محمد اليوبي
بعد «الفيتو» الذي أشهره وزير الفلاحة والصيد البحري، عزيز أخنوش، في وجه عزيز رباح، وزير الطاقة والمعادن، بعد منحه شهادة الموافقة البيئية لإحدى الشركات المتخصصة في جرف الرمال من أجل فتح مقلع في عرض البحر، دعا عامل إقليم العرائش إلى عقد اجتماع طارئ للجنة الإقليمية للمقالع، أول أمس الأربعاء، حيث قررت اللجنة بإجماع كافة أعضائها رفض الترخيص لأي نشاط يتعلق بجرف رمال البحر، نظرا للمخاطر التي يلحقها بالبيئة البحرية والثروة السمكية.
وعقدت اللجنة الإقليمية للمقالع، التي يترأسها عامل الإقليم، اجتماعا بمقر عمالة العرائش، خصص لتدارس إشكالية عودة نشاط جرف رمال البحر إلى سواحل الإقليم. وشارك في الاجتماع ممثلون عن كل المصالح الخارجية، حيث تم الاتفاق بإجماع الحاضرين على رفض أية عودة لنشاط جرف رمال البحر نظرا لكلفته البيئية وللدمار الذي ألحقه بالثروة السمكية لمدة فاقت 10 سنوات. وأكد الحاضرون أن ساحل العرائش، الذي عانى من ويلات هذا النشاط لمدة طويلة، هو الآن في حاجة لفترة أطول لاسترجاع عافيته وعودة الحياة إلى أعماقه. وأكد أحد المشاركين في هذا الاجتماع أنه لو كلف عزيز رباح نفسه عناء إطلاع أعضاء اللجنة الوطنية المكلفة بالبت في دراسات التأثير على البيئة على مضمون تقرير أنجزته نزهة الوافي، كاتبة الدولة السابقة المكلفة بالتنمية المستدامة، خلال سنة 2017، والذي اعتبر الترخيص لجرف الرمال بمثابة خط أحمر بالنسبة لقطاع البيئة، وكذا على نتائج الدراسة العلمية التي أعدها المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري، لرفضت اللجنة رفضا قاطعا الموافقة على الدراسة التي تقدمت بها شركة «درابور» والمتعلقة بفتح واستغلال مقلع جديد في عرض ساحل العرائش، إلا أن مصالح قطاع البيئة التابع لوصاية رباح فضلت إخفاء الحقائق عن أعضاء اللجنة ليتمكن من تمرير الموافقة البيئية.
وكشفت المصادر أن هذا الملف، الذي أثار الكثير من الجدل والاحتجاجات في صفوف مهنيي الصيد البحري، وضع رباح في ورطة حقيقية، لأن قطاع التنمية المستدامة التابع لوزارته، من المفروض أن يكون على رأس المدافعين عن حماية البيئة، أصبح يقوم بالعكس، واتضح أنه من أشد المدافعين عن منح الترخيص لفتح مقالع في عرض البحر، رغم التحذيرات الصادرة عن قطاع الصيد البحري، الذي اعترض على منح الموافقة البيئية لجرف رمال البحر، خلافا لما صرح به الكاتب العام لقطاع البيئة، حيث توصل هذا الأخير برسالة رسمية من الكاتبة العامة لقطاع الصيد البحري.
وأفادت المصادر بأنه، خلال اجتماع اللجنة الإقليمية للمقالع، ظل المدير الإقليمي للتجهيز والنقل بالعرائش خارج التغطية، حيث يبدو أنه لم يكن على علم بالتطورات التي عرفها هذا الملف وكان تدخله ضعيفا ولا يعكس موقف وزارة التجهيز والنقل الرافض لنشاط جرف الرمال، وهو الموقف الذي عبر عنه الوزير، عبد القادر اعمارة، في جلسة دستورية أمام البرلمان.
وشرع اعمارة في تنفيذ مقتضيات القانون الجديد وكان من بين القرارات التي اتخذها بداية سنة 2018 قرار رفض بموجبه طلب تمديد أو تجديد رخص استغلال رمال البحر، وبرر ذلك بكون مقتضيات القانون الجديد تمنع تجديد أو تمديد هذه الرخص، ما دفع المستفيدين من جرف الرمال إلى الاستنجاد بمصالح وزارة الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة للبحث عن مخرج قانوني، وكانت «الفتوى» هي تقديم طلبات تتعلق بدراسات التأثير على البيئة تهم ملفات فتح واستغلال مقالع بمواقع بحرية شاسعة تمتد من طنجة شمالا إلى الرباط جنوبا، وقد حصل مسؤولو الشركة المكلفة بجرف الرمال على وعود بتمكينهم من شهادات الموافقة البيئية للمواقع البحرية المطلوبة لاستعمالها كورقة ضغط على الوزير اعمارة، لأن هذا الأخير هو الوصي على قطاعات الجرف واستغلال المقالع والملك العام المائي والبحري.
وأصدر المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري عدة تقارير دق من خلالها ناقوس الخطر وحذر من خطورة جرف الرمال على الصيد البحري، وأكد بما لا يدع مجالا للشك أن نشاط جرف الرمال ألحق أضرارا جسيمة بالتوازنات البيئية البحرية، كما أكدت هذه التقارير بأن عمليات جرف رمال البحر تسببت في تدمير مواطن توالد وحضانة عدد كبير من الأحياء البحرية، وأن أنواعا عديدة من الأسماك إما انقرضت أو هجرت موطنها مما تسبب في تحويل عدد من المصايد إلى صحراء قاحلة، ورغم كل هذه التحذيرات، قرر رباح بتاريخ 25 غشت الماضي التوقيع على شهادة الموافقة البيئية تتعلق بملف تقدمت به شركة متخصصة في جرف رمال البحر، من أجل فتح مقلع بحري لاستخراج الرمال.