى إلغاء حصص التحليل التقني، لأن مباريات البطولة المغربية ترعاها شركة رهان وملاعبها محاطة بلوحات إشهارية تحث على ممارسة القمار، وما بني على باطل فنتائجه باطلة.