مصطفى عفيف
طفت على السطح ملامح فضيحة أخرى بغابة بوسكورة، حيث باشرت مصالح الوكالة الوطنية للمياه والغابات، في الآونة الأخيرة، عمليات قطع الأشجار الميتة والخضراء على حد سواء، وذلك على مساحة شاسعة بالغابة التي تعد المتنفس الغابوي الوحيد لساكنة إقليم النواصر وساكنة الدار البيضاء عموما.
وكان من المفروض، حسب ما جاء في تصريحات المديرة الإقليمية لمنابر إعلامية وطنية، أن تشمل العملية تنقية الغابة بقطع الأشجار الميتة خاصة منها المتساقطة، لتتفاجأ أوساط حقوقية مهتمة بتجاوزات وصفتها بالخطيرة، بعدما طالت العملية اجتثاث أشجار لا تزال حية، وذلك ضمن صفقة هدفها الأساسي تنقية الغابة من الأشجار الميتة وإعادة التشجير وتجديدها، إلا أن المؤشرات تفيد بوجود تجاوزات خطيرة أدت إلى إعدام مساحات شاسعة من الأشجار الحية دون أي سند قانوني، ما يشكل جريمة بيئية جسيمة في حق الطبيعة، ويعد انتهاكًا صارخًا للقوانين المعمول بها في مجال حماية البيئة.
وعجلت اختلالات الصفقة بدخول المرصد الوطني لتخليق الحياة العامة ومحاربة الفساد على الخط من خلال وضع شكاية في الموضوع لدى السلطات الإقليمية من أجل التدخل وفتح تحقيق في ما وصفه بالجريمة البيئية، حيث بادر عامل إقليم النواصر، جلال بنحيون، بتشكيل لجنة مشتركة للتحقيق في هذه الواقعة، وتحديد المتورطين في هذا الجرم البيئي وتقديمهم للعدالة ضمانًا لتطبيق القانون وحماية البيئة، إذ جرى على الفور إيفاد لجنة مختلطة مكونة من السلطات المحلية والمصالح الأمنية إلى عين المكان، وإثر زيارتها تم إيقاف الأشغال من طرف الشركة نائلة الصفقة بأمر من اللجنة منذ حوالي أسبوعين.
وحسب مصادر «الاخبار»، جرى استنفار كل المصالح المتدخلة في العملية من خلال عقد اجتماع بمصالح الولاية ترأسه والي الجهة، وإثر ذلك، وبالرغم من قرار إيقاف الأشغال إلى حين التأكد من سلامة العملية، فإن الشركة الحاصلة على الصفقة حاولت استئناف الأشغال، خلال الأسبوع الماضي، حيث تدخلت السلطات المحلية لإيقافها مرة أخرى.
وأمام هذا العبث تظل الإدارة الإقليمية والجهوية للمياه والغابات غائبة وغير آبهة بما يحدث، ما يثير مجموعة من علامات الاستفهام.
واستنادا إلى مصادر المحلية، فإن الأمر لا يقتصر على اجتثاث الأشجار، إذ دخلت جمعية أخرى مهتمة بهذا الشأن على الخط، في الأيام القليلة الماضية، للمطالبة بفتح تحقيق في عمليات سرقة للأخشاب المتساقطة أمام أعين مسؤولي الإدارة المذكورة، أضف إلى ذلك العدد المحدود من الحراس الذي لا يكفي لتغطية إقامة سكنية، فبالأحرى غابة استراتيجية ممتدة على ما يناهز 3000 هكتار بين إقليمي النواصر ومديونة.
وحسب الفاعلين الجمعويين أنفسهم، فإن الغابة التي أصبحت مرتعا للمتسكعين ومطرحا للنفايات عرفت عمليات قطع للأشجار في السنوات القليلة الماضية، بحجة أنها مصابة بفيروس، إلا أن المسؤولة الإقليمية لم تكلف نفسها عناء بذل مجهود لإعادة تشجير المساحات التي تم قطعها أو تنسيق حملات نظافة واسعة مع الجمعيات المهتمة والسلطات والمواطنين الشرفاء، ما يجعل مسؤولي المياه والغابات في موقف محرج.